خبير ألماني لدويتشه فيله: تركيا تريد التخلص من عبء "داعش" لكنها مكبَلة

الأربعاء 17/سبتمبر/2014 - 06:56 م
طباعة خبير ألماني لدويتشه
 
ألبريشت ميتسغير
ألبريشت ميتسغير
يتسم تحرك تركيا العضو في الناتو والحليف للولايات المتحدة، إزاء الحرب المعلنة على تنظيم "الدولة الإسلامية"، بأنه أشبه ما يكون بالمشي في حقل ألغام. في حوار مع الدويتشه فيله يحلل الخبير الألماني ألبريشت ميتسغير الدور التركي الملتبس.
امتناع تركيا التي تربطها حدود مشتركة مع العراق سوريا، عن المشاركة في المجهود الحربي للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد "داعش"، ورفضها أن تُستخدم قواعدها العسكرية في غارات جوية ضد التنظيم الإرهابي، يسلط الضوء على الموقف التركي والدور الذي يلعبه هذا البلد في الحرب المعلنة ضد "داعش".
في حوار مع الدويتشه فيله يرى ألبريشت ميتسجير الصحفي الألماني والخبير في قضايا الشرق الأوسط، أن حسابات صانعي القرار في أنقرة من وراء الحذر إزاء موضوع حرب داعش، تتجاوز مجرد الخوف على مصير أربعين رهينة تركيا تحتجزهم "داعش" في الموصل؛ لأن تركيا لديها مصالح ومخاوف أخرى من أي تداعيات محتملة في الحرب المعلنة على "داعش"، ومنها الملف الكردي والعلاقة مع قوى المعارضة السورية، بما فيها الإسلامية، والسعي كي لا يستفيد نظام الأسد من إضعاف أو القضاء على "داعش. 
خبير ألماني لدويتشه
هل إن امتناع تركيا عن الحرب ضد "داعش" ورفضها استخدام قواعدها العسكرية من قبل الطائرات الأمريكية، تشكل مسافة عميقة من الحليف الأمريكي أم هي خطوة تكتيكية محدودة؟
ألبريشت ميتسغير: أعتقد أن تركيا كانت في البداية تدعم إسلاميي "داعش" من منطلق مساعدتها جهود المعارضة السورية لإسقاط نظام بشار الأسد. ولكن الآن أصبحت "داعش" مشكلة كبيرة في المنطقة، من خلال تحولها إلى منظمة كبيرة في العراق وسوريا، منظمة مسلحة ولديها إمكانيات مالية كبيرة، ولذلك فإن تركيا تريد تغيير نهجها والتراجع عن موقفها الداعم "لداعش". وحسب اعتقادي فإن تركيا تسعى بدورها مع الأمريكيين وحلفائهم إلى القضاء على هذه المنظمة والتخلص منها.
خبير ألماني لدويتشه
ماذا تريد تركيا من خلال إعلانها إقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع العراق وسوريا، هل تسعى لتحقيق أهداف عسكرية استراتيجية أم هو مجرد خطوة إنسانية كما تقول (أنقرة) لمساعدة اللاجئين؟
لا يمكن اعتبار الإجراءات التي تتم على الحدود مجرد مسائل إنسانية؛ لأن تركيا تخشى من توافد لاجئين عراقيين وخصوصا من الإيزيديين على أراضيها. كما أن الحدود التركية السورية تعتبر مشكلة كبيرة، ورغم أن تركيا تريد التخلص من أعباء "داعش"، فإن أعضاء المنظمة ما يزالون يعبرون الحدود التركية نحو سوريا، ولا ينبغي تجاهل مشكلة احتجاز "داعش" لأربعين رهينة تركية في الموصل، وهي تشكل ورقة ضغط بيد "داعش" ضد تركيا.
خبير ألماني لدويتشه
ما مدى جدية الحكومة التركية في تبديد شكوك العواصم الأوروبية ومطالبها بمنع مقاتلي "داعش" من عبور حدودها واستخدام الأراضي التركية لبعض الأغراض كعلاج المصابين؟
 بالتأكيد هذه مشكلة قائمة، وقد التقيت مع أشخاص قادمين من مناطق جنوب تركيا وأفادوا بأن مسلحي "داعش" ما يزالون يعبرون الحدود التركية نحو سوريا وكذلك بتلقي العلاج على الأراضي التركية. ويمكن القول: إن الصورة في تلك المناطق ليست واضحة بالكامل، ولكن في نفس الوقت هنالك منظمات إسلامية (معارضة) سورية أخرى، وتريد تركيا أن تحتفظ بنفوذها داخل جماعات المعارضة السورية، ومن الممكن أن تستفيد "داعش" من هذا الواقع.
وأعتقد أن تركيا لن تقطع علاقاتها بالكامل مع المقاومة السورية لنظام الأسد، ويمكن "لداعش" أن تستفيد من هذا المعطى، ما دامت تركيا تريد الحفاظ على نفوذها على جماعات المعارضة السورية.
إلى أي حد تشكل قضية الرهائن الأتراك ورقة ضغط مكبِّلة للدور التركي في الحرب على "داعش"؟
هذه ورقة حاسمة جدا؛ لأن الأتراك إذا رأوا يوما ما مشاهد فيديو يظهر فيها أحد دبلوماسييهم وهو يُقتل أو يذبح من قبل "داعش"، فستنتج عنه ضجة في تركيا. وفي حقيقة الأمر فإن دعم تركيا "لداعش" لم يكن يحظى بالنقاش لدى الرأي العام والصحافة بتركيا؛ لأنه يشكل موضوعا حساسا جدا ولا سيما أن "داعش" منظمة إرهابية.

