" الطائفية " تفكك شبكة تحالفات الأسد لصالح "داعش" في "سَلَمية" الإسماعيلية
الخميس 10/سبتمبر/2015 - 11:03 م
طباعة
على الرغم من ان النظام السوري يحكم سيطرته على العديد من المدن والبلدات السورية ذات الاغلبية الدرزية والسنة بخلاف القرى والبلدات والمدن العلوية الا أن حالة الاحتقان التي خلفتها الصراعات الدائرة في سوريا تكشف يوميا عن حالة من التفكيك لهذه السيطرة الأسدية كانت بدايتها مع الدروز والأن مع الطائفة الإسماعلية حيث دارت اشتباكات علوية إسماعيلية بحماة سببها الوقود، سقط على اثرها قتيل على الأقل وعدد من الجرحى في اشتباكات اندلعت اليوم بمدينة "سَلَمية" في حماة الواقعة وسط سوريا بين عدد من أبناء الطائفتين العلوية والإسماعيلية، جراء خلاف على انتظام الدور للحصول على البنزين من إحدى محطات الوقود بالمدينة.
وكشف أبو ماجد الناشط السياسي من مدينة " سَلَمية" أن أحد عناصر الدفاع الوطني التابع للنظام السوري من آل الصالح العلويين أطلق النار على محطة وقود "أم مسعد" التي تمتلكها عائلة المير الإسماعيلية، ليسارع بعض شباب آل المير بالرد عليه، لتتعقد الأمور ويتسع نطاقها وعندما حضرت الشرطة للقبض على مطلق النار، بادرها مع مجموعة من أقاربه بإطلاق النار، وحضرت لمؤازرته مجموعات من شبيحة قريته خنفيس القريبة، مزودة برشاشات متوسطة وعربات عسكرية".
وأكدت هيفاء أحمد الناشطة الإعلامية أن الاشتباكات لا تزال متواصلة، وسقط فيها قتيل واحد على الأقل من آل المير، وعدد كبير من الجرحى، وأن حدة الاشتباكات منعت سيارات الإسعاف من الوصول لنقل الجرحى، وجعلت من الصعب إحصاء الخسائر البشرية، وتسببت في خسائر مادية كبيرة حتى اللحظة، نظرا لاستخدام السلاح المتوسط والثقيل فيها، وانسحبت دوريات الشرطة والدوريات الأمنية المشتركة من موقع المعركة، وتركت السلمية عرضة لفتنة طائفية كبيرة تهدد أمنها".
وحذر أبو راشد احد شيوخ المدينة من "الفتنة نائمة، وقد وجدت بين الزعران والشبيحة من أيقظها، وأخشى أن تتطور لتشمل كل أحياء المدينة وريفها المتنوع طائفيا وأن محاولات تبذل من أكثر من طرف لاحتواء الخلافات، وتوقع أن تتطور الاشتباكات وتصل إلى مناطق جديدة، إن لم تتم المصالحة بأسرع وقت ممكن واننا نريد أن تبقى المدينة آمنة لأن الفتنة قد تحرك أضغانا مدفونة، وعلينا أن نتركها كذلك، لا سيما أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يبعد عنها أكثر من أربعين كيلومترا، وهو يتربص بها، وسبق أن هددها أكثر من مرة".
وتشكل مدينة "سَلَمية" التي تقطنها أغلبية من الطائفة الإسماعيلية إلى جانب السنة، وتحيط بها عشرات القرى العلوية، بؤرة جديدة قد تتفكك عن شبكة تحالفات النظام السوري، خاصة أن العديد من سكانها اشترك في المظاهرات السلمية في بداية الثورة السورية، ما جعل أبناء القرى العلوية يتربصون بهم، خاصة مع تزايد اعداد سكانها الذى وصل الى نحو 300ألف نسمة، ثلثهم من المواطنين الفارين من المعارك في حمص وحماة والقرى القريبة التي شهدت اشتباكات بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة مما يشكلون بنية جاهزة للتمرد على النظام والانضمام الى صفوف المعارضة المسلحة .
وهو ما دفع النظام الى ارتكاب مجزرة «المبعوجة» التابعة للمدينة بسبب القصف العشوائي للمدنيين بها، ما أدى إلى سقوط منازل بعضهم فوق رؤوسهم فيما منعوا أهالي «سَلَمية» من التحرك في الطرق لنجدة المبعوجة، وقد أدت هذه المجزرة لسقوط 60 شخصاً فيما جرى تشويه الجثث وخطف شباب من المدينة وأعتبر سليمان الحراكي ممثل الحراك الثوري عن حماه في الائتلاف الوطني السوري أن قضية سلمية طائفية نظراً لأن غالبية الذين قضوا في قرية المبعوجة من الشيعة والإسماعيليون والعلويون ومن ضمنهم القيادي المرتبط بالحرس الثوري المدعو الحاج أبو أمين"
وأشار الى أن أعضاء تنسيقية سَلَمية من طائفة واحدة، واستغلوا أن غالبية أهل السلمية من الطائفة الإسماعيلية المعارضة للنظام، ووصل الأمر إلى ما وصل إليه واعتُبرت القضية انها شحن طائفي مني تجاه قتلى مجزرة المبعوجة، علماً أن النظام هو من قام بنعي قتلى المجزرة، حيث كان من بينهم قيادات عسكرية في حزب الله، ومن ميليشيا الدفاع الوطني، والعديد من الجماعات التي تقاتل في صفوف النظام.
