مساعٍ من "النور" للهيمنة على "الأزهر".. و"شومان" الوسيط بين الحزب والأوقاف
الثلاثاء 15/سبتمبر/2015 - 09:36 م
طباعة
منذ وقت كبير وخاصة بعد 30 يونيه 2013، والدكتور عباس شومان يلعب دور الوسيط بين الأزهر والدعوة السلفية، ونجد صور الرجل وتصريحاته تملأ الصحف والمواقع الإلكترونية مع كل أزمة تظهر على السطح بين وزير الأوقاف المستقيل مع حكومة محلب والدعوة السلفية، فليست مصادفة أن يقوم الأزهر بالوساطة بين تيار سياسي ووزارة حكومية، ولم تحدث في تاريخ الحكومة المصرية حسب معلوماتنا المتواضعة، لكن تدخل الأزهر في حل تلك المشكلات بين الدعوة السلفية ووزارة الاوقاف كانت بقيادة الدكتور عباس شومان، وبعدما كشفت مصادر داخل حزب «النور»، عن اعتزام الحزب ترشيح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، وزيراً للأوقاف، خلفاً للدكتور محمد مختار جمعة، الوزير السابق، إذا ما قرر المهندس شريف إسماعيل، المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، الإطاحة بـ «جمعة» من «كرسي الوزارة".
شومان إذًا هو ممثل تيار الإسلام السياسي داخل الازهر الشريف، فقد سبق له ان قام بالدعاية للمعزول مرسي قبيل انتخابات الرئاسة 2012، وقالت مصادر بالحزب، طلبت عدم ذكر اسمها، إن «النور» يرى الأصلح لتولي هذا المنصب، لتقاربه الشديد مع السلفيين طوال الفترة الماضية، مضيفة: "شومان هو اختيار الحزب والدعوة السلفية للمنصب".
وأشارت المصادر إلى أن ذلك الترشيح جاء بسبب مواقف «جمعة» مع السلفيين، وقراره بضمه جميع المساجد للوزارة، ومنعه تصاريح الخطابة عن أعضاء وقيادات «الدعوة السلفية»، ما أثار حالة من «الفرحة الهيسترية» في أوساط السلفيين، بعد قبول الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاستقالة حكومة المهندس إبراهيم محلب، وقرب استبعاد «مختار جمعة» من وزارة الأوقاف.
وشن عدد من أبناء «الدعوة السلفية»، وحزب النور، هجوماً شرسا على «الوزير المستقيل» ضمن حكومة «محلب»، متهمين إياه بالسعي للتقرب مع «الشيعة» أثناء فترة وجوده وزيرا للأوقاف بالمخالفة لقرارات الأزهر الشريف، كما كان سببا في التضييق على من وصفوهم بـ «علماء الدين» من الصعود إلى المنابر وتعليم الناس الإسلام، على حد تعبيرهم.
وفي نفس السياق قالت مصادر مطلعة بوزارة الأوقاف إن رحيل الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف من منصبه بالوزارة بات مؤكدًا، حيث من المنتظر أن يكون ضمن التعديل الوزاري المرتقب لعدد من وزراء حكومة المهندس إبراهيم محلب، وأضافت المصادر أن مجلس الوزراء أبلغ وزير الأوقاف برحيله عن الوزارة وأنه سيكون ضمن التعديل الوزاري المرتقب، ولكن سيتم الانتظار لحين انتهاء موسم الحج؛ حيث يترأس البعثة المصرية الرسمية للحج الحالي بحسب ما ذكرت جريدة "الشروق". من جانبه، كشف مصدر – وثيق الصلة بشيخ الأزهر – أنه من بين الشخصيات التي سيرشحها الإمام الأكبر لمجلس الوزراء لتولى حقيبة الأوقاف، الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، والدكتور أسامة الأزهري، مستشار الرئيس عبدالفتاح السيسي للشئون الدينية.
تاريخ من الانتهازية
شومان
منذ ظهور السلفيين على الساحة السياسية، بتأسيسهم حزب النور، وهم يجيدون سياسة «اللعب على الحبال»، وينسقون ويتحالفون مع من يدعم مصالحهم، فمنذ أن وصل الإخوان إلى الحكم، أعلنوا ولاءهم للإخوان، وبمجرد أن تهاوى حكم الجماعة الإرهابية قبيل 30 يونيو، أعلنوا تضامنهم مع القوى السياسية.
السلفيون يأتمرون بأوامر مجلس أمناء الدعوة السلفية الذى يعد بمثابة المحرك الرئيسي لجميع قيادات الحزب، والمسئول عن تقسيم الأدوار على القيادات بغية تصدر الحزب المشهد السياسي مرة أخرى.
أولى هذه الخطوات التي أقدم عليها المجلس، تعيين مفاوضين مع جهات ومؤسسات الدولة، والقوى والتيارات الموجودة على الساحة السياسية.
