"السنغال" تواجه ظاهرة انتحاريات "بوكو حرام" بحظر ارتداء "النقاب"

الخميس 19/نوفمبر/2015 - 11:08 ص
طباعة السنغال تواجه ظاهرة
 
مع توالي العلميات الإرهابية في الدول العربية والأوروبية وكذلك الإفريقية، بدأت بعض الدول ترفع حالة الحظر لمواجهة خطر الإرهاب في بلادها، وبالأخص في أعقاب تفشي ظاهرة استخدام النساء في العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعة الإرهابية "بوكو حرام"؛ حيث تُعد الحكومة السنغالية لوضع قانون يحظر اللباس النسائي المعروف باسم "البرقع" كما أعلن وزير الداخلية السنغالي عبدولاي داودا.

منع ارتداء النقاب بسبب "بوكو حرام"

منع ارتداء النقاب
تعد السنغال الدولة الإفريقية الخامسة التي تفرض قيودًا على ارتداء النقاب، وأكد داودا أن النساء في السنغال لن يرتدين هذا اللباس في بلاده مستقبلاً بقوة القانون، حفاظاً على الأمن القومي للسنغال، والتوقي من العمليات الإرهابية التي ترتكب في عدد من الدول الإفريقية، المجاورة، باستعمال البرقع.
ويأتي هذا القرار عقب استخدام الجماعة الإرهابية "بوكو حرام" النساء في العلميات الإرهابية الذي تقوم بها منذ ظهورها؛ حيث استغلت الجماعة السيدات الأرامل لتفجير أنفسهن وسط الأماكن المستهدفة؛ ما جعل الدول الإفريقية تتخذ هذا القرار لمنع أي شبهات تجاه النساء.
والجدير بالذكر أن آخر عملية قامت بها جماعة "بوكو حرام" هو هجوم انتحاري من قبل شابتين كانتا ترتديان برقعاً وأوقعتا 27 ضحية قرب العاصمة نجامينا.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فقد أثار القرار السنغالي جدلاً واسعًا، بين مؤيد ورافض وبين مدافع عن الحريات الفردية.
 وأوضح الباحث السنغالي خديم مباك، أن فرض الحكومة مثل هذا المنع ربما يتسبب في بعض الاضطرابات الاجتماعية، بسبب حساسية التوفيق أحياناً بين الإجراءات الوقائية التي تفرضها الأوضاع الأمنية، والحريات الخاصة.
زعيم الدين ونائب البرلمان السنغالي، مباي نيانغ، قال: "إن القانون على عكس ما يقال سيحمي الإسلام نفسه، فلا يجب السماح لأي شخص كان أن يُخفي نفسه بهذه الطريقة مثل الإرهابيين، مضيفًا أن هذا اللباس يُمثل إرثاً ثقافياً واجتماعياً في عدد من الدول، ولكن ليس في السنغال، ولا حتى في الإسلام". حسبما نقلت عنه صحيفة لوكوتيديان السنغالية، معتبراً أن الإرهاب الذي يريد ضرب الدين، يعتمد على مثل هذه الطريقة واللباس.
وطلب داوودا عدم النظر إلى هذا الإجراء على أنه معاد للإسلام، فالسنغال دولة ذات أغلبية مسلمة، كما قال.
وكان الرئيس السنغالي الماكي سول وهو مسلم قد صرح الأسبوع الماضي بأن ارتداء النقاب غريب على ثقافة الشعب السنغالي وروح الإسلام المتسامح المنتشر في غرب إفريقيا، داعيًا إلى حملة شجاعة لمكافحة المتطرفين الإسلاميين.

أول العمليات في السنغال

أول العمليات في السنغال
كانت ألقت السلطات ألقت القبض على إمامين بشبهة وجود صلات لهما مع جماعات إرهابية، وهي الحالة الأولى المعلن عنها في البلاد، وبدأت الحملة باعتقال الإمام إبراهيما سي في مدينة كولدا جنوب البلاد وهو أستاذ في ثانوية ألفا مولو بالده.
ووصف هذا الإمام آنذاك في إحدى خطبه الرئيسين السنغالي مكي صال والفرنسي فرانسوا أولاند بأنهما كافران وأعداء للإسلام والمسلمين.
وألقت السلطات الأمنية السنغالية يوم 27 أكتوبر الماضي القبض على الإمام علي أنضو في منطقة كولخ، وهو الأمين التنفيذي الإقليمي لرابطة الأئمة السنغاليين، ثم اعتقلت بعده ستة أئمة متهمين بالخطاب المتطرف، بينهم الإمام مامادو أنجاي إمام جامع روفيسك والداعيتان النشطتان السيدتان كومبا أنيانغ ومرم صو.
وكانت هذه الحملة قد بدأت بعدما توصل محققون نيجيريون بمعلومات أدلى بها تحت التحقيق الإرهابي السنغالي أديوخاني الذي اعتقل على حدود نايجيريا والنيجر، واتضح من خلال التحقيقات أن له علاقات وطيدة بحركة "بوكو حرام" الإرهابية التي تهدد منذ سنوات الأمن داخل نيجيريا وفي جمهوريتي تشاد والكاميرون.
فقد تأكد المحققون من أن أديوخاني هو الذي يتولى التنسيق بين قيادة بوكو حرام وعدد من أئمة السنغال، وفيما أكدت وثائق مالية ورسائل عثر عليها الأمن السنغالي وجود علاقات قوية بين الأئمة المعتقلين وحركة بوكو حرام.
واحتجت رابطة الأئمة والدعاة السنغاليين على اعتقال الأئمة، وأكدت في رسالة للرئيس السنغالي أنه بالإمكان مكافحة الإرهاب بطريقة لا تسلط فيها ولا تعذيب.

