آية الله عيسي قاسم... ممثل «ولاية الفقيه» في البحرين

الإثنين 20/يونيو/2016 - 06:43 م
طباعة آية الله عيسي قاسم...
 
يعتبر آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم ممثل التيار الولائي «ولاية الفقيه» للمذهب الشيعي في البحرين، والمرشد الروحي لجمعية الوفاق البحرينية التي تم حلها في وقت سابق.

حياته:

حياته:
آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم ، من مواليد  1940 قرية دراز غربي العاصمة المنامة على الساحل الشمالي للبحرين، توفي والده وهو صغير السن لا يتجاوز الرابعة من عمره، ورعاه أخوته فعاش في كنفهم.
والده أحمد البحريني، فقد كان صيادا بسيطا ولم يكن ينتمي إلى دائرة العائلات البارزة في القرية. والشيخ قاسم ولد في عائلة عربية شيعية ريفية، وهي كما يستدل من اسمها (البحريني) تعتبر نفسها من المواطنين الأصلانيين في البلاد.
وقد تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب منذ نعومة أظفاره، وفي 1951م ادخل المدراس الحكومية إذ تتلمذ بمدرسة البديع الابتدائية للبنين، وتخرج منها وانتظم بثانوية المنامة وحصل على الشهادة الثانوية وكان ذلك في عام 1958 . قد التحق بمدرسة بودايا الابتدائية، حيث أكسبه فضوله الفكري وتحصيلاته الأكاديمية العالية رضى معلميه واحترامهم. وفي الوقت نفسه درس الشريعة الإسلامية على يد الشيخ عبد الحسين الحلي، وهو شيعي عراقي كان قد دعي إلى البحرين من قبل الحكام السنة لخلق نظام تشريعي شيعي من أجل شيعة البحرين. ولا شيء إذن في هذه التحركات يظهر أدنى اهتمام مبكر بالسياسة. وإنما هي تظهر بجلاء أن الشيخ قاسم كان في سنوات دراسته المبكرة يفضل التدريس والشريعة الإسلامية على الاضطرابات السياسية السائدة في ذلك الوقت.

في النجف الأشرف:

في النجف الأشرف:
وفي 1959م انخرط في سلك التدريس فصار معلما لمادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية، وفي 1962م بدأ عيسي قاسم، يتعلم الفقه الجعفري علي يد السيد علوي الغريفي، وبعد أن أنهى المقدمات الفقهية مثل شرائع الاسلام قرر في مطلع العقد السادس من القرن العشرين،  الشيخ قاسم ترك البحرين ومواصلة دراسته الدينية في مدينة النجف الشيعية المقدسة في العراق، والتي كانت في ذلك الوقت بمثابة المركز الريادي للتعليم الشيعي، فحصل علي درجة الليسانس في العلوم الإسلامية والشرعية من الحوزة العملية بالنجف الاشرف في 1969.
وفي نفس العام عاد عيسي قاسم إلى البحرين لمزوالة التعليم، في المدراس الحكومية وأخذ يدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية في مدرسة الخميس الإعدادية ولمدة عام واحد فقط. ولكن نهاية 1969م عاد الشيخ عيسي قاسم الي النجف الأشرف، وأن يكون في هذه الفترة طالبا حبالحوزة العلمية، وأن ينتظم في البحث الخارج في دروس آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وأنتظم في الدرس لمدة عام واحد، ثم اعاد الي البحرين اوائل 1971.
وإضافة إلى كون النجف الاشرف  مركزا بارزا للتعليم الشيعي، فإن النجف كانت أيضا مقرا للصحوة السياسية الشيعية خلال سنوات الستين. وقد كانت حركات القومية وحركات مناهضة الإمبرالية بعد الحرب العالمية الأولى في الدول النامية، وظهور الحركة الاشتراكية العربية بقيادة جمال عبد الناصر، والحضور المتصاعد للحركات البعثية والشيوعية في الشرق الأوسط، بمثابة تحدٍ للنظام السياسي والنظرة الشيعية. وبالتالي، فإن علماء الشيعة المختصين في شؤون الدولة، من أمثال آية الله الصدر وآية الله الخميني، الذي كان في ذلك الوقت يعيش في منفاه في العراق، كانوا منكبين على صياغة نظرية شيعية للدولة في مواجهة التوجهات الماركسية والقومية في المنطقة.
وقد ساهمت شبكة العلاقات المبكرة للشيخ قاسم في صياغة سيرة حياته اللاحقة وتصوراته السياسية الحالية. ولأن المدراس الشيعية الدينية كانت قد جذبت اهتمام الطلاب الشيعية من لبنان غربا إلى جنوب شرق آسيا، فقد اندمج الشيخ قاسم منذ جيل مبكر في شبكة عالمية للعلماء الشيعية والقادة السياسيين الراديكاليين، وذلك في أثناء دراسته لدى الشيخ آية الله الصدر التي أثرت بلا شك في أفكاره ونشاطاته الحالية. ومن بين زملاء الدراسة البحرينيين الذين درسوا مع الشيخ قاسم في النجف آنذاك كان هناك عبد الله المدني، عبد الله الغريفي، والراحلان عبد الأمير الجمري وعباس الريس، وهم أصدقاء الشيخ قاسم منذ أيام الطفولة في دراز، وقد لعبوا لاحقا دورا أساسيا في الحركة السياسية لدى شيعة البحرين.