مجلس أمناء الدعوة السلفية
يعتبر هذا المجلس المحرك الرئيسي لحزب النور السلفي، ومنذ فترة كبيرة يواصل دعمه للحزب لتمكينه من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، بأوامره يسير رجال الحزب وقياداته، ولا يمكن أن يتخذوا قراراً بشأن قضية ما دون الرجوع إلى هذا المجلس.
كان هذا المجلس يلجأ إلى المساجد لنشر أفكاره، إلى أن تم منع أمنائه من الصعود إلى المنابر بقرار من وزير الأوقاف، ورغم ذلك إلا أن نشاطهم لم يتوقف، بل بدأ يتحرك قياداته على أرض الواقع من خلال المؤتمرات الجماهيرية التي يحشد لها مريدوه وأنصاره في مختلف المحافظات، بغرض مساندة حزب النور في السباق الانتخابي القادم.
ومنذ ثورة 30 يونيو 2013، أعلنوا تبرؤهم من جماعة الإخوان، مؤكدين تضامنهم مع حركة تمرد التي دعت لعزل مرسى خلال هذه الفترة، والقوات المسلحة، لكن المفاجأة أن المجلس لم يقطع علاقاته بشكل نهائي بجماعة الإخوان والجهاديين، وإن كان كل يدور في فلكه ومحرابه وكل النتائج تصب عند القمة في مجلس أمناء الدعوة السلفية الذى يمثله من علماء الدعوة أحمد فريد، أحمد حطيبة، أبو إدريس محمد عبدالفتاح، محمد إسماعيل المقدم، ياسر برهامي»، هؤلاء هم الذين يرسمون سياسات حزب النور وتحركاته، محاولين التحالف مع جميع القوى الموجودة في المجتمع حتى التي تختلف معهم فكرياً.
يونس مخيون وملف الرئاسة
من أبرز القيادات السلفية يونس مخيون، رئيس حزب النور، الذى أسند إليه مهمة التفاوض مع مؤسسة الرئاسة، وبالتالي حينما قررت مؤسسة الرئاسة دعوة القوى المدنية والأحزاب السياسية لمناقشة قانون الانتخابات، والاستعدادات للانتخابات البرلمانية، كان من ضمن الحضور يونس مخيون الذى يتواصل مع مؤسسة الرئاسة في كل ما يخص صالح الحزب أو ما يتعلق بالعملية السياسية والانتخابات البرلمانية، خاصة أن مخيون التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة وجمعهما أكثر من لقاء تبادلا فيه وجهات النظر. ونجح مخيون وفقا لمصادرنا من داخل حزب النور أن يوصل للرئاسة خطة حزب النور السياسية والتنموية، مؤكداً له استعداد الدعوة للمشاركة في تجديد الخطاب الديني، خاصة أنهما «أي الدعوة والحزب» يريدان الحفاظ على العقيدة الخاصة بهما المتمثلة في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وكانت هي أهم البنود التي ناقشها ياسر برهامي ويونس مخيون مع السيسي قبل 30 يونيه في اللقاء الذى جمعهم منفردين لضمان بقاء النور في المشهد السياسي، خاصة بعدما أعلن حزب النور تبرؤه من جميع أعمال العنف والفوضى التي مارسها الإخوان وقتها في الشوارع والميادين.
كان برهامي ومخيون وقتها هما الرجلين الخفيين في مفاوضات الجيش معهم وكانت من ضمن الاتفاقات التي توصلا إليها الحفاظ على هوية الدولة الإسلامية والعربية والدينية، وعدم الاقتراب من المواد التي تعبر عنها في الدستور وعدم إلغاء الدستور نهائيا بل تعديل المواد التي تمثل نقاط خلاف بينهما.
ولم تنته المفاوضات عند هذا الحد بل حاول حزب النور أن يتقمص، دور الداعي إلى المصالحة الوطنية بعد حالة الاستقطاب السياسي التي شهدتها مصر قبيل ثورة 30 يونيو.
أشرف ثابت والملف الليبرالي
بعد ثورة 30 يونيو، اتبع حزب النور سياسة «اللعب على الحبال»، وبدأ يفكر في التكاتف مع القوى المدنية التي عاداها منذ عهد مرسى بسبب الخلاف على تطبيق الشريعة الإسلامية، فأسند مجلس أمناء الدعوة هذه المهمة إلى أشرف ثابت عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، الذى يكثف من لقاءاته واجتماعاته مع القوى المدنية وعدد من رجال الأعمال المعروف عنهم دعمهم للتيار السلفي، لضمان قاعدة جماهيرية عريضة في مساندة حزب النور خلال السباق الانتخابي القادم.
وقع الاختيار على أشرف ثابت تحديداً، نظراً للعلاقات الوطيدة التي كانت تربطه بأعضاء من تيارات فكرية مختلفة، منذ عهد مرسى، بحكم أنه كان وكيلاً لمجلس الشعب المصري.
