أحمد داود أوغلو.. من "الصفرية" إلى "الحرب"

الأحد 28/أغسطس/2022 - 09:00 ص
طباعة أحمد داود أوغلو.. حسام الحداد
 

حياته

حياته
ولد أحمد داود أوغلو في 26 فبراير 1959، في كونيا في وسط تركيا.
وهو متزوج من سار أوغلو منذ عام 1984، وهي طبيب نسائي يعمل في اسطنبول وناشطة مناهضة للإجهاض، لديهم ابن واحد وثلاث بنات.

تعليمه

تعليمه
أكمل دراسته الثانوية في المدرسة الألمانية الدولية في إسطنبول، ثم تخرج سنة 1983 من كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية من جامعة البوسفور في تخصصي الاقتصاد والعلوم السياسية.
نال شهادة الماجستير في الإدارة العامة والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة ذاتها.

أغلو المنظّر: صفر المشاكل مع الجيران

أغلو المنظّر: صفر
يُعتبر من أهم منظري حزب العدالة والتنمية المحسوب علي جماعة الإخوان المسلمين للمزيد عن الإخوان المسلمين في تركيا اضغط هنا  يظهر العُمق الاستراتيجي وفلسفة أوغلو واضحة على المستوى الخارجي فهو صاحب نظرية «صفر المشاكل مع الجيران»، وتقديم المساهمة في حل مشاكل المنطقة والتقارب، في سورية «قبل الثورة السورية» وإيران وفلسطين والعراق ولبنان وغيرها من الدول، ويقول أوغلو «السلام مهم لتركيا لأنه يسمح لها بإظهار نجاحاتها الاقتصادية وتوسيعها»، ويعتقد أوغلو أن ظهور تركيا بموقع ومكانة محورية متميزة في هذه المرحلة، يرتبط بإقرار رؤية ديناميكية مؤثرة في السياسة الخارجية بأن تكون قوة مركزية وهذا ما حدث بالفعل.
ويتبنى أوغلو- الذي يتحدث الإنجليزية والألمانية والعربية إضافة إلى التركية - عددًا من الأفكار التي توصل إليها في بحوثه الأكاديمية، ومن بينها ضرورة خروج تركيا من الدور الإقليمي المحدود إلى أفق التأثير في السياسة الدولية.

موقفه من احتجاجات تقسيم

موقفه من احتجاجات
وكعادة الإسلام السياسي يصف أي تظاهرات ضده بالمؤامرة، فكانت تظاهرات الاتراك في يونيو 2013 بمديان "تقسيم" في اسطنبول، اول اختبارات الفعل في حزب العدالة والتنمية الحاكم، فقد وصف أوغلو ساحة تقسيم الشهيرة بانها "ابشع ساحة في العالم".
وقال داود أوغلو للصحافيين "اذا قال لي احدهم ان ساحة تقسيم مثالية سأجيبه بأنها ابشع ساحة في العالم"، ونقلت الصحف التركية عن داود أوغلو قوله "رأيت الساحات في البندقية أو اصفهان، بعد أن شاهدت ذلك تشعرون بأنكم تسقطون من علو عندما تصلون إلى ساحة تقسيم".
وكانت بلدية اسطنبول التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية الحاكم أطلقت في نوفمبر 2012 مشروعا لتحديث ساحة تقسيم لتخصيصها للمارة وتدمير حديقة جيزي الصغيرة المحيطة بها.
وتحول تحرك مجموعة من المدافعين عن البيئة ضد هذا المشروع وقمع الشرطة العنيف لهم في 31 مايو 2013 إلى تظاهرات عنيفة ضد سلطة الحكومة الإسلامية هزت كل البلاد.
وأوقع التحرك ثمانية قتلى على الاقل وآلاف الجرحى.
وحظرت السلطات التركية كافة التجمعات على ساحة تقسيم التي تقوم الشرطة بتفريقها بالقوة بصورة منهجية.
وساحة تقسيم الواقعة في قلب القسم الأوروبي من مدينة اسطنبول كانت نقطة لقاء المحتجين منذ التجمع النقابي في الاول من مايو 1977 الذي ادى الى مقتل 34 شخصًا.
وعلقت خطط تحديث ساحة تقسيم بعد الاضطرابات ولم تعد اليوم سوى مساحة كبيرة من الاسمنت تحيط بها حديقة جيزي.
وكانت الاحتجاجات الخاصة بمتنزه جيزي غير مسبوقة طوال فترة حكم أردوغان والتي بدأت عام 2002 مع انتخاب حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له. وأجرى إصلاحات في الاقتصاد وقلص من سلطات الجيش الذي أطاح بأربع حكومات خلال 40 عاما.
وأثرت احتجاجات ميدان تقسيم بشكل كبير على صورة تركيا في الغرب. وعبرت الولايات المتحدة، التي أيدت تركيا بزعامة أردوغان باعتبارها نموذجا للديمقراطية الإسلامية يمكن ان يحتذى في دول أخرى بالشرق الأوسط، عن قلقها من محاولات معاقبة مواطنين على ممارستهم حرية التعبير في تركيا ودعت إلى إجراء حوار لحل الخلافات بين الحكومة والمحتجين.
وكثيرًا ما ينتقد الاسلاميون الاحتجاجات التي جذبت المدنيين والعلمانيين الذين كان كثير منهم لا يهتم بالسياسة التركية من قبل.
وانتهجت حكومة الرئيس أردوغان انتهاكات واسعة في حقوق الإنسان أثرت بالسلب ايضا على مفاوضاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكثر من مرة عن استيائها من ممارسات أجهزة الأمن، وكذلك انتهاج النظام الحاكم سياسة تهدف للسيطرة على المؤسسات القضائية في الدولة.

