مع تهديد بالانقلاب علي العبادي... "الحشد الشعبي" الجيش الطائفي في العراق

السبت 07/نوفمبر/2015 - 11:53 ص
طباعة مع تهديد بالانقلاب
 
فيما يبدو أن ميليشيات "الحشد الشعبي" باتت من القوة والعتاد العسكري لتكون جيشًا موازيًا في العراق، لتُطغي على وجود ومكانة الجيش الوطني في بلاد الرافدين ويتحول "الحشد الشعبي" والذي يغلب على طابعه مكونات من ميليشيات شيعية متشددة موالية لإيران.

التأسيس

تشكّلت ميليشيات الحشد الشعبي لأجلِ "مساندة الجيش العراقي" في مواجهة تنظيم الدولة السلامية "داعش"، بادئ ذي بدء، لكنها تحولت بمرور عام واحد فقط لتصبح في موقع أكثر أهميّة واستقطابًا من الجيش العراقي نفسه.
وفي 13 يونيو 2014، تلا الخطيب الشيعي عبد المهدي الكربلائي فتوى المرجعية الدينية الشيعية آية الله السيستاني، الداعية للشيعة القادرين على حمل السلاح لأن يهبّوا للجهاد المقدّس ضد "التكفيريين" وحماية المقدسات و”"ساندة الجيش العراقي" في حملته ضد الإرهاب، لينضمّ بعدها عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعيين إلى ما تم تسميته بـ"ميليشيات الحشد الشعبي".
وأسس لجنة الحشد الشعبي رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وأصبحت تقوم الآن بدور قيادي في العديد من العمليات الأمنية في العراق، ولكونها تعد جهة ربط بين طهران والحكومة العراقية والفصائل المسلحة فلها دور مؤثر في شكل متزايد في تحديد مستقبل البلاد.

حجم الحشد الشعبي

حجم الحشد الشعبي
يتألف «الحشد الشعبي» من 42 فصيلاً مسلحاً مسجلاً لدى مستشارية الأمن الوطني، وهو يضم 118 ألف مقاتل، فيما تبلغ قوة الجيش العراقي 250 ألف جندي. 
 وتنقسم الفصائل المسلحة عموماً إلى قسمين: الأول يضم الفصائل المسلحة المعروفة كـ «منظمة بدر» و«كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، والقسم الثاني الفصائل الصغيرة التي أُنشئ معظمها بعد فتوى السيستاني.
الثقل الكبير في «الحشد» يتمثل بقوات «منظمة بدر»، التي عادت إلى حمل السلاح بعد فتوى السيستاني، بعدما تحولت إلى منظمة سياسية في عام 2003. تضم المنظمة التي يتزعمها هادي العامري ما يقارب 23 ألف مقاتل، يشارك 12600 منهم في المعارك الحالية ضد «داعش» وهم مجهزون بأحدث الأسلحة.
لدى «منظمة بدر» العديد من الضباط الكبار في صفوف الأجهزة الأمنية، إضافة إلى انتماء وزير الداخلية الحالي، محمد الغبان إليها، كما أن لديها العديد من المستشارين الإيرانيين.
ويأتي كل من «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» في المرتبة الثانية على صعيد قوى المقاومة العاملة إلى جانب «الحشد الشعبي» ويضم كل منها ما يقارب ستة آلاف مقاتل. ويقود الأولى الشيخ قيس الخزعلي، الذي انشق عن التيار الصدري بعدما كان الرجل الثاني بعد مقتدى الصدر، فيما تعد قيادة «كتائب حزب الله» سرية الطابع، ويعرف عنها أنها تتألف من مجلس شورى.
أما الحركات الأبرز من بين تلك المنضوية في إطار «الحشد»، فهي «حركة النجباء» بقيادة الشيخ أكرم الكعبي، و«كتائب سيد الشهداء» بقيادة أبو آلاء، و«كتائب جند الإمام» بقيادة أبو جعفر الأسدي، و«كتائب الإمام علي» بقيادة الحاج شبل، و«حركة طلائع الخراساني» بقيادة علي الياسري، و«سرايا عاشوراء» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم، كما تنتمي لـ «الحشد» فصائل أصغر حجماًمثل «سرايا الجهاد» و«البناء» و«تشكيل الحسين الثائر» و«قوات الشهيد الصدر» و«كتائب التيار الرسالي» و«فرقة العباس القتالية» و«لواء علي الأكبر» التابعين للعتبتين العباسية والحسينية.
للمزيد عن قوة الحشد الشعبي اضغط هنا.. 

