مجددًا.. "السعودية" في مرمى نيران الإرهاب
السبت 30/يناير/2016 - 04:28 م
طباعة
فيما يبدو أن المشهد الإرهابي في السعودية أصبح أمر معتاد، فشهرًا بعد الآخر تتواصل العمليات الإرهابية في مناطق مختلفة بالمملكة العربية السعودية، واستهدف مسلحون أمس الجمعة 29 يناير 2016 مسجد الرضا في محافظة الأحساء شرقي السعودية أثناء تأدية المصلين داخله صلاة الجمعة، ليتجدد المشهد وتدخل السعودية في مرمى نيران الإرهاب.
استهداف مسجد شيعي
قتل أربعة أشخاص وأصيب 36 آخرون بجروح، وأعلنت وزارة الداخلية في تصريح لها أن مسلحين اثنين حاولا اقتحام مسجد الإمام الرضا في حي محاسن بالأحساء، وأن قوات الأمن حالت دون نجاحهما بالتسلل إلى داخل المسجد، فقام أحدهما بتفجير نفسه عند المدخل بينما بدأ الآخر بإطلاق النار.
من جانبها أعلنت مديرية الشئون الصحية في محافظة الأحساء في بيان لها أن المستشفيات التابعة لوزارة الصحة ومستشفى الحرس الوطني ومستشفى أرامكو السعودية في الأحساء ومستشفيات أخرى خاصة، استقبلت مجموعه 4 وفيات و36 مصابًا، أغلبهم إصابتهم طفيفة، وغادر 19 منهم المستشفيات، وبقي فيها 17 مصابًا يتلقون العلاج، أغلبهم في حالة مستقرة.
وقالت الداخلية السعودية في بيانها إنه تم ضبط حزام ناسف وسلاح رشاش بحوزة المقبوض عليه، وسلاح رشاش آخر كان بحوزة الانتحاري الذي فجر نفسه بمدخل المسجد.
وفيما أظهرت مقاطع مصورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إمساك المصلين بأحد المهاجمين وفك الحزام الناسف الذي كان يخفيه، وأظهر مقطع آخر اقتياد رجال الشرطة له وسط غضب الحشد الذي حاول رجال الشرطة تفريقه عن طريق إطلاق رصاص في الهواء.
وأصبحت وتيرة العنف التي تستهدف مساجد، وحسينيات في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية متتالية، بينما تواصل المملكة جهودها في التصدي لهذا العنف الطائفي الذي بدأ ينتشر ويتوغل في أنحاء المملكة.
وحتى الآن لم تتبن أي جهة مسئولية التفجير بعد، ولم يتم تحديد هوية الجناة والفكر الذي دعاهم لاستهداف مسجد الرضا؛ حيث إن هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها مسلحون وانتحاريون مسجداً يرتاده مسلمون شيعة.
وفي كل مرة من استهداف المساجد الشيعية كان التنظيم الإرهابي داعش يستبق ليعلن تبنيه الهجمات التي تستهدف شيعة السعودية.
وفيما قالت صحيفة الوطن السعودية: "إن سلطات الأمن في المملكة ألقت القبض على 41 متهماً صباح اليوم السبت 30 يناير 2016، حيث إنها على صلة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، خلال مداهمات جرت الأسبوع الماضي".
ووفقًا لما ذكرته الصحيفة فإن من بين المقبوض عليهم أربعة أمريكيين، وهو ما يرفع عدد الأمريكيين المقبوض عليهم في قضايا الإرهاب بالمملكة إلى تسعة متهمين، واحد منهم محكوم عليه، بينما يخضع الآخرون للتحقيق.
وأوضحت الصحيفة أن عمليات القبض على المتهمين جرت خلال الفترة من 11-17 من الشهر الجاري، فيما تم القبض على العدد الأكبر منهم يوم الـ 16؛ حيث تم القبض على 15 متهماً في ذلك اليوم، منهم ستة سعوديين وثلاثة يمنيين وسوريان وفلسطيني وفلبيني وإندونيسي وإماراتي.
مواجهة الإرهاب
وتقول السعودية إنها تبذل ما بوسعها لمكافحة التطرف وتتبع خلايا الإرهاب، فكانت أعدمت أول يناير الجاري 47 شخصاً أدينوا بالإرهاب، من ضمنهم رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر وفارس الزهراني، المعروف بـ "المنظر الشرعي" لتنظيم القاعدة.
ويطرح العديد من السياسيين تساؤلات في هذا الشأن، هل يكفي إعدام 47 متهمًا بالإرهاب دون تجفيف منابع الفكر المتطرف؟ وهل تثمر الجهود التي تبذلها السعودية لمكافحة العنف الطائفي المتفشي في المنطقة؟
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية: "تم بفضل الله الحيلولة دون تمكن شخصين انتحاريين من الدخول إلى مسجد الرضا بحي محاسن بمحافظة الأحساء، أثناء أداء المصلين صلاة الجمعة"، مضيفاً: "عند مباشرة رجال الأمن في اعتراضهما بادر أحدهما بتفجير نفسه بمدخل المسجد، فيما تم تبادل إطلاق النار مع الآخر وإصابته والقبض عليه، وضبط بحوزته حزام ناسف".
ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من التفجيرات الإرهابية في الأشهر الأخيرة، استهدفت مساجد أثناء صلاة الجمعة في مختلف محافظات المملكة، منها التفجير في بلدة القديح، والذي أسفر عن سقوط أكثر من 20 قتيلا وما يربو على 100 جريح، وكذلك الهجوم قرب مسجد العنود بمدينة الدمام والذي قتل فيه 4 أشخاص.
