الأنبا "إبراهام" مطران الكنيسة القبطية بالقدس.. 24 سنة في إسرائيل

الأربعاء 25/نوفمبر/2015 - 05:35 م
طباعة الأنبا إبراهام مطران
 
عن عمر يناهز 73 عاما توفي اليوم الاربعاء 25 نوفمبر 2015 نيافة الأنبا أبراهام مطران الكنيسة القبطية  للكرسي الأورشليمي (القدس) والشرق الأدنى، بعد خدمته لمدة 24 سنة مطرانا على أورشليم.

الميلاد والنشأة:

وُلد نيافته بمركز المنشأه، محافظة سوهاج في 30 يونيو سنة 1943م، وُسمى" إبراهيم"، رباه والداه تربية مسيحية حقيقية، ظهرت ثمار هذه التربية في حبه لله و تعلقه الشديد بالكنيسة و الخدمة فيها منذ نعومة أظافره، بعد إتمام الدراسة الثانوية، التحق بكلية الزراعة، وحصل على بكالوريوس الزراعة في سنة 1964م، بتفوق أهَلهُ للدراسات العليا فحصل على الماجستير في الأعشاب الطبية في سنة 1970م، ثم على الدكتوراه في النباتات الطبية في سنة 1976م، ثم عُين أستاذاً مساعداً للعلوم الصيدلانية في سنة 1980م . 
أما عن اهتماماته الدينيةِ فقد التحق بالكلية الإكليريكية، و حصل منها على البكالوريوس سنة 1971م، ثم التحق بمعهد الدراسات القبطية، فحصل على الماجستير في العلوم اللاهوتية سنة 1971م .
بعد حصوله على كل هذه الدرجات العلمية، رغب في حياة الرهبنة و الزهد، ف ذهب إلى دير الأنبا بيشوي طالباً للرهبنة في 5/6/1983م وتمت رهبنته بإسم الراهب سدراك الأنبا بيشوي في 19-3-1984، و بعد فترة من رهبنته، إنتدبه قداسة البابا شنوده الثالث للخدمة و الرعاية للشعب القبطي في سويسرا .
ثم  رسم مطراناً للكرسي الأورشليمى والشرق الأدنى بيد  قداسة البابا شنوده الثالث في 17/11/1991م، وتم تجليسه على كرسيه بالقدس في 3 يناير 1992م . و منذ جلوسه على الكرسي الأورشليمى و حتى وقتنا هذا، لم يدخر جهداً في سبيل الاهتمام بالشعب القبطي، ويقدم لهم الرعاية الروحية والاجتماعية وكافة الخدمات بكل أنوعها .
كما قام بالعديد من المشاريع و المباني التي تساهم في نهضة الكنيسة القبطية بالأراضي المقدسة، فصارت الكنيسة القبطية تعيش في عهد نيافته أزهى عصورها.
ويمثل كرسي الكنيسة القبطية في القدس حالة من كشف تناقض الكنيسة التي تمنع شعبها من الذهاب للقدس وتعتبر ذلك امرا محرما وفي نفس الوقت ترسم اسقفا لرعاية هذا الشعب  ؟! أما تاريخيا  فللكنيسة القبطية مطارنة للكرسى الأورشليمي الذين هم رهبان من دير الأنبا أنطونيوس 
الأنبا ابرآم 1819م – 1845م
كان راهباً بدير الأنبا أنطونيوس. رسم البابا بطرس السابع أسقفاً للقدس خلفاً للأنبا خريستوذولوس الثالث الذى تنيح سنة 1819م. وقع على تزكية القس داود الصومعي للبطريركية المحفوظة بمكتبة المتح القبطي.
الأنبا باسيليوس الثاني (الكبير) 1856م – 1899م
ولد في مركز فرشوط بمحافظة قنا سنة 1818م، وقد رباه والداه في خوف الله. فى سنة 1843م عندما بلغ الخامسة والعشرين من عمرة قصد دير الأنبا أنطونيوس حيث ترهب وكرس وقته للدرس والتأمل وخدمة الشيوخ والمرضى من إخوانه الرهبان. رسم قساً سنة 1849م ثم قمصاً سنة 1852م، ثم أُختير رئيساً للدير.
رسم مطراناً على الكرسي الأروشليمي سنة 1856م بإسم الأنبا باسيليوس. كانت تتبع إبراشيته فى ذلك الوقت القليوبية والشرقية والغربية والدقهلية ومحافظات القنال ودمياط، كما كان مطران القدس يعتبر رئيساً لدير الأنبا أنطونيوس الملاصق لكنيسة القيامة.