فضيحة الفساد

فضيحة الفساد
كما واجهة أوغلو فضيحة الفساد التي هزت عرش أردوغان وحزب العدالة والتنمية في ديسمبر2013، فقد كشفت مصادر تركية مطلعة عن وجود أزمة بين أردوغان وأوغلو بشأن تقديم الوزراء المتهمين في قضية الفساد والرشاوى الشهيرة إلى محكمة الديوان العليا لمحاكمتهم.
وذكرت المصادر التركية، بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهوريت" التركية، أن الخلاف بين أردوغان وداوود تسبب في تأجيل موعد التصويت بلجنة التحقيق البرلمانية نهاية، الأسبوع الماضي، على إحالة الوزراء الأربعة السابقين المتورطين في القضية إلى المحكمة.
ورأي أوغلو يوم أن مزاعم الفساد التي اتهم بها أربعة وزراء سابقين كانت جزءا من "محاولة انقلاب" نافيا ممارسة الحكومة أي ضغوط على لجنة برلمانية لمنع إحالتهم إلى المحاكمة.
وتمحورت الفضيحة حول الدائرة المقربة من أردوغان الذي كان في ذلك الحين لا يزال رئيسا للوزراء وأدت إلى استقالة وزراء الاقتصاد والداخلية والتنظيم المدني. كما خسر وزير شئون الاتحاد الأوروبي أجمين باجيس منصبه في تعديل وزاري لاحق.

الأكراد من السلام الي الحرب

الأكراد من السلام
في بداية توليه مهام مستشار رئيس الوزراء وثم منصب وزير الخارجية، سعي أوغلو الي حشد أكبر تأييد ممكن في الرأي العام لمبادرته الخاصة بالتوصل لحل سلمي مع الأكراد الذين يخوض معهم الجيش التركي معارك مسلحة منذ عام 1984 على خلفية محاولة بعض الأكراد الانفصال عن تركيا بحجة تلقيهم معاملة عنصرية.
وقبيل الانتخابات البرلمانية التركية، قال أوغلو وهو في منصب رئيس الحكومة، إن الحكومة ستواصل عملية السلام مع المتشددين الأتراك مهما كانت نتيجة الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من يونيو.
ولكن عقب الانتخابات البرلمانية ونجاح حزب الشعوب الديمقراطي- المحسوب علي الاكراد-، تحول موقف أوغلو مع تأكيده علي عدم التحالف مع الحزب الكردي لتشكيل حكومة ائتلافية مع خسارة حزب العدالة والتنمية الأغلبية في الانتخابات البرلمانية تحول الموقف من الاكراد الي الحرب.
وفي 25 يوليو 2015، اعلن اوغلو، ان الشرطة التركية اعتقلت في جميع انحاء تركيا 590 شخصا متهمين بالارتباط بحزب العمال الكردستاني،واصفا اياهم بالارهابيين.