عمله السياسي:

عمله السياسي:
مع الشروع في قيام المجلس التأسيسي لوضع دستور دولة البحرين استدعاه جمع في البحرين للقدوم والترشيح لهذا المجلس، فقد كان الشيخ قاسم، في ذلك الوقت يسكن في النجف مع زوجته وأولاده، فقد كان يفضل تكريس حياته للعلم والبحث. وكانت القرى الشيعية المتدينة في دراز في حاجة ماسة إلى مرشحيت مؤهلين قادرين على مواجهة المرشحين الناصريين والبعثيين والشيوعيين. وحثّ جعفر الشهابي، مؤسس الشبكة الدينية التي أصبحت لاحقا تعرف باسم جمعية التوعية الإسلامية، الشيخ قاسم على خوض معركة الانتخابات في دائرة البديع. وقد رفض الشيخ قاسم العرض أول الأمر، لكنه عاد ووافق حين زاره أخوه مهدي في العراق وأقنعه بالعودة، وذلك أربعة أيام قبل الموعد النهائي للتسجيل.
وهكذا كان، اصبح قاسم في عام 1973 اصبح عضوا بمجلس النواب واعتبر نفسه رئيساً للكتلة الدينية في المجلس، حتى تم حل المجلس.
وفي عام 1976 عمل على إصدار ترخيص جمعية التوعية الإسلامية الذي تمت الموافقة عليه وأصبح أول رئيس لها، لكن الجمعية أغلقت في عام 1984، بعد أن تم اكتشاف أنها فرع حزب الدعوة العراقي في البحرين، ونقطة انطلاقه، وفي ذات العام تمت محاكمة مجلس إدارتها وصدرت ضدهم أحكام بالسجن تراوحت بين 5 إلى 7 سنوات.
لم يكن عيسى قاسم من ضمن المتهمين في  قضية حزب الدعوة العراقي، حيث غادر في عام 1992 البحرين إلى إيران خوفًا من القبض عليه، وقد ظل في إيران فترة التسعينات، حيث نشط هناك وأصدر العديد من البيانات ضد البحرين، وذلك بمساعدة أعضاء حزب الدعوة البحريني.
وكان يقم عيسي قاسم في مدينة قم الايرانية حيث وواصل دراسته على يد أساتذتها الكبار أمثال آية الله محمود الهاشمي الشاهروردي، رئيس السلطة القضائية السابق في ايران،  وآية الله السيد كاظم الحائري وآية الله فاضل اللنكراني.

الصراع مع التيار الشيرازي:

