الأحزاب الدينية بين قضايا الحل والتحالفات السرية

الأحد 13/سبتمبر/2015 - 06:46 م
طباعة الأحزاب الدينية بين
 
الأحزاب الدينية بين
أكد طارق نجيدة المحامي بالنقض والدستورية العليا، صباح اليوم الأحد 13 سبتمبر 2015، على أن تأسيس الأحزاب وقبول أوراقها في المرحلة الأولى لا يتخذ أي إجراء تفتيشي أو بحثي حول تأسيس الحزب ولا ينظر إلى الأيدولوجية أو التوجه العام للحزب إلا إذا ظهرت بعد اعتماد أوراق الحزب انه ينفذ معسكرات مشبوهة أو أنشطه تهدد الأمن العام يتم تحويل أوراق الحزب للنيابة لكي تحقق في الأمر.
وأضاف في مداخلة هاتفية في برنامج، «صباح أون»، المذاع على فضائية، «أون تي في»، أن حكم القضاء الإداري بإلزام لجنة شؤون الأحزاب بالتحقيق في دستورية 11 حزبًا دينيًا هو حكم سريع لكي يتم تحديد موقف الأحزاب من الانتخابات.
وفي المقابل قال طلعت مرزوق، نائب رئيس حزب النور للشئون القانونية إن الاهتمام الكبير الذي سُلط على حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر أمس السبت 12 سبتمبر 2015، بإلزام لجنة شؤون الأحزاب، ببحث الموقف القانوني للأحزاب ذات المرجعية الدينية، قبل بدء الانتخابات البرلمانية، يكشف حجم المؤامرة التي يتعرض لها الحزب، على حد قوله.
وأضاف «مرزوق»، في بيان صادر اليوم الأحد، إن الجلسة التي شهدت الحكم السابق، شهدت أيضًا حكما موازيًا يقضي بعدم منع اللجنة العليا للانتخابات من قبول أوراق مرشحي «النور»، مشيرًا إلى أن موقف الحزب مطمئن، وقيادات الحزب لا يرجّحون صدور أي حكم يمنع الحزب من خوض الانتخابات.
الأحزاب الدينية بين
وفي نفس السياق قال عصام الإسلامبولي، الفقيه القانوني، إنه تقدم بطلب في 2014 للجنة الأحزاب للتحقيق في دستورية 11 حزبًا دينيًا، مضيفًا أنه طلب من اللجنة تطبيق ما جاء في الدستور وعدم السماح لأي حزب يقوم على أساس ديني من ممارسة الحياة السياسية.
وأضاف «الإسلامبولي»، خلال برنامج «الحياة اليوم»، المذاع عبر فضائية «الحياة»، مساء أمس السبت، أنه طلب من لجنة الأحزاب مراقبة ممارسات الأحزاب الدينية وإحالة من يستخدم الدين في الدعاية الانتخابية إلى القضاء الإداري، إلا أن اللجنة لم ترد على طلباته السابقة مما اضطره الى اللجوء إلى الإدارية العليا.
كانت محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمًا يلزم لجنة شؤون الأحزاب بالتحقيق في الموقف القانوني للأحزاب الدينية، لمنع مرشحيهم من خوض الانتخابات البرلمانية المرتقبة، حال مخالفة أحزابهم للدستور والقانون.
وقد بدأت لجنة شؤون الأحزاب، باتخاذ خطوات لدراسة الموقف القانوني للأحزاب الدينية، حسبما أفاد مصدر قضائي، وتقدمت اللجنة بمذكرة للنائب العام؛ لإجراء تحقيقات بشأن مستندات تلقتها تفيد أن الأحزاب الدينية كيانات إرهابية تهدد الأمن القومي، كما أكد المصدر، أن اللجنة في انتظار نتائج تحقيقات النيابة العامة في الاتهامات الموجهة للأحزاب الدينية لاتخاذ قرار بشأنها.

اجتماعات وتحركات سرية:

