بعد رفض "النهضة" عزل الأئمة المتشددين.. "إخوان تونس" تدعم الإرهاب

الإثنين 14/سبتمبر/2015 - 12:13 م
طباعة بعد رفض النهضة عزل
 
في إطار مساعيها للحفاظ على وجودها الشعبي في شريحة المتدينين، مع تحالفها الحكومي مع حزب علماني "حركة نداء تونس"، بدأت حركة النهضة– فرع الإخوان المسلمين في تونس- الدفاع عن الأئمة المتشددين والمتطرفين، والذين يمثلون دعمًا للجماعات المتطرفة، والتي تدفع تونس والدول العربية من ثمن هذا التطرف.

إغلاق المساجد المتشددة

إغلاق المساجد المتشددة
شدّدت حكومة الحبيب الصيد في تونس من التدابير الاستباقية في إطار الحرب ضدّ الإرهاب والتطرف، ومن بين هذه التدابير إغلاق المساجد التي سيطر عليها سلفيون جهاديون، وعزل أئمة متشددين يروجون للخطابات التكفيرية والتحريضية في مختلف مناطق البلاد.
وتبذل الحكومة التونسية منذ هجوم سوسة في يونيو 2015، جهدًا كبيرًا لمواجهة الجماعات الجهادية من خلال حزمة من الإجراءات، منها غلق 80 مسجدًا خارجًا عن سيطرة الدولة، وعزل عدد من الأئمة استغلوا منابر المساجد لنشر خطاب متشدد يحرض على العنف والكراهية؛ الأمر الذي غذى لدى الشباب فكرًا جهاديًّا غريبًا عن نمط تدين التونسيين.

موقف "النهضة"

موقف النهضة
وأثارت هذه القرارات حفيظة حركة النهضة المنضوية تحت لواء الإخوان المسلمين، حيث عبرت عن رفضها لما أسمته في بيان رسمي لها، "سياسة الانتقام والطرد العشوائي التي ينتهجها وزير الشئون الدينية ضدّ عشرات الأئمة".
وأفادت النهضة بأن هذه السياسة إذا ما تواصلت "ستتحول إلى أداة الاستقطاب الرئيسية للإرهاب ومغذيًا لآلة الدعاية الإرهابية التي تعتمد على إقناع الشباب بأنهم في مواجهة دولة معادية للإسلام والدين".
ووصف البيان قرارات وزير الشئون الدينية عثمان بطيخ بعزل بعض الأئمة التكفيريين بأنها "قرارات طرد تعسفي انفرد بها واستهدفت عشرات الأئمة ممن عرفوا باعتدالهم"، مضيفًا أن هذه القرارات تركت مؤشرات بعودة التصفيات الأيديولوجية في تعارض تام مع مصلحة البلاد.
كما اتهم الحبيب اللوز أحد أبرز القيادات التاريخية لحركة النهضة الإسلامية، حكومة الصيد بـ"ضرب النهضة وكل من له منزع إسلامي" و"استغلال العمليات الإرهابية لغلق المساجد وعزل الأئمة"؛ لشن حملة على كل "مسئول يعرف بشبهة قربه من الحركة".
وتحاول حركة النهضة الضغط من أجل إقالة وزير الشئون الدينية عثمان بطيخ منذ قيامه بعزل نور الدين الخادمي القيادي بحركة النهضة ووزير الشئون الدينية السابق من إمامة جامع الفتح بالعاصمة تونس.
وأثار قرار العزل هذا غضب إخوان تونس؛ حيث اعتبروه إعادة إنتاج لنظام بن علي الذي كان يشدد الرقابة على الأئمة، ويفرض عليهم خطابًا موحدًا، في المقابل أكدت نقابة أئمة المساجد أن قرار العزل جاء في إطار تحييد المساجد، خاصة وأن الخادمي كان يسعى إلى جعل المسجد الذي يؤمه صوتًا للمعارضة.