بصرف النظر عن المسافة التي ستتخذها تركيا من التحالف الذي سيحارب "داعش"، ما هي حسابات أنقرة في هذه الحرب ونتائجها المحتملة؟
ينطبق هذا السؤال على كل الدول والأطراف التي ستشارك في الحرب المرتقبة على "داعش"، والمشكلة الكبيرة، لا أحد يعرف تحديدا ماذا سيحدث. فمثلا قضية الأكراد تثير حساسيات مختلف دول المنطقة، وخصوصا تركيا التي تخشى من تطور ملف الأكراد على أراضيها. ولكن تركيا مفروض عليها أيضا أن تكون متخوفة من تنامي تأثير الإسلاميين المتشددين مثل "داعش".
فلو عدنا قليلا للوراء، فسنرصد كيف دمرت حرب الولايات المتحدة على نظام صدام حسين سنة 2003 الاستقرار في العراق ، حتى وإن كان ذلك الاستقرار قائما على أمور مؤلمة بسبب استبداد ودكتاتورية صدام حسين أو حافظ الأسد، والآن دمر ذلك الاستقرار، والآن لا نعرف ما يحدث أو سيحدث مثلا مع الأكراد أو الإسلاميين. وهذا الأمر بالتأكيد يثير قلق تركيا البلد الجار للعراق وسوريا، ومن أكثر الدول تأثرا بنتائج ما يحدث فيهما، ولذلك فإن تركيا تجد نفسها في معضلة، وتريد أن يكون لها دور في هذه الحرب حتى وإن وضعها ذلك في مواجهة "داعش" والإسلاميين.

برأيك، ما هي أولويات تركيا في هذه الحرب إذن؟
 تدرك تركيا أن كل العالم الآن ضد "داعش"، ولكنها (تركيا) تريد البقاء في خط الدفاع عن قوى المقاومة السورية الأخرى، وعلاقتها مع نظام الأسد انتهت.
وبالنسبة للملف الكردي ترغب تركيا في قيام نوع من الحكم الذاتي يتمتعون فيه باستقلال ثقافي أكثر، وأعتقد أن رجب طيب أردوغان منفتح أكثر في هذا الملف قياسا للكماليين (نسبة إلى القوى العلمانية) في الماضي، وهو يأمل في تحقيق تسوية مع الأكراد لا تؤدي إلى استقلالهم عن تركيا، تكون نتيجتها قيام حكم ذاتي شبيه بكردستان العراق. ولكن بالمقابل فإن أكراد العراق يطمحون لدولة مستقلة رغم أنهم لا يصرحون بذلك علنا وهم يدركون أنه أمر غير مقبول على الأقل الآن إقليميا ودوليا.

شارك