مبادرة الإخوان المسلمين.. هل تُنقذ أردوغان من حرب الأكراد؟
السبت 12/سبتمبر/2015 - 02:45 م
طباعة
مع استمرار الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في جنوب البلاد، خرج إسلاميو الأكراد ليتحدثوا عن مبادرة سلام بين حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، والحزب الكردي المعارض، في لافتة جديدة لدور جماعة الإخوان المسلمين لدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة.
مبادرة إسلاميي الكرد
أعلنت الحركة الإسلامية الكردستانية (فرع جماعة الإخوان المسلمين في كردستان)، السبت، عن إطلاق مبادرة سلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، مؤكدة أن المبادرة تهدف إلى إنهاء الاقتتال بين الجانبين والبدء بالحوار لحل المشاكل.
وقال الناطق باسم الحركة عبد الله ورتي في حديث لـ السومرية نيوز: إن "الحركة الإسلامية الكردستانية طرحت مبادرة للسلام بين تركيا والحزب العمال الكردستاني"، مبينًا أن "وفداً من الحركة يزور حاليًا تركيا لإجراء لقاءات مع المسئولين الأتراك، كما بعثت رسالة لحزب العمال الكردستاني بشأن المبادرة".
وأضاف ورتي أن "إطلاق المبادرة جاءت لإنهاء الاقتتال بين تركيا والعمال الكردستاني واستقرار الأوضاع في المنطقة"، لافتًا إلى أن "الحرب ألحقت أضرارًا جسيمة بالجانبين"، مضيفًا أن "السلام هو السبيل الوحيد لوصول الطرفين إلى صيغة لحل المشاكل".
ويعود مع جذور الحركات الإسلامية في كردستان العراق إلى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وظهرت كامتداد طبيعي لحركة الإخوان المسلمين في مصر، متأثرة بأفكار حسن البنا وسيد قطب، فإن هذه الحركة لم تتجسد في تنظيم سياسي، إلا في نهاية السبعينيات مع الشيخ عثمان عبد العزيز الذي أسس الحركة الإسلامية في كردستان عام 1978.
وبيد أن انتشار حركات الإسلام السياسي في إقليم كردستان برز بشكل أساسي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وتم الإعلان عن تأسيس أول حركة إسلامية مسلحة في جبال كوردستان العراق الحدودية مع إيران في 14 سبتمبر 1984 باسم "حركة العلاقات الإسلامية في كردستان العراق".
للمزيد عن الإخوان المسلمين في كردستان، اضغط هنا
صراع أردوغان والأكراد
يأتي تدخل جماعة الاخوان المسلمين في كردستان لإنقاذ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من خسائر الحرب الشرسة مع الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، والذي أعلن في 27 أغسطس، مقتل 471 جندي تركي وإصابة 211 آخرين منذ بدء الهجمات التركية على مواقعه، مؤكداً مقتل 42 من مسلحيه، فيما استأنفت القوات التركية قصفها لمعاقل حزب العمال الكردستاني في شهر يوليو الماضي.
فالحرب التركية ضد حزب العمال الكردستاني هادئة نسبياً بعد فترة من تاريخ الصراع بين تركيا والحزب الماركسي، وهو الصراع الذي تجاوز 30 عام، ومر بسلسلة من الصدامات العسكرية، آخرها كان في شتاء 2007، ثم أعقب ذلك محاولات للتهدئة على أساس الاعتراف بحقوق الأكراد السياسية والثقافية في تركيا، والجلوس حول مائدة التفاوض على أن يعلق الحزب أعماله العسكرية في المناطق الكردية جنوب وجنوب شرق تركيا، إلا أن ذلك المسعى واجه عراقيل وضعها الجانب التركي، أهمها التعنت في الإفراج عن زعيم ومؤسس الحزب عبدالله أوجلان، وأخيراً دعم الإرهابيين في سوريا، وعجل انتصارت حزب الشعوب الديمقراطي، المحسوب على الأكراد وإفشال مخطط أردوغان في تغير الدستور والتحول إلى نظام رئاسي ليعجل من المواجهات بين حزب العمال الكردستاني وأردوغان.
