الانتخابات التركية.. وتحد جديد لأردوغان في الاقتصاد والسياسة الخارجية والقضية الكردية
السبت 31/أكتوبر/2015 - 09:56 م
طباعة
يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحديا جديدا غدا، من خلال ذهاب ملايين الناخبين الأتراك إلى صناديق الانتخاب لاختيار برلمان جديد، فى إطار دعوة أردوغان لانتخابات جديدة بعد أن فشل العدالة والتنمية فى حصد الأغلبية فى الانتخابات السابقة، وفشلت محاولات تشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما ترتب عليه العدوة لانتخابات جديدة لتحقيق المخطط فى الهيمنة على البرلمان وتعديل الدستور والتحويل إلى النظام الرئاسي بدلا من البرلمانى
ويبلغ عدد الناخبين المسجيين في الداخل 54 مليون، و49 ألف، و940 ناخبا، فيما يبلغ عدد صناديق الاقتراع، التي من المقرر إقامتها في عموم البلاد، 175 ألف، و6 صناديق، ويتنافس في الانتخابات 16 حزبًا، أبرزهم أحزاب "العدالة والتنمية"، و"الشعب الجمهوري"، و"الحركة القومية"، و"الشعوب الديمقراطي"، ويبلغ عدد بطاقات التصويت 75 مليون، و288 ألف، و955، تستخدم في عمليات الاقتراع داخل البلاد وخارجها.
وسبق وأن فاز العدالة والتنمية فى انتخابات التى أجريت فى يونيو الماضي بـ 40.87% من أصوات الناخبين، وحزب الشعب الجمهوري حلّ في المركز الثاني بنسبة 24.95%، بينما حصل حزب الحركة القومية على 16.29%، وتمكن حزب الشعوب الديمقراطي، من تخطي الحاجز الانتخابي (10%)، بحصوله على 13.12% من الأصوات. وحصلت الأحزاب الأخرى والمرشحون المستقلون على 4.77%.
ويشهد المجتمع التركي استقطابا حادا، وسط توقعات بفشل العدالة والتنمية فى الحصول على الأغلبية التى يريدها، وصعود للمعارضة، وتضييق الاختيارات على أردوغان وحزبه، وإما قبول المشاركة فى حكومة ائتلافية بلا شروط، وإما الدعوة لانتخابات جديدة قد سيترتب عليها انشقاق عدد كبير من عناصر الحزب تحت قيادة عبد الله جول الرئيس التركى الأسبق، وهو ما يهدد استقرار الحزب بشكل كبير، ودخوله فى صراعات جديدة، وتحديات أخرى تضاف لما يعانيه حاليا من تراجع الاقتصاد والأمن وسط تزايد القمع ضد الاعلام والمعارضة، وشن هجوما شديدا على حزب الشعوب الكردية الذى كانا لحصان الأسود فى الانتخابات السابقة، ونجاحه فى دخول البرلمان لأول مرة.
ويحاول العدالة والتنمية الحاكم تجنب الانتكاسة الماضية في يونيو والحصول على 46 في المئة على الأقل في الانتخابات الحالية، وسط توقعات بحصوله على 40- 42%، وسط محاولات من العدالة والتنمية للضغط على الناخبين والحديث عن ضرورة التصويت بكثافة له من اجل مساعدته على تشكيل الحكومة منفردا وتحقيق الاستقرار الغائب، ومواجهة المخاطر التي تحيط بتركيا من عمليات ارهابية وتحديات اقتصادية عديدة.
يأتي ذلك بعد ان سبق وفقد حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية المؤهلة لتشكيل الحكومة بحصوله على 258 مقعدا للمرة الأولى منذ ثلاث عشرة سنة، بعدما كانت طموحات أردوغان تحلق عاليا نحو الظفر بنحو 367 نائبا تؤهله لتمرير تعديل الدستور وتوسيع صلاحياته، أو على الأقل 330 صوتا تكفي لتمرير استفتاء شعبي على تغيير نظام الحكم، وهو ما دعا الحزب إلى زيادة الحشد فى هذه الانتخابات، في ظل التغيرات الكبيرة داخليا وخارجيا، فالنمو الاقتصادي تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، مقارنة بالسنوات العشر الأولى لحكم الحزب، نتيجة الحرب في سوريا والعراق، وأجواء عدم الاستقرار في الوضع الاقتصادي العالمي.
ويرى محللون أن الانتخابات التركية تأتى وسط مشكلات داخلية من خلال تراجع الليرة التركية إلى مستويات متدنية، وتزايد القمع ضد وسائل الاعلام المعارضة والكشف المتجدد عن انتشار قضايا الفساد لحكومة أردوغان وأفراد أسرته، إلى جانب مشكلات اقليمية ودولية تؤثر على تركيا، وخاصة أزمة اللاجئين السوريين، والأكراد.
من جانبها أكدت صحيفة "بوليتيكو" إحدى أبرز الصحف السياسية الأمريكية في نسختها الأوروبية إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجر تركيا إلى حافة الهاوية، مشيرة فى تحليل لها أن الشعب لا يعلم بمجريات الأمور بسبب إسكات النظام الاستبدادي للصحافة.
أشار التحليل إلى أن الحكومة التركية أسكتت هذا الأسبوع آخر القنوات المعارضة قبل الانتخابات، وقال إن قوات الأمن التركية اقتحمت مقر مجموعة "كوزا- إيبك" الإعلامية وقامت باعتقال بعض الصحفيين، وأوضحت أنه تم تعيين أشخاص من المؤيدين لحزب العدالة والتنمية كأوصياء على مجلس إدارة المؤسسات الإعلامية المغتصبة.
شدد التحليل أن الرئيس أردوغان يسعى للانفراد بالحكم من جديد في الانتخابات المبكرة عن طريق إشاعة الاستقطاب في البلاد على غرار حُكم بشار الأسد في سوريا، وانه لجأ إلى جميع أنواع الحيل والمكائد من أجل تحقيق أهدافه ومآربه، وقيام هيئة الإحصاء التركية بزيادة معدلات الدخل القومي للفرد في تركيا إلى 10 آلاف دولار في غضون ليلة واحدة يعتبر نموذجًا واضحًا على ذلك.
أكد التحليل أنه في حال عدم نجاح العدالة والتنمية في الانفراد بالحكم في الانتخابات المقبلة فمن المحتمل أن يواصل أردوغان حكمه للبلاد حتى انتخابات أخرى لكنه سيلجأ في تلك الفترة إلى الأحكام العرفية، مع احتمالات ممارسة الخدع والتزوير في الانتخابات والتهديدات التي توجّه لمراقبي الانتخابات المتطوعين.
من ناحية أخرى انتقدت كريستيان أمانبور مقدمة البرامج الشهيرة في CNN ردة مصادرة مجموعة "كوزا- إيبك" الإعلامية التي تضم قناتين تليفزيونيتين وصحيفتين ومحطة إذاعيّة بتوجيهات من الحكومة في تركيا، مؤكدة على انه من الضروري وجود إعلام مستقل من أجل مجتمع قوي وسليم".
أكدت بقولها أن المجتمع القوي في حاجة إلى إعلام قوي ونزيه، وأنه إذا ما سمح مجتمع ما بقمع إعلامه والضغط عليه فهو في حقيقة الأمر يُضعف من نفسه، ولهذا ثمة حاجة إلى صحافة قوية للغاية،. وهذا بالطبع أمر ينطبق على تركيا أيضًا".
