شبكات التهريب الإيرانية " رصاصة " في رأس العقوبات الأمريكية
الثلاثاء 19/يناير/2016 - 02:53 م
طباعة
شكلت شبكات التهريب الإيرانية الأداة الفاعلة من جانب حكومة طهران في مواجهة العقوبات الإمريكية عليها وبالرغم من أن واشنطن قامت برفع العقوبات عقب الأتفاق الإيرانى الا ان هذه الشركات لازالت تمارس دورها في مواجهة مباشرة لمحاولات الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على إيران تحت دعوى مواجهة المشروع الإيران لإنتاج صواريخ عابرة للقارات .
فرض عقوبات أميركية على مؤسسات وأشخاص يعملون لدعم مشروع إيران للصواريخ العابرة، من قبل إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يثبت على ان واشنطن تعمل على "تفكيك الملفات"، وتتعاطى مع كل قضية بشكل منفصل، وإن كانت تحرص على ترتيب الأوقات في مواجهة هذه الشبكة التهريبية التى تخدم بالاساس المصالح الايرانية وهو الامر الذى ردت عليه واشنطن بإعلان وزارة الخزانة الأميركية عن عقوبات جديدة على 11 شخصاً ومؤسسة على رأسهم شركة "مبروكة ترايدينغ" ومقرّها الإمارات، ولها نشاطات في الصين أيضاً، واتهمتها الحكومة الأميركية بتوفير مواد لمشروع الصواريخ، ومن ضمنها "مواد حساسة" عن طريق شركات "واجهة" في بلد ثالث ومهمتها تضليل المنتجين الأجانب لهذه المواد بالاضافة الى خمسة أشخاص، أولهم هو "حسين بور نقشبند" وهو مالك شركة "مبروكة ترايدينغ"، لإنه قدّم الدعم المالي والتقني والتسهيلات ومادة "الفايبر كاربون" لمؤسسة "نفيد" الإيرانية، وهي منخرطة في دعم مشروع الصواريخ الإيراني وايضا على رجل من الصين اسمه "مينغ فو شين" وشركته المقيمة في هونغ كونغ، وأيضاً على رحيم رضا فرغداني وشركته "كانديد جنرال ترايدينغ" في الإمارات والتهمة هي توفير مواد ودعم ومساعدات لمشروع الصورايخ الإيرانية والأهم هو أن المواد تمرّ من هاتين الشركتين عن طريق شركة مبروكة، وتصل كلها إلى شركة "نفيد" الإيرانية، وبذلك ترتسم خريطة معقّدة لشبكة إيرانية دولية تعمل على تضليل عمليات المراقبة، وتقوم باستيراد مواد محظورة على إيران لقرارات دولية ومنها القرار 1929 ويمنع حصول إيران على تكنولوجيا الصواريخ
وبالإضافة إلى هذه الشبكة، فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على إيرانيين يعملون لحساب الحكومة الإيرانية، أولهم هو "سيّد جواد موسوي" ويعمل لحساب شركة إيرانية تابعة لمؤسسة الصناعات الفضائية الإيرانية، وهي مملوكة بدورها للقوات المسلحة الإيرانية، وقد عمل موسوي مع حكومة كوريا الشمالية لاستيراد قطع تستعمل في تجارب الصواريخ وبالإضافة إلى موسوي لحقت العقوبات برئيس الشركة التي يعمل لديها وهو "سيد مير أحمد نوشين"، وهو مدير "مجموعة شهيد حمّت الصناعية"، وكذلك "سيد مهدي فرحي" نائب رئيس القطاع اللوجستي في وزارة الدفاع الإيرانية، وزميله "سيد محمد هاشمي"، وذكرت لائحة العقوبات أن "فرحي ونوشين كانا مهمّين في تطوير محرك الدفع لصاروخ من وزن 80 طناً وسافرا إلى بيونغ يانغ خلال المفاوضات كما لحقت العقوبات أيضاً بمسؤول إيراني آخر هو "مرتضى اخلاغي قطبشي" وكانت الخزانة الأميركية عاقبته لنشاطات مماثلة في العام 2008، وهذا يثبت إلى حدّ كبير أن المسؤولين الإيرانيين وعلى رغم فرض العقوبات عليهم، لم يتوقفوا عن متابعة نشاطاتهم، فالعقوبات تمنع بشكل خاص الأميركيين من التعامل مع هؤلاء الأشخاص، وهذا نادراً ما يحدث، كما تفرض العقوبات حجزاً على أملاك وأموال هؤلاء الأشخاص التي بحوزة المصارف أو المؤسسات الأميركية، وهذا أيضاً نادراً ما يحصل.
هذه العقوبات على شركات التهريب التابعة لإيران تكشف عن شبكة عنكبوتية مكونة من عشرات من الشركات حول العالم وتريد الإدارة الأمريكية ملاحقة نشاطاتها لوقف دعمها لمشروع الصواريخ الإيراني ولكن على ارض الواقع إيران تتحايل هذه العقوبات حيث سبق لها أثناء مباحثات رفع العقوبات عنها بسبب برنامجها النووي الحصول على مئات الملايين من الدولارات نقدا باستخدام شركات كواجهة فقط لها بحسب مصادر دبلوماسية غربية وثلاثة مسؤولين حكوميين إيرانيين التى قالت في فبراير 2015م ان نقودا لا تقل عن مليار دولار هربت إلى إيران في ، وإن البنك المركزي الإيراني لعب دورا مهما في ذلك وان طهران تعمل على إيجاد سبل للحصول على الدولار وان هذه النقود كان ينقلها سعاة باليد على متن رحلات من دبي أو تركيا، أو تنقل عبر الحدود العراقية الإيرانية وانها مرت قبل وصولها إلى إيران عبر تجار عملة وشركات واجهة في دبي والعراق وان البنك المركزي قوة محركة لجهود الحصول على الدولارات وانه عمل في الشهور الأخيرة مع كيانات أخرى، منها شركات إيرانية تخضع للعقوبات، بهدف إيجاد سبل للحصول على الدولارات، ومنها استخدام شركات واجهة وشبكات تلك الكيانات و أن البنك المركزي أعطى أوامر للشركات الواجهة في الخارج لشراء الدولارات.