اجتماعات وتحركات
وفي محاولة من الاحزاب الدينية لعقد صفقات سياسية مع بعض التحالفات الانتخابية كشفت مصادر حزبية تفاصيل «الاجتماع السري»، الذى عقد بين اللواء سامح سيف اليزل، المقرر العام لقائمة «في حب مصر»، والدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس «الدعوة السلفية»، ويونس مخيون رئيس حزب «النور» السلفي.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع الذى عقد بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، شهد «مفاوضات سرية» مكثفة بين القائمة الانتخابية والحزب السلفي، للتنسيق فيما بينهما خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقالت: «اللقاء تناول كيفية التنسيق المشترك بين القائمة والحزب خلال انتخابات النواب".
واتفق «سيف اليزل» مع «برهامي ومخيون»، بحسب المصادر، على إخلاء «النور» لقطاعات ودوائر معينة، لمرشحي قائمة «في حب مصر»، وهو ما دعا الحزب السلفي لإعلان انسحابه من قطاعي «الصعيد وشرق الدلتا»، والاكتفاء بقائمتين فقط بدلًا من أربعة.
الأحزاب الدينية بين
وأشارت المصادر إلى أن «في حب مصر» ستترك قطاع «غرب الدلتا» للحزب السلفي، بسبب قوته بمحافظات ذلك القطاع، منوهةً إلى أن «النور» تعهد خلال اللقاء بسحب مرشحين له من أي دائرة انتخابية، سيتم الاتفاق عليها، مقابل دعم القائمة لمرشحي «النور»، في دوائر فردية بمناطق أخرى، مضيفة: «حزب النور سحب قوائمه بعد أن تقدم بها إلى لجان فحص الأوراق بمحكمة الجيزة من أجل إعادة ترتيبها طبقًا للمشاورات الجديدة".
وأشارت المصادر إلى أن المناقشات تضمنت وعودًا من قائمة «في حب مصر» لحزب النور، حول حصوله على منصب «وكيل البرلمان» لعضوين من أعضاء الحزب، حال دعمه للقائمة في القطاعات التي أعلن انسحابه منها. وأدت مفاوضات «في حب مصر» و«النور» إلى زيادة حدة الخلافات بين أحزاب القائمة، وانسحاب بعض الشخصيات العامة منها، بسبب رفضهم مشاركة الحزب السلفي في الانتخابات البرلمانية، في ظل اعتقادهم أن حزب النور امتداد لحزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان.
الأحزاب الدينية بين
وفى سياق ذي صلة، أوضحت المصادر ذاتها، أن اتفاقًا تم بين قادة قائمة «في حب مصر» هدفه العمل على تفكيك تحالف «الجبهة المصرية»، الذى يعد المنافس الأقوى للقائمة، في قطاعات بعينها، منها قطاع الصعيد، وأن هذا الاتفاق كان يقضي، بإضعاف «الجبهة المصرية»، وتفكيكها، عن طريق ضم أحزابها إلى القائمة، ورفض بعض الأحزاب الأخرى.
وأشارت المصادر، إلى أن القائمة بعدما أعطت وعودا لأحزاب «الجبهة» بمشاركتهم معها، لم يتم ترشيح أي من أعضاء هذه الأحزاب تحت رايتها، وهو الأمر الذى كان متفقا عليه، من أجل تفكيك «الجبهة المصرية»، التي فوجئت بعدم وجود شخصيات عامة بها بعد استقطابهم من «في حب مصر».

الأحزاب المدنية ولجانها الدينية:

