أحمد شاه مسعود.. قائد الجهاد الأفغاني

السبت 09/سبتمبر/2023 - 09:06 ص
طباعة أحمد شاه مسعود.. حسام الحداد
 
أحمد شاه مسعود..
ولد أحمد شاه مسعود من اصول الطاجيك، في قرية بازاراك في إقليم بانشير الأفغاني في سبتمبر 1953، وكان أبوه دوست محمد خان عقيداً في الجيش الأفغاني، وعمه عبد الرزاق خان ضابطاً في الاستخبارات. 
و بد أن تعلم احمد شاه مسعود القراءة والكتابة، واجتاز المرحلة الابتدائية تلقى تعليمه في مدرسة كابول الفرنسية المرموقة التي أسسها الملك الإصلاحي أمان الله ثم درس في كلية الهندسة في جامعة كابول حيث انضم إلى "منظمة الشباب المسلم" بهدف مقاومة التدخل السوفيتي في أفغانستان بعد انقلاب الأمير محمد داوود خان، المدعوم من الحزب الشيوعي الأفغاني وموسكو، ضد الملك محمد ظاهر شاه.
وكان مسعود يتحدث الفارسية والفرنسية والعربية والروسية والإنجليزية والبشتونية والهندية ولغات محلية أخرى. متزوج من باجورال تاج الدين محمدي وله خمس بنات وولد واحد. وله العديد من الالقاب منها "أسد بانشير"، و"فاتح كابول"، و"أمير صهيب".

سنوات الجهاد.

سنوات الجهاد.
انخرط في صفوف الجمعية الاسلامية( المحسوبة علي جماعة الاخوان المسلمون)  بدأ حياته السياسية عضواً في "الجمعية الإسلامية" التي أسسها عبد الرحيم نيازي في عام 1969م، وضمت برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار.
وانتقل إلى المقاومة المسلحة في صفوف "الانتفاضة الإسلامية" عام 1975 ضد نظام داوود خان والتي تعمّقت خصوصاً بعد انقلاب الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني (شيوعي) ضد نظام خان نفسه عام 1978 وتأسيسه لنظام تابع للاتحاد السوفيتي وبدء مرحلة دامت عشر سنوات من الحرب المجاهدين للتدخل السوفيتي الشهير في أفغانستان.
ولم يدخل الأفغان الجهاد كلحمة واحدة، وفصيل واحد، بل قاتلوا ضد السوفييت في جماعات مختلفة تتبع أحزاباً سبعة كبرى، وأحزاباً أخرى صغيرة، فقد شغل مسعود منصب قائد قوات عسكرية في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي. 
و تمكن مسعود خلال حربه مع السوفييت أن يعقد معاهده لوقف إطلاق النار لمدة سنة في وادي بجشير. استغل مسعود من هذه التهدئة وتوجه إلى محافظات أخرى نحو ولاية بدخشان وتخار وبغلان وفتح جبهات جديدة أخرى ضد السوفيات بعدما كان جبهة واحدة في بنجشير قام بتشكيل كتيبة باسم القوات المركزية وانضم في هذه الكتيبة بعض من المجاهدين العرب منهم القائد عبد الله أنس الجزائري صهر عبد الله عزام ( مؤسس تنظيم القاعدة والاب الروحي لمجاهدي أفغانستان). 
وبعد ثلاث سنوات من قتال الروس عد فشل كامل للهجوم عسكري الاتحاد السوفيتي السابق في بانجشير، توصل القائد العام للجيش الروسي في أفغانستان مع أحمد شاه مسعود، الي اتفاق وقف إطلاق النار ولمدة سنتين، تم توقيع هذه الاتفاقية (1982)، التي تتعامل مع الروس والمجاهدين للمرة الأولى المعترف بها كحزب سياسي. 
عمل مسعود الاستفادة من هذه الفرصة لتنظيم المقاومة ضد السوفييت، وتوسيع نفوذه في أفغانستان..
وظل على علاقة قوية مع رباني في الجمعية الإسلامية، وأسس فيما بعد تنظيم "مجلس شورى الولايات التسع" شوراي نزار أو مجلس شورى النظار  والذي  ضم عبد الله عبد الله( الرئيس التنفيذي  الحالي لحكومة أفغانستان)، محمد قسيم فهيم ويونس قانوني.
للمزيد عن جماعة الاخوان المسلمين في أفغانستان اضغط هنا