أبرز الجماعات المتشددة

أبرز الجماعات المتشددة
تأتي جماعة أنصار الشريعة المصنفة تنظيمًا إرهابيًّا في صدارة الجماعات الجهادية، من أبرز الجماعات المتطرفة التي تسيطر على العشرات من المساجد والجوامع، خاصة في الأحياء الشعبية المتاخمة لتونس العاصمة.
وفي أبريل 2014، وقعت اشتباكات عنيفة في مدينة القيروان بين بعض السلفيين وقوات الأمن التونسية على خلفية رفض أنصار التيار السلفي الإمام الذي عينته وزارة الشئون الدينية وإصرارهم- حسب قولهم- على حق المصلين في تعيين مَن يرونه صالحًا. وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا أوضحت فيه أن مدينة القيروان شهدت نهاية الأسبوع الماضي اشتباكات بين الأمن وعدد من السلفيين؛ بسبب «عدم رضاهم على الإمام الخطيب الجديد المعيّن من قبل وزارة الشئون الدينية».
ويقول عبد الرحمن كمون، المحسوب على التيار السلفي: إن هناك حالة غليان واحتقان في صفوف بعض شباب التيار السلفي الذي يرى أن الحكومة التونسية «أصبحت تتعامل معهم كمواطنين من درجة عاشرة وتسعى إلى مراقبتهم ومحاصرتهم في الأسواق والمحطات والشوارع والتنكيل بهم وتعذيبهم في مراكز الاعتقال».
واعتبر كمون أن أبناء التيار السلفي يتعرضون للتصفية لإرضاء أطراف داخلية وخارجية، معتبرًا أن الوضع في تونس صار أسوء ممّا كان عليه قبل الثورة على حد تعبيره، واصفًا حملة تحييد المساجد بالحرب على حرية الفكر، قائلا: «نحن نعيش دكتاتورية جديدة ونتعرض لتصفية شاملة وكاملة».
ولم ينف كمون سقوط التيار السلفي في العديد من الأخطاء، مشيرًا إلى أنها تبقى فردية وتفرض المحاسبة الفردية.. موضحًا أن السلفيين ليسوا معصومين من الخطأ، وأن المحاسبة الجماعية مرفوضة، مشيرًا إلى أن أغلب أنصار التيار السلفي هم ضد العنف والشغب ورفع السلاح وما حدث في الشعانبي وضد الاغتيالات التي حصلت.
ووجهت أصابع الاتهام إلى أنصار الشريعة في التحريض على اقتحام السفارة الأمريكية في تونس في 14 سبتمبر عام 2012، وأدرجتها واشنطن على قائمة التنظيمات الإرهابية التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وفي عملية نوعية تمكنت قوات الشرطة هذا العام من قتل كمال القضقاضي أحد أبرز قيادات أنصار الشريعة والمتهم باغتيال المعارض شكري بلعيد العام 2013.
وتتهم الشرطة تنظيم أنصار الشريعة- الذي يقوده سيف الله بن حسين المعروف باسم أبي عياض وهو مقاتل سابق في أفغانستان- بقتل زعيمين للمعارضة العام 2013. وتقول الحكومة: إن المتشددين يستفيدون من الفوضى في ليبيا لإدخال السلاح إلى تونس.
للمزيد عن أنصار الشريعة اضغط هنا

شباب تونس في "داعش"

شباب تونس في داعش
ومع صعود الفكر المتشدد والمتطرفين بعد الثورة التونسية في يناير 2011، باتت تونس الأكثر تصديرًا للمتطرفين للجماعات الإرهابية "داعش" أو القاعدة والجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا والعراق وليبيا.
وفي أبريل 2015، كشف وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي، عن منع السلطات أكثر من 12 ألف تونسي من الانضمام إلى تنظيمات متشددة في الخارج منذ مارس عام 2013. وقال الوزير: إن قرابة ألف شخص أحيلوا إلى القضاء منذ بداية العام بتهمة الانضمام لمجموعة إرهابية.
 وأوضح الوزير، أمام لجنة برلمانية في سياق دراسة قانون جديد لمكافحة الإرهاب، أن وزارة الداخلية منعت 12490 تونسيًّا من مغادرة الأراضي التونسية للالتحاق بمناطق القتال؛ وذلك في إطار جهودها للحد من سفر متشددين إلى مناطق التوتر.
وبحسب السلطات فإن عدد التونسيين الذين توجهوا للقتال مع تنظيمات متشددة يتراوح بين ألفين و3 آلاف، وتعتبر أنهم يشكلون تهديدًا كبيرًا لأمن البلاد. وأضاف غرسلي، بحسب تصريحاته التي نقلتها إذاعة «موزاييك» الخاصة، أن ألف شخص أحيلوا على القضاء خلال الفصل الأول من 2015 بتهمة الانضمام إلى مجموعة إرهابية، لكنه لم يوضح مآل الإحالة على القضاء.
وبحسب المتحدث باسم النيابة التونسية، سفيان السليطي، فقد أصدر القضاء أحكامًا في 83 قضية «على صلة بالإرهاب» من 124 ملفًّا منذ 2013.
للمزيد عن الشباب التونسي في "داعش".. اضغط هنا 