مذابح الأرمن

مذابح الأرمن
رغم مرور مائة عام فإن أحداث عام 1915 بتركيا عادت مجددا إلى الواجهة، فالأرمن يصفون ما حدث بأنه إبادة، وهو ما ذكره مؤخرا بابا الفاتيكان أيضا، أما الحكومة التركية فترى أن الأحداث أودت بحياة مسلمين وأرمن على حد سواء.
وفشل تركيا في التوصل إلى صيغة تفاهمية مع دولة الأرمن، أو تواجهه الازمة بشكل حقيقي، وجاء رد أحمد داود أوغلو، إن بلاده "تفتخر بتاريخها وأجدادها" ردا على الحملة المثارة ضد أنقرة في الذكرى المائوية لـ"المجازر الأرمنية" بزمن السلطنة العثمانية، ورد على المنتقدين بدعوة البابا فرانسيس إلى تقديم "كشف حساب، حول محاكم التفتيش في الأندلس والقتلى من المسلمين واليهود."
وقال داود أوغلو أن البابا انضم إلى "جبهة الشر" ومؤامرة ضد حزب العدالة والتنمية. 

الحُلم العثماني

الحُلم العثماني
في كتابه (العمق الاستراتيجي)، الذي يعتبره البعض أساس فهم مرتكزات الانطلاق نحو رؤية تركيا لنفسها ولجوارها، يمثل المرجع العثماني أهمية فائقة لدى داود أوغلو، اعتباراً من وجود صلات مشتركة مع كافة المناطق العربية التي كان العثمانيون يسيطرون عليها سابقا.
وفي لقائه مع نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في 24 نوفمبر 2009، قال أوغلو: «إن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية. إنهم يقولون هم العثمانيون الجدد، نعم نحن العثمانيون الجدد، ونجد أنفسنا ملزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا. نحن ننفتح على العالم كله، حتى في شمال إفريقيا. والدول العظمى تتابعنا بدهشة وتعجب.
له مقالة مشهورة تلخص وتصف الدور التركي الحالي حيث يقول «جغرافية تركيا تعطيها حالة دولة مركزية فريدة تختلف عن الدول المركزية الأخرى، فعلى سبيل المثال تعتبر ألمانيا دولة مركزية في أوروبا ولكنها بعيدة جغرافيا عن إفريقيا وآسيا، وروسيا أيضا دولة مركزية في أوروبا وآسيا لكنها بعيدة جغرافيا عن إفريقيا، وإيران دولة مركزية في آسيا لكنها بعيدة جغرافيا عن أوروبا وإفريقيا، وبنظرة أوسع فإن تركيا تحتفظ بالموقع الأفضل فيما يتعلق بكونها دولة أوروبية وآسيوية في نفس الوقت، كما أنها قريبة من إفريقيا أيضا عبر شرق البحر المتوسط، ومن ثم فإن دولة مركزية تحتفظ بموقع متميز كهذا لا يمكن لها أن تعرف نفسها من خلال سلوك دفاعي، ويجب عدم النظر إليها كدولة جسر تربط نقطتين فقط، ولا دولة طرفية، أو كدولة عادية تقع على حافة العالم الإسلامي أو الغرب».
ويعتمد أوغلو عيل فكرة احياء الحلم العثماني، عبر اللعب علي الوحدة الاسلامية والخلافة لدي شعوب المنطقة وخاصة مواطني الدول العربية، وهو ما كان عبر دعم جماعات الاسلام السياسي.
فيما رأت الكاتبة الصحفية جيدا كاران، أن أوغلو هو الوزير الأكثر فشلاً في مجلس الوزراء التركي لكونه المسؤول عن السياسة الخارجية التي سارت بتركيا إلى حافة الهاوية وساهم في تحول الشرق الأوسط إلى بحيرة دماء بسبب أهوائه في توسع الفكر المتطرف.
وقالت الكاتبة كاران في تقرير نشرته صحيفة جمهورييت التركية 23 أغسطس 2014: “إن أحمد داود أوغلو سيجلس على الكرسي الرئاسي بصفته الشخص الذي حول تركيا إلى دولة يستهزئ بها العالم".
وأضافت كاران: "إن العقلية التي رسخها داود أوغلو مع فريقه الذي وقع على قرارات وسياسات خاطئة في جميع المجالات تتلخص بعدم تجاوز موضوع خلق العداوة ضد الحضارة الغربية بجميع تعقيداتها مع تجاهل جميع مشكلات الحضارة الشرقية المرتبطة بالحداثة بمنطق العلاقات العامة المزينة بالغطرسة”.

