جهات تراه غير دستوري ويكرس لحالة الطوارئ.. قراءة في قانون الإرهاب
الإثنين 17/أغسطس/2015 - 07:52 م
طباعة
عززت القاهرة مجددًا من الإجراءات القانونية التي قالت إنها تساعدها على تجفيف منابع الإرهاب، الذي صعد عملياته ضد قوات الجيش المصري والشرطة المدنية، في أعقاب عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي يوليو 2013، حيث تغاضت الحكومة عن الانتقادات الموجهة إلى قانون "الإرهاب"، من بعض النقابات العمالية، بينها نقابة "الصحافيين" والجمعيات الحقوقية، بسبب ما اعتبره موادًا فضفاضة توسع من سلطات أجهزة الأمن، إلا أن الحكومة المصرية أقرت القانون، وقالت إنه موجه للجماعات الإرهابية.
في الوقت الذي صادق فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون الذي كانت الحكومة قد أعادته للنظر فيه بعد الانتقادات الواسعة التي طالته، استمرت تلك الانتقادات، كون القانون يتضمن مواداً تُعاقب ناشر الأخبار المخالفة للبيانات الرسمية، وبتصديق السيسي على القانون يكون بذلك قد دخل حيز التطبيق.
وتعتبر الجماعة الصحافية أكثر المعترضين على القانون، حيث توجب المادة (35) منه، تغريم ناشر المعلومات غير الحقيقية عن الاعتداءات أو العمليات ضد المتشددين، بـ200 ألف جنيه إلى 500 ألف جنيه، كما يمنع القانون المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد عن سنة إذا تضمنت الجريمة إخلالا بأصول المهنة"، كما تصاعدت المخاوف من القانون كونه لم ينص بصفة مباشرة على العاملين بمهنة الصحافة بل وسع القانون من الدائرة، لتشمل ـ بحسب مراقبين ـ مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تضمن القانون عقوبة الإعدام للأشخاص الذين يثبت تورطهم في إنشاء منظمة "إرهابية" أو إدارتها أو تمويلها، كما تتضمن (المادة 29) من القانون عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 5 سنوات، لكل من أنشأ أو استخدم موقعا إلكترونيا، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية".
أبرز مواد القانون:
ويتضمن القانون، مواد تنص على تخصيص دوائر في محاكم الجنايات لنظر قضايا "اﻹرهاب"، على أن يُعاقب الشخص باﻹعدام إذا ما وجهت له جريمة من بين 12 جريمة، هي القتل العمد واﻹضرار بالوطن، كما يشمل القانون عقوبات أخرى غير السجن، مثل اﻹبعاد عن مصر للأجنبي، وتحديد اﻹقامة والمنع من استخدام وسائل اتصال معينة.
فيما ينظم الباب الثاني من المشروع الأحكام الإجرائية لضبط الجرائم "الإرهابية"، فينص على أنه "لمأمور الضبط القضائي (الشرطة) لدى قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب الحق في جمع الاستدلالات عنها والبحث عن مرتكبيها والتحفظ عليهم لمدة لا تجاوز 24 ساعة، ويحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بالإجراءات ويعرض المتحفظ عليه على النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بحسب الأحوال، ولكل منهما قبل انقضاء مدة الأربع والعشرين ساعة أن تأمر باستمرار التحفظ لمرة واحدة مدة لا تجاوز 7 أيام، ويصدر الأمر مسبباً من درجة محام عام على الأقل أو ما يعادلها، وتحتسب مدة التحفظ ضمن مدة الحبس الاحتياطي، ويجب إيداع المتهم في أحد الأماكن المخصصة قانونا".
وحاولت الحكومة امتصاص الغضب الصحافي من المادة (33)، حيث ألغت عقوبة الحبس سنتين ضد الصحافيين أو المواطنين العاديين الذي ينشرون أخبارا "كاذبة" واستبدلتها، في القانون الذي صادق عليه الرئيس، بالغرامة التي تتراوح بين 200 ألف و500 ألف جنيه مصري.