فتح كابول

فتح كابول
كان لشاه مسعود الفضل الأكبر في فتح كابول امام المجاهدين عام 1992، بفضل اختراقه نظام الرئيس الشيوعي السابق نجيب الله ونسجه علاقات مع اركان هذا النظام، وكافأه رباني بتعيينه وزيراً للدفاع في اول حكومة شكلها وكانت تضم قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي.
وسرعان ما اندلع القتال بين فصائل المجاهدين بعد دخولهم كابل، وقد تسبب ذلك القتال في عقد العديد من التحالفات والتراجع عنها.
وتدهورت العلاقة بين شاه مسعود وحكمتيار، وفشلت  كل محاولات الصلح، نشبت الحرب بين الحزب الإسلامي "الجهادي" بزعامة "قلب الدين حكمتيار" وبين حزب الجمعية الإسلامية "الجهادي" بزعامة "برهان الدين رباني"، وكان شاه مسعود داعما لرباني  وهما ابرز قادة الفصائل الجهادية السبعة ضد الاحتلال السوفياتي، والنظام الموالي له في كابل.
وفي اتفاق بيشاور الذي وقع يوم 24/4/1992 من قبل الأحزاب السبعة المشتركة في الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان مع حزب الوحدة الشيعي والحركة الإسلامية (الشيعية – محسني)، تمت الموافقة على تشكيل حكومة مؤقتة لمدة شهرين برئاسة صبغة الله مجددي ثم أربعة أشهر لبرهان الدين رباني كما نصت على أن تكون وزارة الدفاع للجمعية الاسلامية، ومعها تولي منصب وزير الدفاع احمد شاه مسعود، ولم يقبل الحزب الإسلامي (حكمتيار) بالاتفاقية رغم توقيعه عليها وقام بالهجوم على كابل، وبعد أن مد رباني فترة رئاسته انتهت هذه الاتفاقية تماما.
وعادت الأحزاب السابقة يوم 7/3/1993 للاجتماع في إسلام آباد عقب معارك ضارية في كابل، ووقعت على اتفاقية عرفت باتفاقية إسلام آباد اشتركت فيها السعودية وباكستان نصت على رئاسة الدولة لرباني لمدة 18 شهرا وتولي قلب الدين حكمتيار رئاسة الوزراء ووقف إطلاق النار. لكن الاتفاقية لم تنفذ بسبب تبادل الاتهامات بين الحزب الإسلامي والجمعية ونقض الاتفاق ليندلع القتال من جديد بين رباني وحكمتيار.
في 1/1/1994 تعرض رباني لمحاولة انقلابية فاشلة على يد تحالف ضم حكمتيار ودوستم وصبغة الله مجددي إضافة إلى حزب الوحدة الشيعي. وفي شهر يوليو 1994 جدد مجلس ولاية هرات فترة رئاسة رباني لمدة عام آخر، وفي نوفمبر من العام نفسه بدأت حركة طالبان في الظهور، وفي العام التالي (1995) أعلن رباني أنه على استعداد للتفاوض مع المعارضة، ووقع بالفعل اتفاقا مع حكمتيار عام 1996 يقضي بالعمل المشترك واقتسام السلطة، لكن حركة طالبان لم تمهلهم فقد استولت على العاصمة الأفغانية كابل وأعلنت نفسها حكومة شرعية للبلاد.
واستمر الصراع بين الفصائل الجهادية حتي سيطرة حركة "طالبان" علي كابول في 1996.
للمزيد عن قلب الدين حكمتيار اضغط هنا
للمزيد عن برهان الدين رباني  اضغط هنا 