الأحزاب المدنية ولجانها
ومن المعروف في اللعبة الانتخابية أن يكون ظاهر الأحزاب غير باطنها، تخفى غير ما تعلن، وتقول ما لا تفعل، وتتحدث عن مبادئ لا تلتزم بتطبيقها في الحياة السياسية، وهذا ما نجده الان مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، حيث العديد من الأحزاب المدنية، تتحدث عن ضرورة حل الأحزاب الدينية، وفصل الدين عن السياسة، وإقامة الدولة المدنية الحديثة، وعلى النقيض من ذلك، نجد أن هذه الأحزاب لديها "لجان دينية"، تمارس العديد من الأنشطة ومنها تحفيظ القرآن الكريم.
وفي الفترة الأخيرة ترددت العديد من الأحاديث عن مشاركة هذه اللجان في تجديد الخطاب الديني، أو الثورة الدينية التي طالب بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا التناقض يثير الكثير من التساؤلات حول الدور السري لهذه اللجان، وعن سر هذا التناقض. 
حيث يقول أحمد عبد الحفيظ، القيادي في الحزب الناصري، إنه ليس هناك أي تعارض بين اللجان الدينية داخل الأحزاب المدنية، وبين مدنية هذه الأحزاب، خاصة أن الدين ركن من أركان المجتمع، والحزب المدني مسئول عن أن يكون له موقف من اهتمامات الناس، موضحا أن قيام بعض الأحزاب بممارسة نشاط ديني من خلال تحفيظ القرآن الكريم، يتعارض تماما مع توجهها المدني.
وأوضح القيادي الناصري أنه ليس من وظيفة الأحزاب المدنية الوعظ والإرشاد، لكن دورها هو تقديم رؤية للدين الإسلامي بصفته دين الأغلبية، منوها إلى أنه من المفروض أن يكون للأحزاب المدنية، دور في تجديد الخطاب الديني، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الديني الحقيقي، لا يتم إلا من خلال رؤية الأحزاب للدين من خلال برامجها، وهذا يكشف للناس تعدد الرؤى داخل الدين الواحد.
ولفت إلى أنه يرفض قيام بعض الأحزاب المدنية بممارسة أي نشاط ديني مثل تحفيظ القرآن الكريم، مشددا على أن هذه الأحزاب المدنية، ترتكب خطأ كبيرا بهذا الفعل، وتابع: إنه لا يمكن لأي حزب مدني أخذ مكان الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن المواطن لن يلجأ إلى هذه الأحزاب إذا حاولت استخدام الخطاب الديني واستغلاله لكسب أرضية شعبية، خاصة أن الشعب يعلم أن هذه الأحزاب تمارس نوعا من النفاق السياسي.
من جانبه يقول ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، إن اللجنة الدينية داخل الحزب تقوم بعدة وظائف، أولا: متابعة أعمال وزارة الأوقاف، وتوضيح وجهة نظر الحزب من هذه الأعمال.  ثانيا: الاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة وتقديم التهاني للشعب في هذه المناسبات للاستفادة من العبر والعظات، وهذا لا يتعارض مع مدنية الدولة. ثالثا: محاولة إيجاد لغة مبسطة للخطاب الديني. رابعا: التواصل مع لجان الحزب المختلفة على مستوى الجمهورية من أجل تحقيق هذه الأهداف.
وأشار" الشهابى" إلى أن مصر دولة إسلامية، والدين الرسمي لمصر هو الإسلام، وطبقا للدستور لا يوجد قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية، منوها إلى أن إقحام الدين في السياسة، ثمنه غال جدا، مؤكدا أن دور اللجنة الدينية في الأحزاب المدنية "سياسي"، من خلال متابعة أعمال الوزراء، لافتا إلى أن وزير الأوقاف موجود في الحكومة ويمارس عملا سياسيا، موضحا أن الدين علاقة بين الإنسان وربه، وهو الوعي الحاضن للوطنية المصرية، لكن الحكومة والرئيس والأحزاب "مؤسسات سياسية" لإدارة المجتمع.
وأكد" الشهابى" أن تحفيظ القرآن ليس من مسئولية الأحزاب المدنية، لكنه مسئولية المسجد والمدرسة، لافتا إلى أن دخول الأحزاب المدنية في عملية تحفيظ القرآن الكريم يحولها إلى مدرسة دينية، وهذا يهدد شرعية الأحزاب، ويمثل خطرا على مدنية الدولة، منوها إلى أنه ليس من دور الأحزاب تطوير مناهج الأزهر أو أن تضع معايير تجديد الخطاب الديني، لكنه دور اللجان الحكومية الخاضعة لعمامة شيخ الأزهر، ودور الأحزاب هو إبداء الرأي السياسي في هذه الأعمال.
الأحزاب الدينية بين
ويرى أحمد الفضالي، رئيس تيار الاستقلال، أن اللجنة الدينية داخل التيار، تقوم بدور مهم في تجديد الخطاب الديني، وهناك خطة لتحقيق هذا الهدف من خلال المساجد والأزهر، مشيرا إلى أن "الاستقلال" ينظر لتجديد الخطاب الديني، على أنه أمر يخص المسألة القومية للبلاد، منوها إلى أن مصر في حاجة ماسة لتجديد الخطاب الديني من أجل نبذ العنف، والقضاء على التطرف والتعصب والإرهاب، ونشر قيم الدين الإسلامي القائمة على التسامح والمحبة. 
وأشار "الفضالي" إلى أن دور اللجنة الدينية هو الاهتمام بشئون الدين والدعوة، سواء الدين الإسلامي أو الدين المسيحي، والبقاء على هوية واحدة مؤثرة، وهي هوية الشعب المصري، فضلا عن الابتعاد عن الحساسية الدينية، والمساس بصلب العقيدة، لافتا إلى أن تحفيظ القرآن يتم من خلال الأعضاء داخل تيار الاستقلال، والذين لديهم رغبة لتلبية رغبات المواطنين، دون أن يمثل ذلك قاعدة أساسية من عمل اللجنة أو التيار.
بدوره يقول الدكتور وفيق الغيطاني، رئيس اللجنة الثقافية في حزب الوفد، إنه لا يوجد لجنة دينية في حزب الوفد، ولكنها لجنة ثقافية، مشيرا إلى أن اللجنة عقدت اجتماعا أكدت من خلاله على أن تجديد الخطاب الديني "واجب"، وأن هناك تقصيرا من جانب شيخ الأزهر في تجديد هذا الخطاب، لاسيما في ظل انحدار المستوى الفكري والثقافي والتعليمي والتعصب والتشدد الديني في مصر.
نستنتج إذًا أن الأحزاب المدنية التي تطالب بحل الأحزاب الدينية لأنها تستخدم الدين في السياسة، هي نفسها الأحزاب التي تستخدم الدين في السياسة بداية من لائحتها التنفيذية، فوجود لجنة للشئون الدينية داخل أي حزب إنما تؤكد على استغلال هذا الجانب من الهوية الثقافية للمجتمع لحصد أصوات انتخابية أكثر من فصيل آخر، وكأننا ندور في دائرة مفرغة، ولو ظل هذا الوضع قائما فلا نلوم الأحزاب الدينية على سيطرتها على البرلمان القادم.

شارك