اضطهاد "حزب النور" من قِبل أجهزة الدولة بين الوهم والحقيقة
الخميس 19/نوفمبر/2015 - 04:19 م
طباعة
في حديث له مع وكالة رويترز للأنباء اشتكى ياسر برهامي القيادي البارز في حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية من "اضطهاد" لحزبه من جانب أجهزة في الدولة، قال إنها ترغب أن يكون "صغيرًا جدًّا"، رغم مواقفه الداعمة للحكومة منذ ثورة 30 يونيو وعزل محمد مرسي. ويعتبر ياسر برهامي أن هذا أحد الأسباب التي أدت إلى ضعف نتائج الحزب في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، والتي يقول إنها "لا تعبر عن الوزن السياسي ولا المجتمعي" للسلفيين في مصر. ولم يحصل حزب النور سوى على تسعة مقاعد في المرحلة الأولى التي جرت الشهر الماضي في 14 محافظة، من بينها مقعد فاز به مرشح مستقل متحالف مع الحزب، وذلك بعدما جاء في المركز الثاني بعد الإخوان في الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت في أواخر 2011 وبدايات 2012.
ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية
وقال برهامي: "وزارة الداخلية تمارس نوعًا من الاضطهاد لأبناء حزب النور." وأضاف أن الوزارة قامت "بتعديات ضخمة جدًّا" ضد أعضاء حزب النور في ثلاث محافظات على الأقل خلال المرحلة الأولى، مثل نقل أعضاء بالحملة الانتخابية ممن يعملون في وظائف حكومية لمناطق أخرى بعيدة عن محال إقامتهم واعتقال العشرات منهم. ويشغل برهامي منصب رئيس اللجنة الصحية بالحزب؛ نظرًا لكونه طبيبًا وهو أيضًا عضو في مجلس إدارة الدعوة السلفية التي خرج من رحمها حزب النور، وتعد أكبر كيان دعوي سلفي منظم في مصر. وقال: إن هناك اتجاهًا داخل بعض أجهزة الدولة "يرغب في وجودنا في حجم صغير جدًّا، تمامًا كما حدث في لجنة الخمسين." وكان يشير إلى تخصيص مقعد واحد فقط لحزب النور في لجنة تشكلت لتعديل الدستور بعد عزل مرسي، وأطلق عليها لجنة الخمسين؛ لأنها كانت تتألف من 50 عضوًا. ولم يتسن لرويترز الحصول على تعليق من المتحدث باسم وزارة الداخلية أو المتحدث باسم الحكومة للرد على برهامي.
الكاتب والمحلل السياسي ضياء رشوان
بينما قال الكاتب والمحلل السياسي ضياء رشوان لرويترز: "يمكن القول إنه لا يوجد تدخل من الدولة على الإطلاق في الانتخابات حسب المؤشرات التي لدينا... نحن حقيقة لم نلحظ شيئًا كهذا." ويقول مراقبون: إن حزب النور اتبع منذ 3 يوليو 2013، نهجًا تصالحيًّا وحذرًا مع الحكومة، وينفي حزب النور أن يكون تأييده لعزل مرسي نابعًا من مخاوف من القمع أو سعيًا وراء مكاسب سياسية، ودائمًا ما يقول قياديوه إن مواقفه تهدف فقط للحفاظ على مصر واستقرارها. والانتخابات البرلمانية هي المحطة الأخيرة لخارطة الطريق التي أعلنها السيسي عقب عزل مرسي. وستجري مرحلتها الثانية في 13 محافظة بينها القاهرة يومي 22 و23 نوفمبر. ويقول السيسي: إن الانتخابات خطوة مهمة نحو الديمقراطية، في حين يرى معارضوه أنها ستتأتى بمجلس نواب يصدق فقط على قراراته. وعقب المرحلة الأولى قال حزب النور إنه يدرس الانسحاب من الانتخابات، لكنه قرر في اجتماع لقياداته استكمال المنافسة. وقال برهامي الذي درس أيضًا الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: "نحن دائمًا ما نحسبها من جهة المصالح والمفاسد. انسحابنا ماذا يصنع؟ يؤدي إلى غياب أي صوت إسلامي كليةً في البرلمان، وهذا يقدح في شرعيته ويقدح في العملية السياسية برمتها." وأضاف: "نحن نقول: إن من اللازم أن يكون لدى مصر برلمان حتى ولو كان به عوار. هذا أفضل من أن تظل السلطة التشريعية في يد شخص واحد."
ويقول برهامي: إن حزبه تعرض لحملة إعلامية "شرسة" من الإعلام الإخواني والإعلام الرسمي والإعلام الخاص لتشويهه، بينما لا يملك وسيلة للرد من خلالها وهو ما أفقده جانبًا من مؤيديه ونفر عموم الناس منه. بينما قال ضياء رشوان: "هناك حملة إعلامية لكنها ليست منسوبة للدولة مباشرة. قام بها إعلاميون وسياسيون ومعلقون. البعض لا يراها مناسبة في وقت الانتخابات، وأنا شخصيًّا لم أشارك بها." وأضاف أن الحملة الإعلامية ليست وحدها سبب تراجع حزب النور. وقال: "هناك تخوف عام (لدى الناس) من الإخوان ومن أي شيء يشبه الإخوان وهذا طبعا أثر على النتيجة."
وينفي برهامي أن يكون السلفيون وجها آخر للإخوان، وقال إن حزبه عارض "سياسة الإقصاء" التي اتسم بها حكم الإخوان على حد وصفه. لكنه أقر بأن تأييد الحزب لعزل مرسي ربما أفقده جانبًا من مؤيديه، وكان أحد أسباب تراجع الحزب بالانتخابات لكنه ليس السبب الرئيسي. وقال: "هناك جزء تأثر بالتأكيد لكن ليس بالحجم الذي يخرجنا باثنين في المئة في النهاية." وأضاف: "الشعب المصري عمومًا لديه حالة إحباط لعدم وجود إصلاح حقيقي. جزء من أبناء التيار السلفي كذلك لديهم نفس الرؤية وبالتالي الكثير جدًّا منهم، مع أنهم منتمون للحزب إلا أنهم غير راغبين في ممارسة العمل السياسي."
والجدير بالذكر هنا أنه من بين الذين تركوا حزب النور اعتراضًا على موقفه هاني سرحان المسئول السابق بالحزب في محافظة الفيوم جنوبي القاهرة. وقال سرحان: "الكثير من المنتمين لحزب النور تركوه عقب سقوط مرسي". مشيرًا إلى أن ذلك انعكس في الجولة الأولى للانتخابات. وأضاف: "كثير ممن كانوا يصوتون لصالح الإخوان في الانتخابات كانوا يصوتون أيضًا لحزب النور." ويرى ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن حزب النور "أمسك العصا من المنتصف في الأزمة الكبيرة التي وقعت بين الإسلام السياسي والمجموع العام. فهو لم ينضم إلى الإخوان ولم يتخل عن إسلامه السياسي".
ومن الجدير بالذكر أيضًا أن معظم قيادات حزب النور السلفي يصعدون المنابر لإلقاء خطب الجمعة بتصريح من وزارة الأوقاف، ويتم تجديد تصاريح الخطابة في أوقاتها، رغم استغلال هذه القيادات للمساجد في الترويج لمرشحي الحزب مما يخالف القانون، وهذا ما ينفي تمامًا حديث برهامي عن اضطهاد الحزب من قِبل أجهزة الدولة.