اتهام للنهضة بدعم الإرهاب

اتهام للنهضة بدعم
فيما طالبت نقابة الأئمة التونسية السلطات بمحاكمة نور الدين الخادمي القيادي البارز في حركة النهضة ووزير الشئون الدينية خلال فترة حكم الترويكا على خلفية استغلاله منبر أكبر جامع في تونس العاصمة لنشر الفكر الجهادي وتشجيع الشباب على الالتحاق بمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وزرعه لأئمة تابعين للنهضة في مسعى إلى السيطرة على منابر المساجد.
وجاءت المطالبة بمحاكمة الخادمي بعد أيام قليلة من عزله من إمامة جامع الفتح بتونس العاصمة بقرار من وزير الشئون الدينية عثمان بطيخ.
وأثار قرار وزارة الشئون الدينية حفيظة حركة النهضة؛ إذ اعتبره العجمي الوريمي القيادي في الحركة "قرارًا تعسفيًّا إداريًّا وسياسيًّا".
غير أن الإمام فاضل عاشور وصف قرار عزل الخادمي من إمامة جامع الفتح بأنه "قرار صائب وخطوة نحو استرجاع أكبر وأهم جامع في العاصمة".
وطالب الإمام عاشور بـ"محاكمة الخادمي" مشددًا على أنه "استغل منبر الجامع لنشر الفكر الجهادي وتحريض الشباب على الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وأكد أن "هناك أشرطة فيديو فضحت هذا التجاوز الخطير الذي كان يقوم به الوزير السابق في حق التونسيين".
ويعد جامع الفتح من أكبر الجوامع في تونس العاصمة لكونه يتسع إلى حوالي 5000 مصلٍّ؛ الأمر الذي يجعل منه منبرًا دينيًّا على غاية من الأهمية، خاصة وأن رواده يمثلون عينة من المجتمع التونسي تشمل التجار وكوادر الدولة والموظفين والمحامين والأطباء والأساتذة الجامعيين والطلبة.
وكان جامع الفتح يعد معقل تنظيم أنصار الشريعة خلال عامي 2011 و2012؛ حيث اتخذ منه أمير التنظيم سيف الله بن حسين الملقب بأبو عياض "منبرًا آمنًا" لنشر الفكر الجهادي قبل فراره إلى ليبيا في ظروف غامضة.
واتهم الإمام فاضل عاشور نور الدين الخادمي بـ"القيام بعديد التجاوزات أثناء توليه حقيبة وزارة الشئون الدينية في حكومة الترويكا بقيادة النهضة مثل "التعيينات العشوائية لبعض مستشاريه الدين عاثوا فسادًا داخل سلطة الإشراف" على حد تعبيره.
كما اتهمه بـ"زرع وعاظ وأئمة تابعين لحركة النهضة قبل مغادرته لوزارة الشئون الدينية حتى يتمكن من السيطرة عليها رغبة في العودة إليها".
وشدد الإمام عاشور على أن الخادمي "كان يعتمد خلال توليه منصب وزارة الشئون الدينية سياسة المحاباة في تعيينه للوعاظ والأئمة، قائلا: "لقد عزل الخادمي خيرة الأئمة المعتدلين وزرع مكانهم دعاة مأجورين حولوا مساجدنا إلى دعوات للقتل والتكفير والفوضى والعنف؛ لذلك يجب محاكمة الوزير السابق".
وأرجع نور الدين الخادمي قرار عزله من إمامة جامع الفتح إلى "السماح لقناة الجزيرة مباشر ببث فعاليات عيد الفطر الماضي دون ترخيص" من وزارة الشئون الدينية، ونفى الاتهامات التي وجهها له الأمين العام لنقابة الأئمة ووصفها بأنها "محض افتراء ومغالطة وكذب واتهام باطل".
للمزيد عن "السلفية الجهادية في تونس.. الواقع والمستقبل".. اضغط هنا

مستقبل التيار السلفي

مستقبل التيار السلفي
فيما حذّر مراقبون من خطاب حركة النهضة ولهجتها التصعيدية في بيانها الأخير والذي فيه تهديد مستبطن للدولة، وإحالة إلى أن عزل الأئمة المتشددين والداعمين للإرهاب هو معاداة للإسلام والدين.
ويثير الخطاب التكفيري لبعض رجال الدين والأئمّة جدلًا واسعًا في تونس، في ظل تزايد العمليات الإرهابية ضد قوات الأمن والجيش والمنشآت الحيوية وغياب الرقابة على بعض المساجد، بالإضافة إلى انضمام الآلاف من الشباب التونسي إلى التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا والمغرب العربي، وهو ما يشير إلى خطورة الجماعات السلفية والمتطرفة علي مستقبل تونس، فهل ستنجح الحكومة التونسية في مواجهة التشدد والإرهاب رغم دعم جماعة الإخوان المسلمون للأئمة المتشددة في إطار سعيها لسيطرة علي الحالة الشعبية في الشارع التونسي، وسعيها لإيجاد مقاتلين وأتباع لها لضمهم للجماعات الجهادية في العالم العربي، بما يضمن سيطرتها على المنطقة عبر التيارات المتشددة؟

شارك