(الشيخ التاسع للجامع الأزهر) ... الشيخ عبد الرؤوف السجيني

الخميس 29/أكتوبر/2015 - 09:55 م
طباعة (الشيخ التاسع للجامع
 
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والادوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الاعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزء أصيل وفاعل من تاريخ مصر.
********
الشيخ  التاسع   للجامع الأزهر
المشيخة :التاسع 
مدة ولايته : 1 عام   
المذهب :  الشافعى 
من (ربيع الأول 1181 هـ/1767 م)  الى (شوال1182 هـ1768م)
الوفاة : 14 شوال1182 هـ1768م
هو عبدالرؤوف بن محمد بن عبدالرحمن بن أحمد السجيني الشافعي الأزهري، تاسع شيوخ الأزهر، وكنيته "أبو الجود" لشدَّة كرمه، وُلد عام 1154هـ - 1741م في قرية من قُرَى محافظة الغربيَّة، تسمَّى "سجين"؛ ولهذا نسب إليها، وهو سليلُ أسرةٍ اشتهرت بالعلم،   وهو من  أحفاد الشيخ شمس الدين السجين والشيخ إبراهيم السجينى ووصف الجبرتي والده  بأنَّه "الأستاذ العالم العلامة شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي".
 وتوفى 14 شوال وصلي عليه بالأزهر ودفن بجوار عمه بأعلى البستان، وهو  تاسع شيوخ الجامع الأزهر على المذهب الشافعى   وعلى عقيدة أهل السنة  

نشأته وتعليمه

حفظ القران في بلدته قرية سجين الكوم بمحافظة الغربية ثم أنتقل الى القاهرة وقد درس الشيخ عبد الرؤف السجيني علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم.
  ذكره الجبرتي في تاريخه قائلا" نشأ الإمام "السجيني" في بيتٍ كله علم وفضل؛ فحفظ القُرآن، وتلقَّى عن أبيه وعن عمِّه الشيخ شمس الدين السجيني العلمَ بالأزهر وأنَّ العلامة الشيخ محمد السجيني والد الإمام كان إذا مرَّ بحلقة درسه خفض من مشيتِه، ووقف قليلاً، وأنصَتَ لحسن تقديره ثم يقول: "سبحان الفتَّاح العليم"، ووصَف 
وخلف عمِّه الشيخ شمس الدين السجيني بعد موته في تدريس "منهج الطلاب"؛ للأنصاري، وكان من الكتب المقرَّرة في المذهب الشافعي، وتولَّى شياخةَ رواق الشراقوة بالأزهر قبل أنْ يتولَّى مشيخة الأزهر، 
وقد ظل  يعلم ويتعلم، ويفيد ويستفيد من العلم والعلماء، ، وبات يضيف ويشرح ويعلق على كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه، فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه، والنهل من علمه الغزير، ومعرفته الواسعة.
 لقبه الجبرتى بكتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار بالإمام العلامة الفقيه النبيه شيخ الإسلام وعمدة الأنام

فترة توليه

كان للأزهر أدوار تتعدى الدور الدينى ليحتل مكانة سياسية واجتماعية وشعبية وبعد أنْ تولَّى مشيخة الأزهر عام 1181هـ - 1767م قادَها بحكمةٍ وشهامة، وقد اشتهر ذكرُه قبل ولايتِه لمشيخة الأزهر؛ بسبب أحداث كثيرة ذكر الجبرتي بعضًا منها، وهذا يدلُّ على أنَّ للشيخ منزلةً مرموقة عند العامَّة والخاصَّة، وقد ذكرت المصادر التاريخيَّة، أنَّ مدَّة توليته للمشيخة كانت قصيرةً لا تتجاوز السَّنة الواحدة، ومع ذلك فقد كانت له مكانةٌ في نفوس كلِّ المصريين، حكَّامًا ومحكومين، وهناك عددٌ من المزايا التي أهَّلته لتبوُّء المكانة التي تفرَّد بها بين علماء عصره، ومنها أنَّ أباه محمد بن عبدالرحمن السجيني، كان أحد الصدور المحقِّقين، والوجوه المدقِّقين، وأنَّه كان يحبُّ العلماء ويسمع منهم، ولا جدال في أنَّ الإمام "السجيني" قد استفاد من هذا الولد واقتبس الكثير من معارفه.
ومن مَزايا الإمام السجيني أيضًا: أنَّه تتلمذَ على يد الإمام الشيخ محمد الحفني، وهو أحد الأئمَّة الذين سبقوه إلى مشيخة الأزهر، والذين اعتلوا أريكتَه زمنًا طويلاً، تقريبًا خمسة وأربعين عامًا، وكان الأزهر في عهده محلَّ تقدير وتوقير، لا من العلماء والطلاب فحسب
ولا شَكَّ أنَّ الإمام "السجيني" قد تأثَّر بالإمام "الحفني"، ونسج على منواله في كثيرٍ من الشؤون الماليَّة؛ فقد ذكر "الجبرتي" أنَّه كان حازمًا في مزاولة شؤون منصبه، وقد سبق أنْ ذكر الشيخ "الحفني" بأنَّه كان جوادًا كريمًا، لا ينقطع الناس عن زيارة بيته ليل نهار.
ويبدو أنَّ الإمام "السجيني" قد كان ممَّن أخذوا عنه هذه السُّنَّة، وأنَّه ما سمِّي "بأبي الجود" إلا من أجل ذلك، ومع أنَّ المصادر لم تتحدَّث عن ثروته وقصر المدَّة التي قضاها على أريكة المشيخة، وقد صُرِفت أقلام المؤرِّخين عن الخوض في سِيرته، واستقصاء المناقب الكثيرة التي يمتازُ بها على غيرِه.  

