سبعةُ أسبابٍ نحو فهْم تداعيات الأزمة السورية

السبت 03/أكتوبر/2015 - 11:31 م
طباعة
 
كما كان متوقعًا، أثارت الضربات الروسية في سورية حفيظة الغرب، وبالرغم من التفاهمات الأولية بين واشنطن وموسكو على هذه الغارات، إلا أن المحصلة الأولية تشير إلى كثير من المفاجآت على أرض الميدان التي لم تتوقعها واشنطن، ونحاول توضيحها بقدر ما توفر لنا من معلومات...
أولا: يسيطر تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البوكمال على الحدود العراقية بالتوازي مع نهر الفرات مرورا بالميادين ودير الزور وحتى حلب إلى جانب السخنة وتدمر، وبالرغم من بدء غارات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وما تم انفاقها من أغسطس 2014 وحتى الان 3.7 مليار دولار، إلا أن الغارات الأمريكية ركزت على ضربات جوية وتوفير غطاء جوي للقوات الكردية حتى استطاعت تحرير تل ابيض وكوباني والسيطرة على مناطق عديدة على الحدود التركية، بينما مناطق نفوذ داعش الأخرى فشلت الغارات في اضعافها، وفي كثير من الأحيان لم تصل هذه الغارات إلى مواقع مهمة لداعش!
ثانيا: ركزت المعارضة السورية التي تلقت تسليحها على يد تركيا والسعودية وقطر ودعمًا لوجستيًا أمريكيًا؛ على اختراق الجبهة الغربية لمواجهة قوات الجيش السوري ومحاصرة نظام الأسد والسيطرة على غرب حلب وادلب وجسر الشاغور، لتطويق نظام الأسد الذى تراجعت قواته إلى المنطقة الجنوبية من الحدود الاردنية شرقا وحتى اللاذقية غربا على البحر المتوسط.
ثالثا: عززت القوات الروسية في سورية من تواجدها في الأشهر الأخيرة، وخاصة في اللاذقية وطرسوس، وقامت ببناء معسكرات وأماكن إعاشة ميدانية تمهيدا للقيام بهذه الغارات والتدخل وقت الضرورة، وهو ما رصدته الأقمار الصناعية الأمريكية منذ أسابيع، ورصدت تحركات روسية وامداد سورية بطائرات ومدرعات وأسلحة، إلى جانب رصد عدد كبر من الجنود الروس، وأعلنت أمريكا وعدد من الدول الغربية عدم رضاها على هذه الخطوة.
رابعا: رغم قيام القوات الفرنسية بشن غارات محدودة في اطار مشاركتها في التحالف الدولي، إلا أنها أصابت مواقع تقع في إطار تمركز تنظيم داعش، بالقرب من دير الزور، وان كانت ليست مؤثرة ولم تصب معاقل التنظيم الرئيسية.  
خامسا: القوات الروسية بعد ساعات من تفويض مجلس الدوما الروسي (البرلمان) للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإرسال الجيش الروسي خارج البلاد لمواجهة الارهاب، شنت طائرات روسية مقاتلة هجوما كبيرا على مواقع عديدة بشكل مباغت، وخاصة في حمص وحماة وريف ادلب وجسر الشاغور لمنع تقدم عناصر داعش إلى منطقة نفوذ الجيش السوري، وكذلك مواقع عديدة للمعارضة السورية المدعومة من السعودية وتركيا التي كانت على مقربة من اللاذقية ومنطقة الزاوية.
سادسا: تتمركز عناصر حزب الله على الحدود اللبنانية السورية وكذلك عناصر ايرانية لمنع اختراق هذه المنطقة حتى لا تشكل عبء علي الجيش السوري وحماية الحدود اللبنانية من اختراق داعش، إلى جانب تعزيز وتدعيما لجيش السوري في مواجهة داعش والنصرة التي يمكن ان تنشط في هذه المنطقة.
سابعا: زادت الانتقادات الغربية فور الكشف عن تدمير عدد من المواقع المهمة للمعارضة السورية وشل حركة تقدمهم، بعد أن حصلوا على أسلحة متطورة في الفترة الأخيرة ساهمت في كسب معاقل عديدة من الجيش السوري، وهو ما يهدر جهود الغرب والسعودية وتركيا في ازاحة الأسد واجباره على الرحيل، او تفعيل سيناريو التقسيم واقامة دولة علوية في الجنوب، وهو ما دعا السعودية وقطر للضغط على عدد من الدول الغربية وخاصة أمريكا وبريطانيا لوقف هذه الغارات الروسية، والتي جاءت بعد ساعات قليلة من تصريح وزير الخارجية السعودي بخروج الأسد من المعادلة السياسية وإلا استمرار المواجهات العسكرية.

الخلاصة.. جميع الجهات التي شاركت تحت مسمى مكافحة الارهاب عملت على تحقيق مصالحها دون النظر لمصالح الشعب السوري ووقف المعارك، وما يترتب عليه من فرار الملايين خارج سورية، فالجيش السوري انحصرت عملياته في صد الهجوم الواقع عليه من كل التنظيمات الإرهابية والمعارضة المدعومة من الغرب والسعودية، وكذلك قوات التحالف ركزت على تقدم محدود للأكراد واستهداف محدود لتنظيم داعش والقاعدة، وترك بقية المواقع دون تدخل، كذلك تدخلت القوات الروسية بشكل أكبر في استهداف معاقل داعش والقاعدة والمعارضة السورية التي كانت ستحقق انتصارات كبيرة على حساب الجيش السوري بما يمهد لإزاحة بشار بالقوة.
حتى الآن لم تتضح الصورة لمستقبل هذه الضربات الروسية، وهل ستحافظ على دعم الجيش السوري في وجه المعارضة التنظيمات الإرهابية، أم تنجح الضغوط الغربية في إبعاد روسيا عن المشهد بزعم أنها غارات لا تستهدف داعش بقدر ما تدعم الجيش السوري ونظام بشار الأسد، ويساعد على ذلك بيانات صحفية وتقارير حقوقية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المحسوب على جماعات إسلامية تزعم استهداف الغارات الروسية لمدنيين، مثلما اعتاد المرصد في الفترة الأخيرة تشكيل الرأي العام العالمي ضد نظام الأسد، وخدمة معارضيه.
 

شارك