الصراع مع التيار
لكن الصراع مع الحكام السنة واليساريين والعلمانيين لم يكن التحدي الوحيد أمام الشيخ قاسم  وتيار ولايه الفقيه بل كان عليهم في ذلك الحين أن يواجهوا صعود التيار الشيعي المنافس، الشيرازيين.
فقد كلف آية الله محمد الشيرازي، ابن أخيه هادي المدرسي، بجمع الخمس من الشيعة في البحرين، وهو عبارة عن فروض ضرائب سنوية بقيمة الخمس من الربح. وحدث أول الأمر أنّ  الشيخ عيسي قاسم وتياره قد تجاهلوا نشاطات الشيخ الشيرازي في البحرين. بيد أنه حين تقدم المدرسي بطلب جنسية بحرينية وحصل عليها في سنة 1974، أدرك نشطاء الدعوة بأن الشيرازيين قد ما أتوا إلى البحرين إلا كي يبقوا. وهكذا أصبح كل خمس دينار يجمعه آية الله الشيرازي بمثابة دينار يخسره الشيخ عيسي قاسم وتياره.
  وسرعان ما اندلع صراع عنيف بين الفصيلين حول الاستحواذ على أموال الخمس الشيعية. وتسابق الشيخ قاسم والمدرسي فيما بينهما من مسجد لآخر ومن مأتم لآخر في سبيل جذب أكبر عدد ممكن من التابعين ومن أموال الخمس.
ويوجد ثمة بعد مذهبي للصراع بين  تيار عيسي قاسم والشيرازيين في البحرين كذلك. ومنذ العام 1973، حين كان الشيخ قاسم وأعضاء آخرون من الدعوة يخدمون كأعضاء برلمانيين فيما يسمى “الكتلة الدينية”ويطالبون بإصلاح النظام السياسي في البحرين، كان الشيرازيون يعدون، بقيادة المدرسي، لكفاح مسلح ضد النظام الحاكم"أل خليفه". وبالتعاون مع حجة الإسلام محمد المنتظري، ابن آية الله العظمى حسين علي المنتظري، وحجة الإسلام مهدي هاشمي، أخي صهر آية الله المنتظري، قام المدرسي والشيرازيون بتوزيع تسجيلات لخطابات تحريضية لآية الله العظمى الخميني. كما وقاموا بتنظيم خلايا ثورية في البحرين، بل وأوفدوا كوادرهم إلى تدريبات عسكرية في المخيمات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.
وبعد حل البرلمان البحريني في 1975 أدى إلى تعزيز صفوف الشيرازيين الأكثر راديكالية. وقد كان الشيرازيون قبل ذلك غير مهتمين كثيرا في السياسات البرلمانية بسب افتقادهم إلى قاعدة شعبية في البحرين، لكنهم استخدموا إغلاق البرلمان كدليل على أن الطموحات الإصلاحية في أوساط الدعوة كانت دون جدوى في مواجهة النظام السني. 
وبعد استيلاء ايه الخميني علي الحكم ونجاح ثورته في 1979، زاد قلق حكام البحرين من خطاب الايراني الجديد تجاه مملكتهم الصغيرة، ولم يخفِ آية الله العظمى الخميني البعد القومي لثورته يوما. وفي خطاب وجهه إلى ممثلين عن شيعة البحرين في 20 مايو، 1979، حذّر ضدّ “الأغراب” الذي يسعون إلى تفرقة الأمة الإسلامية إلى دول.
 وارتفعت قلق الحكام في البحرين حدة عقب تصريحات لآية الله صادق روحاني، والذي كان جدّد في خطاب له في يونيو 1979 من الدعاوى الإيرانية بشأن البحرين، والتي اعتبرها بمثابة “الولاية الإيرانية الرابعة عشرة.” وأعلن كذلك بأن اعتراف البرلمان الإيراني بالبحرين سنة 1971 كدولة مستقلة باطل. ولم يكن آية الله روحاني متحدثا رسميا في حكومة الجمهورية الإسلامية، بل إن وزير الخارجية إبراهيم يزدي رفض تصريحاته. بيد أنه في خضم فوضى الثورة، كان للأفراد من ذوي النفوذ وزن أكبر من الحكومة في حينه، مما يعني بأن الضرر قد وقع لا محالة. ومعها ازداد الأمور تعقيد لشيعة البحرين والصراع بيت التيار الشيرازي وتيار عيسي قاسم والذي جنح الي ولايه الفقيه وذلك عقب سفره في عام 1991 الي مدينة قم العاصمة الدينية لايران.
وقد جاء انتقال الشيخ قاسم إلى إيران ضمن هجرة شيعية واسعة النطاق نحو المدارس الفقهية في قم في مطلع الثمانينات، وذلك حين أنشأت الجمهورية الإسلامية مدرسة الآثار الفقهية في قم التي تخصصت في تعليم الطلاب الشيعة من البحرين تحت إشراف حجة الإسلام عبد الله الدقاق. ومع العام 2009، بلغ عدد طلاب الفقه من شيعة البحرين في قم التسعين، من بينهم عشر طالبات إناث يدرسن في جامعة الزهراء، بنت الهدى، ودار ماسوميه الفقهية في قم. وبالمقارنة، فإن عدد طلاب الفقه البحرينيين في النجف لم يتجاوز التسعة عشرة طالبا في عام 2009.
دراسة طلاب البحرين للفقه في قم كانت من نتائجه  تشكيل التيار الولائي «ولاية الفقيه» للمذهب الشيعي في البحرين، فالامين العام لجمعية الوفاق البحرينية  الشيخ علي سلمان كان من الطلاب البحرنيين الذين درسوا في قم، وأمضى الفترة ما بين 1987 و 1992 في المدرسة الفقهية في قم.

