ملامح الصراع على الأردن بين "داعش" و"النصرة"

الأربعاء 23/يوليو/2014 - 08:44 م
طباعة ملامح الصراع على
 
اشتدت حدة الخلافات في الأردن بين ما يسمى بـ" تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" "داعش"، الذي يتزعمه أبوبكر البغدادي، وأنصار جبهة النصرة في التيار السلفي الجهادي، وذلك بعد صدور بيان لـ"داعش"، ينتقد فيه منظري التيار السلفي، عاصم طاهر البرقاوي المعروف بـ"أبو محمد المقدسي" وعمر محمود عثمان المعروف بـ"أبوقتادة"، لرفضهما "إعلان دولة الخلافة".
انصار داعش
انصار داعش
ودعا بيان أنصار "داعش" أبناء دعوة التوحيد والجهاد "المقاتلين الأردنيين الذين يقاتلون تحت لواء جبهة النصرة في درعا والغوطة، إلى مبايعة داعش والتخلي عن النصرة"، وتوقع قيادي من التيار السلفي، أن يعلن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، إمارة إسلامية في الشام قريبا.
وقال تنظيم "داعش"، في بيان حمل توقيع "أبناء دعوة التوحيد والجهاد في الأردن"، نشر على مواقع تابعة لهم، إنه "صار واضحًا للعيان، وليس يحتاج برهانًا أن الدولة الإسلامية أعزها الله هي اليوم قلعة الإسلام وحصن التوحيد، وجندها هم رأس حربة المسلمين".
وجاء في بيان "دعوة التوحيد والجهاد"، الذي يتزعمه أبو محمد الطحاوي، المسجون حاليًا في الأردن، عن براءتهم من بيانات المقدسي، الذي أفرج عنه من سجن أردني مؤخرًا، وعمر محمود عثمان "أبو قتادة"، الذي ينتظر الإفراج، وما أصدروه في حق الدولة الإسلامية.
وأكد البيان أن بيانات المقدسي وأبي قتادة "باطلة شرعًا وواقعًا، وعلى ذلك فهي لا تمثلنا ولا نرتضيها، وكل من وافق عليها وصرّح بتأييدها فإنه لا يمثّلنا ونبرؤ إلى الله من فعله"، وأكدوا أن هذا البيان "يمثل الطائفة الأوسع من أبناء دعوة التوحيد والجهاد أو ما يعرف بـ"التيار السلفي الجهادي" في الأردن.

موقف المقدسى من داعش

أبو محمد المقدسي
أبو محمد المقدسي
كان موقف عصام البرقاوي المعروف بـ"أبو محمد المقدسي"، من تنظيم "داعش"، منذ أن كان أسيرًا في السجون الأردنية معروفًا لدى الجميع، حيث بدأ أول رسالة في نوفمبر الماضي، من داخل محبسه، مطالبًا المقاتلين الإسلاميين في سوريا بالتروي قبل مبايعة "أبو بكر البغدادي" في العراق، وبعد اختياره الاقتتال ضد "فصائل ترفع راية التوحيد".
وحمّل البرقاوي، داعش مسئولية "فشل" الصلح بينها وبين بقية الفصائل السلفية وفصائل الجيش الحر في سوريا، ودعا جبهة النصرة إلى إلغاء المهلة التي حدّدتها لقيادة "الدولة"، بعد مقتل القيادي البارز في حركة أحرار الشام "أبو خالد السوري".
ثم نشر المقدسي، رسالة أخرى من داخل سجنه الأردني وقتما كان أسيرًا، هاجم فيها بشدة تنظيم "داعش".
وقال البرقاوي في رسالته: من المقدسي إلى المسلمين بعامة، وإلى المجاهدين بخاصة في ثغر الشام، لقد وصلت أخبار الفتنة بالشام إلى داخل السجون، وقد بذلنا جهداً كبيراً لإنهاء الاحتقان والتحزب، ونحن نعلم كثيراً عن دقائق الأمور، ونقرأ ما بين السطور، مما يصلنا من الثقات العدول، خالي الشهوات، من مختلف الأطراف.
وأضاف البرقاوي الذي يحظى باحترام كبير بين الجهاديين: في خصوص القتال الحاصل بين الفصائل المجاهدة، وأعمال التفجير التي تستهدف مقار المجاهدين، فإن فتوى جواز الاقتتال بين المسلمين حماقة وتغرير، لا تصدر عن عالم فيه مسحة فقه أو دين قويم، والأمر في دماء المسلمين يحتاج إلى تقوى الله سبحانه وتعالى.
وأضاف: بدل أن نوجه المجاهدين، ليثخنوا أعداء الله والمجرمين من النصيرية الحاقدين، قلبنا البوصلة وأفرحنا أعداءنا بهذا. 