الصراع مع طالبان

الصراع مع طالبان
عقب سيطرة حركة طالبان علي كابول في 1996، وإقامة نظام إسلامي متشدد عام 1996 بزعامة " الملا عمر. وعلى رغم انسحاب قوات المجاهدين الى الشمال الافغاني امام زحف "طالبان"، ظل مسعود متحصناً في وادي بنجشير الذي لم يتمكن احد من اختراقه.
ودارت معارك قوية بين تحالف الشمال، وحركة طالبان، كان لشاه مسعود دورا كبيرا فيها، ولم تستطع الحركة دخول الي مناطق نفوذ "شاه مسعود".
وطوال سنوات الصراع بين طالبان وتحالف الشمال، كان هناك العديد من الاتصالات لتفاوض والصلح، ولكن فشلت.
ويقول شاه مسعود في إحدى حواراته الصحفية عن الحرب والسلام مع  طالبان:" لقد ممدنا يدينا الي الحركة وذهبت بنفسي مع أربعة من حرسي الخاص إلى طالبان عندما وصلوا أبواب كابول لأول مرة، وجلست مع الملا رباني والملا ترابي ومعظم قادة طالبان عدا الملا عمر وسألتهم: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد تطبيق الشريعة، ثم ماذا؟ قالوا: نريد أن نجمع الأسلحة.
ثم ماذا؟ قالوا لا نريد أحداً من النظام الشيوعي السابق في الحكم. فقلت: مطالبنا ومطالبكم واحدة، فمنذ كنا طلاباً في الجامعة وإلى يومنا هذا لازلنا نناضل من أجل الإسلام وتطبيق الشريعة، ونسعى إلى جمع الأسلحة من أيدي الناس، ونتفق معكم على ضرورة عدم وجود أناس من النظام السابق في الحكم، ولكن هذه دولة تمتلك عتاداً عسكرياً ضخماً من طائرات ودبابات وصواريخ ومدافع وليست تنظيماً صغيراً يقوده عسكري يسلمك أسلحته عندما تطلب منه ذلك.
ما هو طرحكم لأفغانستان اليوم وأفغانستان الغد؟ لم يكن لديهم أي برنامج، ونظروا إلى بعضهم البعض وقالوا: نرسل وفداً إلى كابول للتناقش معك. وبعد أيام جاء وفدهم إلى كابول، فقلت لهم: مادام الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار هو العقبة الأساسية أمام السلام في أفغانستان، وما دمتم ترفعون شعار الإسلام الذي هو أملنا الذي ناضلنا من أجله فتعالوا نعقد مجلساً للعلماء المشهورين ونجمع أربعين عالماً منا ومثل هذا العدد منكم إضافة إلى متخصصين قانونيين ومثقفين وعلماء اجتماع لنتفق معاً على سبل إقامة حكومة إسلامية في هذا البلد، وأنا أؤكد لكم أن الأستاذ رباني لن يصر على كرسي الحكم، فقالوا: هذا كلام جيد، ثم عينا موعداً لتاريخ الاجتماع ولم يأتوا للموعد، ثم بدأت قواتهم هجومها على كابول بعد أن اتفقوا مع قوات حزب وحدة الشيعي، ومنذ ذلك اليوم والحرب مستمرة، وقد اتصل بنا قادة طالبان خلال هذه الفترة مرة أو مرتين، وفي كل مرة كنت أؤكد على أن الحرب ليست حلاً لمشكلة أفغانستان ولكن لن نسلم أسلحتنا لعملاء باكستان. ومن خلال قناتكم أمد مجدداً يدي للتفاوض من أجل تشكيل حكومة إسلامية، ولكننا لن نسمح لباكستان بتحقيق أهدافها غير المشروعة في بلدنا".
وفي النهاية استمرت الحرب حتي سقوط  حكم طالبان علي يد القوات الأمريكية وتحالف الشمال في 2001.

