مع تراجع الحل السياسي في اليمن.. قوات "هادي" تتقدم في مأرب
الإثنين 14/سبتمبر/2015 - 04:28 م
طباعة
أصبح واضحًا أن رياح المعارك أصبحت في كافة المناطق اليمنية لتحريرها من ميليشيات "أنصار الله" الحوثيين المتمردة تأتي وفق أهداف القوات الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية، ولا سيما بعد الانتصارات الأخيرة في معركة محافظة مأرب الاستراتيجية.
الوضع الميداني
ودحر الجيش اليمني بدعم بري من التحالف العربي، الاثنين، في إطار العملية العسكرية "ثأر مأرب" والتي أطلقت أمس الأحد- ميليشيات الحوثي وصالح المتمردة من مناطق واسعة في مأرب، وذلك بعد ساعات قليلة من إطلاق معركة تحرير المحافظة الواقعة على الحدود الإدارية لصنعاء.
وسيطر الجيش اليمني بإسناد من التحالف على "تبة المصارية" بمأرب، وقطع الإمدادات عن قوات الحوثي والجماعات الموالية له، ودمر عتادًا وآليات تابعة لهم.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية: إن قوات إماراتية شنت "عمليات ناجحة حققت من خلالها تقدما على الأرض في مأرب ودحرت ميليشيات الحوثيين الانقلابية في نطاق العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف" بقيادة السعودية.
و"خلال هذه العمليات" وفق الوكالة "استشهد أحد جنودنا البواسل أثناء مشاركته مع قوات التحالف العربي للوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن"، للتصدي للميليشيات المتمردة التي كانت سيطرت على مناطق واسعة من البلاد.
وعقب إطلاق العملية الواسعة في مأرب، تحدثت مصادر عسكرية لـ"سكاي نيوز عربية" عن "فرار جماعي" للميليشيات المتمردة من المحورين الشمالي والغربي للمحافظة تحت ضغط الهجوم الواسع للجيش الوطني وقوات التحالف.
وعلق الخبير العسكري، العقيد سعيد الذيابي، على العملية بمأرب بالقول: إن "حسم المعركة في المحافظة ضروري لتجهيز مسرح العمليات لأي تحرك باتجاه باقي المناطق"، مشيرًا إلى أن البدء في معركة صنعاء تحدده المعلومات الاستخباراتية.
ولمعركة مأرب أهمية قصوى في حرب "تحرير اليمن" واستعادة استقراره، فهي تقع على مفترق طرق بين المحافظات الجنوبية المحررة والشرقية والشمالية؛ الأمر الذي يساعد القوات اليمنية والتحالف على الإطباق على أعداء الشرعية.
كما أن مأرب تقع على الحدود الإدارية لمحافظة صنعاء، مما يؤكد أن تطهيرها سيفتح الباب إلى تحرير العاصمة في خطوة ستضرب معنويات الحوثيين وأتباع صالح، الذين لم يمتصوا بعد صدمة الخسائر التي تكبدوها في الأسابيع الماضية.
كما شن طيران التحالف في وقت مبكر اليوم، سلسلة غارات استهدفت مواقع ومعسكرات الحوثيين بين محافظتي مأرب وشبوة شرق صنعاء.
وأكدت مصادر في اللجان الشعبية أن الغارات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين، دون تحديد إحصائية لعدد الضحايا؛ نظرًا لاشتداد المعارك.
وعلى صعيد آخر، نفذت المقاومة الشعبية في إقليم أزال اليوم، عملية نوعية استهدفت خبيرًا في جماعة الحوثي أو من يسمون أنفسهم "أنصار الله" متخصص في صناعة المتفجرات. وأوضح مصدر في المقاومة لـ"المشهد اليمني" أن عناصر من المقاومة تمكنت من تصفية قيادي حوثي وخبير في المتفجرات يدعى عبدالإله محمد الشامي في العاصمة صنعاء. من جهة أخرى أكد مصدر في المقاومة الشعبية أن مقاتلات التحالف العربي استهدفت، اليوم، منصة إطلاق صواريخ باليستية في محافظة الحديدة (غرب البلاد). وقال المصدر لـ"المشهد اليمني": إن مقاتلات التحالف أجهزت على منصة إطلاق صاروخ "سكود" في محافظة الحديدة وقتلت جميع طاقمها.
من جهتها أعلنت قيادة القوات المشتركة في بيان لها أمس الأحد مقتل 5 عسكريين سعوديين على الحدود مع اليمن.
وقالت القيادة: إن أحد أفراد القوات البرية و4 من حرس الحدود "استشهدوا أثناء أدائهم الواجب حماية لحدود الوطن من المتمردين المعتدين"، على الحدود الجنوبية بقطاع نجران.
كما أعلن الجيش الإماراتي أن جنديًّا إماراتيًّا قتل في بداية الهجوم البري للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في وسط اليمن بالقرب من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.
المسار التفاوضي
وزير الخارجية اليمني رياض ياسين
وعلى صعيد المسار التفاوضي نقلت وسائل إعلام عربية عن وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، قوله: إن سيطرة التحالف على محافظة مأرب ستكون بمثابة البوابة الرئيسية لتحرير صنعاء، مؤكدًا أن المحافظة لم تسقط تمامًا في أيدي الحوثيين، فيما عدا بعض المناطق.
