مبادرة "بري".. هل تنقذ لبنان من الفوضى؟

الإثنين 31/أغسطس/2015 - 11:59 ص
طباعة مبادرة بري.. هل تنقذ
 
أطلق رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مبادرة لمعالجة الأزمات التي تعصف بالبلاد، بالدعوة إلى طاولة حوار تضم رؤساء الكتل النيابية ورئيس الحكومة تمام سلام، وسط ترحيب من قوي 14 آذار، بزعامة سعد الحريري، يأتي ذلك وسط استمرار التظاهرات في لبنان ضد الفساد ومطالبة انتخاب رئيس للجمهورية.

مبادرة "بري"

مبادرة بري
بعدما امتدّ الشغور الرئاسي وتوسعت مساحة الأزمات راودت "بري" أفكار عدة على قاعدة البحث عن مخارج. جاءه منذ أسابيع رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل يحثه على إطلاق مبادرة ما. بعده ناشد وزير الداخلية نهاد المشنوق رئيس المجلس النيابي إيجاد حل سياسي داخلي. في هذا الوقت كانت المطالبات تزداد حول وجوب تحرك بري. 
أعلن رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، الأحد 30 أغسطس، أنه سيدعو إلى «حوار مختصر» في الأيام العشرة الأولى من شهر سبتمبر المقبل، على أن «يقتصر على رئيس الحكومة تمام سلام وقادة الكتل النيابية في البرلمان... إزاء السواد الذي يحيط بلبنان».
وحدد رئيس البرلمان الإيراني ورئيس حركة أمل، في خطاب له في مهرجان حاشد في الذكرى السنوية الـ37 لإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، في مدينة النبطية غروب أمس، جدول أعمال هذا الحوار «حصراً» بـ7 نقاط هي: رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل مجلس الوزراء، قانون الانتخاب، قانون استعادة الجنسية واللامركزية الإدارية ودعم الجيش اللبناني. 
واعتبر بري الذي تناول في خطابه الأزمة اللبنانية والأوضاع العربية، أن دعوته إلى الحوار هي «محاولة للتوافق ونداء استغاثة»، ملمحاً بذلك إلى الصعوبات التي تواجه مبادرته. وخاطب الذين يعطلون عمل المجلس النيابي قائلاً: «أيها الأذكياء إن للتغيير باباً واحداً هو باب المجلس النيابي وإلا الفوضى التي نشاهد بعضها»...

ترحيب "الحريري"

ترحيب الحريري
وكان أول ردود الفعل على مبادرة بري من زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي قال: «نلتقي مع الرئيس بري في الدعوة إلى حوار يناقش البنود التي أوردها».
ولفت الحريري إلى «أننا بالتأكيد سننظر بإيجابية لهذا الموضوع عندما نتلقى الدعوة»، معتبراً «الاتفاق على بت موضوع رئاسة الجمهورية المدخل السليم للبحث في القضايا الأخرى»، لافتاً إلى أن «إعلان التمسك بالحكومة وتفعيل عمل المجلس النيابي قاعدتان للاستقرار المطلوب».
فيما كشفت مصادر لـ"النشرة" أن بعض الشخصيات الفاعلة في قوى الرابع عشر من آذار، بدأت تتحدث صراحة عن تفضيلها انتخاب رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية رئيساً على رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، بسبب قناعتها بأن التفاهم مع "البيك" أسهل من التفاهم مع "الجنرال"؛ نظراً إلى أن الأول لا يمانع الدخول في تسويات من أجل المصلحة العامة، في حين أن الثاني يُصر على تحقيق مطالبه مهما كان الثمن، على قاعدة الذهاب في المعركة حتى النهاية.
وتشير هذه المصادر إلى أن شخصية قيادية بارزة تحدثت في هذا الأمر في الأيام الأخيرة، انطلاقاً من قناعتها بأن "الخطر"، الذي كان يمثله النائب فرنجية، كان يكمن في علاقته مع الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن الأخير لم يعد يتمتع بالقوة التي كانت لديه سابقاً، نظراً إلى الأزمة التي تمر بها بلاده في السنوات الأخيرة، ولا أحد يتوقع انتهاء الصراع القائم في سوريا خلال وقت قصير، وتضيف: "النائب فرنجية قادر على التعامل بواقعية مع الأحداث أكثر من العماد عون، الذي لا يزال يعتبر أن كسر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أولوية".