للمزيد عن الملا عمر ، اضغط هنا

تحالف الشمال

تحالف الشمال
وبعد انهيار حكومة رباني وصعود طالبان، وسيطرة حركة طالبان علي كابول، تزعم مسعود "الجبهة الموحدة الإسلامية والوطنية لسلامة أفغانستان" التي تشكلت عام 1996، وتعرف اختصاراً بـ"تحالف الشمال"، التي ضمّت تجمعاً لقوى محلية عسكرية دعمتها دول الجوار كإيران والهند بالإضافة لدعم دولي روسي وأمريكي لقتال طالبان وتنظيم القاعدة وإفشال مشروعهما في بناء "إمارة أفغانستان الإسلامية"، غير أن الدعم الغربي كان ينحسر تدريجياً الأمر الذي استنكره مسعود مرات عديدة خلال زياراته إلى أوروبا قبل مقتله بفترة وجيزة.
وضم التحالف عددا من العرقيات والمذاهب الدينية المختلفة ، مثل الطاجيك ( سنة )، والهازارا (شيعة) والاوزبك (سنة)، إلا أن نسبة التواجد الباشتوني داخل تحالف المعارضة الشمالي محدودة للغاية .
وكان من ابرز قادة تحالف الشمال الي جانب احمد شاه مسعود،  قائد الاوزبك عبد الجنرال الرشيد دوستم، والذي كان له دورا مهما وبارزا وسط قادة التحالف الشمالي.
والرئيس الأفغاني السابق حميد كرازي وينتمى كرازي إلى قبيلة " بوبولزاى "التي تصنف تقليديا بوصفها المناف القوى لقبيلة "جالزاي" التي تشكل عصب نظام طالبان.
ومعهم أيضًا إسماعيل خان، وعبد الرب رسول سياف، ومن القيادات الشيعة  محمد آصف محسنی وسید محمد علي جاوید، وسید مصطفی کاظمی.
والقائد قلب الدين حكمتيار - الذي يترأس الحزب الإسلامي - كان من بين قادة هذا التحالف ، وهو محسوب على النظام الباكستاني وينتمي إلي قبيلة الباشون أيضا، وقد تولى رئاسة الوزراء في حكومة رباني التي تولت السلطة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
أدار شاه مسعود معارك عديدة ضد حركة طالبان، عبر دعم غربي وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد شاه مسعود على أن طالبان هي حركة صنعية من المخابرات العسكرية الباكستانية، وعقب سقوط كابول اكد أن الحركة لن تتمكن من السيطرة على جميع الأراضي الأفغانية بأي شكل من الأشكال، لافتا إلى أنه إذا بقي منا شخص واحد على قيد الحياة فسوف يحاربها وسنحارب باكستان داخل أفغانستان، لأنه ببساطة لن يأتي يوم سنكون فيه خارج أفغانستان.
ولعب تحالف الشمال، دورًا كبيرًا في مواجهة حركة طالبان وإسقاط كابول بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في 2001.

مسعود وباكستان

مسعود وباكستان
وحمل احمد شاه مسعود حكومة باكستان، ظهور ودعم حرمكة طالبان ودعم فصائل افغانية، مما ادي الي فشل حكومة المجاهدين، واستمرار الصراع فيما بينهم عقب خروج الاتحاد السوفيتي.
وقال أحمد شاه: كانت باكستان منذ زمن بعيد تفكر في إيجاد عمق جغرافي ومذهبي لها في أفغانستان، ولذا كان ضمن برنامجها أن تنصب حكومة عميلة وضعيفة في كابول ومن هذا الباب كانت تسعى دائماً إلى تمهيد الطريق أمام العميل الذي اختارته وحزبه الذي كانت تقف وراءه من طريق مدينة جلال أباد ومناطق الجنوب الأفغاني، لكن –ولحسن الحظ- جاءت الأحداث بعكس ما خططت له باكستان، فقد سقطت كابول وحكومة نجيب الشيوعية بأيدينا، أي عن طريق مناطق الشمال الأفغاني، وحين سقطت حكومة نجيب عن طريق الشمال وجدت باكستان أن مصالحها الاستراتيجية أصبحت في خطر، وبدأت في التحرك لاستغلال الأجواء رغم انتصار المجاهدين، ونحن حينذاك لم نكن نسيطر على السلطة كاملة، وكان قادة المجاهدين اتفقوا على صيغة معينة في (بيشاور) ومع أن صبغة الله مجددي لم يكن من حزبنا إلا أنه اعتلى سدة الحكم، ورغم كل ما أبديناه من حسن النوايا بدأت باكستان واستخباراتها العسكرية تحرك حكمتيار( زعيم الحزب الاسلامي واحد قادة الجهاد المقربين من باكستان) حسب خطتها المعدة سلفاً، وبدأ حكمتيار حربه على كابول دون أدنى سبب أو مجوز شرعي.
ورأي أن عدم الاستقرار الذي شهده أفغانستان عقب خروج السوفيت، كان من صناعة المخابرات الباكستانية حيث زرعت العداوة بين القوميات المختلفة، حتى تمنع ظهور دولة أفغانية قوية مستقبلاً، مضيفا: "وعندنا أدلة تؤكد وقوف هذه الاستخبارات وراء كل الخلافات الموجودة، الخلاف بين الناطقين بالفارسية والباشتون والأوزبك والهزارة، والخلاف بين الشمال والجنوب إضافة إلى الخلافات المذهبية تحرك هذه الخلافات لتحقق أهدافها، وهو ما سيؤثر على مستقبل الوضع داخل أفغانستان دون شك".

