التطرف يقود الشباب الإفريقي للجحيم
الأربعاء 04/نوفمبر/2015 - 08:01 م
طباعة
تحت هذا العنوان وغيره من العناوين التي تملأ صفحات الجرائد الرسمية والخاصة في القارة الإفريقية وكذلك المواقع الإلكترونية الإخبارية والقنوات الفضائية، تلك العناوين التي تناقش الإرهاب في إفريقيا نتيجة انتشار تلك الأفكار المتطرفة على امتداد القارة السمراء وحول هذا الموضوع، اختتمت مساء أمس الثلاثاء 3 نوفمبر 2015، في الجزائر العاصمة، فعاليات الورشة الإقليمية الثالثة لرابطة علماء، أئمة ودعاة منطقة الساحل، وذلك بتوصيات هامة جدا تصب جلها في خطورة الفكر الداعشي المتطرف والمتشدد ،والذي بات هو السبب الأكبر في الفوضى والاقتتال اللذين تشهدهما معظم الدول ،لاسيما منها الإفريقية والعربية خاصة في السنوات الأخيرة.
ومن أهم القضايا التي أثارت وما زالت تثير الجدل في الدول العربية والإسلامية، قضية الجهاد، إذ اجتمع المحاضرون في الورشة الثالثة لرابطة علماء، أئمة ودعاة منطقة الساحل، أن الجهاد من المفاهيم التي باتت تقود الشباب في المنطقة والعالم إلى الهاوية، رغم أن الجهاد في الإسلام هو مفهوم سام وكبير لكن ليس كما فهمته الجماعات المسلحة والمتطرفة والتي لا تعرف حتى "في أي سبيل تجاهد" ، ويقول أحد الأئمة المحاضرين، إن البعض لا يعرف حتى مفهوم العدو ويطلق على عملياته ضد إخوانه وأصدقائه من المسلمين بـ"الجهاد"، فالجهاد الميداني يكون ضد من يريد سلب أرضك وممتلكاتك ،ويهدد عفتك وأسرتك بالقوة، كما قام به المجاهدون الأبطال خلال ثورة التحرير في الجزائر وغيرها من ثورات التحرير في العالم العربي والإسلامي، أما أن ترفع السلاح في وجه أخوك وتقول هذا جهاد فالقضية خطيرة ويضيف، واجتمع الأساتذة والعلماء على التركيز في فهم الجهاد جيدا وتلقينه للتلاميذ والطلاب كخطوة أولى قبل كل شيء.
بينما قال يوسف مشرية الأمين العام لرابطة علماء ودعاة أئمة دول الساحل الإفريقي، ورئيس لجنة المراجعات الفكرية للإرهابيين في السجون الجزائرية، أن الفكر المتطرف أو كما اسماه "الداعشي" أصبح يمرح ويسرح عبر رفوف المكتبات و المنابر عبر مساجد الجمهورية، وان قلنا مساجد الجمهورية فهذا ينعكس أيضا في البلدان الإفريقية والعربية، ودعا المشرفين على كل المساجد والمكتبات من أئمة ولجان وكذا عمال عاديون داخل هذه المؤسسات الدينية التفطن إليها بدل الاهتمام ببعض الهوامش التي لا يمكنها إنقاذ الشباب من أفكار خطيرة قد تقود البلاد إلى الهاوية.
يوسف مشرية شدد اللهجة وطالب بعزل كلَّ من يتّصف بالتطرف والتشدد والتكفير، ومنعه من اعتلاء منابر المساجد أو العمل في المكتبات أنّ تحرّك السلطات الجزائرية لوقف انتشار الفكر الداعشي نابع عن حتمية المحافظة على الأمن القومي الذي يتأثر بالأحداث التي تدور في الجوار، خاصة في ظل نهوض وتحرّك الخلايا النائمة التابعة لمختلف المجموعات الإرهابية.
وقد توصل المتداخلون في الدورة الثالثة لرابطة علماء، أئمة ودعاة منطقة الساحل إلى أن شباب المنطقة والدول العربية مهددون بالفكر الجهادي الخاطئ، بعد إدمان السواد الأعظم منهم بمواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الفيس بوك الأكثر انتشارا، والأكثر استغلالا من طرف الجماعات المتمردة والمتطرفة لزرع الأفكار في عقول الشباب، ويعتمد كل من تنظيمات بوكو حرام ،أنصار الشريعة وداعش على هذه المواقع لاستمالة أكبر عدد من الشباب، كما أن هناك تقارير أمنية من بلدان المغرب العربي تؤكد أن نسبة كبيرة من الشباب الموقوفين وهم في طريقهم للانضمام إلى صفوف الجماعات الإرهابية ،كان الفيس بوك بوابة التواصل والاتفاق الأولى.