حدثت نهضه عمرانية كبيره فى عهده، فقد اشترى عند وصوله يافا منزل قديم وحوله إلى دير باسم الأنبا أنطونيوس وبنى كنيسة الدير سنة 1858م (وهى التي دفن بها). جدد دير الأنبا أنطونيوس الملاصق لكنيسة القيامة وبنى به كنيسه جميله وداراً للبطريركيه، وأيضاً اشترى قطعة أرض كبيرة فى إريحا وقد بناها خلفه ديراً للأنبا أنطونيوس سنة 1922م. كما بنى العديد من الكنائس وجدد البعض الآخر فى بقية محافظات الأبراشيه التابعة له، أشتهر أيضاً بحبه لعمل الخير وعطفه على الفقراء والمساكين فأحبه الجميع.
مرض قبيل وفاته ببضع سنين، فذكى تلميذه القمص ميخائيل الأنطوني عند البابا كيرلس الخامس، فرسمه أسقفاً باسم الأنبا تيموثاوس ليعاونه. تنيح يوم الأحد 26 مارس 1899م.
الأنبا تيموثاوس الأول 1899م – 1925م
ولد ميخائيل الشبلنجي سنة 1856م فى الزقازيق، والتحق بمدرسة الفرير. كان يريد الالتحاق بدير الأنبا أنطونيوس عندما بلغ ثمانية عشر سنه ولكن والداه أعادوه وعندما علموا بإصراره تركوه يذهب إلى الدير وسيم راهباً فى سنة 1885م.
أختاره الأنبا باسيليوس الكبير ضمن أربعة رهبان للخدمة فى القدس ورسمه قساً. فى سنة 1892م رقاه إلى رتبة القمصية وجعله سكرتيراً له. رسم أسقفاً باسم الأنبا تيموثاوس سنة 1896م، ورقى إلى رتبة مطران للكرسى الأورشليمي سنة 1899م. كانت إبراشيته تشمل محافظات القنال والشرقية ومعظم مناطق الغربية. سار كسلفه فى التعمير وشيد الدير بأريحا وأصلح دير الشهيدة دميانة بالبراري.
نفي فى فترة الحرب العالمية الأولى ومعه القمص يوحنا الأنطوني البهجوري (رئيس أديرة الأقباط بالقدس) وعاد سنة 1918م. تنيح فى 9 يونيو 1925م.
الأنبا باسيليوس الثالث 1925م – 1935م
ولد القمص يعقوب الأنطوني بأخميم وترهب بدير الأنبا أنطونيوس. خدم لفتره في القدس ثم تمت رسامته مطراناً باسم الأنبا باسيليوس سنة 1925م فى عهد البابا كيرلس الخامس. كانت إبراشيته تشمل القدس والأردن وسوريا ولبنان والشرق الأدنى ومحافظات سيناء والقنال والشرقيه.
تنيح فى 9 مايو 1935م ودفن جثمانه بجوار الأنبا باسيليوس الثاني بمقبرة المطارنة بدير الأنبا أنطونيوس بيافا.
الأنبا ثاؤفيلس الأول 1935م – 1945م
ولد سنة 1893م في المناهرة، سمى سنة 1910م باسم الراهب بطرس فى دير الأنبا أنطونيوس، وقساً سنة 1915م وقمصاً سنة 1921م بيد رئيس الدير الأنبا مرقس. ثم أختير لرعاية الشعب القبطي بكوم أمبو.
سنة 1922م عين رئيساً لدير مارجرجس بالقدس ثم وكيلاً لوقفى الأنبا أنطونيوس والقيامة بالقاهرة1931م فرئيساً لدير الأنبا أنطونيوس فى نفس السنه. تمت سيامته مطراناً للكرسى الأورشليمي باسم الأنبا ثاؤفيلس سنة 1935م فى عهد البابا يوأنس التاسع عشر. ثم أسند إليه رئاسة الدير سنة 1939م رشح نفسه للباباويه بعد نياحة البابا ولكنه لم ينجح. مات مقتولاً بالرصاص فى مزارع الدير بقرية بوش فى 1 أكتوبر 1945م.