توجه الفكري:

توجه الفكري:
ويتبع عيسى قاسم الخط الأصولي في المذهب الشيعي، والذي يتبنى ولاية الفقيه، كما يعتبر وكيل المرشد الأعلي الإيراني أيه الله علي خامنئي في البحرين، حيث يتولى جمع زكاة الخمس لأتباع ولي الفقيه بجانب استلامه لأخماس عدد من المرجعيات تم توكيله عنهم.
وقد شكلت الثورة الإيرانية التي قادها الخميني في سنة 1979م ضد نظام الشاه وتولي رجال الدين السلطة بارقة أمل لشيعة العالم، ومنهم شيعة البحرين، وعلى رأسهم عيسى قاسم، الذي لم يكن يؤمن بولاية الفقيه على النحو الذي آمن به الخميني وجسّده، ذلك أن عيسى قاسم كان رئيسا لحزب الدعوة في البحرين، ومعروف أن "الدعوة" تشكل على أساس الشورى والانتخابات مع الاستفادة من المرجعية كواجهة للعمل الإسلامي. 
وبعد سنوات قليلة على الثورة الإيرانية بدا أن عيسى قاسم يجري تعديلات فكرية على قناعاته بما يتناسب مع الوضعية الإيرانية المتزايدة في نفوذها وقوّتها، لا سيما وأن حزب الدعوة قد بدأ يضعف ويتمزق في ظل الحملة الأمنية عليه، ويسوده اللغط حول الموقف الواجب اتخاذه من الثورة الإيرانية وولاية الفقيه، ومعها خلع الشيخ قاسم خلع قناع (حزب الدعوة)، وارتدى قناع (ولاية الفقيه) الخمينية.
وللشيخ عيسي قاسم  العديد من الخطب والدروسن بالاضافةالي كتاب "الفكر السياسي" 

عفو ملكي:

عفو ملكي:
في أعقاب وفاة الشيخ عيسى بن حمد بن سلمان آل خليفة في مارس 1999، تولى حمد بن عيسى آل خليفة ولاية العرش وبادر إلى برنامج إصلاحي مكّن الشيخ قاسم من العودة إلى البحرين في 8 مارس، 20001، بعد عفو ملكي من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفه. 
وكما كان شأن معظم النشطاء الشيعة، فقد أثنى الشيخ قاسم على إصلاحات الملك حمد آل خليفه، واصفا إياها بالخطوات الإيجابية على طريق قيادة البحرين نحو عهد جديد من الديمقراطية البرلمانية التي يتمتع المواطنون فيها بحق محاسبة القادة الوطنيين والمحليين. وقد صادق جمهور الناخبين البحريني على برنامج إصلاحات الشيخ حمد الدستورية بنسبة عالية في 14 فبراير، 2002، وكذلك على إنشائه نظام تشريعي ثنائي للمرة الأولى منذ 1975.
وأعيدت جمعية التوعية الإسلامية وتم الترخيص لها وبناء مقر حديث في الدراز معقل قاسم، الذي ظل يمثل مرجعية جمعية الوفاق الإسلامية، أما فصيل الشيرازيين فقد غيّر اسمه من الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين إلى جامعة العمل الإسلامي.
في 21 أكتوبر 2004م أسس أكبر مجلس للعلماء في البحرين وهو “المجلس الإسلامي العلمائي” الذي يهتم برعاية الواقع الديني وتواصل العلماء لجوانب متعددة يحتاج إليها العمل الإسلامي كالجانب التربوي والإجتماعي والتبليغي والسياسي . ويتشكل اعضاء المجلس من مجموع صفوف العلماء وطلبة العلوم الدينية في البحرين.
وظل قاسم رئيسًا للمجلس العلمائي الذي تم حله بحكم قضائي من المحكمة البحرينية في ١٥ يونيو من عام ٢٠١٤، حتى اعتزل هو ومجموعة من رجال الدين وكلف كوادر الصف الثاني لتولي الإدارة.

