هل تنهي المبادرات الروسية ملامح المستقبل السوري؟

الأربعاء 11/نوفمبر/2015 - 06:38 م
طباعة هل تنهي المبادرات
 
تعتبر روسيا نفسها جزءًا من الصراع السوري بينما تعتبرها المعارضة السورية  المسلحة حجر عثرة أمام إسقاطها للرئيس السوري بشار الأسد  في الوقت الذى يعتبرها الغرب سببًا مباشرًا في تعقيد الأزمة وليس حلها.
هل تنهي المبادرات
النظام الروسي يعتبر أن حسم الأزمة لغير صالحه أمر غير مقبول ولذلك يعمل على طرح المبادرات والمسودات، أملا منه في أن تكون روسيا مركز التعقيد والحل معًا، ولذلك فقد اقترحت مسودة مشروع لإنهاء النزاع في سوريا ستطرح في الجولة الثانية من المحادثات المتعددة الأطراف في فيينا هذا الأسبوع وهو تعديل للمبادرة الروسية الأساسية التي تتكون  مسودتها  من ثماني نقاط أساسية تتمثل فيما يلي:
1- تحديد قائمة الأهداف التي يتم قصفها بواسطة المقاتلات الروسية والأمريكية وحلفائها في سوريا، وينضاف إلى قائمتها كل الجهات التي ترفض الحل السياسي.
2- وقف كل المعارك على الخطوط الأمامية بين قوات المعارضة السورية والجيش السوري
3- إطلاق كافة المعتقلين، التخطيط للانتخابات البرلمانية والرئاسية، إصدار عفو عام، تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية، الموافقة على تغييرات في الدستور يتم بموجبها نقل صلاحيات الرئيس لرئيس الوزراء المنتخب، ويعلن كل هذا عقب مؤتمر حوار يضم معارضة الداخل والجيش السوري الحر.
4- يقدم بوتين ضمانات بأن بشار الأسد لن يتم ترشيحه، ولن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، لكن يمكن لشخصيات أخرى من عائلة الأسد أو شخصيات في النظام أن تترشح للانتخابات.
هل تنهي المبادرات
5- على النظام والمعارضة التوافق على خطة لدمج قوات الدفاع الوطني والجيش السوري الحر وقوات أخرى في صفوف الجيش السوري والقوات الأمنية.
6- تضمن روسيا عفوا عاما لكل أفراد المعارضة وناشطيها ومقاتليها داخل وخارج سوريا في المقابل لن تقدم المعارضة على مقاضاة الأسد لجرائمه داخل وخارج سوريا.
7- إنهاء الحظر المفروض على كل مؤيدي الأسد، وعلى مؤيدي مناطق المعارضة و تجميد كل أشكال القتال، وعلى كافة الدول المؤيدة والداعمة وقف الدعم العسكري لجميع الفرقاء في سوريا.
8- تبقي  روسيا على وجود قواتها في سوريا لضمان تطبيق خطة السلام بعد إقرار القوانين الخاصة بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي.
هل تنهي المبادرات
وبعد تشاور مع واشنطن وتفاوض  مع عواصم عربية مؤثرة في الأزمة استطاعت روسيا أن تحصل على  نوعا من التجاوب من الإدارة الأمريكية، ودخلت واشنطن في اتصالات بشأنها في أفق إجراء تعديلات للوصول إلى صيغة نهائية ترضي جميع الأطراف  في خضم حديث أطراف النزاع السوري عن حل سياسي للأزمة في المدى القريب ليتوصل  وتم التوصل  الى النقاط التالية التي ستعرض على مؤتمر جنيف والتي تضمنت ما يلي:
1- اتفاق الحكومة والمعارضة السورية على بدء عملية إصلاح دستوري تستغرق 18 شهرًا تعقبها انتخابات رئاسية مبكرة.
2- على الأطراف السورية الاتفاق على الخطوات في مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة في المستقبل ويشترط الاقتراح الروسي على المعارضة أن تشارك في العملية السياسية ضمن "وفد واحد" يتم الاتفاق عليه مقدما
3- الرئيس بشار الأسد لن يرأس عملية الإصلاح الدستوري، لكنه لا يستبعد مشاركته في الانتخابات المبكرة  وهو  من أهم نقاط الخلاف بين الغرب الذي يدعو إلى رحيله، وروسيا وإيران الداعمتين له.
4-  الرئيس السوري الذي سينتخب سيضطلع بوظائف القائد الأعلى للقوات المسلحة ويشرف على الأجهزة الخاصة والسياسة الخارجية.
5-  وقف إطلاق النار في سوريا،  يجب ألا يشمل العمليات ضد تنظيم داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية. 
هل تنهي المبادرات
