بعد مرور شهر.. الضربات الروسية في سوريا بين التقدم العسكري والحل السياسي
السبت 31/أكتوبر/2015 - 01:40 م
طباعة
شهر مر علي العمليات العسكرية الروسية في سوريا ضد الجماعات الإرهابية وفي مقدمتهم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" و"جبهة النصرة" فرع تنظيم القاعدة في سوريا، مع انطلاق مسار سياسي من أجل إنهاء الحرب في البلاد.. التدخل الروسي منع تقدم الجماعات الإرهابية والسيطرة على العاصمة دمشق، وحقق نتائج قوية في تحرير الجيش السوري لعدد من القرى في عدد من الجبهات بحماة وحمص حلب.
حصاد العملية الروسية
العمليات الروسية كان لها أكثر من نتائج سواء نتائج عسكرية على الأرض أو نتائج سياسية.
عسكريًّا، هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، أعلنت أن مقاتلاتها نفذت خلال شهر نحو 1400 طلعة دمرت خلالها أكثر من 1600 موقع للإرهابيين في سوريا.
وقال رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة أندريه كارتابولوف الجمعة 30 أكتوبر: "مر شهر على بدء عمل المجموعة الروسية الجوية في الجمهورية العربية السورية، وحان الوقت لاستخلاص بعض النتائج. إذ أجرت طائراتنا خلال شهر 1391 طلعة دمرت خلالها 1623 منشأة للإرهابيين".
ولفت إلى أن هذه الأرقام تشمل 249 مركز قيادة ونقطة اتصال، و51 معسكرًا لتدريب الإرهابيين، و35 من المعامل والورش؛ حيث كان الإرهابيون يصنعون مواد متفجرة، و131 مستودعًا للذخائر والوقود، إضافة إلى 371 مركز إسناد ونقطة محصنة، و786 معسكرًا ميدانيًّا وقواعد مختلفة.
خسائر الجماعات الإرهابية
الأرقام الروسية تشير إلى أن هناك عمليات قوية ضد التنظيمات الارهابية، وهو ما أدى إلى الحد من تقدم هذه الجماعات في عدد من الجبهات، كما أدى إلى مقتل العديد من قيادات التنظيمات الإرهابية، وخاصة في جبهة النصرة، والتي فقدت العديد من قادتها في قصف لطيران الروسي.
وحسب هيئة الأركان الروسية تنتقل فصائل كانت تقاتل تحت لواء "جبهة النصرة" إلى ما يسمى بـ "المعارضة المعتدلة"، وقال: "للحصول على الدعم السياسي والمالي من الخارج قرر قادة عدد من العصابات التابعة لجماعة "جبهة النصرة" الإرهابية التخلي عن "الجبهة" والانتقال إلى "حركة أحرار الشام" التي اعتبرها الغرب "معارضة معتدلة".
وأشار كارتابولوف إلى أن الإرهابيين يحاولون ضم مقاتلين جدد إلى صفوفهم، وتجري هذه العملية بشكل مكثف خاصة في محافظة حلب التي تجري محاولات لإرسال إمدادات إليها من العراق وبلدان الجوار الأخرى.
وأكدت التنظيمات الإرهابية على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي مقتل القائد العسكري لحركة "أحرار الشام" الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا- المدعو أحمد خليفة المحيميد والقيادي في جماعة "جند الملاحم" أبو عبدالله ناحتة.
ونشرت التنظيمات المسلحة في سوريا أسماء بعض قتلاها وهم مصطفى طعمه الغفاري وأبو شاكر اللجاة وأبو صطيف القيطاوي وحسين محمود عرار؛ مما يسمى "حركة المثنى الإسلامية" و"أحمد جمال النصار" إضافة إلى "باسل إسماعيل الصمادي"، متأثرًا بإصابته في مشافي الأردن.
وبحسب الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" فإن وحدة من الجيش قتلت قيادات بـ"تجمع كتائب العزة" جنوب بلدة اللطامنة بمدينة حماة، ما أسفر عن مقتل 7 إرهابيين على الأقل بينهم "القائد الميداني" في التجمع المدعو "أحمد بلال" و"أبو سليمان الحمصي" و"أحمد منصور" و"موسى بلال"، وكذلك مقتل القائد الميداني لتنظيم "جند الأقصى" المتطرف المدعو "محمد الراشد" الملقب "أبو العتر"، و أمير التنظيم "محمد السالم".
كما قتل أحد "القادة الميدانيين" فيما يسمى تجمع صقور الغاب المدعو أبو عمر تاو بريف حماة الشمالي الغربي.
وأكدت التنظيمات الإرهابية على صفحاتها مقتل من سمته "القائد العسكري في حركة نور الدين الزنكي" الإرهابي محمود أبو عريب على جبهة الشيخ سعيد في ريف حلب، إضافة إلى "القائد الميداني في لواء صقور الجبل" المدعو أحمد صالح البيور جنوب حلب.
وفي القنيطرة أقرت التنظيمات الإرهابية المرتبطة بكيان العدو الإسرائيلي بتكبدها خسائر في المواجهات مع وحدات الجيش والقوات المسلحة ومقتل عدد من أفرادها، بينهم "أحمد عبد العزيز الناصر وإسماعيل احمد القصيباوي وأحمد يوسف قطيش ومحمد السويدان".