الإرهاب في الدول الإفريقية

الإرهاب في الدول
كانت تشاد والجابون والكونغو برازافيل قد أعلنت إجراءات مماثلة، بينما بدأت جابون بتطبيق الإجراء منذ شهر يوليو الماضي.
يذكر أن البلاد الخمسة هي مستعمرات فرنسية سابقة، رغم أن فرنسا بدأت بحظر النقاب عام 2011 ما أثار ضجة واحتجاجات.
وقد تعرضت تشاد والكاميرون إلى هجمات انتحارية ربطت بحركة "بوكو حرام" النيجيرية، التي يرتدي منفذو عملياتها أحيانا النقاب لتسهيل دخولهم إلى الأماكن المزدحمة، فيما لم يتعرض السنغال إلى اعتداءات أو هجومات إرهابية في الفترة الماضية، وذلك رغم تأكيد السلطات اهتمامها بما يمثله تنظيم بوكو حرام الناشط في شمال شرق نيجيريا، ومحاولاته مد هجوماته إلى دول إفريقية أخرى؛ خاصة بعد اعتقال الأمن السنغالي 5 مشبوهين واتهمتهم بالارتباط بتنظيم بوكو حرام وتشكيل خلية داخل البلاد.
وعقدت داكار عاصمة السنغال يوم 10 نوفمبر الجاري مؤتمرًا دوليًا لمكافحة الإرهاب، بمشاركة شخصيات من القارة الإفريقية والعالم، بينهم مئات الخبراء في شئون الأمن ومسئولون من فرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة ومختلف الدول الإفريقية.
وتشهد القارة الإفريقية منذ فترة انعقاد عدة مؤتمرات دولية وإقليمية؛ لبحث سبل مواجهة الإرهاب والتطرف والجرائم العابرة للحدود.

مواجهة "بوكو حرام"

مواجهة بوكو حرام
 استمر المؤتمر على مدار يومين لوضع استراتيجيات لمواجهة الخطر المتزايد الذي تشكله جماعة "بوكو حرام" على وجه الخصوص، وجماعات جهادية أخرى في المنطقة، جاء المؤتمر في أعقاب إعلان سلطات السنغال اعتقالها عددًا من الأئمة واتهامهم بدعم جماعة "بوكو حرام" الإرهابية، والتي تتخذ من نيجيريا مقراً لها.
وكانت آخر هجماتها من قبل فتاتين انتحاريتين ترتديان أحزمة ناسفة، فجرتا نفسيهما في تشاد في سوق بالقرب من بحيرة تشاد؛ ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، وأجرت سلطات الأمن السنغالية تحقيقات أظهرت أن تأثير حركة "بوكو حرام" الإرهابية المتطرفة قد وصل عمق السنغال.
وأكد النقيب أديوب سيلا مسئول خلية مكافحة التطرف في قيادة الدرك السنغالية- مسبقًا- أن أجهزة الأمن مستمرة في حملة تتبع الأئمة الذين يبشرون بالخطاب المتطرف؛ حيث اعتقلت العشرات منهم بعد أن لاحظت هذه الأجهزة، التي تتابعهم منذ أشهر أن تأثيرهم المهدد للسكينة العامة قد وصل لدرجة لا يمكن السكوت عنها.

المسلمون في السنغال

المسلمون في السنغال
يمثل المسلمون في السنغال 90 في المئة من السكان، وأغلب السكان ينتمون لطرق صوفية سنية معتدلة أبرزها الطريقة التجانية لمؤسسها الشريف الشيخ أحمد التجاني، والطريقة المريدية لمؤسسها الشيخ أحمدو بمبه، إلا أن الحركة السلفية الوهابية دخلت في السنوات الأخيرة لمدن وقرى السنغال وتمكنت من تأسيس العديد من المساجد والروابط، كما تمكنت عبر التمويلات والمساعدات من جذب عدد كبير من الأئمة والدعاة، وهو ما هيأ الأرضية الصالحة لتمدد حركة بوكو حرام نحو السنغال وغامبيا.
وتحتضن السنغال جالية لبنانية كبيرة تقدر بثلاثين ألفا، وهي الجالية الأجنبية الأكبر في البلاد، ونسبة الحاصلين منهم على الجنسية السنغالية يراوح بين 60 و65 في المئة. 
ووفق متابعين لا يمارس اللبنانيون في السنغال السياسة إلا في حدود ضيقة، لكنهم يتأثرون بشكل مباشر بأجواء الإرهاب؛ حيث يشكل الأخير الخطر الرئيسي الذي يتهدد أمن إفريقيا والعالم، إذ لم يعد الإرهاب قضية تخص دولة بعينها، كما باتت الدول عاجزة عن مواجهته من دون تحالف دولي.
وتدخل السنغال في مواجهة خطر الإرهاب عقب انتشار جماعة بوكو حرام بنسائها الانتحاريات. 

شارك