شيوخه

هناك حالة وأضحة من الإغفال ضد الشيخ ، فقد أغفلت المصادر شيوخَه ولم تترجم منهم إلا لأبيه وابن أخته الذي جاء في ترجمته ما نصُّه: "العمدة العلامة، والحبر الفهَّامة، قدوة المتصدِّرين ونخبة المتفهِّمين، النبيه المتفنِّن، الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيثمي السجيني الشافعي الأزهري، الشهير بأبي الإرشاد، وُلِد سنة 1154ه،ـ وحَفِظ القُرآن وتفقَّه على يد الشيخ المدابغي، والبرماوي، والشيخ عبدالله السجيني، وحضر دروس الشيخ الصعيدي وغيره من العلماء وأجازه أشياخ العصر، وأفتى ودرس وتولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر". 

مواقفه

كان من المقربين من  علي بك الكبير، ويذكر أنه  أراد أنْ يُوجِّه حملةً حربيَّة إلى الوجه القبلي، وكان الشيخ أحد أعضاء حكومته؛ فرفض توجيه هذه الحملة، وأمام إصراره على وجهة نظره لم يجد علي بك بُدًّا من النزول على رأيه، وعدم العودة إلى إرسال هذه الحملة مرَّةً أخرى، وبعد وفاة عبدالرؤوف، ونتيجة التدخُّل الأجنبي في شؤون البلاد حدثُت  فترات ركود اقتصادي وثقافي وسياسي، وأحجمُ المؤرِّخون عن تدوين ما يحدثُ في تلك الفترة، وفضِّلوا الكتابة عن الشخصيَّات المهمَّة، وعن الأدباء والعلماء، ليس إهمالاً للشيوخ ، وإنما هو القهر والظلم والتكميم من المستعمِر، ويتمثَّل ذلك في قول الشاعر:
يا قومُ لا تتكلَّموا = إنَّ الكلام محرَّمُ
ناموا ولا تستيقظوا = ما فاز إلا النُّوَّمُ
وكانت  حياة الإمام الشيخ السجيني،  وإنْ كانت قصيرة إلا أنَّها تدلُّ على أنَّ الرجل كان إداريًّا من الطراز الأول، ولم يكن أقلَّ من سابقيه علمًا وفقهًا، واستحقاقًا للوظائف التي شغَلَها، وعلى رأسها مشيخة الأزهر،  وأن قلَّة ما كُتِبَ عنه هو قصر المدَّة التي تولَّى فيها المشيخة، والتي لم تستمرَّ أكثر من سنةٍ، 

مؤلفاته

له مؤلف واحد وهو تَصانيف الإمام "السجيني" وعلى الرغم من ذلك  لم يتحدَّث المؤرخون ولا المترجمون عنه  ولم يذكروا عنها شيئًا، وهناك أمورٌ وأسباب تكشف عن أن الشيخ  لم يكون من النوع الذي يُؤثر إيداعَ العلوم في صُدورهم على تقليدها في القراطيس، وأنْ يكون قدوة عمليَّة لطلابه في السُّلوك والتدريس، ويظهر أيضًا في عدم تأليفه كتبًا أنَّه من النوع الذي يُؤثِرُ الاعتمادَ على الحفظ دون التدوين؛ وذلك اقتداء بالسلف الصالح من أصحاب الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم 

شارك