اختراق الأكراد
وفي ظل الحرب الدائرة بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، يعد "إسلاميو الأكراد" من أدوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لصناعة رأي عام داعم له في الحرب على حزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى شق صفوف جبهة الرافضة للحرب علي مسلحي الحزب، وأيضًا كفصيل كردي يسهل لحزب العدالة والتنمية إحداث خروقات في الشق الكردي.
وبالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمون في كردستان، العراق يأتي، حزب "حزب الله الكردي" في تركيا هو أوّل تنظيم سياسي كردي إسلامي في تركيا، وكانت المراحل الأولى لتأسيسه في 1979، مع انطلاقة الثورة الخمينيّة في إيران.
حيث اجتمع كل من حسين ولي أوغلو، المولود في 1951 في قرية تابعة لمحافظة باطمان، جنوب شرق تركيا، مع فيدان غونغور، وعبدالله دالار، ومنصور غوزال سوي، وعبد الله ييغيت؛ وأسسوا "حركة الوحدة"، وما لبث أن نشب خلاف بين قادة التنظيم، لعدم التفاهم حول الرد على الاعتداء الذي قام به عناصر "حزب العمال الكردستاني" ضد امرأتين محتجبتين، حيث أصرّ ولي أوغلو على الردّ المسلّح، في حين دعا غونغور للتريّث فانشق ممثلها في اسطنبول حسن شنغول ومعه الرجل الثاني في التنظيم فيدان غونغور، ليؤسسا "جماعة المنزل"، نسبة إلى مكتبة "منزل" التي كان يملكها غونغور، ومن وقتئذ برز اسم "حزب الله" للعلن.
وعقيدة ومنهج حزب الله الكردي (التركي) هي خليط من التوجّه الإخواني- القطبي (سيد قطب) والسلفي الجهادي المتطرّف، إلى جانب الإعجاب بالتجربة الخمينيّة في إيران والدعوة إلى تطبيقها في تركيا، بالرغم من كونه حزباً سنّياً.
خلال عامي 1991 و1992 اعترف الرجل الثاني في "حزب الله" محمود يلديريم (المدعو يشيل) بأن منظمته تلقت تدريبات على أيدي رجال المخابرات والعسكريين بتكليف من السلطات. وفي سنة 1993 نشرت معلومات حول وجود منظمة خاصة أطلق عليها اسم "جيتام"، وهي مجموعة تضم عناصر من الدرك والجيش والمخابرات وعناصر "حزب الله"، مهمتها تنفيذ عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية. وتزامن ذلك مع حدوث العديد من الجرائم في العاصمة أنقرة؛ جرائم نفذت بدقة واحترافية، فأثارت العديد من علامات الاستفهام.
ومن وقت لآخر تقع اشتباكات مسلحة بين حزب العمال الكردستاني وحزب الله الكردي، كصراع بين اليسار والإسلاميين في إقليم كردستان تركيا، وهو ما يخدم سياسة حزب "العدالة والتنمية".
للمزيد عن "حزب الله الكردي" اضغط هنا
المشهد الكردي
فيما يبدو أن التنظيم الدولي للإخوان يسعى إلى الحفاظ على وجود جماعة كحزب حاكم في تركيا، من خلال دعمه بشتى الوسائل مع سقوطهم في مصر، وفشل تحقيق مخططهم حتى الأن في سوريا، مع استمرار موقعهم السياسي عبر المحاصصة في العراق، وغياب الرؤى لمكانتهم في اليمن وليبيا، ويبقى دعم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا كواجب على التنظيم الدولي للإخوان في العالم، وخاصة فروعه في القومية الكردية والتي تسعى إلى تكوين دولة للأكراد، وهو ما يشير إلى أن "إسلاميي الأكراد" يضعون في المرتبة الأولى الحفاظ على فروعهم الحاكمة في الدول الإسلامية، فهل سينجح "إسلاميو الأكراد" في إنقاذ حكومة رجب طيب أردوغان من جحيم الحرب ضد العمال الكردستاني؟ أم أن نجم حزب العدالة والتنمية سيتجه للأفول مع الحرب ضد الأكراد.
