الاعتدال المسلح.. موضة غربية لمواجهة "الإرهاب"!

الخميس 05/نوفمبر/2015 - 11:04 م
طباعة
 
كثيرا ما تدور التساؤلات بشأن أسباب عدم التنسيق بين واشنطن وموسكو في الغارات الجوية التي يشنها كل من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وبين روسيا من جانب آخر في سوريا، فى ظل شكوى موسكو من الغرب بعدم تزويدها بالمعلومات اللازمة عن تنظيم داعش وغيره من الجماعات الارهابية، طالما ان الهدف المعلن لكل الأطراف هو مواجهة الإرهابيين، واستعداد روسيا لتزويد التحالف بكل ما لديها من معلومات فى هذا الصدد.
تذكرت ذلك بعد إعلان الحكومة البريطانية أمس أن السبب الأقرب لسقوط الطائرة الروسية فى سيناء هو انفجار قنبلة، وما ترتب على ذلك من اتخاذها قرارًا بوقف الرحلات بين مطار شرم الشيخ والمطارات البريطانية، هكذا ظهرت فجأة هذه التصريحات وبالتزامن مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبريطانيا، واستباقا للتحقيقات الروسية المصرية فى هذا الحادث.
والسؤال المتكرر هنا، إذا كانت الحكومة البريطانية توصلت لمعلومات تخص هذا الأمر، فلماذا لم تنسق مع موسكو أو القاهرة قبل إصدار هذه التصريحات؟، ولماذا لم تتعاون مع جهات التحقيقات المعنية بالأمر وتزويدهم بما تلقته بريطانيا من معلومات؟، وما الرابط بين الموقف البريطاني بوقف الرحلات الجوية من شرم الشيخ، وتحذير الخارجية الأمريكية لمواطنيها من السفر إلى سيناء؟
إذا كان الهدف المعلن هو مواجهة الجماعات الارهابية فلماذا يغيب التنسيق؟  ولماذا أصبحت منطقة الشرق الوسط مكانا  للحرب بالوكالة بين القوى الدولية على حساب شعوب المنطقة حتى ولو تذرعت القوى العظمى بأنها تريد تحسين أوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان فى منطقتنا؟
والتناقض المثير للجدل، أن بريطانيا تعمل منذ فترة على تأجيل تقريرها بشأن الإخوان والجماعات الإرهابية، وتتراخى عن ملاحقة الإرهابيين المنتمين لداعش، وفى الوقت نفسه قدم رئيس الحكومة طلبا لمجلس العموم البريطاني من أجل الحصول على موافقته لتوسيع الحرب على داعش؟
ولا يغيب عن الذاكرة ما فعلته بريطانيا وفرنسا من خلال تضافر الجهود بينهم وقيادة تحالف حلف الأطلسي "الناتو" لإزاحة الرئيس الليبي من السلطة، وفى نفس الوقت ترك الشعب الليبي بلا قائد وبلا بدائل، بل يتم تقديم الدعم العسكري واللوجستي للجماعات الإرهابية، وما ترتب عليه من تخريب الدولة الليبية، مثلما يحدث الآن من تخريب الدولة السورية تحت مزاعم الديمقراطية، فى تعمد ملحوظ على تخريب الدول المنطقة وتحويلها إلى دويلات صغيرة ساعد على ذلك جماعات تبحث عن السلطة حتى ولو باعت أوطانها، وما خلفه هذا الوضع من هجرة ونزوح الملايين من سوريا والعراق وليبيا وتونس ومصر، لتصبح منطقة الشرق الأوسط مصدر تصدير اللاجئين بل والإرهابيين أيضا بسبب سياسات ومطامع الغرب.
أعتقد انه من الضروري التنسيق بين الاطراف المعنية بمواجهة الارهاب إذا كانت هناك رغبة حقيقية لمواجهة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويل الارهاب، ووقف الازدواجية التي تغلب على مواقف القوى الدولية فى هذه الأزمة، فليس من المقبول أن تقول هذه الدولة او ذاك بأنها تواجه الارهاب فى الوقت الذى تحتضن فيه الارهابيين وتقدم كل اشكال الدعم لهم، وليس من المقبول أيضا أن  يتم تزويد الإرهابيين بالسلاح تحت مسمى أنهم معارضة "معتدلة"، فمن يعارض بالسلاح اليوم يصبح إرهابيا فى الغد!
لا أعتمد على الموقف الروسي فى مكافحة الإرهاب، ولا أعتمد على الموقف الغربي أيضا، فلكل طرف أهدافه ومصالحه فى هذه الأزمات، ويدفع أهل المنطقة ثمن هذه الأزمات، ما بين استنزاف لثرواتهم وأموالهم لدعم مكافحة الإرهاب، أو إطلاق سباق التسلح فى المنطقة، فهل من نهاية؟!

شارك