وأعلنت "جبهة النصرة"، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، مقتل القيادي بالحركة أبو سليمان المصري، في وقت أكدت مصادر في المعارضة السورية مقتل قيادي عسكري رفيع في حركة "نور الدين زنكي"، بمحافظة حلب.
ويعد أبرز خسائر الجماعات الإرهابية، مقتل المسئول العسكري لـ"حركة نور الدين الزنكي"، القيادي إسماعيل ناصيف في معارك مع الجيش السوري في حلب.
تقدم للجيش السوري
ومن أهم النتائج العسكرية أيضًا أن الضربات الجوية الروسية في سوريا في عموم المناطق السورية ضد مقاتلي المعارضة المسلحة، بدأت تعطي نتائجها على الأرض بوضوح، وانعكست بشكل إيجابي على أداء الجيش السوري الذي انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم واستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية بالنسبة لمقاتلي المعارضة المسلحة.
ووفق هيئة الأركان الروسية أتاح نشاط الطيران الروسي للقوات السورية الإمكانية لتحرير أكثر من 50 بلدة "أتاحت الضربات الجوية الروسية للقوات السورية إمكانية الانتقال إلى الهجوم في محافظات حلب واللاذقية وحمص وإدلب ودمشق وتطهير مساحات واسعة من العصابات... خلال ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية استطاع الجيش السوري تحرير أكثر من 50 بلدة وحوالي 350 كيلومترًا مربعا".
وقال كارتابولوف: إن القوات السورية حررت 19 بلدة في منطقة حلب وتواصل التقدم باتجاه مطار كويرس، كما أشار إلى إخراج الجيش للإرهابيين من 9 بلدات في ريف اللاذقية، وتحريره 12 بلدة في ريف حماة، إضافة إلى التقدم في ريف حمص ومحاصرة عصابات كبيرة في عدد من البلدات، كما يتابع الجيش عبر معارك عنيفة هجومه في منطقة الغوطة الشرقية.
كما أتاح عمل الطيران الروسي إمكانية التقليل من استخدام الطيران السوري الذي يقل فاعلية ودقة، وأعلن رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية أندريه كارتابولوف أن القوات السورية خفّضت إلى الحد الأدنى استخدام طيرانها ومدفعيتها في محاربة "الدولة الإسلامية" حفاظًا على البنية التحتية للمدن وعلى أرواح المواطنين.
الحل السياسي
قد تكون محاولة إيجاد حل سلمي للأزمة السورية في فيينا من أهم نتائج المساعدة الروسية للجيش السوري، فقد استقبلت عاصمة النمسا ممثلي الدول التي تدعم المقاتلين في سوريا على اختلاف اتجاهاتهم، ولأول مرة جلس إلى طاولة الحوار ممثلون عن السعودية وإيران؛ ما يشكل خطوة باتجاه حل يحفظ وحدة وسيادة سوريا.
فقد اجتمع في فيينا في الـ30 من أكتوبر وهم الصين ومصر، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، إيران، العراق، إيطاليا، الأردن، لبنان، عمان، قطر، روسيا، السعودية، تركيا، الإمارات، المملكة المتحدة، الأمم المتحدة والولايات المتحدة، لإيجاد حل سياسي لإنهاء الصراع في سوريا، واتفقت عليه 17 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة:
1-وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
2-مؤسسات الدولة ستظل قائمة.
3-حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.
4-ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
5-ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليًّا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.
6-الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم "داعش" وغيره من الجماعات الإرهابية، كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.
7-في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة، وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها.
8-سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
9-المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد، وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.
البيان الختامي، يؤكد على أنه لا مستقبل للجماعات والتنظيمات والأحزاب الإسلامية، بالتأكيد على علمانية الدولة السورية، الأمر الآخر أبقى على الجيش والمؤسسات الأمنية السورية، وتفادى خطأ حل الجيش والمؤسسات إبان الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، وهو ما يعني صمود ومواجهة الدولة السورية لأي خلل في المنظومة السياسية والأمنية، والحفاظ على الأمن وتفادي سقوط الدولة السورية في مستنقع صراع الميليشيات المسلحة، ضمان حقوق السوريين هو ضمان للأقليات وبقائها ومنع فرض المنتصر عسكريًّا رؤيته، بما يضمن أن تكون سوريا للجميع وليس لطائفة أو جماعة واحدة.
محاربة "داعش" والجماعات المصنفة إرهابيًّا، هو انتصار للرؤية الروسية المصرية في مواجهة الإرهاب، مع وجود أصوات بضم هذه الجماعات للحل السياسي، أخيرًا بقي الحل والتغيير في يد السوريين وليس من الخارج وهو انتصار لإرادة شعب ضد إرادة الميليشيات المسلحة المتعددة الجنسيات في سوريا.
المشهد السوري
عقب شهر من الضربات الروسية في سوريا أبقى على دور الدولة والمؤسسات السورية، وسرع من وتيرة الحل السياسي في البلاد وإنهاء الصراع عبر إجبار جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة على الجلوس إلى طاولة مفاوضات؛ من أجل إنهاء الصراع وحرب الاستنزاف للجميع، يبقى التوصل إلى اتفاق نهائي ووقف الحرب هو نتيجة للتدخل الروسي والجهود والرؤية المصرية السورية الروسية المشتركة؛ من أجل إنهاء الصراع، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وبقاء سوريا موحدة، ومحاربة التنظيمات الإرهابية، فهل ستشهد الأسابيع الأخيرة من عام 2015 بداية النهاية للصراع والحرب في سوريا؟