الأنبا ياكوبوس الثاني 1946م – 1956م
ولد سنة 1908م بالمطيعه ودرس بالكلية الإكليركية (1939م-1942م). ترهب بدير الأنبا أنطونيوس سنة 1939م وسيم قساً سنة1944م ورقى إيغومانوس سنة 1945م، وفى سنة 1946م وكيلاً لمطرانية البلينا.
رسمه البابا يوساب الثاني مطراناً لإبراشي الكرسي الأورشليمي فى نفس العام ودعي ياكوبوس الثاني.
أكمل التعمير الذى بدأه سلفه، وافتتح الكلية الأنطونية القبطية سنة 1947م. وافتتح الكلية الأنطونية القبطية.
وتوفي  فى 22 مارس 1956م فى حادثة القطار ومعه الأنبا توماس مطران الغربية، دفن فى عزبة دير الأنبا أنطونيوس ببوش.
الأنبا يؤانس مطران الجيزة والقليوبية 1949م – 1963م
الراهب متياس الأنطوني ولد بساحل طهطا وترهب سنة 1930م. وفى سنة 1932م رسم قساً واختاره الأنبا ثاؤفيلس مطران القدس ليخدم معه. عاد إلى الدير سنة 1940م ورُقيّ قمصاً، اختاره البابا يوساب الثاني سنة 1946م سكريتيراً له ثم سامه سنة 1949 أسقفاً باسم الأنبا يؤانس للجيزة والقليوبية.
اهتم بشئون رعيته وبنى مطرانية الجيزة فى شارع مراد باسم مارجرحس. تولى رعاية القدس بعد نياحة مطرانها بحادث القطار من سنة 1956م حتى 1959م. تنيح مسموماً سنة 1963م.
الأنبا باسيليوس الرابع 1959م – 1991م
وُلد باسم سامي تاوضروس فى مدينة أسيوط بصعيد مصر فى يوم 1/11/1923 وكان الخامس بين إخوته الست .
أحب الحياة الروحية فالتحق بعد الثانوية بالكلية الإكليركية بالقاهرة سنة 1940 بعد موافقة الأرشيدياكون حبيب جرجس، وحصل على دبلوم اللاهوت سنة 1943 .
عمل مدرساً للدين المسيحي بعد تخرجه من الكلية الإكليركية فى مدرسة رزق الله مشرقي الثانوية بجرجا ولمدة 3 سنوات أنشأ خلالها مدرسة رزق الله مشرقي الابتدائية وصار ناظراً لها .
دفعه ميله إلى حياة الزهد والامتلاء الروحي إلى الانخراط فى سلك الرهبنة عام 1943 بدير القديس الأنبا أنطونيوس الكبير بالبرية الشرقية بالبحر الأحمر باسم/ الراهب كيرلس الأنطوني .
أُختير للخدمة الكهنوتية فخدم فى عزبة الدير (مقر الدير ببوش- بني سويف)، وخدم أيضاً فى كنيسة السيدة العذراء بالمليحة بحدائق القبة بالقاهرة من سنة 1954 – 1956 .
بعد ارتقاء قداسة البابا كيرلس السادس كرسي الكرازة المرقسية (الأحد 10/5/1959) كان من أُولى اهتماماته تعيين مطراناً لكرسي إيبارشية القدس الذى ظل خالياً لعدة سنوات نظراً لأهميته ومكانته الدولية والطقسية (لان طقس الكنيسة يعتبر مطران القدس هو التالي للأب البطريرك من حيث الطقس)، إختار قداسة البابا كيرلس السادس القمص كيرلس الأنطوني (الأنبا باسيليوس فيما بعد) ليكون مطراناً على القدس والشرق الأدنى وقد أيد هذا الاختيار جميع أصحاب النيافة أحبار الكنيسة حينئذ .
ورسمه البابا كيرلس السادس والآباء المطارنة مطراناً على الكرسي الأورشليمي يوم الأحد 7/6/1959 بالكاتدرائية المرقسية بالأزبكية باسم (الأنبا باسيليوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى) ليكون باكورة سيامات قداسة البابا كيرلس السادس .
