صراع العبادي والميليشيات الشيعية.. يهدد بسقوط الدولة العراقية
الإثنين 28/سبتمبر/2015 - 01:30 م
طباعة
بدأ يظهر جليًّا على المشهد العراقي الصراع بين قادة الميليشيات الشيعية، ورئيس الحكومة حيدر العبادي، والذي يواجه مخططًا قويًّا للإطاحة به من كرسي الحكومة، وهو ما بدا واضحًا من دعاوي قادة الميليشيات بتغير رئيس الحكومة.
الميليشيات والعبادي
يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مخططًا قويًّا من قبل قادة المليشيات الشيعية للإطاحة به، في إطار الحرب الواضحة للمتابعين بين "الحشد الشعبي" ورئيس الحكومة، والذي بدأ في استعادة فرض هيبة الدولة على سطوة الميليشيات.
وكشفت مصادر مطلعة ومقربة من الحكومة العراقية، لـ"الخليج أونلاين" عن وجود مخطط يقوده عدد من قادة الميليشيات في الحشد الشعبي للانقلاب على الحكومة الشرعية برئاسة حيدر العبادي، وبمساعدة عدد من المسئولين في التحالف الوطني.
وقالت المصادر: إن نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، والأمين العام لميليشيا عصائب أهل الحق، ورئيس منظمة بدر، هادي العامري، عقدوا اجتماعاً طارئاً "لتدارك حالة الفوضى التي يعيشها العراق، في ظل سيطرة تنظيم "داعش" على أجزاء واسعة من البلاد، وتوسع نطاق الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالقضاء على الفساد وتوفير الخدمات".
وأضافت: أن "المجتمعين خرجوا بعدة نقاط أبرزها ترشيح شخصيات سياسية موالية لهم، لتولي منصب رئاسة الوزراء في المرحلة القادمة، بدلاً من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، بشرط ألّا تخرج رئاسة الوزراء من يد حزب الدعوة".
وتابعت أن "المعلومات التي سربت إلينا تؤكد أن قادة الميليشيات ينوون القيام بتحركات مضادة لخلع رئيس الوزراء من منصبه، مستعينين بما يسمى بالحشد الشعبي الذي أصبح القوة الضاربة في العراق؛ لما يمتلكه من أسلحة متطورة ودبابات برامز وراجمات إيرانية الصنع".
وهكذا أطلّ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهادي العامري، أمين عام منظمة بدر، وقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، عبر القنوات التلفزيونية المتعاطفة معهم (الأحد وآفاق والغدير)، ووجّهوا انتقادات للقيود التي يفرضها العبادي على الحشد مطالبين بأن تتسلّم قوات الحشد مسئولية الأمن مكان الجيش.
وقد اعتبر المالكي، في حديث عبر القناة التابعة لعصائب أهل الحق، أنه ينبغي على العراق أن يتبنّى إيران الثمانينيات نموذجاً له، وأن يعوّل على القوات الشيعية غير النظامية بدلاً من الجيش. يرتدي هذا الكلام أهمية خاصة لا سيما وأنه قيل قبيل وقوع "مجزرة" قاعدة الثرثار، ومهّد الطريق أمام مطالبة عصائب أهل الحق بأن يتولى الحشد مسئولية الأمن مكان الجيش.
ويبدو أن منظمة بدر وجماعة عصائب أهل الحق اللتين تريان في خطة العبادي تهديداً لهما، تسعيان إلى تنفيذ نوع من "الانقلاب الناعم" الذي من شأنه أن يسمح للميليشيات بإعادة تأكيد سيطرتها الأمنية.
العبادي في المواجهة
وفي إطار التأكيد على قدرته على إدارة البلاد، زار رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، مقر قيادة العمليات العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، عشية توجهه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وأكدت المصادر أن حيدر العبادي، تنبه إلى محاولات الحشد الشعبي، ومن ورائه قيادات بالتحالف الوطني، السعي للانقلاب عليه على خلفية حزمة الإصلاحات التي أعلنها، وأطاحت بعدد من النافذين والمستفيدين.
وأوضح مكتب العبادي، في بيانٍ أصدره أنّ الأخير "زار مقر قيادة العمليات المشتركة، للاطلاع على تطورات الأوضاع الأمنية في قواطع العمليات، وخصوصاً في محافظة الأنبار"، مشيراً إلى أنّ العبادي "أصدر مجموعة من التوجيهات التي تسهم في تعزيز الروح المعنوية للقوات المشاركة".
كذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي تمسكه بـ"التحالف الدولي" للمساعدة في الحرب ضد "داعش"، مشدداً على "ضرورة الاستفادة من الجهد الاستخباري على الأرض، وما توفره الدول الصديقة والتحالف الدولي، حول الشبكات الإرهابية لعناصر "داعش".
وفي 28 أبريل المضي، وقف العبادي نفسه في قاعة مجلس النواب وعرض التنحّي من منصبه، قائلاً مع ابتسامة على وجهه: "إذا كان مجلس النواب يريد إسقاط رئيس الحكومة، أو الحكومة بكاملها"، فليفعلوا ذلك. لكنه شدّد على أن سلطة تغيير الحكومة منوطة بمجلس النواب، وحذّر من "وقوع صدامات في الشارع"- في إشارة واضحة إلى أن الحملة ضدّه تحرّكها ميليشيات، وأنهم يحاولون في الواقع تنفيذ انقلاب عليه.
وضمن سياسته للتخفيف من حدة الاحتقان الطائفي رفض العبادي إلى حد الآن تدخل الفصائل الشيعية المسلحة في معارك الأنبار وطلب عوضًا عن ذلك تمركز هذه الفصائل المنضوية تحت مسمى قوات "الحشد الشعبي" في مناطق حزام بغداد الحيوية التي تشكل الخط الدفاعي الأول والاستراتيجي عن العاصمة من أي هجمات مفاجئة محتملة من تنظيم "الدولة الإسلامية".
دعم السيستاني
وأصبح الصراع على السلطة، الذي يشمل الميليشيات المدعومة من إيران، قد أصاب عمل الحكومة العراقية بالشلل؛ الأمر الذي دفع إلى تدخل نادر من جانب المرجع الديني الأعلى للشيعة آية الله العظمى علي السيستاني، الذي أيد خطة الإصلاح الرامية إلى تبديد التحديات التي تواجه الحكومة، بحسب مسئول عراقي.
إن دعم السيستاني قد قلّص، على الأقل في الوقت الراهن، من التوترات المتصاعدة بين الجماعات الشيعية، وكان سببًا في وقوف العراقيين، على نطاق واسع، خلف خطة السيد العبادي.
في المقابل ذكرت تقارير إعلامية عربية، إلى أن إيران عبرت عن انزعاجها واستيائها الشديدين من موافقة العبادي دون أدنى احتراز، على القرار الأمريكي بإرسال 450 عسكريًّا جديدًا إلى محافظة الأنبار غرب العراق، لبدء عملية تدريب واسعة للمقاتلين السنة العراقية لتمكينهم من طرد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" من مدينة الرمادي عاصمة المحافظة، دون الالتجاء لتدخل قوات الحشد الشعبي الشيعية تفاديًا لحصول عمليات انتقامية منها ضد السنة، مثلما حصل في مناطق عراقية أخرى تم تحريرها من التنظيم الإرهابي في وقت سابق من هذه السنة.
ورجحت المصادر أن يكون العبادي قد تلقى تهديدات مباشرة أو غير مباشرة في طهران تحثه على الالتزام بالتنسيق المسبق معها ومع شركائه في التحالف الشيعي، وتجنب الإصرار على التصرف كرئيس وزراء عراقي قوي ومستقل، وإلا فإن إزاحته عن السلطة ستبقى خيارًا مفتوحًا وبكل الطرق الممكنة.
للمزيد عن الميليشيات وأذرع إيران، اضغط هنا
المشهد العراقي
الحديث عن انقلاب عسكري تقوده ميليشيات شيعية نافذة عبر الحكومة ومدعومة من شخصيات سياسية بارزة أصبح أمرًا ملحوظًا في الشارع العراقي، ولكن أن يتم الانقلاب في ظل الأجواء الحالية بالمنطقة، فضلًا عن الغليان داخل الشارع العراقي ضد الميليشيات العراقية، هو أمر بعيد جدًّا، في ظل الدعم الإقليمي والدولي لحكومة العبادي في مواجهة هربًا "داعش" ونفوذ الميليشيات.
أي تحرك للميليشيات الشيعية في العراق سيؤدي إلى صراع "شيعي- شيعي" وتمدد لنفوذ "داعش" واستقلال إقليم كردستان، وقد يؤدي التحرك في هذا التوقيت إلى تقسيم العراق، وخسارة العراقيين الوطن الموحد، وصراع دموي بين الميليشيات الشيعية على مناطق النفوذ، وهو ما يمثل كارثة كبيرة على العراق.