وتبنى تنظيم "داعش" تلك التفجيرات، فيما تحدثت السلطات السعودية عن خلايا للتنظيم داخل أراضي البلاد، وعن إحباط مخططات إرهابية كبيرة.
وأوقفت السلطات السعودية العديد من الإرهابيين في البلاد خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث أعلنت في يوليو من العام الماضي، تفكيك شبكة مرتبطة بتنظيم داعش وتوقيف 431 مشتبهًا بهم غالبيتهم سعوديون.
وفي منتصف عام 2015 تبنى التنظيم الإرهابي داعش هجماته على مسجدين للشيعة في شرق السعودية أسفرا عن مقتل 25 شخصاً، كما تبنى التنظيم هجمات على تجمعات للطائفة الإسماعيلية في جنوب السعودية وضد قوات الشرطة والأمن.
وكانت المملكة السعودية أعلنت في مطلع العام الجاري عن تدشين التحالف الإسلامي العسكري لمواجهة كافة التنظيمات الإرهابية، والتي انضم له نحو 37 دولة، فضلًا عن أن السعودية دشنت تحالفًا عربيًّا لمواجهة جماعة الحوثيين في اليمن.
إدانات دولية وعربية
حسن نصر الله
وتوالت الإدانات الدولية والعربية عقب التفجير؛ حيث أدانت الخارجية الإيرانية اليوم السبت، الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد "الإمام الرضا"، وذكرت قناة "برس تي في" الإيرانية أن الاعتداء يشبه هجمات سابقة شنها تنظيم "داعش" الإرهابي، موضحة أنه لم تعلن أية جهة مسئوليتها عن الحادث حتى الآن.
وفيما أدان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، حادث الهجوم الإرهابي، مؤكدًا في برقية بعث بها إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وقوف الأردن إلى جانب السعودية في التصدي لهذه الأعمال الإجرامية، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وغفرانه، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، ويجنب السعودية وشعبها الشقيق كل مكروه.
كما أدان الناطق باسم وزارة الشئون الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن على الشريف الهجوم الإرهابي، قائلا: "إن آفة الإرهاب الخطيرة التي باتت تضرب كل يوم في كل مكان وبأبشع الأساليب، تستدعي التصدي لها بفعالية والتضافر وتكثيف جهود المجتمع الدولي وتنسيق العمل على كافة المستويات وعلى مختلف الأصعدة".
وقدم الشريف خالص التعازي لأسر الضحايا الأبرياء، معربًا عن تضامن بلاده الكامل مع الشعب السعودي وحكومته أمام هذا العمل الإجرامي الجبان الذي يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، مجددًا شجب الإرهاب بكل أشكاله وصوره.
وأدانت مصر بأشد العبارات التفجير الانتحاري الإرهابي بمسجد الإمام الرضا، مؤكدةً رفضها لكل محاولات زعزعة الاستقرار وترويع المواطنين الآمنين في المملكة العربية السعودية.
وأعرب بيان لوزارة الخارجية المصرية، عن خالص العزاء لأسر الضحايا، داعياً المولى عز وجل أن يتغمدهم برحمته، وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل.
كما أكد بيان الخارجية على موقف مصر الثابت، الرافض والمندد بكل أشكال الإرهاب والعنف، والمطالب بتكاتف الجهود الدولية من أجل القضاء على تلك الآفة وأسبابها ومنابع تمويلها ومن يقف وراءها أو يبررها بكل حسم وقوة.
من جانب آخر أدان الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، الهجوم الإرهابي، واصفًا إياه، بالاعتداء الآثم الذي قام به التكفيريون في مسجد الإمام الرضاء في بلدة الأحساء بـ"الحادث الخطير جدا"، مشيرًا إلى "ضرورة تجفيف منابع الإرهاب".
مجلس الأمن يدين
من ناحية أخرى أدان مجلس الأمن الدولي التفجير، وأعرب أعضاء المجلس في بيان السبت عن تعاطفهم مع أسر ضحايا الهجوم وقدموا تعازيهم للحكومة السعودية.
وأكد البيان أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وأن أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية وغير مبررة بغض النظر عن دوافعها، وأيًّا كان مرتكبوها.
وشدد البيان على ضرورة تقديم مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة هذه الأعمال الإرهابية، إلى العدالة، وطالبوا جميع الدول بالتعاون مع السلطات السعودية، لمكافحة الإرهاب بكل الوسائل، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة وغيره من الالتزامات بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الإنساني الدولي.
وفيما أعربت الولايات المتحدة الأمريكية، عن إدانتها واستنكارها لحادث التفجير الإرهابي، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي: "نعزي أسر ضحايا الهجوم على مسجد الأحساء، ونشيد بسرعة ومهنية قوات الأمن في التعامل مع الحادث".
وفيما أدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بشدة الحادث الإرهابي الآثم المجرم الذي استهدف المصلين بالمسجد الواقع بحي محاسن بمحافظة الأحساء؛ وذلك في سياق المحاولات الفاشلة لزعزعة استقرار الوطن وإثارة الفتنة، ولكن الله عز وجل كان لهؤلاء الإرهابيين بالمرصاد ثم بحكمة ولاة الأمر ويقظة رجال الأمن ووعي الشعب السعودي، الذي أفشل مخططاتهم الخبيثة؛ والتي ترجع- دوماً- وبالاً عليهم.