القيادة

القيادة
في 4 فبراير 2015، صوت مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون يقضي بضم قوات الحشد الشعبي إلى الحرس الوطني وتم تحويله إلى مجلس النواب لإقراره. وينص القانون على وضع قوات الحشد الشعبي تحت إمرة رئيس الوزراء ليتم استدعاؤها خلال الظروف الأمنية الطارئة.
ويرأس لجنة الحشد الشعبي جمال جعفر محمد الملقب بأبي مهدي المهندس وهو قائد سابق في منظمة بدر كان قد شارك من قبل في مؤامرة على صدام حسين، واتهمه مسئولون أمريكيون بتفجير السفارة الأمريكية في الكويت عام 1983. ويقول مسئولون عراقيون: إن المهندس هو الذراع اليمني لقاسم سليماني قائد فيلق القدس وهو جزء من الحرس الثوري الإيراني. ويشيد مقاتلون بالمهندس ويصفونه بأنه «قائد كل القوات وكلمته مثل سيف على كل الفصائل». ويساعد الكيان الذي يرأسه في تنسيق كل الأمور من المسائل اللوجيستية إلى العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش». ويقول أعضاء في هذا الكيان: إن الصداقة بين المهندس وسليماني والعامري تساعد في ترسيخ التعاون، يعتبر رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي هو القائد الفعلي لميليشيات الحشد الشعبي.
للمزيد عن الحشد الشعبي اضغط هنا 

الهيمنة الإيرانية

الهيمنة الإيرانية
بعد الانسحاب الأمريكي في 2011 شغلت إيران موقع الولايات المتحدة الأمريكية لتكون ذات النفوذ الأكبر في العراق، ونسقّت مع الحكومة العراقية باستمرار ضمن عدة اتفاقيات عسكرية وأمنية مشتركة، وتحاول إيران باستمرار تقوية نفوذها في العراق عبر الدعم غير المحدود لميليشيات الحشد الشعبي ليقوَى جانبه على حساب قوّة الجيش الرسمي نفسه، علمًا بأن التمركز الشيعي في الحكومة والجيش والأمن الذي تسبّبت به القرارات الأمريكية وزاد منه لاحقًا التدخل الإيراني هو أمر يثير الاستياء العراقي العامّ؛ نظرًا لأن السنّة يفوقون الشيعة في المنطقة ككل بنسبة 9 إلى 1 حسب مجلة الإيكونوميست.
وبوجه عام تشرف لجنة الحشد الشعبي على عشرات الفصائل وتنسق بينها. وتتحدث اللجنة أيضاً عن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي كعامل رئيسي في قرارها بالقتال وما تصفه بالدفاع عن العراق. وقال هادي العامري زعيم منظمة بدر لـ «رويترز»: إن نسبة كبيرة من أعضاء المنظمة تعتقد «أن السيد خامنئي متوافرة فيه شروط القيادة الإسلامية. ولذلك هو قائد ليس للإيرانيين وإنما قائد للأمة الإسلامية. إنني أعتقد وأفتخر بهذا الاعتقاد». وأصرّ على أنه ليس هناك تضارب بين دوره كزعيم سياسي عراقي وقائد عسكري وولائه الديني لخامنئي، قائلاً: إن خامنئي يضع «مصلحة العراق» كأولوية على أي شيء آخر.
ويقدر مسئولون عراقيون وأكراد عدد المستشارين الإيرانيين في العراق بما بين مئة ومئات عدة وهو أقل من نحو ثلاثة آلاف ضابط أمريكي يدربون القوات العراقية. لكن الإيرانيين يمثلون قوة ذات نفوذ أكبر من أوجه عدة. ويقول مسئولون عراقيون: إن دور طهران ينبع من اعتقادها أن تنظيم «داعش» يمثّل خطراً مباشراً على المزارات الشيعية ليس في العراق فحسب، وإنما في إيران أيضاً. والمزارات في البلدين وبخاصة في العراق تعد من أقدس المزارات الشيعية.
للمزيد عن الدور الإيراني اضغط هنا 