وأشار دبلوماسي غربي أن موسكو تريد استخدام تعريف الجماعات الإرهابية ليشمل كل الجماعات المعارضة المسلحة وليس فقط من وصفهم بالجهاديين مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة. 
واستبعد دبلوماسي آخر موافقة الدول المعارضة للأسد على وثيقة روسيا -التي تدخلت منذ أكثر من شهر إلى جانب الأسد بغارات جوية تستهدف في معظمها المعارضة- قائلا "إنها لا تناسب الكثيرين" وأن من اختلفوا مع النهج الروسي يحرصون على أن يكون النص أساسا للمفاوضات.
 وسبق أن فشل المبادرة الروسية  في يناير 2015م  بسبب تمسكها بالحوار بين نظام الأسد والمعارضة أكثر  من العمل على إيجاد حلّ واقعي للوضع السوري المأزوم وكانت تريد  خلق مقاربة سياسية جديدة للوضع في سوريا، من شأنها أن تؤدِّيَ إلى تعزيز صورة نظام الأسد وواقعه سياسيّا وعسكريّا. 
هل تنهي المبادرات
واعتبرت دراسة حديثة أن المبادرات  الروسية تحمل  هدفين أساسيين؛  الأول: أنها تُشكّل مقدمةً للتحلل من التزامات إعلان جنيف.
 الثاني: أنها ستكون بالضرورة، من خلال صيغة الدعوة وآليتها والشخصيات المدعوة، بوابةً لإعادة تأهيل النظام السوري، إلى جانب تمييع الطرف المعارض للنظام.
وقالت إن موسكو وجدت في تغير الأجندات الدولية، بما فيها مجموعة أصدقاء سوريا، وتركيزها في مكافحة الإرهاب والتطرف -بوصفها أولويةً راهنةً وملحةً- فرصةً يمكن استثمارها لفرض رؤًى وتصورات جزئية من خلال حلّ الأزمة بكيفية موائمة لطروحاتها ومصالحها، وبما يسمح لها بنسف التوافقات السابقة. 
هل تنهي المبادرات
وعلى الرغم من أنّ الروسية في ذلك الوقت  كانت  تستخدم تعابير مغريةً؛ من قبيل "الحوار المفتوح" و"الحوار الوطني الشامل والمباشر"، و"مشاركة جميع السوريين"، و"الحوار من دون تدخل خارجي في الشؤون السيادية لسورية"، فإنّ هدفها الرئيس، كما توضح الورقة، هو إجراء حوارات شكلية تُجنِّب النظام السوري الضغوط الدولية لدفع الأثمان المستحقة، وتجنِّبه الخروج بحلّ سياسي شامل، وتساهم في مرحلة لاحقة في إعادة تأهيله، عبر جلب شخصيات جديدة وإلباسها ثوب المعارضة.
وتوقعت الدراسة أن تكون المبادرة الروسية محكومة بالإخفاق؛ لعدّة أسباب، منها:
1- أنها لا تلبي أيّ مطلب من مطالب الشعب السوري، فكأنّ الثورة لم تقع، والتضحيات لم تُقدَّم.
2- انفرادها بالدعوة إلى لقاء موسكو ورعايته، وهذا سيؤثر في ثقة الدول الإقليمية والمعارضة السورية عموما بمبادرتها، بالنظر إلى أنها ليست وسيطا حياديّا، بل هي طرفٌ داعمٌ للنظام السوري سياسيّا وعسكريّا. 
3-  إنّ ما تسعى له روسيا هو إنجاز تسوية بين النظام السوري وقوى قريبة منه أو من صناعته، وهي قوى هشة لا سلطة لها على الأرض، ولن تزداد فُرص نجاحها حتى لو شاركت بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة.
4- ترتكز المبادرة الروسية على بند "مكافحة الإرهاب"، ولا تتناول النقاط الجوهرية المتمثلة في " هيئة الحكم الانتقالي، ودور الأجهزة العسكرية والأمنية، ومستقبل رأس النظام"، الأمر الذي يعني استمرار عوامل النزاع على الأرض.
5- غياب الموقف الواضح للولايات المتحدة الأميركية، ودعوة إيران بمفردها، من دون دعوة دول إقليمية وعربية فاعلة في الملف السوري.
هل تنهي المبادرات
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن موسكو تحاول من خلال هذه المبادرات  السيطرة على توجهات معارضة الداخل " هيئة التنسيق وحزب الإرادة الشعبية وفق مرجعية جنيف 1،  وبسط نفوذها أيضا على الائتلاف  الوطني السوري أكبر تكتل للمعارضة في الخارج   للتخلي عن مبدأ رحيل الأسد مع ان هذا الامر  خارج التداول الواقعي ومحاولة التوصل الى صيغة توافقية مع  السعوديون للقبول بكل صيغ  الحكم القائمة في سوريا، دستورياً وسياسياً وعسكرياً وأمنياً، ولكن مع تنحّي شخص الأسد وفى الوقت نفسه تحقيق مصالحها مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة وبما لا يتعارض مع مصالحها في سوريا.

شارك