محاولات الحل السياسي في ايبيا دوليا والطريق المسدود (2-3)

الثلاثاء 13/أكتوبر/2015 - 10:59 م
طباعة
 
رصدنا في مقال الاسبوع الماضي . ان الغرب عندما شعر بخطورة الموقف في ليبيا خاصه بعد تمركز تنظيم داعش في ( سرت) و تزايد نفوذ التنظيم و سيطرته على مصادر النفط الليبي . و تواكب ذلك مع ارتفاع معدلات الهجرة خاصة هجره غير شرعيه الى اوروبا . مما اثار الشعور بالخوف و القلق لدى دول الاتحاد الأوروبي لعدم قدرتها على استيعاب اعداد الهجرة المتزايدة  على الرغم ان حلف الناتو وهو السبب الرئيسي لتدهور الاوضاع داخل ليبيا لهذا الحد . حيث عمد على تدمير جميع مؤسسات الدولة الليبية و خلف بضرباته العسكرية فراغا امنيا . مما سمح للتنظيمات المسلحة بالتواجد بقوه على الأراضي الليبية. لقد اصبح الغرب مرغما الان لتجاوز و معالجه الوضع الليبي لما يشكله من خطورة بالغه على الامن الأوروبي بشكل عام و اصبحت  الامم المتحدة تلعب الغطاء الدولي لمحاولة فرض حل سياسي على الاطراف المتنازعة على الارض و لقد رصدنا المراحل التي مرت بها محاولات الامم المتحدة لجمع الفرقاء حول حوار سياسي يخرج ليبيا من حاله النزاع العسكري على الارض و يعيد بناء مؤسسات الدولة في مواجهه المليشيات المسلحة و لقد عرضنا لنتائج مؤتمر (غنامس 1 – سبتمبر 2014 ) ثم مؤتمر ( جنيف – يناير 2015) و ما واكبهما من صعوبات في جمع الاطراف على مائده المفاوضات و على مدى تطور اهداف الحوار في مؤتمر (جنيف – يناير 2015) و مع اتساع دائرة الحوار لتشمل اطرافا عديده الا ان الطرف الإسلامي السياسي لا زال يقف عائقا في مواجهه مهمه مبعوث الامم المتحدة ( ليون) و لذلك جاءت حلقه جديدة من حلقات الحوار تحت رعاية الامم المتحدة و التي عرفت اعلاميا باسم غنامس 2 .
3- حوار غنامس 2- فبراير 2015
ادى تطور الاوضاع العسكرية على الارض الى المزيد من الخلافات السياسية حيث اصبح كل طرف من الاطراف المتصارعة له مجموعه من المطالب تتناسب مع درجه التطور العسكري على الارض . و لم يعد أي طرف يقبل اية مقترحات  من الاطراف الاخرى  . مما اعتبر مقدمات خطيرة لإفشال اية مشاريع او التوصل الى نتائج ايجابيه خلال حوار غنامس 2 . علما بأن مبعوث الامم المتحدة قد حدد الاهداف بوضوح حول المرحلة الراهنة و تتلخص في خارطة طريق على رأسها تشكيل حكومة وحده وطنيه و انسحاب التشكيلات المسلحة من المدن و العاصمة ووقف جميع اشكال العنف . و قد اعلن (ليون) دعوته لأطراف جديده من المجموعات المسلحة و القبائل والاحزاب السياسية من المشاركة في الحوار مع التشديد على اقصاء تنظيم (انصار الشريعة) و المصنف تنظيما ارهابيا من قبل الامم المتحدة . لقد انقسمت الكائنات السياسية على نفسها حول خارطة الطريق المقترحة فالبعض يرى ضرورة استكمال خارطة الطريق بينما يرى البعض الاخر ضرورة الانسحاب من المحادثات . لقد عمق حوار غنامس 2 الانشقاقات في صف كل كيان على حده و بناء عليه تم تأجيل المحادثات لحلقه جديده تعقد في الرباط .
4- حوار الرباط مارس 2015 
عقدت جلسات هذا الحوار يوميَ 5 و 6 مارس 2015 و قد جاءت هذه الجلسات في توقيت يسوده اليأس و الاحباط و الالم في العالم بأسره و ذلك عقب تنفيذ تنظيم داعش لمذبحه الاقباط المصريين على سواحل سرت و ما عقبه من رد القوات المسلحة المصرية بقوه على معسكرات داعش حيث كان الرد المصري بقوه اشاره الى العالم بأسره بخطورة الوضع في ليبيا و رساله ايضا للتنظيمات الغير شرعيه بأنه لا مجال للتهاون معها من دول الجوار بليبيا خاصه مصر . و ان الامن القومي لدول الجوار و اوروبا لن يحسم الا بقضاء على المليشيات العسكرية المتواجدة في ليبيا . و قد تتطور الامور الى