خبير تركى لدويتشه فيله: "احتمالية وجود صفقة بين تركيا وداعش لتبادل المحتجزين من الطرفين".

الثلاثاء 23/سبتمبر/2014 - 05:59 م
طباعة خبير تركى لدويتشه
 
استبعد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول والخبير في القضايا التركية والإقليمية أن تكون تركيا قد تعهدت بعدم تشديد الخناق على داعش، مقابل الإفراج عن الرهائن، لكن الخبير التركي أشار في حوار مع الدويتشه فيله إلى احتمال وجود صفقة تبادل للمحتجزين بين الطرفين.
هناك من يرى أن تحرير الرهائن الأتراك الذين كانوا محتجزين لدى تنظيم "داعش" جاء نتيجة صفقة تعهدت فيها تركيا بعدم الانضمام إلى التحالف الدولي ضد التنظيم؟ ما مدى صحة ذلك في رأيكم؟
سمير صالحة: أولا، لا أعتقد إطلاقا أن تقدم تركيا وحكومة العدالة والتنمية على مثل هذه المغامرة وتتخلي عن حلفائها وشركائها الاستراتيجيين في الغرب، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقود حربا ضد تنظيم داعش الإرهابي. كما أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي أيضا، وهناك دول فاعلة في الحلف تشارك في الحرب الدولية ضد تنظيم "داعش". المهم في الآمر هو أن تركيا أرادت إنقاذ الرهائن. وكما ذكر رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بالأمس، فقد كان هناك فعلا حوار مع تنظيم "داعش" من أجل إطلاق سراح المحتجزين، لكن دون وجود مساومة سياسية أو مادية.

لكن لا بد أن يكون هناك ثمن ما لإطلاق هؤلاء الرهائن الذين كانوا محتجزين لدى "داعش"؟
هذا الصباح كتبت بعض الأقلام المقربة من العدالة والتمنية عن احتمال وجود صفقة بين تنظيم "الدولة الإسلامية" وتركيا، وتم خلالها إطلاق سراح الرهائن الأتراك مقابل إفراج تركيا عن بعض المحتجزين عندها من المحسوبين على تنظيم "داعش". وإذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فإننا فعلا أمام عملية تبادل بين تركيا وتنظيم "الدولة الإسلامية". والقانون الداخلي لجهاز الاستخبارات التركية يجيز بصلاحية القيام بمساومة من هذا القبيل.

هل يرتبط التقدم الذي يحققه "داعش" في المناطق الحدودية مع تركيا بهذا الأمر، خصوصا وأن عملية الإفراج تزامنت مع فرار أزيد من 70 ألف مواطن كردي من منطقة كوباني السورية إلى تركيا؟
فعلا، تزامن الإفراج على الرهائن مع التطورات العسكرية في شمال سوريا وتدفق آلاف النازحين الأكراد نحو تركيا. وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام. فقد يكون هذا التطور محاولة من طرف ما لضرب مسار علاقات تركيا مع الغرب من خلال اللعب بالورقة الكردية. أو قد يكون تنظيم "داعش" هو الذي أراد أن يفجر الوضع بعد عملية إطلاق الرهائن، ليثبت قوته في الميدان ويظهر أنه قادر على التحرك والتنقل والوصول إلى أهم المدن الكردية في شمال سوريا، مثل كوباني وقامشني التي تعتبر مركزا مهما، حيث تضم حوالي مليون ونصف مليون كردي جاءوا إلى هذه المدينة الصغيرة هربا من هجمات واعتداءات "داعش".

هناك أيضا بعض الاستياء في أوساط الأكراد الذين يتهمون أنقرة بالتواطؤ مع تنظيم "داعش" من أجل إجهاض أي محاولة بهدف الاستقلال مثلا في المناطق الكردية في سوريا؟
أكدت في أكثر من مرة في كتاباتي وتعليقاتي، على وجود أطراف في الجانب الكردي تحاول للأسف، اللعب بورقة "داعش" ضد تركيا، للاستفادة من الظروف الجديدة وبهدف تعزيز مواقعها سواء في شمال سوريا أو في شمال العراق.
وأظن أن هذه الرسالة في غاية الأهمية، فعلى الجميع أن يكون حذرا في خطواته وتحركاته لأن المنطقة تحولت، كما تعلم، إلى رقعة من الشطرنج، كل طرف يريد إرباك حسابات الطرف الآخر. وإذا أخطأت أنقرة في تعاملها مع قضية الأكراد، فإن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف التقارب بين مختلف الأطراف الإقليمية.

هل يمكن القول أن الحرب ضد تنظيم داعش، خصوصا في المناطق الكردية السورية، قد تحولت إلى ورقة تجاذب أو ضغط متبادل بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني؟ 
 للأسف نقترب يوما بعد آخر من هذه المعادلة، وأظن أن مشروع المنطقة العازلة الذي تريد تركيا إقامته في شمال سوريا والذي يرفضه الإخوة الأكراد يشكل إحدى القضايا الشائكة بين الطرفين. فالأكراد يعتبرون أن تلك المنطقة العازلة ستؤثر بشكل أو بآخر على التلاحم والتقارب الكردي سواء في شمال سوريا أو شمال العراق أو في جنوب شرق تركيا. وهم يعارضون هذا الأمر الذي قد يعرقل مشروع الحكم الذاتي في هذه البلدان. وقد يقف أيضا حجرة عثرة أمام حلم الدولة الكردية الكبرى في المنطقة. وإذا ما تمسكت تركيا بإقامة المنطقة العازلة ورفضها الأكراد فإن هذه النقطة ستؤثر حتما على ملف المصالحة الكردية التركية..

هل من الممكن أن يؤثر ذلك سلبا على المفاوضات الجارية بين تركيا وحزب العمال الكردستاني؟
أنا لا أتمنى إطلاقا أن يصل الطرفين إلى هذا الحد، بعد عامين من الجهد العلني والسري. خصوصا في ظل وجود رغبة سياسية للوصول إلى حل ما. نحن نعلم أن تنظيم "داعش" وما يمثله على الأرض هو حالة ظرفية، ونعرف أنه سيتم الإطاحة به نهاية الأمر، لذلك على الأتراك والأكراد أن يقبلوا هذه الحقيقة وعليهم أن يتجنبوا الدخول في مغامرة من شأنها أن تؤثر على هذا التقارب الذي عشناه في الأشهر الأخيرة. في جميع الأحوال، حزب العمال الكردستاني كما نعرف، فاعل في شمال العراق، وهو فاعل الآن أيضا في شمال سوريا. ولا أظن إطلاقا أن أنقرة ستدخل في مغامرة سياسية جديدة قد تطيح بكل ما بنته وأعدته من أجل تحقيق المصالحة الوطنية في تركيا.

شارك