إيبارشية الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى :
+ عندما تسلم نيافته إيبارشية القدس وجدها فى حاجة إلى جهود مضنية وذلك لكبر حجم الإيبارشية فهي تشمل كلاً من (فلسطين، الأردن، العراق، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، قطر، عُمان، سوريا، لبنان، القنطرة شرق) وقد قال نيافته عندما تسلم الإيبارشية ( ومنذ شاءت إرادة الله أن تختار ضعفى لخدمة إيبارشية الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى كان علينا أن نبذل كل جهد ممكن فى سبيل نجاح الخدمة وتقدمها . لا فى المدينة المقدسة فقط ولكن فى سائر أقطار وبلدان الشرق الأدنى التابعة للإيبارشية أيضاً، والتي كانت الجالية القبطية المنتشرة فيها تكاد أن تكون محرومة من أي خدمة روحية أو عملية أو اجتماعية، الأمر الذى كان يهدد كنيستنا فى أعز من لها وهم أبناؤها ) .
قام بتسديد الديون وترميم الكنائس وبالأخص كنيسة الأنبا أنطونيوس (الكنيسة الرئيسية فى دير الاقباط بالقدس) وكان فى مقدمة المساهمين فى حركة الإعمار حكومة مصر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمبلغ 5000 ج.م.
أنشأ نيافته دير السيدة العذراء ببيت لحم – القدس ليتمكن الأقباط من الصلاة داخل كنيسة المهد (التي يوجد بها المذود الذى وُلد فيه مخلصنا الصالح) طوال العام .
قام بتجديد نشاط الكلية الأنطونية القبطية للبنين، وكلية الشهيدة دميانة بالقدس وباشر بنفسه إدارتهما وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم التي ترسل مدرسين مصريين للعمل بهاتين الكليتين كمنتدبين .
قام بإنشاء الكثير من الكنائس فى إيبارشيته . وكان لكل كنيسة قصة فى إنشائها وورائها جهود أخذت الكثير من وقت وجهد نيافته بدءً من شراء الأرض وإصدار التصاريح وانتهاءً بالتدشين وإقامة الصلاة، بالإضافة إلى زيارة هذه الكنائس مرة على الأقل سنوياً رغم أن هذه الرحلات شاقة ومؤلمة حيث أنه قد أُصيب فى أواخر أيامه بزوائد غضروفية فى منطقة الظهر مما سبب له آلاماً كثيرة فى ساقه اليمنى .
دير السلطان :
+ كانت من أكبر المشاكل التي اعترضت نيافته وقد بدأت سنة 1970 وطيلة 21 عاماً لم يهدأ نيافته ساعة واحدة عن العمل لحلها ويعرف المقربون من نيافته بأن الجهة المعتدية قد حاولت من قبل مساومته لأخذ الدير ولكنه أبداً لم يتنازل عن حق الكنيسة .
+ بعد سلسلة من الجلسات القضائية والتي كانت دائماً يكون الحكم فيها لصالح الكنيسة القبطية وحقها فى استرداد دير السلطان إلا أنه لم يُتخذ أي إجراء فعلي أو تنفيذي بحجة أن القضية تحتاج إلى وقت لأن لها أبعاداً سياسية .
+ طوال 21 عاماً لم يتكاسل نيافته عن القضية بل كان يسافر إلى مصر 3 مرات سنوياً ليقابل المسئولين فى الخارجية المصرية والتي اعتبرت دير السلطان أرضاً مصريةً بالدرجةِ الأولى .
وفاته 
رحل نيافته عن عالمنا في يوم الأحد الموافق 13/10/1991 عن عمر يناهز 68 عاماً على أثر جلطة فى المخ 
مـؤلـفــاتـه :
دراسات تحليلية فى سفر زكريا - كتبه وهو فى سن العشرين وُنشر فى مجلة اليقظة عام 1943 – 1945 .
البراهين القوية فى دحض الأضاليل البروتستانتية .
عصر المجامع وهو من أهم الكتب وهو يتكون من خمسة أقسام فى 220 صفحة .
كتب أخرى عديدة منها القديس كيرلس عمود الإيمان، عمود الدين صخرة الإيمان، القبط وقت الفتح الإسلامي، أرثوذكسية الكنيسة القبطية (وهو باللغة اليونانية) .
سنة 1961 أصدر كتاب ملكية دير السلطان للأقباط الأرثوذكس يحوي الكثير من البراهين والمستندات التي لا تقبل الشك فى أحقية الدير للأقباط على مر العصور .
اشترك في تتويج وتنصيب البابا شنوده الثالث سنة 1971م وهو الذى قام بإعطائه تاج الباباوية تنيح بعد أن مرض فى الأردن فى 13 أكتوبر 1991م وتم نقل جثمانه إلى دير الأنبا أنطونيوس.

شارك