حفتر.. "حجة" الإخوان "الكاذبة" لإفشال الحوار الليبي
الأحد 13/سبتمبر/2015 - 02:52 م
طباعة
لا تزال المفاوضات في الحوار الليبي مستمرة، في ظل مماطلة جماعة الإخوان المتمثلة في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، والتي تتحجج في كل جلسة بمطالب قد يصعب تحقيقها في الوقت الراهن.
وكان المؤتمر المنتهية ولايته، وضع عدة شروط حتى يوافق على التوقيع بالأحرف الأولي بمذكرة التوافق التي طرحتها بعثة الأمم المتحدة بقيادة مبعوثها برناردينيو ليون، الأمر الذي اعتبره محللون بأنه عرقلة في عودة الاستقرار للبلاد؛ حتى يسهل لهم الصعود للحياة السياسية مجددًا دون شريك.
"حفتر".. بعبع الإخوان
وانعقدت جلسة حوار، أمس السبت 12 سبتمبر 2015، بين المتنازعين في مدينة الصخيرات، حضرها أعضاء من البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، وكذلك أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، بعد العديد من المشاورات والمباحثات.
واتهم أعضاء البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، المبعوث الأممي برناردينيو ليون، بالتخاذل لصالح الإخوان والموافقة على كافة شروطهم الغير مشروعة.
وكشفت مصادر من فريق البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، المقيم في طبرق بقيادة عبدالله الثني، أن هناك توترًا كبيرًا ساد المفاوضات بسبب شروط المؤتمر الوطني المنتهية ولايته المرتبط بجماعة إخوان ليبيا، ومن بين هذه الشروط المطالبة بتنحي القائد العام للقوات المسلحة الليبية الفريق خليفة حفتر، وتعويضه بآخر يلقى قبولا في صفوف المؤتمر.
وطالب وفد البرلمان، المبعوث الأممي برناردينيو ليون بالضغط على وفد المؤتمر حتى تكون مقترحاته مقبولة مع ما تمّ الاتفاق عليه سابقًا، وأن لا يدخل الحوار في متاهة المقترحات المتناقضة.
في سياق آخر ومع تخاذل ليون لصالح المؤتمر الوطني، لم يبد أي حزم تجاه مناورات المؤتمر، وكأن هدفه هو إرضاء ممثلي إخوان ليبيا وضمان مشاركتهم في الحكومة حسبما يرى أعضاء البرلمان المعترف به دوليًا.
ولم تقف مناورات الإخوان عند المطالبة بتنحي الفريق حفتر، بل هم يضغطون للدفع نحو اختيار رئيس الحكومة من خارج قائمة الاثني عشر مرشحًا الذين قدمهم البرلمان للمبعوث الأممي.
الإخوان يعرقلون الاتفاق
الجدير بالذكر أن مجلس النواب اعتمد الأسماء المرشحة من قبله لرئاسة حكومة الوفاق وأحد نائبيه، حيث تم التصويت على اثني عشرة مرشحاً بآلية 4 مرشحين عن كل منطقة الشرق والجنوب والغرب، وكذلك جعل كوتة للمرأة بين المرشحين؛ حيث تم انتخاب مرشحة من قبل مجلس النواب عن طريق الانتخاب المباشر ليكون اسمها من ضمن المرشحين لمنصب رئاسة حكومة الوفاق وأحد نائبيه، وسيعطي مجلس الثقة لهذه الحكومة كونه الجسم الشرعي الوحيد والمنتخب في ليبيا.
ويسعى الإخوان، إلى تولي المؤتمر المنتهية ولايته والبرلمان الشرعي المصادقة على ما سيتم الاتفاق عليه في جولة الصخيرات الحالية، وهو أمر يتعارض مع المسودة التي تبناها البرلمان الشرعي وقبل بها ليون، والتي تجعل البرلمان هو الجهة الشرعية الوحيدة التي تتولى المصادقة على نص الاتفاق النهائي.
وأشار يونس فنوش، عضو البرلمان، إلى أن هناك محاولات مستميتة من بقايا المؤتمر بالتواطؤ مع ليون، لإدخال تعديلات مهمة وخطرة على المسودة الرابعة المعدلة المعتمدة من مجلس النواب، وهذا مرفوض تمامًا.
وحث فنوش رئيس مجلس النواب صالح عقيلة قويدر على مصارحة ليون بأن أمامه خيارين، إما الحفاظ على ثوابت المجلس، ومنها أن المسودة لم تعد قابلة لأيّ تعديل أو تحوير، أو إعلان فشل الحوار، وانطلاق مجلس النواب في بحث خياراته البديلة.
في ذات السياق، يرفض أعضاء البرلمان مناقشة أي مقترح من خارج المسودة الرابعة، أو تقديم تعديلات للملاحق المكملة لها تكون متعارضة معها.
البرلمان يتهم "ليون" بالتخاذل
كان قد طلب عقيلة صالح عيسي، رئيس مجلس النواب، من ليون تعهدات مكتوبة وملزمة، أبرزها أن يكون رئيس الحكومة ونائبه الأول من الشخصيات المرشحة من قبل المجلس، وأن تظل كل القرارات الصادرة عن المجلس غير قابلة للتعديل وأن تبقى مرجعية للاتفاق السياسي، فيما رفض أبو بكر بعيرة، وهو عضو في مجلس النواب وأحد المرشحين لرئاسة الحكومة، إقصاء قيادات الجيش وبينها الفريق خليفة حفتر، والسعي إلى استبدال قيادات أمنية وطنية بأخرى قد يكون بعضها على علاقة بالميليشيات المسلحة.