تظاهرات2011:

تظاهرات2011:
كان لايه الله عيسي قاسم دور كبير في التظاهرات المطالبة بإسقاط النظاتم في البحرين منذ انطلاقها في فبراير 2011، فبراير 2011م كان لعيسي قاسم  دور بارزا في دعوات لتظاهرات 11 فبراير بميدان اللؤلؤة، وتهيئة الأرضية ومنها قوله "الطوفان بدأ لا ليهدأ ولا يقف عند حدود بل".
كما رفض دخول قوات درع الجزيرة المشتركة، وهي قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، تم إنشائها عام 1982 بهدف حماية امن الدول الاعضاء مجلس التعاون الخليجي وردع أي عدوان العسكري، وكان له تصريحات رفضا لقوات درع الجزيرة: "لن نركع إلا لله، هذه دماؤنا هذه رقابنا فداء ديننا وعزتنا"، وخطابه الشهير "اسحقوه" الذي قلب فيه المعادلة حين قال: "من وجدتموه يعتدي على عرض فتاة مؤمنة فاسحقوه، نعم اسحقوه" وهي كانت مثابة دعوة لقتال ضد القوات الامنية في البحرين واعلان الحرب عليها.
وفي  خلال مسيرة "التاسع من مارس 2012" الشهيرة التي سميت بـ"لبيك يا بحرين" دعا عيسي قاسم لها عبر منبره الديني وتقدّمها مع كبار العلماء ردّاً على تصريح قيادات حكومة البحرين. 
ولعلّ الشيخ قاسم يؤمن أن بإمكانه التلاعب بالمتظاهرين الشيعة من خلال خطاباته، وبالتالي إجبار نظام آل خليفة على مزيد من التنازلات. لكنه يتجاهل في الوقت نفسه أن مثل تلك المسيرات تنطوي على دينامية خاصة بها بحيث يمكن للحشود أن تخرج عن السيطرة. فمثلا، استغلت مجموعة تدعى أنصار ثورة 14 شباط خطبة الشيخ قاسم للشروع فيما يسمى بعملية قبضة الثائرين في البحرين، والتي تم رسمها على مراحل: مرحلة قبضة الثورة التي لاحقت قوى الشرطة خارج القرى الشيعية في 24 يناير، 2012، ومرحلة قبضة الثأر التي تم خلالها قطع الطرق التي تصل المنامة بالقرى. كما وسعت عمليات لاحقة إلى تنظيم مسيرات من القرى إلى المنامة.
وفي فبراير 2013 دعا المرشد الروحي لجمعية "الوفاق" الشيعية المعارضة، إلى "قطع يد" الجهة التي تعتدي على العرض على حد تعبيره، وإن شدد مع ذلك على أنه "لا عدول عن سلمية" الثورة، في وقت أبرزت فيه وسائل إعلام إيرانية بياناً لقوى معارضة تعمل تحت عنوان "أنصار ثورة 14 فبراير"، دعا إلى تطبيق ولاية الفقيه في المملكة.
وبالنسبة لمواقف الشيخ عيسى قاسم، فقد أتت في سياق خطبة الجمعة التي نقل تفاصيلها الموقع الرسمي لجمعية "الوفاق"، والتي قال فيها: "هل تعني السلمية أن ترى عرضك يعتدى عليه فتبتسم لهذا العدوان وتصافح فاعله، أو أن تسكت على انتهاكه وأنت قادر على الدفع عنه؟"
وتابع قاسم بالقول إن "السلمية هي الخيار الذي كررنا منادتنا به، ولم نعدل عنه، ولا وجه للعدول عنه، ولازلنا ندعو إليه.. ومن نادى بالسلمية أكثر مما نادينا؟.. ومن طالب بضغط الأعصاب أمام عنف السلطة أكثر مما طالبنا..؟ ولكن أَمِن الإرهاب والخروج على السلمية والانزلاق في العنف أن يدافع الإنسان عن عرضه الذي يشهد العدوان عليه؟"

سحب الجنسية:

