"الإخوان" والتحالف المشبوه مع "السلفية المستأنسة" في المغرب

الخميس 17/سبتمبر/2015 - 07:17 م
طباعة الإخوان والتحالف
 
على الرغم من الخلاف الجوهري بين  الفكر السلفي والإخواني الا أن ذلك لا يمنع كلاهما من التحالف بعض الوقت وعدم الاكتفاء بالعداء طوال  الوقت  وهو ما تطبقه حاليا السلفية المغربية مع جماعة الإخوان في المغرب ببرجماتية واسعة  وهو حدث بشكل عملي في الانتخابات المغربية الأخيرة  والتي حصل فيها  حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المغربية على المرتبة الثالثة مستفيدا من أصوات السلفيين  الذين شاركوا في حملة تعبئة  عامة  أطلقها رموز السلفية للتصويت على "الأصلح"،  وهم الإخوان في إطار تحالف غير مكتوب .

الإخوان والتحالف
محمد القباج القيادي السلفي يأن السلفيين في المغرب، صوتوا لصالح  حزب العدالة والتنمية في انتخابات 25سبتمبر  2011، تحت دعوى  التعاون معه على الإصلاح ومقاومة الفساد رغم مواقفهم المختلفة حول الخروج للشارع ضمن حراك 20 فبراير ونفس الأمر في الانتخابات التي تمت في سبتمبر الجاري وخلال الفترتين ارتكب  السلفيين خطأ فادح حيث تعاملوا مع الثورة بمنطق لزوم البيوت وعدم الخوض في الموضوع مطلقا،  وعندما جاءت الثورة المضادة غادروا بيوتهم وخرجوا من صمتهم،  وجعلوا يجلدون من وصفهم المظلومين ويلومونهم و يحملونهم مسؤولية ما ترتب على الثورات.

الإخوان والتحالف
و أنتقد مواقف السلفيين السابقة المتمثلة  في  إنهم لم يأمروا بثورة ولا سعوا في إيجادها  إنما تكلموا في أحداثها توصيفا وتحليلا وهو ما يمثل خرقا سافرا لقاعدتهم في ترك السياسة بشكل مطلق  ولكنهم سرعان ما جعلوها  مسألة اجتهادية   حول المنافذ المشروعة للمطالبة بالحق ودفع الظلم منتقدا في الوقت نفسه  تعمد بعض السلفيين عقد الندوات وإصدار البيانات لـ"بيان حرمة المظاهرات والمشاركة في السياسات"، قائلا "لكنني لا أوافق أبدا على مواقف الجبن والخذلان التي تطبق تلك القاعدة مع الظالمين المستبدين، ولا تلتزم بها حين يتعلق الأمر بما تراه خطأ وقع فيه المظلومون المقهورون وليس من الأخلاق الشرعية ولا من المروءة والرجولة أن نتزلف للإسلاميين لما وضعتهم رياح الثورات في الحكم، ونقلب عليهم ظهر المجن حين ينقلب عليهم الطغاة الظلمة".

الإخوان والتحالف
الباحث السلفي  المغربي  هو  نفسه  كان من الشباب الذين انتفضوا على المواقف السياسية الرافضة  لدعم الاخوان في المغرب من قبل  الشيخ محمد عبد الرحمان المغراوي رئيس جمعية "الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش"،  ودعا صراحة إلى التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية، لأنه هو الحزب الأصلح  على حسب  القباج، والذى دعا  المغاربة إلى التصويت  لمرشحي حزب العدالة والتنمية الإخوانى . 
واعتبر  في فيديو نشره على حسابه الخاص على موقع "يوتيوب"، أن العدالة والتنمية هو الأصلح، وعقد مقارنة بين ثلاثة أحزاب مغربية هي الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، وحزب العدالة والتنمية منتقدًا حزبيْ  الأصالة والمعاصرة  وحزب الاستقلال  قائلا  الاول  "سجل الرقم القياسي في مواقف بالدين الإسلامي"، والثاني "خرق ثوابت الأمة وخرج عن مسار الحزب في خدمة الثوابت الوطنية وعلى رأسها الدين الإسلامي".

