وثائق "داعش" المُسربة.. بين الحقيقة والخداع
السبت 12/مارس/2016 - 10:17 ص
طباعة
فيما يبدو أن التنظيم الإرهابي "داعش"، بات قادرًا على خداع العالم ببعض مخططاته التي يقوم بها لمجرد البقاء والتنامي في الدول الذي يستحوذ على أغلبية مدنها.
وتناولت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها أول أمس الخميس، أن التنظيم الإرهابي سرب نحو 1736 وثيقة، تتضمن بيانات شخصية لـ22 ألفًا من أفراد التنظيم الإرهابي، وتظهر أن 70% من مقاتلي "داعش" من العرب، بينما أغلبية الجهاديين الأوروبيين كانوا من فرنسا ثم ألمانيا وبعدها بريطانيا.
ووفق ما جاء في بوابة الحركات، أن شبكة "سكاي نيوز" التلفزيونية البريطانية، قالت: إن عنصرًا منشقًّا عن داعش سلمها وثائق تتضمن بيانات 22 ألفًا من أفراد التنظيم الشخصية مخزنة على مفتاح ذاكرة "يو إس بي". وأوضحت أن الجهادي مقاتل سابق في "الجيش السوري الحر" كان قد التحق بالتنظيم الجهادي ويطلق على نفسه اسم "أبو حامد".
وأضافت سكاي نيوز أن الجهادي وهو مقاتل سابق في الجيش السوري الحر- كان التحق بالتنظيم الجهادي، ويطلق على نفسه اسم "أبو حامد"، عمد قبل انشقاقه إلى سرقة هذه البيانات من رئيس شرطة الأمن الداخلي في التنظيم الجهادي.
وبدت الوثائق وكأنها طلبات تطوع في التنظيم وتضمنت 23 سؤالًا وأسماء مؤيدين لتنظيم داعش ومعلومات عن أقاربهم وأرقام هواتف وتفاصيل أخرى مثل مجالات الخبرات وأسماء من أوصوا بالتحاقهم.
ويرى خبراء، أن تلك الملفات التي تقدّم تفاصيل عن المقاتلين الأجانب المُحتملين، والذين وصلوا إلى سوريا والعراق، قد تكون مزورة، بينما رأى آخرون أنها صحيحة، فيما قال آخرون إنها قد تكون خدعة مقصودة من التنظيم للحيلولة دون انشقاق عناصره.
وتُظهر الملفات التي نشرتها وسائل إعلام ألمانية وبريطانية وكذلك سورية معارضة، أسماء وعناوين وأرقام الهواتف لنحو 1700 شخص تم تحديد هوياتهم في 22 ألف وثيقة مُسرّبة، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، أمس الجمعة 11 مارس 2016.
وبحسب الوثائق فإن المُلتحقين بالتنظيم يُطلب منهم الإجابة عن 23 سؤالاً، بما في ذلك اسم عائلة والداتهم، وفهمهم لأحكام الشريعة، وفصيلة الدم.
ويرى محللون أنه في حال صحة هذه الوثائق ستساعد على تحديد شبكة الاتصالات التي يجري معها التنظيم تواصله، وكذلك الداعمين الأجانب المُنتقلين للحاق بداعش على أرض المعركة الرئيسية في العراق والشام.
في هذا السياق يرى جيمس هاركين، مؤلف كتاب موسم الصيد، الذي يسرد وقائع اختطاف الأجانب في سوريا من قِبل داعش والجماعات المتطرفة الأخرى، أن هذه الوثائق يشكك في صحتها؛ حيث قال: عادة ما كان يُعرض عليّ شرائح ذاكرة يُقال إنها تحتوي على وثائق متعلقة بداعش، والتي تُعرض للبيع على الحدود السورية التركية.
وأشار إلى التناقضات المختلفة في تلك الملفات؛ أن بعض التفاصيل مثل أرقام الهاتف من المكن أن تكون صحيحة؛ ولكن البعض الآخر ربما قد تعرضت للتعديل لجعل تلك الوثائق أكثر قابلية للبيع.
فيما يرى تشارلي وينتر، باحث بجامعة ولاية جورجيا، أنه سيكون هناك جرس إنذار كبير بالنسبة لي؛ لأنني عندما رأيت تناقضات من هذا القبيل في السابق، كانت الوثائق مُزوّرة على نحو رديء.