أغلو: الربيع العربي ودعم الإخوان

أغلو: الربيع العربي
رحب داود أوغلو بما يسمي بثورات الربيع، وأشاد خصوصا بما حدث في مصر وتونس وليبيا ودعم التظاهرات في اليمن وسوريا خلال 2011. وحاول أوغلو ان تقفز تركيا على  التغيرات في العالم العربي بما يخدم مصالحها، فكان الدعم القوي من حكومة أردوغان وأوغلو، لجماعات الإسلام السياسي وخاصة جماعة الاخوان المسلمين.
ومنذ نجاح ثورة 30 يونيو 2013 وإسقاط حكم الاخوان في مصر، واحلام تركيا في التمدد والنفوذ تتهاوى بالمنطقة.
فقد كان أردوغان يستخدم الإسلامي السياسي في بسط نفوذه بالدولة العربية عبر جماعة الاخوان، وتشهد  مدجن تركيا وخاصة اسطنبول وأنقرة، ملاذ واجتماعات دائمة لتنظيم الدولي للإخوان.
فقد كان التنظيم الدولي للإخوان يوفر لداود أوغلو وسيلة سهلة في توسيع نفوذ تركيا الإقليمي باستخدام الإسلام السياسي.
وفي محاولة من قبل تركيا لاستعادة الأمجاد العثمانية السابقة، وتطبيقًا لسياستها الخارجية التي تتبناها وتسعى من خلالها لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحها، قامت بفتح حدودها الجنوبية للمقاتلين المناهضين لنظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، معتقدة أن ذلك سيؤدي إلى سقوطه، مثل الرئيس الليبي معمر القذافي"، ولكن تلك الخطوة أدت إلى ظهور الجماعة الإرهابية المتطرفة المعروفة باسم "داعش" بقوة، واستطاعت الاستحواذ على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا.
وقال "داود أوغلو" في عام 2012: إن "ما فقدناه بين أعوام 1911 و1923 من الأراضي التي انسحبنا منها سيسترد، وسنلتقي مرة أخرى مع إخواننا في تلك الأراضي بين أعوام 2011 و2023"، مشيرا إلى حقبة الحرب العالمية الأولى وانهيار إمبراطورية الدولة العثمانية.

إيران وتركيا

إيران وتركيا
تتسم رؤية أوغلو للعلاقات بين تركيا وإيران بتبادل المصالح، فإيران هي ثاني أكبر مورد لتركيا من النفط بعد روسيا. وعلى النقيض من حلفاء تركيا الغربيين، قال داود أوغلو إنه لا توجد خطة لوضع حظر على النفط الإيراني، وادعى أن العقوبات ضد إيران قد تضررت أيضا تركيا، وقد ذكر داود أوغلو أن رؤيته لتركيا لهذا البلد لتصبح "ممر الطاقة" للنفط الشرقي، ولكن أوغلو أعرب عن مخاوفه بشأن برنامج إيران النووي. 
بعد أن تم التوصل إلى اتفاق النووي في جنيف، هنأ داود أوغلو وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على الإنجاز وذكر أن رفع  العقوبات ستفيد كل من تركيا وإيران. وأضاف أن تركيا لن نريد أن نرى انتشار الأسلحة النووية في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن تختلف طهران  وتركيا حول الازمة في سوريا في حين تدعم تركيا الجماعات المسلحة، تدعم ايران حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.

مؤلفاته

مؤلفاته
ألف العديد من الكتب والمؤلفات في موضوع السياسة الخارجية وذلك باللغة التركية والإنجليزية، وقد تمت ترجمة هذه الكتب والمؤلفات إلى عدة لغات منها اليابانية والبرتغالية والروسية والعربية والفارسية والألبانية.
ومن بين مؤلفاته "الفلسفة والسياسة"، و"العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية"، ومن اهم مؤلفاته كتاب العمق الاستراتيجي والأزمة العالمية، وكان لمؤلفاته تأثير على السياسة التركية، ما أتاحت له المجال ليطبق النظريات التي كان يراها خاصة في كتاب «العمق الاستراتيجي»، على الواقع.

شارك