تدخل عسكري دولي لإعادة بناء مؤسسات الدولة مره اخرى . و من هنا جاء الحرص على الحوار اكثر فاعليه و اكثر وضوحا و كانت اهم النقاط المطروحة في الحوار هي وقف اطلاق النار بين طرفي الحوار ثم التوافق على شخصيه لقياده حكومة وحده وطنيه تحت رعاية الامم المتحدة . و التوصل الى تشكيل وزاري يرضى جميع الاطراف  و على الرغم  من وضوح نقاط الاتفاق و حضور كل من طرفي النزاع في هذه الجولة الا انه عمليا لم يتم الاتفاق على النقاط التي تم طرحها و غادرت الاطراف الرباط للتشاور مع الكيانات التي يمثلونها سواء في طبرق او طرابلس مع الالتزام بالعودة الى مائده الحوار بعد اسبوع و كان اهم ما يميز حوار الرباط وهو الحضور الإقليمي في الحوار خاصه مصر و تونس و الجزائر و الامارات و هذا التواجد كان له تأثيرا ايجابيا لدفع الحوار و دعم نقاط الاتفاق الا انه قد يصبح زريعه لمن يروجون فكرة ان الحوار لابد ان يكون ليبي / ليبي لدرجه انهم يستنكرون تدخل الامم المتحدة و هذا الطرف هم المتشددين من التيار الإسلامي و العاكفين على عرقله مسيره الحل السياسي . كما عكس حوار الرباط ان الكيانات السياسية غير قادره على استيعاب نشاطات الاذرع العسكرية فلم يتوقف القتال بين الفصائل المتحاربة طوال فتره انعقاد الحوار . و هكذا فأن حوار الرباط لم يسفر كما في الجولات السابقة عن نتائج ايجابيه ملموسه مما دفع الامم المتحدة للإعلان عن حلقه جديده من حلقات الحوار السياسي في مدينه الصخيرات  بالمغرب .
5- حوار صخيرات بالمغرب 15 ابريل 
انتقلت جلسات الحوار لمدينه صخيرات بالمغرب و لكن الاجواء المحيطة بجلسات الحوار ميدانيا كان لها تأثير سلبى على التوافق بين الاطراف المتصارعة نظرا لما اقدمت عليه قوات( فجر ليبيا ) بعمليات اعتقال تعسفيه لمؤيدي شرعيه مجلس النواب بطرابلس . علاوة على تعرض الطائرة التي كانت تقل اعضاء المؤتمر الوطني المشاركون في الحوار للقصف اثناء اقلاعها من مطار بعبيقه في طريقها الى المغرب لحضور جلسات المؤتمر . و قد احجم جميع المشاركين من تقديم اي تنازلات على مائده الحوار و فشل مسؤول الامم المتحدة في توقيع الاتفاق على مسودة التسوية السياسية و التي تم صياغتها بمعرفة الامم المتحدة و عند هذه النقطة تجمد الحوار في محاولة لحل الخلاف حول مدى الشرعية القانونية لطرفي النزاع و الموقف من حكم المحكمة الدستورية العليا بطرابلس و محاولة الالتفاف حول شرعية مجلس النواب و اخيرا مقر الحكومة التوافقية في حاله الاتفاق على تشكيلها . و الخلاف حول الاسماء المرشحة في تولى الحقائب الوزارية 
و هكذا اخذت المفاوضات تتعاقب في الانعقاد في جلسات متتالية و كان حرص و دأب مبعوث الامم المتحدة (ليون) من اهم الاسباب لاستمرار الحوار السياسي . حيث اكتسب السيد ليون خبره نوعيه في هذا المجال و استطاع ان يستوعب حقيقه الصراع في ليبيا او على الاقل ان يحدد اهمية كل طرف من اطراف الصراع و الظهير العسكري لكل طرف و الظهير السياسي الإقليمي ايضا 
و قد ادرك جيدا ان هناك دول اقليميه مؤثره في الصراع لا يجب تجاوز دورها في مسألة التسوية السياسية و على رأسها مصر و الجزائر و الامارات ثم يأتي دور الدول الداعمة للتيار الإسلامي السياسي تونس و تركيا و قطر . كما ادركت الامم المتحدة ان خارطة الطريق لن يكلل لها النجاح الا باستيعاب جميع الاطراف السياسية و انه من الصعوبة لطرف سياسي واحد ان يحقق او يتحمل طموحات الحوار السياسي . و هذا ما سيعتمد عليه مبعوث الامم المتحدة في الجولات القادمة و التي من المقرر ان تعلن نتائجها قبل 20 سبتمبر 2015 . و سنرى كيف سيتم ادارة الحوار في الجولات التالية , و البقيه في المقال القادم  

شارك