ونصت المادة 35 من القانون على أن "يعاقب بغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع.
وفي الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى.... وفي جميع الأحوال للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة إذا وقعت الجريمة إخلالا بأصول مهنته".
وينص القانون أيضا على أن "يبلغ مأمور الضبط القضائي كل من يتحفظ عليه بأسباب ذلك، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه من ذويه بما وقع، والاستعانة بمحام، وذلك دون الإخلال بمصلحة الاستدلال" بينما تنص المادة 40 على إلزام مأمور الضبط القضائي خلال مدة التحفظ المنصوص عليها (24 ساعة) وقبل انقضائها بـ"تحرير محضر بالإجراءات وسماع أقوال المتحفظ عليه وعرضه بصحبة المحضر على النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة لاستجوابه خلال 48 ساعة من عرضه عليها، والأمر بحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه".
وتجيز المادة 54 "لرئيس الجمهورية متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليه كوارث بيئية، أن يصدر قراراً باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز 6 أشهر".
اعتراض المنظمات الحقوقية:
وتعتبر المنظمات الحقوقية، أكثر الجهات اعتراضاً على القانون، حيث أعربت منظمات ومراكز حقوقية رفضها للقانون، وقالت إنه "يمثل اعتداءً سافرا على الدستور وأحكام المحكمة الدستورية العليا، ويقوض ما بقي من النظام القضائي المصري العريق"، فيما قالت 17 منظمة ومركزا حقوقيا، إن "مشروع القانون يكرس حالة طوارئ غير معلنة وغير محددة المدة، ويؤسس نظاما قضائيا استثنائيا، ما يسهل قمع طيف واسع من الحقوق والحريات كحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات".
وتلزم مواد القانون بعرضه "على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، فإذا كان المجلس في غير دور الانعقاد العادي وجبت دعوته للانعقاد فورا، فإذا كان المجلس غير قائم وجب أخذ موافقة مجلس الوزراء، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، ويصدر القرار بموافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس، فإذا لم يعرض القرار في الميعاد المشار إليه، أو عرض ولم يقره المجلس اعتبر القرار كأن لم يكن ما لم ير المجلس خلاف ذلك".
وقال عدد من الحقوقيون إنهم سيطعنون على دستورية القانون أمام القضاء، تحت مزاعم أنه يؤسس دولة الفرد وبقوض دولة القانون.
تشريعات شبيهة:
وهناك العديد من التشريعات القانونية الشبيهة التي اتخذتها العديد من دول العالم في محاولة منهم لتجفيف منابع الإرهاب، بينها:
بريطانيا:
أصدرت المملكة المتحدة تشريعا جديدا لمكافحة الإرهاب فى إبريل سنة 2015 هو قانون مكافحة الإرهاب والأمن، والذى نص على المراقبة الإليكترونية، وآثار العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، لما تضمنه من توسيع صلاحيات أجهزة الأمن، بما فيها سحب الجوازات والمنع المؤقت لعودة المشتبهين إلى بريطانيا، وهذا مقلق لأنه يؤثر على الحرية وحقوق الإنسان.
كذلك يمنح القانون الجديد سلطة المراقبة الإلكترونية والمصادرة المؤقتة لجواز سفر أى شخص شارك فى أعمال إرهابية داخل أو خارج بريطانيا، كما يلزم المساجد والمدارس والجامعات بالإبلاغ عن المشتبهين بصلتهم بالتطرف والإرهاب.
وتصاعد التنديد بالقانون الجديد منذ اعتماد الداخلية البريطانية إجراءات صارمة تعزز صلاحيات أجهزة الأمن وشرطة الحدود للتعاطى مع التطرف المتزايد فى البلد، ووقف التحاق الشباب البريطانى بالتنظيمات الإرهابية.
أستراليا:
صادقت الحكومة الأسترالية على تشريعات جديدة فى مكافحة الإرهاب منذ مايو سنة 2015 وصلت إلى حد سحب الجنسية ممن ينتمون لجماعات الإرهاب، وتم تشديد قوانين الهجرة لأجل هذا الغرض..