للمزيد عن دور المخابرات العسكرية الباكستانية في أفغانستان اضغط هنا

شاه مسعود وتنظيم القاعدة

شاه مسعود وتنظيم
كان على خلاف شديد بين أسد بانجشير و تنظيم القاعدة، وكان هناك معركة زعامة بين احمد شاه مسعود واسامة بن لادن زعيم القاعدة، وذكرت تقارير الي ان اسامة بن لادن تخلص منشاه مسعود لشعبيته الكبيرة وعلاقته بالمجاهدين في الداخل الأفغاني وعلاقته بالمجتمع الاوربي.
وقال الأكاديمي السعودي الدكتور موسى القرني في مقابلة في مارس 2006 مع صحيفة (الحياة) اللندنية أن لا يستبعد أن يكون أسامة بن لادن خطط لاغتيال القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود. وقال غالبية "المجاهدين العرب" ضد الاحتلال السوفياتي بأنهم كانوا "فوضويين"، وأنهم كانوا يكرهون أحمد شاه مسعود لأسباب عدة، بينها انضباطه العسكري. كما لاحظ أن كثيرين منهم "كانوا في ذروة الانحراف" قبل انخراطهم في الجهاد، وبعضهم "لم يكن يعرف حتى فقه الصلاة ولا فقه الوضوء". 
ويرى القرني أن أحمد شاه مسعود "كان الوحيد بين كل قادة المجاهدين الذي يقود جيشاً نظامياً ويمتلك استراتيجية واضحة"، ومع ذلك، شارك أسامة بن لادن في محاكمته غيابياً بتهمة "العمالة للغرب والكفر". 
وفي حديثه للصحيفة يخلص من معرفته الوثيقة بشخصية بن لادن، إلى أن الأخير "لا يمكن أن يستسلم، لأنه من طلاب الموت والساعين إليه". ويؤكد القرني أنه جرت محاولات عدة لإقناع بن لادن بترك السودان والعودة إلى السعودية، ليستقر فيها ويمارس حياته الطبيعية، ولكن من دون جدوى.
وفي كتاب الإعلامي السعودي تركي الدخيل :"كنت في أفغانستان.. مشاهدات ويوميات من بلاد الجهاد والإرهاب" عن دار العبيكان للنشر والتوزيع، ذكر ان اعضاء تنظيم القاعدة الارهابي وصوف شاه مسعود بأنه "القائد الخبيث"، و"القائد الهالك".
وحسب شهادات استند عليها الدخيل لأحد أهم أعضاء تنظيم القاعدة في السعودية عيسى بن سعد الغوشن كما جاءت في مجلة (صوت الجهاد) الناطق الإعلامي باسم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
يقول الغوشن: "حصل الحدث العظيم في تاريخ أفغانستان، وهو اغتيال القائد الخبيث أحمد شاه مسعود، فكانت فرحة الشيخ يوسف العييري – مؤسس تنظيم القاعدة في السعودية والحارس الشخصي لأسامة بن لادن لفترة طويلة- لا توصف، وأذكر أنني مررت عليه حينها، وقلت له: ما الخبر، فقال (العييري): إن الشيخ أسامة بن لادن قال للإخوة: من لي بأحمد شاه مسعود، فقد آذى الله ورسوله، فانتدب بعض الإخوة أنفسهم لاغتياله واحتساب الأجر والثواب من الله الكريم، وحصل ما سمعتم من خبر مفرح".
فكان اغتيال مسعود بناء علي أوامر من مؤسس تنظيم القاعدة اسامة بن لادن لم يأت من فراغ ، حيث كثيرا ما هاجم شاه مسعود بن لادن في وسائل الاعلام، قائلا في احدي لقاءاته:" أنا أجد أسامة بن لادن في نقاط عدة قريباً من شخصية حكمتيار، وتحركاته من وجهة نظر الدين ومن وجهة نظر العقل والمنطق السليم بعيدة كل البعد عن الإسلام، وما يظن أسامة أنه أعمال في صالح الإسلام هو محض ضرر للإسلام، ومن جانب آخر فإن أسامة ساهم عملياً داخل أفغانستان في قتل أناس مسلمين قاوموا الروس سنوات طويلة، وتعلمون أن سكان مناطق شمال كابول كانوا مشهورين بجهادهم ضد الروس، وخنادق بن لادن كانت دائماً ضد هؤلاء الناس، ويمكنك سؤال هؤلاء الناس كيف أحرق أتباع أسامة منازلهم وفجروا نظام الري في مزارعهم، وقاموا بقطع أشجارهم المثمرة وغير المثمرة بمناشير كهربائية استوردوها من باكستان، وأسامة هو الذي شارك طالبان في جميع هجماتهم وتسبب في قتل وتشريد مجاهدين قتلوا الروس، ما أعرفه عن أسامة بن لادن أنه من قتلة شعبي، ومن الذين ساهموا في تعميق آلام الأفغان وإزكاء الحرب في بلدي".