الإخوان والتحالف
وشدد على أن العدالة والتنمية لم يسجل عنه أي قول أو موقف يمس ثوابت الأمة الإسلامية،   و تمسك  بالثوابت وعلى رأسها الإسلام والملكية والبيعة" و إن "الشيخ المغراوي لا يمكن أن يدعو للتصويت على حزب الأصالة والمعاصرة كما  تتناقل بعض الصحف غير الموثوقة بأن شيخنا يروج للتصويت في حي "سيدي يوسف بن علي"؛ على  محمد نكيل وكيل لائحة حزب الأصالة والمعاصرة، وهذا محال لسبب بسيط؛ وهو أن الشيخ يتكلم بخلفية شرعية وأن المرشح المعني ينتسب إلى حزب يعلن الحرب على الدين الإسلامي؛ وهو أمر محظور شرعا ودستورا وأن  هذا الحزب استضاف في رمضان الماضي  الكاتب المصري سعيد القمني في محاضرة جهر فيها بالاستهزاء بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام، ولم يعتذر الحزب ولم يصدر بيانا يتبرأ فيه من كفريات ذلك المفكر".

الإخوان والتحالف
واعتبر  خالد يايموت الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن "الصوت السلفي في المغرب في تياره العام، غير معارض للدولة، وأنه بعد الربيع الديمقراطي أصبح أكثر قربا من حزب العدالة والتنمية وأن  الشيخ المغراوي مهتم بتحقيق مصلحة الجمعية التي ينتمي إليها، وبالتالي هو حريص على خروجها من حالة الحصار التي فرضت عليها منذ قرار إغلاقها و أن  موقف السلفيين في المغرب مرتبط بالدولة ولم يكن يوما معاديا لها، ويمكن قراءة موقف الشيخ المغراوي بالتصويت، خروجا من دائرة "المقاطعة" التي قد تقرأ أنها ضد الدولة مباشرة".
وأضاف " هناك خطأ داخل أجهزة الدولة يقايض الشيخ المغراوي بخصوص جمعية  الدعوة إلى القرآن والسنة في مقابل الموقف السياسي لصالح حزب الأصالة والمعاصرة و أن  السلفيين المغاربة أصبحوا يمتلكون وعيا متناميا بأهمية الحركية السياسية التي يمثلونها، خاصة وأنهم تيار واسع وله تجدر اجتماعي ومن خلال المتابعة فإن السلفيين في المغرب يجدون أنفسهم أقرب إلى العدالة والتنمية، رغم أنهم لا يحرصون على الدفاع عنه، أو تأييده أو دعمه".  

الإخوان والتحالف
وأشار الباحث هاوس سنيجر، المتخصص في سوسيلوجيا الحركات الإسلامية في المغرب، إلى  أن حزب العدالة والتنمية قد أنيط به دور إعادة الشرعية للملكية أو القصر  وأنه  استفاد من أصوات السلفيين وأن السبب الذي دفع بهذا التقارب هو أن العدالة والتنمية هو الحزب الوحيد الذي يتوفر على قاعدة اجتماعية دينية هامة، فهو من جهة أخذ بعين الاعتبار المطالب الهوية المغربة في مجال السياسية المؤسساتية، ومن جهة أخرى سعى للدفاع عن السلفيين ومقاومة التجاوزات والانتهاكات الأمنية التي راحوا ضحيتها وإن السلفيين والإسلاميين يشتركون في منح الشرعية المطلقة للملك والمؤسسات الملكية وهذا العامل  وهو العامل الذى دفعهم للتصويت للحزب ولهذا التحالف غير المتوقع. 

الإخوان والتحالف
وشدد على  أن السلفيين يحظون منذ بداية السبعينيات  ما عدا بعض فترات التوتر مع السلطة مثل هجمات نيويورك سنة 2011 والدار البيضاء سنة 2003   بمباركة من القصر نظرا لمنفعتهم السياسية ضد الإيديولوجيات التي توصف "بالإلحاد" و خاصة من اليسار الذي كان يرفض منذ بداية الستينات احتكار الملكية لكل السلطات  ولذلك يمكن القول أن السلطات المغربية كانت تنظر بعين الرضى للتيار السلفي لدوره أولا في "قطع رأس" اليسار وثانيا في تحقيق التوازن مع الإسلاميين ولقد كان القصر دوما حريصا على الحفاظ على فضاءات الحوار والتواطؤ والمساعدة بين السلفيين وإسلاميي العدالة والتنمية لأجل سحب البساط من النشطاء الأكثر راديكالية الذين يطعنون في الشرعية السياسية- الدينية للنظام الملكي و الملك. 

ومما سبق يمكن التوصل إلى أن حالة التحالفات البرجماتية بين الإسلاميين في المغرب تصب في صالح جماعة الإخوان، خاصة أن الجماعات السلفية في غالبتها مستأنسة، وغير راغبة في الصدام مع السلطة .

شارك