ثابت بحكم دوره الذى أسنده إليه مجلس أمناء الدعوة السلفية، يعتبر هو المسئول الأول من قبل الدعوة بعقد التربيطات الانتخابية مع مختلف القوى والتيارات السياسية المتواجدة على الساحة.
«ثابت» هو الذى كلفه المجلس بالجلوس مع أعضاء تمرد قبيل ثورة 30 يونيو، لكن وقتها حاول شباب تمرد عبر ثابت إقناع قيادات حزب النور بالتوقيع على استمارة تمرد، وهذا ما تم رفضه بشكل نهائي، فقرر ثابت أن يترك أمر توقيع استمارة تمرد للحرية الشخصية، لكنه أكد لهم وقتها أن قادة الحزب ربما يرفضون أسلوب الاستمارة، لكنهم ملتزمون بعدم مساندة الإخوان، بل يؤيدون رحيل مرسى من الحكم.
جلال مرة.. مسئول التفاوض
الأمين العام لحزب النور السلفي المهندس جلال مرة، كان الممثل الرسمي لحزب النور في التفاوض مع حكومة المهندس إبراهيم محلب، خاصة أنه يتمتع بعلاقات واسعة بأغلب الوزراء.
جلال مرة، هو الشخص الذى كلفه الحزب بالتواصل مع المحافظين، ورؤساء المجالس المحلية، ورؤساء الأحياء، لحل مشاكل المواطنين، حتى يتسنى لهم دعم حزب النور في السباق الانتخابي القادم.
هذا الدور الخفي الذى يلعبه «مرة» حاليا ليس جديدًا عليه، فقد سبق له أن لعب دورًا ما في العلن مع مؤسسة الرئاسة خاصة بعد حضوره المشهد الوطني لحظة إعلان السيسي أولى خطوات المرحلة الانتقالية بعد عزل الرئيس مرسى، ولم يكن مرة معروفًا للشعب المصري، ولا النخبة التي لا تقترب كثيرا من الإسلاميين، خاصة أنه كان بمثابة عصا ياسر برهامي التي يتكئ عليها في مفاوضاته مع مؤسسة الرئاسة، نظرًا لما يمتلكه من قدرات ومثابرة في المفاوضات طويلة الأجل، ولا يحيد عن الخط المرسوم له من قبل مجلس إدارة الدعوة السلفية ومجلس أمنائها والهيئة العليا لحزب النور.
ما يعرف عن جلال مرة، إنه خلال مفاوضاته مع السيسي قبيل ثورة 30 يونيو، قد سجل اعتراضه على تولى الدكتور محمد البرادعي رئاسة الحكومة نهائيا، كما أنه اعترض على كثير من الأسماء التي طرحت لكونها تحمل هوية القوى المدنية والليبرالية.
وقتها انسحب جلال مرة من المفاوضات اعتراضاً على ما أسماه بأن المفاوضات قد خرجت عن منهج وعقيدة حزب النور خاصة وانهم كانوا يرغبون في تشكيل حكومة «تكنوقراط» بعيدة عن الأحزاب السياسية بمختلف انتماءاتها السياسية والدينية.
مصدر من داخل حزب النور، قال إن الحزب يحاول جاهداً حصد أكبر عدد من الأصوات، بغرض الاستحواذ على الأغلبية، ما يساعدهم على تشكيل الحكومة عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة.
عبد المنعم الشحات وملف الأزهر
كذلك من بين الجهات الذى عكف مجلس أمناء الدعوة السلفية كسب ودها خلال هذه الفترة، مؤسسة الأزهر الشريف، الذى تولى سلسلة المفاوضات معها المهندس عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية، وذلك نظراً لعلاقاته القوية التي تربطه بعدد من قيادات الأزهر في الداخل على رأسهم عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، ناهيك عن علاقته الوطيدة مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
الشحات هو من لعب دوراً كبيراً في تهدئة الخلافات التي شبت بين الدكتور أحمد الطيب، والدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، على خلفية الفيديو الشهير الذى تم تسريبه لبرهامى وهو يشرح لمشايخ الدعوة خطته لعزل شيخ الأزهر و الإطاحة به نهائيا من المشيخة.
وقتها ذهب الشحات إلى شيخ الأزهر، وقبل رأسه، واعتذر له، قائلاً له: «أنت إمامنا وشيخنا ومرجعيتنا في العالم الإسلامي»، وبعدها بأيام حضر برهامي لمقر مشيخة الأزهر واعتذر للدكتور الطيب، ومن ثم انتهى الخلاف بين الطرفين.
ومن هنا يتضح لنا من الذي يقدم الدكتور عباس شومان ويرشحه لمنصب وزير الاوقاف هل هو حزب النور ام مجلس امناء الدعوة السلفية وان للمهندس عبد المنعم الشحات يد في هذا الترشح، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يلح علينا سؤال مهم للغاية ولم نجد له اجابة حتى الان الا وهو، ما مدى نفوذ حزب النور في مؤسسة الرئاسة المصرية؟