"الجولانى" وموقفه من داعش

أبو محمد الجولاني
أبو محمد الجولاني
وكان أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة وعضو تنظيم القاعدة سابقاً، قد أمهل تنظيم "داعش"، 5 أيام لتوقف تجاوزاتها والاحتكام إلى الشرع، مؤكداً أنها "أي الجبهة" صبرت على تهمها وتعدياتها سنة كاملة دفعاً لمفسدة أعظم.
جاء ذلك في تسجيل صوتي نشرته جبهة النصرة، رثى فيه الجولاني أبو خالد السوري، عضو تنظيم القاعدة السابق ورفيق أسامة بن لادن والزرقاوي وسفير الظواهري، بعد مقتله على يد "داعش".
وطلب الجولاني الرد من "داعش" بشكل رسمي، وذكرها بأن الجبهة لم تستنفر بعد، وهدد قائلاً "والله لئن رفضتم حكم الله مجدداً ولم تكفوا بلاءكم عن الأمة لتحملن الأمة على الفكر الجاهل المتعدي، وأنتم تعلمون مئات الإخوة الأفاضل الذين ينتظرون إشارة من الأمة في العراق".
وكفّر الجولاني الائتلاف وهيئة الأركان، وقال في معرض حديثه إن خلافهم مع "داعش" لا يمنع من وجود جماعات وقعت في ردة وكفر، وهي تقاتل الدولة الإسلامية، كالائتلاف وهيئة الأركان، كونهم يعملون على جيش وطني يسعى لتثبيت حكومة علمانية والقضاء على مشروع إسلامي راشد.
وأعلن الجولاني عن توقف العمليات العسكرية بين النصرة وداعش ريثما "يتم ترتيب إجراءات المحكمة"، وألغى فتاوى داعش "بتكفير الجماعات الجهادية"، وطلب منهم التقدم بكل ما يملكونه من أدلة وبراهين، أو حتى شبهات إلى العلماء المعتبرين، وقرر أن الكلمة الفصل بينهم بشأن تلك الفتاوى ستكون من العلماء المعتبرين بحق هذه الجماعات، "وما يقوله العلماء فهو يسري على الجميع، ونحن ملتزمون بفتواهم".

موقف أبو قتادة

أبو قتادة
أبو قتادة
من ناحيته، أعلن المنظر البارز في التيار السلفي الجهادي عمر محمود عثمان، المعروف بـ"أبو قتادة" الفلسطيني، تأييده للمهلة التي أعلنها زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني لتنظيم "داعش"، ووصف عناصر التنظيم "بالمجرمين" وأصحاب الفكر الضال.
وأضاف أبو قتادة، أؤيد الجولاني في كل ما قاله لأن استهداف المجاهدين بهذه الطريقة المشينة غير مقبول، ومن حقهم أن يدافعوا عن أنفسهم".
وأوضح أن "الهدف الأول بالنسبة لنا هو مقاتلة النظام المجرم في دمشق، لكن أوساخ الطريق يجب أن تزال، وأصحاب الفكر الضال المنحرف يجب أن يوقفوا عند حدهم"، في إشارة واضحة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وتابع منظر التيار السلفي الجهادي "أستطيع التأكيد اليوم أن مسمى تنظيم الدولة في العراق والشام غير حقيقي، والقريبون منهم أكدوا لي أن هذا التنظيم غدا مجموعات لا قيادة لها ولا نظام يجمعها".
وأعلن أبو قتادة في ساحة المحكمة إصابة المسئول الإعلامي في تنظيم الدولة مؤخرًا، بحسب ما قال إنها معلومات وردت إليه.