علاقته مع الغرب

علاقته مع الغرب
مكنته ثقافته الفرنسية من نسج علاقات في الغرب خصوصاً مع الاوروبيين، وزار بريطانيا وفرنسا لبحث الدعم ضد الاحتلال السوفيتي، وكذلك حركة طالبان لاحقا، وكان يمثل احد الاوراق القوية للغرب في مواجهة السوفييت وتنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وزار أحمد شاه مسعود ن زعيم تحالف الشمال وقتها، أوروبا وإعطائه والخطاب أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ شرقي فرنسا ، كممثل رسمي لأفغانستان.
وكن يشغل شاه مسعود منصب نائب الرئيس الأفغاني المخلوع برهان الدين رباني ووزيراً للدفاع في الحكومة السابقة قبل أن تستولي طالبان على السلطة عام 1996.
وخلال زيارته لفرنسا، دعا أحمد شاه مسعود المجتمع الدولي لممارسة ضغوطات مشددة على باكستان للحيلولة دون دعمها المباشر لحركة طالبان ، واعتبر أن باكستان الحليف الاستراتيجي للحركة ، وهي المصدّر الأول لها ، كما طالب المجتمع الدولي بمساعدات مادية وعسكرية ليتمكن من القضاء على الحركة ووقف زحفها ، وتباحث مع وزير الخارجية الفرنسي وأعضاء الجمعية الوطنية ورئيس البرلمان في فرنسا سبل تحقيق السلام في بلاده والتي يمكن لفرنسا التدخل بشكل مباشر فيها حسب طلبه ، كما حذر الغرب من تفاقم المد الطالباني الذي وصفه بـ : " الاستعمار الأسود " الذي يعتمد بشكل رئيسي على المطلوب أمريكياً أسامه بن لادن وعلى باكستان .
وكان هذه الزيارة الاولي من نوعها لأحمد شاه مسعود الي أوربا، وقد سبقت بزيارة الممثل لتحالف المعارضة والمستشار الخاص له الدكتور عبدالله عبد الله إلى فرنسا واجتماعه مع مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الفرنسية، قبيل اسابيع من زيارة شاه مسعود.

وبحث أحمد شاه مسعودن التعاون الفرنسي مع وزير خارجيتها "هوبرت فيدرين " والتي كانت إيجابية للغاية، ولم يكشف حينها عن المساعدات المالية والعسكرية التي لوحت له بها فرنسا .  

ومن جهتها دعت رئيسة الاتحاد الأوروبي " نيكول فونتين"، حينذاك، في لقائها الاتحاد الأوروبي إلى مساعدة ودعم تحالف المعارضة الذي يتزعمه أحمد شاه مسعود من أجل إضعاف حركة طالبان ، مشددة على الدول الغربية أن تأخذ الأمر بشكل عملي وجدي، كما أشادت بأحمد شاه مسعود الذي ظهر للغرب بمظهر المعتدل من خلال انفتاحه الذي عبر عنه بإيمانه بالانتخابات الحرة والتي يراها للرجل والمرأة على السواء ، وقد أبدى إيمانه بالديمقراطية كهدف سام حسب تصريحاتها .