جيش موازٍ

جيش موازٍ
يذكر رئيس المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب، جاسم محمد، في حوارٍ له مع "دويتشه فيله" بأن:"انهيار الجيش العراقي، بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 لم تتبعه أية جهود حقيقية لإعادة بناء الجيش على أسس قوية وحديثة”، حيث لعبت المحاصصة الطائفية، وسياسة الدمج الخارجي (إدخال مجندين للجيش بوساطة الأحزاب والقوى السياسية) دورًا كبيرًا في إضعاف الروح القتالية للجيش، وربط ولائه بالأحزاب والأشخاص، ما جعل الجيش العراقي “يفشل في فرض نفسه على ساحة المعركة”.
ومع بروز قوة الحشد الشعبي، تكهن فريد اسارساد المسئول الكبير بإقليم كردستان العراق، أن تتطور الفصائل الشيعية العراقية إلى قوة دائمة تشبه الحرس الثوري الإيراني ويعتقد أنها ستعمل في يوم ما في شكل ترادفي مع الجيش النظامي العراقي. وقال إنه سيصبح هناك جيشان في العراق. وقد يكون لذلك آثار كبيرة بالنسبة إلى مستقبل البلاد. وتتهم جماعات حقوقية الفصائل الشيعية بتشريد وقتل سنّة في المناطق التي حرروها وهي تهمة ينفيها قادة الفصائل شبه العسكرية تماماً. وتلقي الفصائل باللوم في أي تجاوزات على السكان وتتهم سياسيين سنّة بنشر إشاعات لتلطيخ اسم الحشد الشعبي.

التهديد بالانقلاب

التهديد بالانقلاب
ومع تعاظم قوة الحشد الشعبي، هدد قيادي بالحشد الشعبي، الذي يغلب على مكوناته ميليشيات شيعية، بقلب نظام الحكم في العراق، إذا توفرت فتوى من المراجع الشيعية بذلك.
وأكد الأمين العام لحركة النجباء الشيخ أكرم الكعبي، قدرة قوات الحشد الشعبي، المقرب من رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، على "قلب" نظام الحكم شريطة حصوله على "مسوغ شرعي"، مشددا على حاجة العراق لـ"قائد" جريء وشجاع في اتخاذ القرارات.
وقال الكعبي خلال حديثه لبرنامج "غير متوقع" الذي تبثه "السومرية الفضائية": "إننا في الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية لدينا عمق مرجعي وإجازات شرعية، وبالتالي لا يمكن تنفيذ انقلاب عسكري أو قلب نظام الحكم إلا بقرار من المرجعيات الدينية".
ولفت الكعبي إلى أن "المؤسسة العسكرية في العراق هي مع النظام وتسخر قوتها للدفاع عن العراق"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى "حاجة العراق لقائد ورئيس وزراء جريء وشجاع في اتخاذ القرارات يقول لأمريكا ارجعي من حيث جئتي".
للمزيد عن الانقلاب على العبادي اضغط هنا

المشهد العراقي

المشهد العراقي
فيما يبدو أن الحشد الشعبي بات الآن القوة الأكثر نفوذًا في العراق، وتحققت مخططات إيرانية باستنساخ قوة عسكرية موازية للجيش الوطني؛ من أجل فرض قرارها على الشارع والدولة العراقية، في ظل محاربة تنظيم "داعش" والذي يعتبر استثمارًا في محاربة التنظيم وليس مواجهة للقضاء عليه، ومع تهديدات بالانقلاب على العبادي أصبح الشارع العراقي رهين قرارات طهران والحشد الشعبي.. مما يرسم صورة قاتمة للمستقبل بلاد الرافدين والتي أصبحت رهينة لميليشيات ذات ولاءات خارجية.

شارك