أزمة المختطفين الفلسطينيين تعيد العلاقات المصرية- الحمساوية لنقطة الصفر

السبت 22/أغسطس/2015 - 03:07 م
طباعة أزمة المختطفين الفلسطينيين
 
عقب بادرة الانفراجة في العلاقات التي كانت ستشهدها مصر وحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، تعود مجددًا للتوتر، وبالأخص بعد حادثة خطف أربعة فلسطينيين على يد مسلحين، في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي 19 أغسطس 2015، في منطقة شمال سيناء.

عودة التوتر بين الطرفين

عودة التوتر بين الطرفين
اختطف مسلحون أربعة فلسطينيين كانوا على متن حافلة قرب معبر رفح البري، ما بين مصر والأراضي الفلسطينية بحسب مصادر فلسطينية ومصرية.
وقالت وزارة الداخلية في غزة: إن المسلحين هاجموا حافلة على بعد حوالي 300 متر من معبر رفح، واختطفوا شبانًا من غزة، وكانت الحافلة تقل فلسطينيين قادمين من غزة ومتجهين إلى مطار القاهرة للسفر إلى الخارج.
وذكر شهود عيان أن الحافلة تعرضت لأضرار مادية قبل اقتحامها واختطاف الشبان الأربعة من داخلها، ثم تركت تعود ببقية ركابها إلى معبر رفح، ولا يزال الغموض حتى اللحظة يكتنف مصير المختطفين.
والمختطفون الأربعة، هم طالبان وجريحان: ياسر زنون، وحسين الزبدة، وعبد الله أبو الجبين، وعبد الدايم أبو لبدة.
وتعود العلاقات للتوتر مجددًا بين مصر وحماس، بعد أن شهدت بداية انفراجة في الفترة الأخيرة، وتشهد العلاقات منذ أول أمس تصعيدًا تمثل بتراشق إعلامي غير رسمي، على خلفية اختطاف 4 فلسطينيين.
يقول مراقبون: إن العلاقة بين الطرفين ليست وردية، ولكنها في الآونة الأخيرة شهدت نوعًا من التحسن انعكس إيجابيًّا على سكان قطاع غزة، وتم فتح المعبر على فترات متباعدة، كما أنه تم السماح بإدخال مواد بناء، ومصر تعتبر الراعي الرئيس لكثير من الملفات الفلسطينية.

"حماس" تُحَمل مصر المسئولية

حماس تُحَمل مصر المسئولية
واتهم مصدر مطلع في حماس في تصريحات نقلتها مواقع مقربة من الحركة عناصر أمنية مصرية بالوقوف وراء عملية الخطف، نافيًا أن يكون تنظيم أنصار بيت المقدس، هو من يقف وراء الاختطاف، كما نفى أن تكون حماس قد أجرت مفاوضات مع هذا التنظيم.
وطالبت حماس الجانب المصري بسرعة الإفراج عن المختطفين الأربعة في سيناء، وأكدت أن الاختطاف حدث خطير لا يمكن السكوت عنه، معربةً عن حرصها على استمرار العلاقات الإيجابية مع مصر.
وأضافت في بيان لها: "تأتي خطورة الحادث كونه لأول مرة يكسر كل الأعراف الدبلوماسية والأمنية للدولة المصرية، بحيث يبدو أنه انقلابٌ أمني وخروجٌ على التقاليد".
ولم تقدم الحركة في بيان أمس، مزيدًا من التفاصيل حول مقصدها صراحة من التصريحات السابقة.
وتابع البيان قائلا: "الأمر يستدعي سرعة ضبط هذه العناصر وإعادة المختطفين، حتى لا يؤثر ذلك على العلاقات الفلسطينية المصرية في الوقت الذي يسعى فيه الطرفان إلى توطيد هذه العلاقة".
وأشارت الحركة إلى أن الحافلة التي استهدفها المسلحون، كانت في "حماية الأمن المصري، على مسافة قريبة من معبر رفح؛ حيث تم إطلاق النار عليها وإجبارها على التوقف والصعود إلى داخلها ومناداة أربعة من الشباب بالاسم من كشف كان بحوزتهم، ثم انطلقوا بهم إلى جهة مجهولة".

مصر ترد

مصر ترد
وطالبت مصادر مصرية على علاقة وثيقة بالملف الفلسطيني، حركة حماس أن تقدم أية أدلة أو مستندات تثبت تورط السلطات المصرية في عملية اختفاء الكوادر الحمساوية، مؤكدة أنها تستطيع اعتقال أي عنصر فلسطيني داخل أراضيها في أي وقت وفقًا للقانون، وليست بحاجة إلى القيام بعمليات اختطاف.
وجاء الرد المصري: إن الأربعة الذين اتهمت حماس عناصر أمنية مصرية باختطافهم، ينتمون إلى وحدة الكوماندوز التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري للحركة، مشيرة إلى أن عملية الاختطاف تأتي ضمن حركة انشقاقات داخلية تشهدها حماس على خلفية كيفية إدارة قطاع غزة، وزعم التقرير أن كتائب القسام تشهد خلافات داخلية من جهة، بالإضافة إلى خلاف مع الأمن الداخلي في القطاع.
ويرى متابعون أن حادثة خطف الفلسطينيين الأربعة، ستحدث شرخًا قويًّا بين حركة حماس التي تدير مقاليد الحكم في قطاع غزة، وبين السلطات المصرية، وقد تُنهي حالة "التطور الإيجابي" الذي طرأ مؤخرًا على العلاقة بين الطرفين.