سحب الجنسية:
وفي 20 يونيو 2016 تم اسقاط الجنسية البحرينية عنه والتي حصل عليها في عام 1962. واعلنت وزارة الداخلية البحرينية، إسقاط الجنسية البحرينية عن رجل الدين الشيعي المدعو "عيسى أحمد قاسم"، حسب ما ذكرته وكالة أنباء البحرين "بنا".
وكشفت تحقيقات النيابة العامة في البحرين أن رجل الدين عيسى قاسم قد درج على الاحتفاظ بمبالغ طائلة يجمعها من المتصدقين في حيازته الشخصية بقصد إخفائها عن الرقابة المصرفية، وذلك بعد صدور قانون تنظيم جمع التبرعات في عام 2013، وهو العام الذي توقف عن إيداع مبالغ في حساب تم التحفظ عليه من قبل النيابة العام، كما كشفت التحقيقات أنه قام بتحويل مبالغ إلى جهات مناهضة للبحرين في كل من إيران والعراق، وقد قام بفتح مكتب غير مرخص لجمع الأموال.
وكانت التحقيقات قد كشفت في وقت سابق عن وجود حساب بنكي لرجل الدين عيسى قاسم يحتوي على 10 ملايين دولار لا تجرى عليه أية عمليات سحب أو إيداع منذ فترة طويلة بلغت 3 سنوات، وقد قامت النيابة بالتحفظ على الحساب ضمن حسابات لرجال دين آخرين، يجري التحقيق بشأنها.
وذكرت وزارة الداخلية أن مملكة البحرين ماضية قُدماً لمواجهة كافة قوى التطرف والتبعية لمرجعية سياسية دينية خارجية، سواء تمثل ذلك في الجمعيات أو أفراد يخرجون على واجبات المواطنة والتعايش السلمي، ويقومون بتعميق مفاهيم الطائفية السياسية، وترسيخ الخروج على الدستور والقانون وكافة مؤسسات الدولة، وشق المجتمع طائفياً سعياً لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبي
وأضاف بيان الداخلية: "وبناء على ذلك فقد تم إسقاط الجنسية البحرينية عن المدعو عيسى أحمد قاسم والذي قام منذ اكتسابه الجنسية البحرينية بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية؛ حيث لعب دوراً رئيسياً في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة وكذلك تبعاً للتبعية لأوامره".
وتابع البيان: "وقد قام المذكور بتبني الثيوقراطية، وأكد على التبعية المطلقة لرجال الدين، وذلك من خلال الخطب والفتاوى التي يصدرها، مستغلا المنبر الديني، الذي أقحمه في الشأن السياسي لخدمة مصالح أجنبية وشجع على الطائفية والعنف، كما رهن المذكور قراراته ومواقفه التي يمليها بصورة الفرض الديني من خلال تواصله المستمر مع منظمات خارجية وجهات معادية للمملكة، ويقوم بجمع الأموال دون الحصول على أي ترخيص خلاف لما نص عليه القانون".
وأوضح البيان: "في أكثر من مناسبة وفي صور متعددة عمل المدعو عيسى قاسم على ضرب مفهوم حكم القانون وخاصة السيطرة على الانتخابات بالفتاوى، من حيث المشاركة والمقاطعة وخيارات الناخبين ورهن المشاركة السياسية بالمنبر الديني، وقد امتد ذلك إلى كافة نواحي الشأن العام، دون مراعاة لأية ضوابط قانونية، متخطياً بذلك الأعراف التي استقر عليها مجتمع البحرين، كما قام المذكور بتحشيد كثير من الجماعات لتعطيل إصدار القسم الثاني من قانون أحكام الأسرة ( الشق الجعفري)".
وذكر البيان: "لما كان المذكور قد اكتسب الجنسية البحرينية ولم يحفظ حقوقها وتسبب في الإضرار بالمصالح العليا للبلاد ولم يراع واجب الولاء لها، وبناء على أحكام قانون الجنسية البحرينية والذي يقرر إسقاط الجنسية البحرينية تبعاً للمادة العاشرة فقرة (ج) منه والتي تنص على: إذا تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفاً يناقض واجب الولاء لها؛ لذلك وبناء على عرض معالي وزير الداخلية، أصدر مجلس الوزراء قراراً بالموافقة على إسقاط الجنسية البحرينية عن المدعو عيسى أحمد قاسم.
وأشار بيان الداخلية البحرينية "إلى أن صون أمن المملكة وسلامة شعبها وتحقيق حياة أفضل لجميع المواطنين وترسيخ المزيد من الإنجازات في كافة المجالات هي أولى الأولويات. فالمواطنة هي حقوق وواجبات يجب على الجميع مراعاتها، ولا أحد فوق القانون أو خارج إطار المساءلة".

شارك