بشرة خير اطلقها نواب الشعب

الخميس 04/فبراير/2016 - 10:21 م
طباعة
 
خلال الخمسة اعوام الماضية ومنذ ثورة 25 يناير 2011 تعايش الشعب المصري مع موجات متباينة من المشاعر . كان ابرزها هي ثقة الشعب المصري بنفسه عندما كسر حاجز الخوف الجاثم على صدره عشرات السنين . واتسم شعور المصريين بالوحدة والتضامن خلال 18 يوما  بميادين التحرير في انحاء الجمهورية حتى تنحى مبارك عن الحكم .
وعندما انهار جهاز الامن تضامن الشعب المصري جنبا الى جنب بتشكيل اللجان الشعبية واستطاع الشعب المصري بوحدته وارادته تجاوز هذه المحنة الرهيبة. ومع الاعلان الدستوري الاول في مارس 2011 والذى واكبه حالة من الاستقطاب الحاد والتي اطلقها تيار الاسلام السياسي . مما اسفر عن حالة من الانقسام في صفوف الشعب المصري حيث عقبتها اولى استحقاقات المرحلة الانتقالية الاولى  بالانتخابات التشريعية والتي تمت في اطار الاستقطاب الديني الحاد اسفر عن اكتساح تيار الاسلام السياسي لمجلسي الشعب والشورى .
وبنفس المعايير والروح السابقة تشكلت لجنة الدستور وقامت بصياغة دستور يؤسس لدولة دينية حتى أن بعض فقرات هذا الدستور اقتربت من مفهوم ولاية الفقيه .كان انتخاب مرسى رئيسا للجمهورية هو امتداد لحالة الاستقطاب الديني التي عاشها الشعب المصري وفى محاولة تيار الاسلام السياسي السطو على مؤسسات الدولة وتنفيذ مخطط التمكين تراجعت شعارات الثورة الحقيقة واستحقاقاتها. مارس نظام حكم الاخوان والداعمين له ابشع الممارسات من محاولة اخونة جميع مؤسسات الدولة والتلاعب بسيادة مصر على ارضها حتى وصل بهم الامر لدرجة خيانة هذا الوطن والتفريط في سيادته. لقد نجح نظام الاخوان في اعادة الشعب المصري للاصطفاف  جنبا الى جنب في مواجهة ممارسات حكم الاخوان . واعلنت جميع مؤسسات الدولة لرفضها نظام حكم الاخوان حتى جاء 30 يوليو 2013 ليؤكد الشعب المصري للعالم اجمع على وحدته وتماسكه في مواجهة نظام حكم رجعى . لقد استطاع الشعب المصري اقصاء نظام الاخوان بوحدته وانحياز اجهزة الدولة للشعب المصري خاصة الجيش و الشرطة وجاءت المرحلة الانتقالية الثانية بمراحلها المختلفة حيث كان هناك اجماع على الدستور ثم انتخابات الرئاسة اما الاستحقاق الثالث وهى الانتخابات البرلمانية وقد احيطت بالجدل حول قانون تنظيم الانتخابات وتقسيم الدوائر ومع ذلك فأن الشعب المصري اعتبرها فرصة جديدة ان يكون هناك برلمان منتخب يسعى لتحقيق مطالب الثورة ( عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة انسانية ) اتضح من الجلسات الاولى لمجلس النواب ان معظم النواب في حالة تحفز شديدة للتعبير عن مواقفهم داخل المجلس . حتى ان التكتلات التي تمت قبل الانتخابات انهارت بعد دخول الاعضاء المجلس خاصة القائمة الاكبر وهى قائمة ( دعم الدولة) او ما يعرف بقائمة ( في حب مصر ) ونحن نؤكد ان الكثير من اعضاء القوائم كان سيخالفهم الحظ لو ترشحوا على المقاعد الفردية ولولا القائمة لما وطأت اقدامهم مجلس النواب  خاصة هؤلاء المعروفين بانتماءاتهم للحزب الوطني . ومن البروتكول  المعتاد ان يصدق المجلس على مشاريع القوانين التي اصدرها رئيس الجمهورية باعتباره السلطة التشريعية في ظل غياب مجلس تشريعي . وقد يكون التصديق بالرفض  او بالإيجاز او بالموافقة . وهنا يجب ان نؤكد ان السادة المستشارين القانونيين للرئيس السيسي جانبهم الصواب في اصدار هذا الكم من القوانين التي من المفترض ان لا تصدر الا في اضيق الحدود وفى حالات حرجة جدا . وتلاحظ ان معظم القرارات كانت لصالح رجال الاعمال والمستثمرين تحت دعوة جذب رؤوس الاموال وتوفير فرص عمل لحل ازمة البطالة كما ان مشرعي القوانين لم يعتنوا بمبدأ المشاركة الشعبية في صياغة القوانين وتم تجاوز رأى الاحزاب والمنظمات والنقابات والجمعيات الاهلية والعمال والفلاحين . علما بأن مصر تزخر بالعديد من الكوادر المهنية والقانونية لمناقشة جميع القرارات التي صدرت وكان على رأس هذه القوانين (قانون التظاهر) و (قانون المحاجر والمناجم) و(قانون الخدمة الوطنية) و (قانون الهيئات الرقابية) ...الخ ونأتي الى قانون  الخدمة المدنية والذي تم رفضه بالأغلبية من اعضاء البرلمان ووضح تماما انحياز معظم اعضاء البرلمان الى مطلب الشعب المصري وفي مواجهة الحكومة . وكانت المناقشات التي جرت حول هذا القانون تتسم بالحكمة والجراءة وانحياز للشعب المصري وعفوا اذا قلت ان رفض القانون بيض وجه مجلس النواب واصبح الشعب المصري يثق بنوابه كحائط صد امام حكومة لا تزال منحازة الى رجال الاعمال والمستثمرين وكبار الموظفين . انها حقا بشرة خير في هذا المجلس الذى يخشى نوابه من الرقابة الشعبية حيث بدأت تتكون جمعيات مراقبة اعمال المجلس . ولا بأس ان تكون احدى أليات الدولة الحديثة في الرقابة الشعبية على النواب . ان المرحلة القادمة يجب ان تشمل تشريعات طموحة تتوافق مع حلم الشعب المصري واهمها العدالة الانتقالية الناجزة - استرداد حقوق الشعب المصري المنهوبة -  معالجة  أثار سياسة الخصخصة -  دعم الصناعات الكبرى ( صناعة الحديد والصلب – صناعة المنسوجات – صناعة المواد البتروكيماوية ...الخ) -  الحفاظ على الهوية الوطنية – تفعيل مواد الدستور الخاصة بالحريات العامة وحقوق الانسان والمواطنة – تفعيل دور الهيئات الرقابية – قوانين تحمى المصريين من فساد المحليات .
واخيرا الشعب المصري يفتح ذراعيه مرحبا بنوابه وبمرحلة جديدة فهل سيكون النواب على مستوى المسئولية ؟ ام نعود الى مجلس الموافقة والتصفيق ؟

شارك