انتقادات لمؤيدى "داعش".. والدفاع عن المقدسى وأبو قتادة

انتقادات لمؤيدى داعش
انتقادات لمؤيدى "داعش"
وكان قيادي في التيار السلفي الجهادي، أكد على عدم مبايعة سلفيين أردنيين للبغدادي، الذي طالب من يريد مبايعته بالهجرة إلى الموصل.
وأضاف القيادي، الذى رفض ذكر اسمه، ردا على بيان "أبناء التوحيد والجهاد في الأردن"، أن الطحاوي صدر رسالة من سجنه، أبدى فيها "ابتهاجه بفتوحات داعش"، لكنه "لم يؤيد فيها إعلان دولة الخلافة أو مبايعته للبغدادي
وانتقد القيادي المقرب من أبو محمد المقدسي طرد "داعش" بالموصل لمسيحيي المدينة "كونهم رفضوا دفع الجزية مقابل البقاء على دينهم.
وأشار إلى أن "الجزية أقرها الرسول في الإسلام، لكن لها شروط، أهمها حماية المسيحيين"، موضحا أن "البغدادي حتى هذه اللحظة، غير قادر على حماية حدوده ومقاتليه، فكيف سيحمي أبناء الطائفة المسيحية في الموصل حتى يفرض عليهم الجزية أو يطردهم من منازلهم.
وذكر أن إعلان "داعش" لدولة الخلافة، لاقى انتقادات واسعة حتى للمقربين من التنظيم، وبينهما الموريتاني أبو المنذر الشنقيطي والسوداني الدكتور علي الجزولي.
ونوّه القيادي إلى لا داعي للمزاودة على منظري التيار السلفي الجهادي "المقدسي، وأبو قتادة"، فهما علماء المنهج قضيا معظم حياتهما في السجون، دفاعا عن المنهج السلفي". 
ووفق ما ورد في بيان أنصار "داعش" فإن من طالبوا بمحاكمة المقدسي ردا على بيانه الثاني، هم ملاحقون من قبل الأجهزة الأمنية، لكن القيادي المقرب من المقدسي رد على ذلك بـ"أنهم ملاحقون قبل مطالبتهم بمحاكمة المقدسي، وذلك على خلفية اعتدائهم على الدكتور إياد القنيبي، وكونهم مطلوبين للمحاكمة في قضية أحداث الزرقاء.
 يشار إلى أنه يوجد في سوريا نحو 2000 مقاتل من منتسبي التيار السلفي الجهادي، يقاتلون ضد قوات جيش النظام السوري، بينهم 400 مع "داعش" والباقي مع "النصرة" وتنظيمات إسلامية مسلحة أخرى.

الأردن هدف "داعش" بعد العراق

الأردن هدف داعش بعد
الأردن هدف "داعش" بعد العراق
توعد أبو بكر البغدادي "زعيم تنظيم "داعش"، الأردن، قائلا: ستصبح الأردن هدفنا القادم بعد العراق، وبحسب تصريحات البغدادي التي أبرزتها صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، أكد أن اللاجئين الذين فروا من سوريا والعراق إلى الأردن سيكونون أول نقطة لإشعال النيران في الأخيرة، مشيرًا إلى أنها لن تبقى سالمة كحالها الآن.
ومن جانبه قال المحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي، إنه لا يمكن التوقف لمشاهدة الأحداث التي تمثل خطرًا واضحًا على الأردن دون التحرك لفعل شيء.