واعتماد هذه الجماعات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي حسب رمضان حملات المحلل امني بمنطقة الساحل لتجنيد الشباب أمر خطير، يجعل الدول المعنية أمام حتمية تنصيب برامج مراقبة متطورة لرصد تحركات الشباب وتواصلهم، وإعادة إدماج حاملي الأفكار الخاطئة في المجتمع. فبعدما توقف عمل رابطة علماء أئمة ودعاة منطقة الساحل بدول شمال غرب إفريقيا، من أجل إعادة البناء الفكري للعناصر الإرهابية المتطرفة التي تم القبض عليها في السنوات الأخيرة، أكد الأمين العام للرابطة في تصريح له، بأن هذه الهيأة ستوسع نطاق المراجعات الفكرية للإرهابيين في السجون بمالي، التشاد ونيجيريا، بعد تنامي نشاط المجموعات الإرهابية في هذه الدول خاصة بالشمال المالي، والعمق النيجيري بعد توغل جماعة بوكو حرام التي يعد منهجها من المناهج الأكثر تطرفا في العالم.
وستشرف الجزائر حسب المتحدث على عملية تكوين أئمة ودعاة في هذا المجال، وتوزيعها على الدول المعنية، وهذا لدراسة شاملة حول الفكر المتطرف، وجمع إحصائيات حول نمط تفكير هؤلاء قبل إدماجهم في الحياة المهنية لهذه الدول ومنع تجنيد الشباب مستقبلا من خلال المساهمة في نشر ثقافة الإسلام السمح والمعتدل، ويقفون في وجه تجنيد شباب المسلمين في صفوف الإرهابيين.
وفي نفس السياق أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، أن تنظيمي بوكو حرام وداعش الإرهابيين في نيجيريا يحرصان على تطوير أسلحته لإحداث مزيد من القتل والتدمير، مشيرًا إلى أحدث أسلحته النوعية، أو ما يُعرف بظاهرة "الأرامل السوداء"، وهن مجموعة من الانتحاريات الأرامل، واللائي كن زوجات لقيادات ومقاتلي التنظيمين الإرهابيين، أو أرامل لأشخاص قتلهم التنظيم وأسرهن، حيث يقوم التنظيم بإعدادهن لتنفيذ عمليات تفجيرية بحجة الانتقام لأزواجهن.
وقال المرصد في تقريره، إن مجموعة من الأبحاث والدراسات أثبتت أنه مع بداية العقد السابق تبنت التنظيمات الإرهابية طريقة هجومية جديدة باستخدام الانتحاريات في عملياتها الإرهابية، وتُعد تلك الطريقة قديمة حديثة، حيث ظهرت في بداية الألفية الجديدة في حرب روسيا والشيشان، بين العامين 2000 و2004م.
وأضاف أن تلك الطريقة تُعد من الطرق المجدية لدى تلك التنظيمات الإرهابية لانخفاض كلفتها - على مستوى الإعداد والتنفيذ - وفداحة آثارها المدمرة، والتي غالبًا ما تتم داخل تجمعات عامة في الأسواق أو المواصلات العامة أو الجامعات والمدارس، بالإضافة إلى استهداف المواقع العسكرية والشرطية.
وأوضح التقرير أن التنظيمات الإرهابية لجأت إلى تلك الطريقة مؤخرًا لإحداث بعض العمليات النوعية بعد أن تراجعت عن بعض مواقعها أمام الضربات المتلاحقة من التحالفات الدولية، لكي تثبت لمنتسبيها أنها ما زالت تمتلك القدرة على الرد ضد الضربات الأمنية.
وتابع المرصد في تقريره أن التنظيمات الإرهابية في نيجيريا تستغل حالة اليأس التي وصلت إليها زوجات مَن قُتلوا في المواجهات العسكرية، ورغبتَهن في الانتقام لأزواجهن أو ذويهن لتنفيذ بعض العمليات الانتحارية، وذلك لإحداث حالة من الفوضى داخل المجتمع هناك.
وكشف التقرير، عن طريقة إعداد تلك الانتحاريات داخل معسكرات الإرهابيين؛ وذلك من خلال تعريضهن لعمليات غسيل مخ من قبل خبراء متخصصين، مستخدمين جميع الطرق النفسية والاجتماعية للتأثير عليهن، إضافة إلى تغذية رغبة الانتقام لديهن، وتقبل فكرة الموت، للدرجة التي يصبح التأثير عليهن أكبر من تأثير المواد المخدرة، لتصبح بعده المرأة جاهزة لتنفيذ كل ما يطلب منها.
ونوه التقرير بأن عنصر التأثير الديني لا يغيب عن تلك الوسائل أيضًا، من حيث إقناع المنتحرات بأنه بمجرد أن تضغط المرأة على زر التفجير تنتقل - فورًا ودون ألم - إلى عالم آخر في جنة الخلد، بعد أن نالت الشهادة ولحقت بمن فقدت من ذويها، وتخلصت من الضغوط القاتلة التي لحقت بها جراء رحيل ذويهن.
ودلَّل المرصد على ذلك بما قام به مؤخرًا تنظيم ما يعرف بـ "ولاية السودان الغربي" في نيجيريا، والذي دفع بمجموعة من الانتحاريات لمواجهة الجيش النيجيري، وإحداث مزيد من التفجيرات النوعية، وولاية السودان هو تنظيم متطرف خرج من عباءة بوكو حرام وبايع داعش مؤخرًا، وانتهج سياسة ما يعرف بـ"الأرامل السوداء" في تحقيق عملياته ضد الدولة، نظرًا لكونها وسيلة سرية لارتكاب مزيد من التفجيرات الإرهابية.