موقف "حزب الله"

موقف حزب الله
وفي إطار التشكيك في المبادرة، تقول مصادر: إن مبادرة بهذا الحجم نسقها الرئيس بري مع حزب الله، ولو كانت النوايا حسنة لكان بري عمل على إقناع الحزب بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية أولا، ومن ثم وضع أجندة طاولة الحوار كاول بند على طاولة الرئيس المقبل.
وأضافت المصادر لـ" جنوبية"، ما هو جدوى عقد طاولة حوار في ظل المواقف المعلنة لجميع الأطراف المعطلة لانتخاب الرئيس، وهل سيسهل انعقاد الطاولة انتخاب رئيس للجمهورية؟ أم أن الطاولة ستكون مكانًا لابتزاز قوى 14 آذار من جديد؛ بحيث يتم فرض الرئيس الذي يريده حزب الله أولا، أو لا تحصل انتخابات رئاسية، ومن ثم يتم انتزاع بنود تسيير عمل مجلسي الوزراء والنواب وفق أجندة قوى 8 آذار، ويتم ترحيل قانون الانتخابات إلى العهد الجديد.
وتشير المصادر إلى أن بإمكان طاولة حوار الرئيس بري انتظار نضوج التسويات الإقليمية للأزمة السورية، وعودة حزب الله إلى الدولة بشروط الدولة، وإذا كانت هناك من مكاسب فيجب أن تكون لصالح الدولة ومؤسساتها وليس لفريق سياسي يستفيد من فائض قوته حاليًا.
وتضيف أن "حزب الله" الذي كان يتطلع إلى دور أكبر من خلال مشاركته في الحرب السورية، بدأ يتلمس ضمور دوره السوري، ويريد تعويض خسائره السورية في السلطة اللبنانية، قبل أن تضعه التسوية السورية الآتية عاجلًا أم آجلًا، خارج المعادلة السورية، واللبنانية أيضًا.

قهوجي

قهوجي
فيما أكدت مصادر قوى الرابع عشر من آذار لصحيفة "الشرق الأوسط" أن "النقمة الشعبية على السلطة لا بدّ أن تنتهي في مكان ما أو عند حدث معين إذ وفي حين يبقى إسقاط الحكومة أمرًا مستحيلًا في غياب رئيس للبلاد تقدم له استقالتها، من غير الوارد إجراء انتخابات نيابية جديدة في ظل عدم رغبة الأطراف اللبنانية فيها، باستثناء رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون الذي يأمل أن تؤدي إلى انتخابه رئيسًا"، مشيرة إلى أن "القرار الدولي لانتخاب رئيس في لبنان كان قد اتخذ إثر الاتفاق النووي الإيراني- الأمريكي، وبات اليوم على نار حامية نتيجة الحراك الشعبي الأخير".
وأوضحت المصادر أن "سيناريو السيسي" أي انتخاب قائد الجيش جان قهوجي رئيسًا بقرار دولي بات شبه مؤكد، بينما يرتكز الآن البحث في بعض محاذير تطبيقه انطلاقًا من التجارب اللبنانية السابقة غير الناجحة مع قادة الجيش السابقين الذين يفقدون سيطرتهم على الجيش بعد وصولهم إلى سدّة الرئاسة، مشيرة إلى أنه "من المرجّح أن تتضمن التسوية تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش".

المشهد اللبناني

المشهد اللبناني
يبدو أن لبنان أصبحت على مفترق طرق، في ظل الأزمة الحالية المتصاعدة سواء في الشارع اللبناني، أو عبر الحراك السياسي الداخلي والتغيرات الإقليمية، لبنان أمام طريقين طريق الهدوء والاستقرار أو الحرب الأهلية، الأمور أصبحت قابلة للاشتعال في أي وقت، فهل تنجح مبادرة بري في إنقاذ لبنان أم ينغمس الجميع في مستنقع الدم؟

شارك