الإمارات:
أصدرت قانونا جديدا سمح بتصنيف 85 منظمة على أنها جماعة إرهابية وذلك فى 15 نوفمبر سنة 2014، وصدر القانون الآخر فى 21 أغسطس سنة 2014.
السعودية:
أصدرت المملكة العربية السعودية جملة من القوانين خلال الفترة الأخيرة، فى محاولة لمكافحة الإرهاب، بينها:
- قانون مكافحة الإرهاب السعودى الصادر فى 31 ديسمبر ثم صادق عليه العاهل الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز فى 25 يناير سنة 2014، وسمح القانون بمعاقبة كل من ارتكب أياً من الأفعال المتعلقة بالمشاركة فى أعمال قتالية خارج حدود المملكة بأى صورة كانت أو من يساعد فى ارتكابها أو حرض عليها أو كانت له أى دعم أو مساهمة فيها، وكذلك معاقبة من كان له انتماءات للتيارات أو الجماعات – وما فى حكمها – الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلية وخارجية (إقليميا ودوليا).
ليبيا:
لم تعد تشريعات وقوانين مكافحة الإرهاب وتمويله قاصرة على دولة بعينها بل امتدت لتتحول إلى نمط عام تتبعه كثير من دول المنطقة فى ليبيا، ومع انتشار التنظيمات الإرهابية المسلحة ودخولها فى صراع مسلح مفتوح مع الدولة، قام مجلس النواب والمنعقد بمقره المؤقت بطبرق شرق ليبيا، فى 2 سبتمبر 2014، بإصدار قانون رقم "3" الخاص بمكافحة الإرهاب، ويعتبر هذا القانون هو الأول من نوعه فى ليبيا، حيث يتضمن 30 مادة تبدأ من توصيف الإرهاب، وتحديد النشاطات والأعمال التى ينطبق عليها هذه الصفة، والعقوبات التى تطبق على من تثبت إدانته بارتكاب أو المشاركة أو التمويل أو المساعدة فى تنفيذ العمل الإرهابى، والتى تتدرج وفقًا للقانون من السجن سنتين وحتى المؤبد، وذلك علاوة على تأسيس نيابة خاصة بالإرهاب ولجنة لمكافحة الإرهاب وربط التعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب بالاتفاقيات الثنائية والدولية التى تكون ليبيا طرفًا فيها.
المغرب:
فقد دفعت زيادة أعداد المقاتلين المغاربة فى سوريا والعراق والتخوفات من عودتهم إلى البلاد، الحكومة إلى الاتجاه نحو تشديد إجراءات مكافحة الإرهاب، وهو ما انعكس فى قيامها، فى 19 سبتمبر 2014، بتبنى مشروع قانون جديد يعزز من مواجهة الإرهاب، وشدد القانون على العقوبات على كل من ينتمى لتنظيم إرهابى بالسجن من 5 إلى 15 عامًا وغرامة مالية قد تصل إلى 2 مليون و500 ألف درهم.
الكويت
تبنى مجلس الأمة فى الكويت، فى إبريل 2013، مشروع قانون جديد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموافقة 45 عضوًا وامتناع 5 عن التصويت، وبموجب القانون الجديد تصبح عقوبة من يدان بتمويل منظمة إرهابية السجن 15 عامًا، فضلا عن دفع غرامة توازى ضعف قيمة الأموال المستخدمة في الجريمة.
موريتانيا:
كما صادق مجلس الوزراء الموريتانى، في 20 يونيه 2014، على إجراءات جديدة لتشديد العقوبات على تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، حيث وضع مشروع القانون الجديد عقوبات أكثر صرامة على تسريب المعلومات التي تتعلق بالتحقيقات الجارية الخاصة بجرائم الإرهاب، كما صادق البرلمان، في 3 يوليو 2014، على مشروع قانون يتعلق بمعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي، والتي تضم 42 مادة تبدأ من توصيف الجرائم الإرهابية وتنتهى بتحديد أسس تعاون الدول الإسلامية في المجالات الأمنية والقضائية كسبيل للمكافحة.