وتابع بقوله: إن العمليات العسكرية ستحسم الوضع الميداني على الأرض، لا سيما بعد دعم التحالف "الجيش اليمني" بالسلاح والعتاد؛ الأمر الذي مكنه من تحقيق اختراقات إيجابية على الأرض اليمنية، مؤكدًا وجود تنسيق متكامل بين التحالف والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي على الأرض.
وحول رفض القيادة اليمنية التفاوض مع الحوثيين قبل الاعتراف بقرار مجلس الأمن 2216 على الأرض بلا شروط أو قيود، شدد ياسين على غياب الحل السياسي للأزمة اليمنية إلا بتنفيذ القرار، مشيرًا إلى أنه قد فات الأوان لإجراء ما وصفه بالحوار العبثي مع القوات الحوثية.
وأوضح أن قرار رفض المفاوضات جاء ليمنع ترتيب جماعة الحوثي أوضاعها الداخلية، وعدم إعطائها الفرصة لإضاعة الوقت والمماطلة، مضيفًا أنه بعد بسط القوات اليمنية سيطرتها على كامل التراب اليمني سيتم استئناف الحوار اليمني بحضور جميع الأطراف.
تصريحات ياسين لا تبتعد في مضمونها عن أقوال المتحدث العسكري باسم التحالف أحمد عسيري، الذي تحدث عن محاولة الحوثيين استغلال المشاورات التي أعلنها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ لتحسين وضعهم الميداني قبل الدخول في مفاوضات مع الحكومة اليمنية.
وأكد عسيري أن هناك دعمًا للجيش اليمني واللجان الشعبية في كل من تعز ومأرب، مشيدًا بتحسن الموقف العسكري وفق الجدول الزمني المخطط له، ومنوهًا بأن العمليات لا تزال في بداياتها والنتائج مبشرة بالخير.
كما لم يعد نائب الرئيس اليمني خالد بحاح- في الوقت نفسه- في نظر غالبية الحوثيين وأنصار صالح، هو نفسه بحاح الذي أصروا عليه رئيساً لحكومةِ كفاءات بعد استقالة سلفه محمد سالم باسندوة. أي أن بحاح صار في نظرهم جزءًا من المشكلة لا الحل، خصوصاً بعد انضمامه هو وحكومته إلى هادي في الرياض وتأييدهما "للعدوان السعودي" على بلادهم.
غير أنه حتى مع تجاوز كل تلك الأمور فإن بحاح وسلطته التوافقية المؤقتة بحاجة إلى "قوة نزيهة ومحايدة على الأرض" لملء الفراغ الأمني وإنجاز مهام القرار الأممي، غير أن توفير تلك القوة يبدو متعذراً في الوقت الراهن؛ إذ لا توجد قوة عربية خارج قوات دول التحالف مرشحة للقيام بهذا الدور.
المشهد الإقليمي
وعلى صعيد المشهد الإقليمي، عبر مجلس الوزراء السعودي في جلسته التي عقدت اليوم، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عن الفخر والاعتزاز بما يبذله جنود المملكة البواسل من شجاعة وإقدام لصد العدوان الآثم على الجمهورية اليمنية من المتمردين وأعوانهم. ونوه المجلس بمختلف الجهود التي تقوم بها قوات التحالف في إطار عملية "إعادة الأمل" في اليمن، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية وأعرب المجلس عن أمله في أن يوفق أبطال قوات التحالف لدحر من وصفهم بـ"المعتدين"، وإعادة الشرعية للجمهورية اليمنية والحفاظ على أمنها واستقرارها.
الحضور الإيراني
حسين أمير عبد اللهيان
وعلى صعيد الحضور الإيراني، في مساعد الخارجية الإيرانية للشئون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان، وإغلاق السفارة الإيرانية في صنعاء قال: "لا نية لطهران لإغلاق سفارتها في صنعاء والسفير الإيراني حضر إلى إيران لإجراء فحوص طبية لأيام معدودة، وهو لم يغادر صنعاء على مدار الأزمة، رغم الغارات السعودية العنيفة على المدينة". وأضاف عبد اللهيان أنه بلا شك ستستمر السفارة الإيرانية بعملها كالمعتاد، وتم تحذير السعودية من المساس بالمنشآت الدبلوماسية الإيرانية في صنعاء وفق القوانين الدبلوماسية. وأشار إلى أنه لا انتصار عسكريًّا في اليمن، ولا سبيل إلا الحل السياسي والحوار الوطني.
المشهد اليمني
مع استمرار الصراع في اليمن، والتضييق على الحوثيين وحلفائهم، ومع وجود أسس ومرجعيات الحل السياسي للصراع اليمني متوفرة، وتتمثل- كما يقول الوسطاء العرب والدوليون- في مخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية ذات الصِّلة، لكن أزمة الثقة وحالة الانقسام العميق القائم الآن بين اليمنيين على جانبي الصراع، وبين شمالٍ وجنوب، ربما باتت في رأي كثيرين تتطلب اليوم قيادات بديلة ومقبولة من قِبل كل الأطراف، ومرحلةً انتقاليةً أخرى لضمان التحول السلس والآمن نحو مرحلة سياسية جديدة ودائمة.