ورأي سفير حركة طالبان لدى إسلام آباد " الملا عبد السلام ضعيف" بأن: " هذه الدعوة الفرنسية لأحمد شاه مسعود لن تساعد على حل المشكلة القائمة في أفغانستان ، وعلى الاتحاد الأوروبي الحيادية فيما لو أراد المساهمة في حل القضية الأفغانية ، ومن خلال زيارة مسعود ستضيع فرصة إمكانية حل القضية ، إضافة إلى أن مسعود نفسه رجل غير مرغوب فيه لدى الشعب الأفغاني لاعتبارات تلاحقه".

واتهم ضعيف بعض الدول الغربية التي تبطن العداء لحركة طالبان بانعدام الشعور الإنساني تجاه ما يحصل للشعب الأفغاني الذي كان وما زال المتضرر الأول من جراء العقوبات الدولية المفروضة عليه حسب تصريحاته .

اغتيال:

اغتيال:
اغتيل أحمد شاه مسعود في 9 أيلول من عام 2001 أي قبل يومين فقط من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر2001، ويعتقد أن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة المتحالف مع طالبان التي كانت تسيطر على الحكم آنذاك، أرسل عنصرين من التنظيم نجحا في اغتياله في بلدة "خواجة بهاء الدين" بولاية تخار الشمالية قرب طاجيكستان، حين تظاهرا بأنهما صحفيان وحملا معهما كاميرا ملغومة.
وقال مسعود خليلي، الناجي الوحيد من حادث اغتيال احمد شاه مسعود، ان اسامة بن لادن وضع خطة اغتيال مسعود مايو2001.. واعرب خليلي عن قناعته بان بن لادن هو الجهة الوحيدة التي تقف خلف التفجير الذي أدى الى مقتل مسعود على الفور.
وأوضح خليلي، في مؤتمر صحفي  في أكتوبر2001،  ان خطة قتل مسعود وضعت على الارجح في مايو(2001)، بعد ان سافر زعيم شاه مسعود الى اوروبا الغربية للمرة الاولى، حيث اكد في لقاءاته مع قادة الدول الغربية، ان قوات التحالف الشمالي تحارب معسكر الإرهاب الذي يقوده بن لادن، تحت حماية حركة طالبان التي تسيطر على 90 % من الأراضي الافغانية، واضاف: لدينا ادلة كافية عن الاتصالات بين الإرهابيين اللذين انتحلا شخصيتي صحافيين ومنظمة «أصولية» في اوروبا تعمل لحساب بن لادن، واحتجزت الشرطة البريطانية ياسر السري مدير «المرصد الاسلامي» وهي هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها، بسبب اعطائه خطابات ضمان، لمنفذي العملية المغربيين كريم توزاني (34 عاما) وقاسم باكالي (28 عاما) لتسهيل مهمة حصولهما على تأشيرات دخول إلى أفغانستان من سفارة طالبان في إسلام آباد، وينفى السري طالب اللجوء السياسي في بريطانيا منذ ثماني سنوات تورطه في محاولة اغتيال مسعود .

كتب عنه

وهناك العديد من المؤلفات حول احمد شاه مسعود، منها "مسعود والحرية"، تأليف صالح محمد ریگستانی (سعود و آزادی، صالح محمد ریگستانی)
*"أسد بانشير" تأليف هیرومی ناگاکورا، وهي مجموعة من الصور («شیر پنجشیر»، هیرومی ناگاکورا)
*"أحمد شاه مسعود رواية صديق مسعود" تأليف صديق مسعود (احمد شاه مسعود به روایت صدیقه مسعود)
*"رسالة مسعود" تأليف انجینر محمد اسحاق (نامه هاس مسعود بزرگ، انجینر محمد اسحاق)
*التاريخ العسكري من الإسكندر الأكبر إلى سقوط نظام طالبان في أفغانستان، ستيفن تيرنر
*على خطى الأسد: أحمد شاه مسعود، والسياسة، والنفط والإرهاب

شارك