وقال أشرف الشح المستشار الأول لفريق الحوار عن المؤتمر المنتهية ولايته في تصريحات له أمس السبت 12 سبتمبر2015: "لقد تم تحقيق تقدم وتوافق شامل حول سبع نقاط رئيسية من أصل تسع يتضمنها الاتفاق السياسي".
وأضاف الشح أنه بخصوص النقطتين اللتين ما زالتا عالقتين فإن الأمر يتعلق بالتعيين في المناصب العسكرية والمدنية السيادية، حيث اقترحت الأمم المتحدة أن توكل هذه المهمة لرئيس الوزراء ونائبيه بعد التوافق على اسميهما، فيما نقترح نحن أن تبقى هذه المناصب شاغرة إلى حين تشكيل الحكومة كأولوية على حدّ قوله.
وأوضح المستشار السياسي لوفد المؤتمر أن "النقطة الثانية تتعلق بعضوية المجلس الأعلى للدولة، حيث تم اقتراح تعيين أشخاص داخله ليست لديهم الشرعية الانتخابية والتمثيلية" وفق تعبيره.
وأشار الشح إلى أن مناقشة حكومة وحدة وطنية مرهون بتلبية مطالب المؤتمر، وإدخال تعديلاته على الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية، وهو ما يعني أن المبعوث الأممي قبل بفتح أبواب التنازلات لترضية إخوان ليبيا المدعومين من تركيا.
تنبؤات بتقاسم السلطة
وفيما حذر محللون من أن حرص المبعوث الأممي على إنهاء الحوار قبل يوم 20 سبتمبر الحالي قد يفرض على الليبيين اتفاقًا على تقاسم السلطة وليس اتفاقًا على حل الأزمة المستمرة منذ أربع سنوات، وأن ذلك قد يكون سببًا في استمرار الحرب تحت مسوغ جديد ليس أكثر، هو المسوغ الأممي.
وأشار المحللون إلى أن رغبة أوروبا في وجود حكومة وفاق وطني في ليبيا لا يمكن أن تبرر قبول ليون بالضغوط الإخوانية، وخاصة ما تعلق بتنحية القيادات الأمنية والعسكرية التي حققت نجاحات هامة في مواجهة الميليشيات خاصة في بنغازي ودرنة حيث يتمركز داعش وتنظيمات متشددة أخرى.
ومع عدم إبداء ليون أي ملاحظات على مطالب المؤتمر الوطني، قد يكون هناك اتجاه إلى إدماج الفريقين المتنازعين في الحكومة مع الحفاظ على مصالح كل منهما في السيطرة على مواقع نفوذه؛ الأمر الذي وصفه مراقبون بالملغم وأنه يقود إلى تقسيم فعلي لليبيا، ويضفي شرعية على محاولة ميليشيا فجر ليبيا وواجهتها السياسية المؤتمر المنتهية ولايته مستقبلا الانفصال عن الحكومة وتكوين حكومة جديدة خاصة بهما.
ويرى مراقبون أن كافة الملاحق التي قدمها المبعوث الأممي ليون إلى مجلس النواب، بها العديد من الخروقات التي تتعارض مع ما وقعت عليه أطراف الحوار بالأحرف الأولى في ظل غياب ممثلي المؤتمر المنتهية ولايته عن التوقيع.
وقد يجد البرلمان المعترف به دوليا نفسه مجبرًا على الالتجاء إلى بدائل أخرى لمنع تقسيم البلاد إلى حكومتين وجيشين.
من جانبه قال خليفة الدغاري عضو مجلس النواب عن بلدية الساحل: إن أعضاء المجلس ليسوا متمسكين بالسلطة وإنما هدفهم هو إنقاذ البلاد.
الأزمة مستمرة
وأوضح الدغاري، أن مجلس النواب شكل لجنة لوضع خارطة طريق في حال عدم الوصول إلى نتيجة مرضية من خلال الحوار، رغم تمسكه به، مشيرًا إلى أنه في حالة عدم نجاح المبعوث الأممي في مهامه فإن خارطة الطريق والتي تعتبر غير بديلة للحوار، تعتمد على استحقاقات مجلس النواب، منها الاستفتاء على الدستور الذي لم تنجح حتى الآن الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور مع التمديد في استكمال مسودة الدستور، مؤكدًا أنه بعد انتهاء مدة الهيئة التأسيسية فإن كل المخرجات التي تخرج عنها ستكون غير دستورية؛ لذلك قام مجلس النواب بتشكيل لجنة من 30 عضوًا قامت بالاتصال بمؤسسات المجتمع المدني وتشكيل لجنة أخرى من 12 عضوًا قامت بوضع الخطوات اللازمة.
وأضاف الدغاري أن الخطط تشمل الخطة ب، والتي سوف تنفذ في حال فشل الحوار، لتشكيل حكومة وحدة وطنية حسب المسودة أو اختيار رئيس بشكل غير مباشر من مجلس النواب ليكون هناك جسم شرعي منتخب يقوم مجلس النواب بتسليم السلطة إليه عند انتهاء مدته الدستورية.
وتبقى الأزمة قائمة في ظل محاولات الإخوان بالمماطلة، فيومًا بعد الآخر يتحجج المؤتمر المنتهية ولايته بأن بنود الاتفاق غير مرضية له، ويطرح مطالبة التي يعلم جيدًا أنها ستكون مرفوضه من جانب البرلمان الليبي، مما يؤزم الوضع وتعود المشاورات لنقطة الصفر مرة أخرى وقد تظل الأزمة عالقة دون حلول، أو تنقسم ليبيا إلى دولتين، إحداهما شرعية والأخرى تابعة للإخوان الذين يريدون فرض سيطرتهم على البلاد عاجلًا أم آجلًا.