ويقول مراقبون، إن انشقاقات عناصر "داعش" زادت في الأيام الأخيرة عن التنظيم الذي لم يعد في مسلخه أي جديد يلفت الاهتمام والنظر ويغري المنحرفين؛ لذلك قام منذ يومين بما اعتبره معظم المحللين "ضربة موجعة للدولة الإسلامية"، لظنهم أن معاديا للتنظيم سرّب أسماء وعناوين 22 ألفًا من مجنديه، بينما العكس هو الصحيح على الأرجح؛ أي لأنها كانت ضربة معلم "داعشية" بامتياز، قام بها التنظيم بتسريب متعمد، جعل الراغبين بالانشقاق والعودة إلى بلدانهم صعبة وشبه مستحيلة بعد وضع دولهم لأسمائهم على حدودها برسم الاعتقال بعد الكشف عنها.
ووفق إحصائيات فإن أعداد القوات الهجومية المُدربة تدريباً عالياً بالتنظيم، تتراوح بين 20- 30 ألف مقاتل، فضلاً عن 40- 50 ألف مقاتل لديهم القدرة على خوض المعارك الميدانية، بحسب ما نقلت صحيفة بريطانية عن نائب مستشار الأمن القومي العراقي، متحدثاً في بغداد، صفا حسين الشيخ.
ويعتقد الشيخ أن التنظيم لم يعد قادراً على تعويض خسائره في أكثر وحدات المتطوعين الأجانب فعالية؛ نظراً للانقطاع عن العالم الخارجي، والذي صار إليه التنظيم على نحو متزايد؛ حيث تراجع داعش عن عدد من المناطق في الشهور الأخيرة، وفقد مدن الرمادي وسنجار في العراق، فضلاً عن أراض كان يسيطر عليها في شمال سوريا.
وقال مسئولون ألمان بمكافحة الإرهاب: "إن ما تم تسريبه من ملفات تكشف عن هويات الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى العراق وسوريا من الممكن أن تكون حقيقية".
ومن جانبه أكد وزير الداخلية الألماني، توماس دي مايتسير أخيراً أن الشرطة الألمانية تتصرف بناء على افتراض صحة الوثائق.
من جانبه، رجح أنتوني غليز، مدير مركز دراسات الأمن والمخابرات في جامعة باكنغهام، أيضاً صحة تلك التسريبات، وقال: "هذه الوثائق ليست فقط خرقاً أمنياً ضخماً لداعش ولكنها أيضاً ضربة كبيرة لوكالات الاستخبارات الغربية".
وجاء في صحيفة ديالي ميل البريطانية أن تسريب الوثائق كان خدعة مقصودة من التنظيم بغرض منع أصحاب هذه الأسماء من الانشقاق كي يبقى أمامهم طريق واحد هو القتال حتى الموت، وفق تقرير.
واستبعد إيلايجا ماغنيير، خبير شئون مكافحة الإرهاب، أن يكون الأمر متعلقًا بتسريت، وقال في تغريدات على تويتر: لا أصدق أنه تسريب، بل إن داعش تستخدم أسلوب صدام حسين الابتزازي لإجبار الجهاديين على القتال، رسالتها في ذلك أنه لا مفرّ لكم، وبهذا لا يرى هؤلاء المقاتلون الـ22 ألفاً أي مخرج من ورطتهم، وأراهن أن داعش هي من نشرت المعلومات كي تبسط مساحة نفوذها، مضيفًا أن جهاز استخبارات داعش كشف عن عمد أسماء عائلات مقاتليه كي يستميتوا في الدفاع عن أراضي الدولة حتى الرمق الأخير.
وتشجع داعش المجندين الأجانب المحتملين إما على القيام بأعمال انتحارية في بلدانهم، أو على الذهاب إلى الأماكن التي يسهل الوصول إليها أكثر من غيرها، مثل ليبيا.
ويرى الخبراء أن المعلومات- إن صحت- فقد تُسهم كثيراً في تعقب الجهاديين الذي تسربوا إلى أوروبا بهدف ترويعها وتحويل شوارعها إلى مسارح دموية كبرى.