وقالت الناشطة أمل العلي "النظام يحاصر المدينة ويحارب أهلها بلقمة عيشهم، ويضيّق عليهم أمنياً ويقوم باعتقالات تعسفية، وقد جرى ذلك في فترة الحراك السلمي في بدايات الثورة، ولكنه ما يزال مستمراً إذ يُضيّق على الناشطين حتى الآن، لا سيما أولئك الذين قدّموا الكثير منذ بداية الثورة وبالنسبة للشباب اليوم، فبسبب عدم رغبتهم بالالتحاق بالاحتياط والقتال إلى جانب قوات الأسد إذ بهم يعمدون إلى الهرب خارج المدينة وأن سَلَمية لم تدخل في نطاق معارك لكنها تعرضت للقصف وخسرت غالبية قرى ريفها الذي سقط بيد داعش التي احتلته بعد طرد الكتائب الأخرى، وقام النظام بتعزيز تمركزه داخل المدينة وتطويقها، كما حصلت فيها تفجيرات مدبرة في أقبية المخابرات".
ويعتمد النظام السوري على اسلوب محدد في الحفاظ على سيطرته على تحالفاته مع الطائفة الاسماعلية من خلال تخويفهم من تنظيم "داعش" بمحاولة جرّه في اتجاه مدينة "سَلَمية "، من خلال استنساخ تجربة شنكال في إقليم كردستان العراق، وتطبيقها على مدينة سلمية وريفها، عبر جرّ "داعش" لاجتياح المنطقة وتهجير سكانها الذين يعتبرهم التنظيم "روافض يجب قتلهم وسبي نسائهم ومما يساعد النظام السوري في الاستمرار في هذه الاستراتيجية تواجد مؤسسات للأغا خان، المرجع الروحي للطائفة الإسماعيلية، في معظم دول العالم، مما يساهم في تجييش الرأي العام الدولي ضد التنظيم الدموي والحفاظ على وجوده في المدينة وبالتالي الحفاظ على خط الإمداد العسكري الوحيد للنظام في شرق سلمية، والذي يصل العاصمة بشمال سورية
وعلى الجانب الآخر قد يواجه النظام السوري ازمة كبيرة يجعل مغامرته بترك "سَلَمية" لـ"داعش" أمراً صعباً ما لم يفتح النظام خط إمداد آخر، وهو ما يعمل عليه النظام من خلال جبهة مورك في ريف حماة الشمالي، الذي استمات في استعادة السيطرة عليها تمهيداً لفك الحصار عن معسكري وادي الضيف والحامدية، مستغلاً تشتّت المعارضة في المنطقة والاقتتال الداخلي بين فصائلها وبذلك يتبع الاسد سياسة إخافة الطائفة الإسماعيلية من القوى المتطرفة وتحويل الثورة إلى مقارنة بينه و"داعش"
داعش ايضا تعزز من موقفها حول المدينة من خلال سيطرتها على غرب المدينة ضمن مثلث يقع بين مدن الرستن وتلبيسة وعز الدين، والتنسّيق مع قرية الكرين الموالية له لتنسيق هجمات في ريف سلمية الغربي بالإضافة الى سيطرته على مناطق واسعة شرق سلمية تمتد حتى الرقة، تبدأ من منطقتي شاعر وعقيربات اللتين يقوم التنظيم انطلاقاً منهما بعمليات على خط الإمداد العسكري للنظام (إثرية، الصبورة، السعن، الشيخ هلال) وهو خط عسكري يصل بين أماكن سيطرة النظام في المنطقة الجنوبية من سورية والمنطقة الشمالية كما يعمل "داعش" على استمالة القرى البدوية في ريف سلمية من أجل الاعتماد عليها كمنطلق لعملياته، من خلال اتباع أسلوب النظام بالعزف على الوتر الطائفي.
ويعتمد تنظيم داعش أيضاً على بعض الكتائب العسكرية المعارضة الموجودة في المنطقة التي يبدو أنها بايعته في السر، كلواء العقاب الإسلامي الذي يتخذ من منطقة "قصر ابن وردان" شرق مدينة السلمية مركزاً له والذى سيطر على منطقة جبل سنجار في ريف إدلب الشرقي القريب من مدينة "سَلَمية"، بعدما انضم إليه خلال الأيام القليلة الماضية حوالي 300 عنصر من ريف حماة الشرقي، ليصبح تعداده حوالي 500 عنصر، بقيادة صدام خليفة الملقّب بـ"أبي إسلام"، والذي يتحدر من عشيرة "موالي الخليفة" من مدينة حماة.
وبذلك تكون "سَلَمية" بوضعها بين مطرقة النظام وسندان تنظيم «داعش»، حلقة جديدة من حلقات تفكك شبكة تحالفات النظام بسبب نظرته الطائفية والتهديد المستمر لأهلها بالتنظيم الدموي فهل ستكون "سَلَمية" الحلقة الثانية بعد "السويداء" في مسلسل سقوط تحالفات الأسد هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.