مؤشر خطير

مؤشر خطير
يقول الكاتب السياسي، وعميد كلية الآداب بجامعة الأمة بغزة، عدنان أبو عامر: إن العلاقة بين مصر و"حماس" لم تتحسن بالشكل المطلوب، وشهدت فقط نوعًا من التهدئة "الإعلامية" و"السياسية".
ويوضح أبو عامر، أن "هذه الحادثة الخطيرة تلقي بظلالها السلبية على العلاقة بين الطرفين، خاصة في ظل عدم صدور رواية رسمية مصرية حتى اللحظة، مقنعة بالنسبة للفلسطينيين ولحركة حماس، وهذا الصمت المصري تراه حركة حماس صمتًا مريبًا مخيفًا".
وأكد أبو عامر أن حركة حماس ترى في تلك "الحادثة" مؤشرًا خطيرًا، وتحولًا غير متوقع، فالعشرات من أبناء "حماس" والمنتمين لها يسافرون من معبر رفح، موضحًا أن هذا الحدث أمنيًّا وسياسيًّا، تعتبره الحركة خطيرًا، وتشير إلى كل الخيارات السيئة.
وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح من دون الوفد القيادي الرفيع من حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي كان ينوي السفر للقاء مدير المخابرات المصرية، قبل المغادرة إلى الدوحة، وهو ما يشير إلى رفض مصر خروجه من القطاع.

"القسام" تتوعد

القسام تتوعد
في هذا السياق، يقول متحدث باسم كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس: إن "اختطاف 4 من الفلسطينيين في سيناء لا يمكن أن يمر مرور الكرام وتفاصيل الحدث وجزئياته باتت بين يدي قيادة الكتائب" دون توضيح مزيد من التفاصيل.
وأضاف: سنلتزم الصمت تجاه هذا الأمر ولن نتحدث كثيرًا، ولكن القسام علّم العالم أن أفعاله سبقت أقواله، وفي الوقت المناسب سيعلم الجميع صدق ما نقول.
وتقول عائلات المختطفين إنها لا تعرف حتى اللحظة مصير أبنائها وليس لديها أي معلومة عنهم، كما أنها نفت أي علاقة لهم بأي تنظيم.
وأجمع محللون فلسطينيون على أن الحادثة قد تؤدي إلى تدهور العلاقة بين حركة حماس ومصر، مضيفين أن العلاقة أصلا متشنجة، والإعلام المصري يحرض تجاه الفلسطينيين بشكل مستمر على حد زعمهم، وأمام هذا الغموض، وفي حال انتهت الأمور بشكل سيئ، فإننا أمام مرحلة خطيرة، لا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أين ستئول.
وطالب المحللون حركة حماس، بالتحلي بأقصى درجات "الحكمة" و"الهدوء"، وأن تقوم بتكثيف جهودها السياسية والأمنية ومخاطبة الأطراف ذات العلاقة، للعمل على إنقاذ المخطوفين ومنع أي تدهور يؤثر على حياة الفلسطينيين بأكملهم في قطاع غزة.
وكان قياديون في حركة حماس، قالوا في تصريحات سابقة: إن العلاقة مع مصر، شهدت نوعًا من التطور الإيجابي.

بداية توتر العلاقات بين الطرفين

بداية توتر العلاقات
الجدير بالذكر أن العلاقات توترت بين مصر وحركة حماس منذ الإطاحة بالرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي، في يوليو 2013، أعقبها في مارس العام الجاري، حكم قضائي بوقف نشاط الحركة داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ على مقراتها داخل البلاد، وذلك قبل أن تلتقي قيادات بالحركة ضمن وفد من منظمة التحرير الفلسطينية على رأسها فتح مع أجهزة السلطات المصرية الحالية على طاولة واحدة؛ من أجل التوصل إلى تهدئة مع إسرائيل في قطاع غزة.
وظل بعد ذلك سفر قيادات حركة حماس إلى مصر، وسط تصريحات إيجابية لقادة الحركة وناطقيها حول العلاقة الجيدة مع مصر.
وأصدرت محكمة "الأمور المستعجلة" في 6 يونيو الماضي، قرارًا يقضي بإلغاء اعتبار حركة حماس "منظمة إرهابية"، ليفسرها المحللون بأنها بداية انفراجه لعودة العلاقات مجددًا بين الطرفين.

شارك