مخاوف من عدم قدرة الأردن التصدى لـ"داعش"

مخاوف من عدم قدرة
مخاوف من عدم قدرة الأردن التصدى لـ"داعش"
وقد أشارت صحيفة ديلي تليجراف، البريطانية، إلى أن عددًا من الدبلوماسيين الغربيين ومسئولين حكوميين أردنيين أعربوا مؤخرا عن مخاوفهم بشأن قدرة الدولة الأردنية، التي تمثل حليفا حيويا للغرب في منطقة الشرق الأوسط، على الحفاظ على استقرار الأوضاع في ضوء تحرك عناصر "داعش" على طول حدودها مع الدولتين.
وأوضحت الصحيفة أن القوات الأردنية اتجهت سريعا صوب حدودها مع العراق فى وقت سابق لتعزيز دفاعاتها بقافلة من الدبابات ومنصات صواريخ في الوقت الذى استولى فيه المسلحون على النقطة الحدودية الحكومية المتواجدة على الجانب العراقي.
وتابعت الصحيفة، أن الأردن، الذى تعمل قيادة مخابراته العامة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، يتم النظر إليه على أنه عنصر عازل بين دول مضطربة تاريخية وهى العراق وسوريا وإسرائيل، ولهذا سعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الحفاظ على الوضع الراهن عن طريق تقديم 5 مليارات دولار كتمويل لهذه الدول التي تقف على خط المواجهة لمكافحة الإرهاب.
ولفتت الصحيفة إلى أن الصراعات في سوريا والعراق وعدم الاستقرار في لبنان قللت من أهمية الحدود القومية في منطقة الشرق الأوسط ، فيما يجري بشكل متزايد إعادة رسم خريطة المنطقة بما يضمن تمثيل صراع طائفي بين الشيعة والسنة يتجاوز الحدود الوطنية.
ونوهت، إلى أن تحركات "داعش" في العراق تمثل مصدر إلهام للفصائل المتشددة في المجتمع الأردني الذى يمثل فيه السنة الأغلبية، حيث نقلت عن المحلل الأردني حسن أبو هنيه قوله إن داعش ينظر إليها الآن على أنها حامية للهوية السنية.

داعش يستخدم الأردن في الخدمات اللوجستية

داعش يستخدم الأردن
داعش يستخدم الأردن في الخدمات اللوجستية
نفى محمد الشلبي، المعروف بـ"أبي سياف" القيادي بالتيار السلفي الجهادي في الأردن، إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش فرع في الأردن، بهدف تقديم الدعم للمقاتلين الاسلاميين في دول الجوار، مشيرًا إلى أنه لا يوجد نية لدى داعش لفتح فرع في الأردن.
وشدد أبو سياف، على أنه لا يوجد اتصال تنظيمي أو تكتيكي بين سلفيي الأردن وأي عناصر بداعش أو جبهة النصرة السورية المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن مصادر بتنظيم داعش "لم تسمها"، أنه سيستخدم الأردن، كمركز للخدمات اللوجستية وللمساعدة في إرسال مقاتلين وأسلحة إلى الإسلاميين في البلدان المجاورة لم يحددها.
وأكد أبو سياف، أنه ليس من مصلحة "داعش" توسيع دائرة المواجهة ونقلها إلى الأردن، مبديًا قلقه حيال ما يُنشر من أخبار حول إنشاء فرع لـ"داعش" بالأردن، خوفاً من تجديد حملة الاعتقالات للسلفيين بالأردن إثر مثل هذه الشائعات.
ولم يستمر الزرقاوي في زعامة التنظيم طويلا حيث قتل في قصف جوي أمريكي منتصف عام 2006 ثم خلفه أبو حمزة المهاجر مصري الجنسية، وبعد مشاورات تم إعلان تشكيل تنظيم دولة العراق الإسلامية والذي قاده أبو عمر البغدادي "عراقي" ومساعده أبو حمزة المهاجر اللذين قتلا في 19أبريل عام 2010 على يد القوات العراقية والأمريكية.

شارك