الحدود العراقية الإيرانية كان لها أيضا دور بارز في تقويض المساعي الاميركية و الاوربية في فرض عقوبات على ايران فالدعم الايراني المستمر للميلشيات الشيعية في العراق يعتبر دليلا على كسر حاجز العقوبات وتأسيس منطقة تجارة حرة في مدينة البصرة العراقية التي تبعد عشرة اميال عن الحدود الايرانية دليل أخر كما ان ايران تدعم نشاطات التهريب هذه عن طريق فتح مصارف اهلية في العراق وشركات واجهة في العراق – بعضها يمتلكها مواطنون من لبنان والعراق وسوريا و تقوم بشراء البضائع الممنوعة من الاسواق وتشحنها بشكل قانوني من الامارات الى العراق ثم تهريبها الى ايران عن طريق المسالك البرية المختلفة ولعل
أسباب نجاح ذلك يعود الى ما يلي :
1- الضغط المستمر الذى تمارسه إيران على الحكومات المتتابعة للعراق بعد الغزو الأمريكي
2- العلاقات الجيدة التى تتمتع بها مع حكومة كردستان ومع الكثير من الفصائل الشيعية وسط و جنوب العراق.
3- ان التجارة المحرمة مع ايران تجلب فوائد مالية كبيرة للمشاركين فيها بالاضافة الى مكاسب سياسية ايضا.
4- التركيز على الدفاع الداخلي على حساب الدفاع الخارجي قد ادت الى اضعاف قدرة القوات المسلحة العراقية في الدفاع عن حدوده
5- الفساد في موانىء الدخول العراقية متفشي وشرطة الحدود العراقية غير مدربة وغير مجهزة بشكل جيد وتعاني من قيادات ضعيفة
6- سيطرت القوات الايرانية بقوة على حدود كلا البلدين مما يجعل عمليات تدفق البضائع يجري بلا عوائق.
هذا وقد سبق للنيابة الالمانية العامة التحقيق مع 3 شركات ألمانية بتهمة تزويد طهران بمعدات تدخل في برنامج إيران النووي وأن هذه الشركات من «برلين» وولاية «زاكسن ـ أنهالت» قامت بتهريب أجزاء «رافعة نقل» خاصة تستخدم في استبدال العناصر المشعة داخل قبة المفاعلات النووية، إلى مفاعل «بوشهر» على الساحل الجنوبي من إيران كما ساهم خبراء الشركات الألمانية الثلاثة في بناء وتركيب وتشغيل الرافعة التي تدرجها السلطات الألمانية في قائمة السلع المحظور تصديرها إلى الخارج و أن الشرطة صادرت العديد من المواد والوثائق الثبوتية من مقرات الشركات الثلاث. كما تم فتح التحقيق مع 8 ألمان يقيمون في مختلف الولايات الألمانية،
بينهم رئيس الشركة الى تتخذ من برلين مقرا لها، بتهمة خرق قوانين التجارة الخارجية.
وأكد رولف روغنبوك، ممثل النيابة العامة الخاصة بالجرائم الاقتصادية، أن الشركات الألمانية لم تحصل على إجازة تصدير هذه المعدات إلى إيران وأن الرافعة تم شحنها بعشرة أجزاء صغيرة في فترة تمتد بين منتصف 2000 ونهاية 2002 كما تتوفر قناعة لدى النيابة العامة بأن ممثلي الشركات نجحوا بتسريب المعدات عبر الموانئ بواسطة أوراق مزورة فإن "اكسل ك " رئيس شركة بناء الرافعات الخاصة في ماكدبورغ (شرق)، هو المتهم الرئيسي في القضية نظرا لمزاعم عن توسطه بين الجانب الإيراني والشركات الأخرى ونيله مبالغ طائلة لقاء خدماته وان تهمته خرق قوانين التجارة الخارجية و قد تعرض هذه التهم المتهمين إلى عقوبة سجن قد ترتفع إلى سنتين.
كما سبق للنيابة العامة في ميناء بريمن الألمانية أن اعتقلت ثلاثة رجال أعمال ألمان بتهمة تصدير مواد تدخل في صناعة أجهزة الطرد المركزي إلى إيران و أن المتهمين الثلاثة زودوا طهران بقضبان ألمنيوم وأنابيب صفيح تدخل في صناعة أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم ووجهت النيابة العامة للألمان الثلاثة تهمة تصدير المواد المزدوجة الاستخدام، اي للأغراض المدنية والعسكرية، إلى الخارج دون الحصول على تصاريح وكانت منظمة التصنيع العسكري في طهران هي متلقي الشحنات التي يدعي المتهمون أنها كانت مخصصة للأغراض مدنية.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن إيران لديها ولا يزال العديد من الوسائل للتغلب على العقوبات الأمريكية ضدها وأنها تملك شبكة معقدة للتهريب تعد الأداة الفاعلة من جانب حكومة طهران في مواجهة العقوبات الإمريكية عليها سواء في الماضى او في الوقت الحاضر ضد التوجه الأمريكى لعرقلة مشروعها لإنتاج صواريخ عابرة للقارات .
