صناعة التطرف.. الظاهرة والمواجهة

السبت 16/يناير/2016 - 10:23 م
طباعة
 
بدعوة كريمة من مكتبة الإسكندرية، شاركت مؤخرًا في مؤتمر بعنوان "صناعة التطرف.. قراءة في تدابير المواجهة الفكرية" والذى شارك به أكثر من 250 مفكرًا وباحثاً يمثلون 18 دولة عربية وأجنبية، من أجل التوصل إلى استراتيجية عربية لمواجهة تنامى الفكر المتطرف وانتشار الأفكار الإرهابية في المجتمعات العربية والغربية، واستغلال الجماعات والتنظيمات الإرهابية للفضاء الإلكتروني لبث سموم التطرف.
والحقيقة أن المؤتمر تطرق لعدد من المحاور المهمة، أبرزها دور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في انتشار الإرهاب، وكذلك توغل العناصر المتطرفة في المجتمعات الأوروبية لتنفيذ عمليات إرهابية وترويع الآمنين، ودور مناهج التعليم في نشر الأفكار المتطرفة، وهو ما يعد بيئة خصبة لتنشئة الإرهابي، واستغلال الأوضاع الاقتصادية والتهميش لتجنيد الأفراد في التنظيمات الإرهابية، إلى جانب الاستماع لشهادات من المرأة والشباب فيما يتعلق بكيفية ملاحقة الإرهابيين والأفكار المتطرفة.
واللافت للنظر هو الدعوة لقيام علماء الاجتماع بضرورة الإسهام الجاد بالأفكار والدراسات الحديثة لمحاصرة ظاهرة التطرف بعد أن أصبحت ظاهرة عالمية، في ظل توقف الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا الشأن إلى ثمانينيات القرن الماضي، وبالرغم مما طرأ على الساحة المحلية والإقليمية والدولية فيما يتعلق بالإرهاب، إلا أن الأبحاث والدراسات الحديثة لم تعد متوفرة، وهو ما يحرم كثيرًا من المهتمين بالأمر من دراسة الظاهرة بشكل جاد وحقيقي، ومن ثم عدم القدرة إلى إنجاز حلول عاجلة.
ولم تخلُ جلسات المؤتمر من الحديث عن المؤامرة الغربية ضد منطقة الشرق الأوسط، وإرجاع تنامي الأفكار المتطرفة إلى تمويل أجهزة الاستخبارات الغربية للتنظيمات الإرهابية وخاصة "القاعدة" والدولة الاسلامية "داعش"، كما تبادل عدد من المثقفين وممثلي مشيخة الأزهر الاتهامات بشأن تقصير الأزهر في مواجهة الأفكار المتطرفة، وعدم اتخاذ خطوات جادة لتنقيح المناهج الأزهرية من الأفكار الإرهابية والاجتهادات الفقهية الخاطئة، والابتعاد عن تقديم أفكار لمستقبل بشأن تصحيح ما فات ومواجهة ما هو آت.
وكان من اللافت للنظر ما ركز عليه الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري السابق والمفكر المصري البارز، حينما أكد أن عدم إعمال العقل هو بداية الطريق إلى التطرف، وأنه إذا تم كبت الرأي فلن يكون هناك تجديد في الفكر وبالتالي لن يتم تجديد الخطاب الديني، وهى من أبرز الأسباب التي كان يعتبرها كثير من المهتمين بملف الإسلام السياسي سببا في بروز التطرف والجماعات الإرهابية في ظل استبداد الأنظمة العربية قبل ما عرفت بـ "ثورات الربيع العربي"، ولكن في نفس الوقت علينا أن نسال أنفسنا، إذا كان كثير من الشباب العربي ينضم للجماعات الإرهابية بسبب الأوضاع الاقتصادية والتهميش السياسي والتمييز الطبقي، وماذا عن انضمام الأجانب إلى الجماعات الإرهابية رغم أنهم يعيشون في بلاد تنعم بالحرية السياسية والأوضاع الاقتصادية المستقرة ؟!
سؤال بحاجة للتأمل والدراسة؟! 

شارك