المنيا والفتنة الطائفية
السبت 16/يوليو/2016 - 07:31 م
طباعة
يزور وفد من وزارة الأوقاف والأزهر وبيت العائلة المصرية، اليوم السبت 16 يوليو 2016، قرية "أبو يعقوب" التابعة لمركز المنيا، لعقد لقاءات مع الأقباط والمسلمين بالقرية، وحثهم على نبذ العنف ونشر المحبة والتعاون من أجل مصر، وبحث المشكلة التي وقعت، الجمعة، بسبب شائعات تحول منزل لكنيسة، ووضع حلول لها من أجل تهدئة الأوضاع داخل القرية.
في السياق، تبدأ النيابة العامة تحت إشراف المستشار عبدالرحيم عبدالمالك المحامي العام لنيابات جنوب المحافظة، تحقيقات موسعة مع المتهمين في الأحداث.
وألقت سلطات الأمن القبض على 15 من المشتبه بتورطهم في الأحداث، وتواصل إدارة البحث الجنائي تمشيط القرية للقبض على جميع المتهمين، وإجراء التحريات لمعرفة الملابسات، وتم فرض كردون أمني بمحيط القرية لمنع تجدد الاشتباكات.
يذكر أن قرية أبو يعقوب التابعة لمركز المنيا، شهدت أحداث عنف طائفية بين مسلمين وأقباط، بسبب ما تردد عن تحويل منزل لكنيسة ونتج عن ذلك احتراق أثاث منزلين ودراجة بخارية، دون وقوع إصابات بشرية.
وقد طالبت مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس بمحاسبة المسئولين عن إحراق منازل عدد من الأقباط خلال الأحداث التي وقعت أمس بقرية أبو يعقوب بالمنيا، بعد انتشار شائعة عن تحويل مبنى لكنيسة.
وقالت المطرانية، في بيان أصدرته صباح اليوم السبت: "في كل مرة يفلت الجناة من العقاب ويشجع ذلك آخرين على ارتكاب المزيد من الجرائم، طالما يجدون من يحميهم ويدافع عنهم في تحدٍ سافر للجميع".
ونفت المطرانية صحة ما تردد عن تحويل مبنى إلى كنيسة، داعية إلى تفعيل القانون على مهاجمي الأقباط، وقالت: "لم نترك جهة واحدة لم نبثّ إليها معاناتنا، وما زلنا نطالب بتفعيل القانون".
وأضافت: "ليس من حق أي شخص أن يهاجم الآخرين أقباطاً كانوا أو مسلمين، ويقتلهم ويدمر ممتلكاتهم، مهما كانت الأسباب".
يذكر أن قرية كوم اللوفي التابعة لمركز سمالوط شهدت قبل عدة أسابيع أحداثاً مماثلة؛ حيث أحرق عدد من الأهالي منزل مواطن قبطي بعد تردد شائعة عن قرب تحويله إلى كنيسة، وأحرقوا منزلين آخرين لأشقائه، وتم ضبط نحو 26 متهماً على خلفية الأحداث.
وكانت محافظة المنيا شهدت، شهر مايو الماضي، أحداث عنف عندما قام نحو 300 شخص بإحراق منازل مسيحيين في قرية الكرم بمركز أبو قرقاص، وتم تجريد عجوز مسيحية من ملابسها ثأرًا من ابنها الذي تردد أنه أقام علاقة مع سيدة مسلمة.
وتحت عنوان "المنيا ما زالت مركز العنف الطائفي"، كانت المبادرة المصريّة للحقوق الشخصيّة قد أصدرت تقريرا لها في العام 2009 حول حريّة المعتقد. وجاء في هذا التقرير أن المنيا مستمرّة في كونها مركزاً رئيسياً للعنف الطائفي، سواء كان ذلك مرتبطاً ببناء الكنائس أو إقامة المسيحيّين شعائرهم الدينيّة أو على خلفيّة شائعات بشأن علاقات عاطفيّة بين مسلمين ومسيحيّين (وعلى سبيل المثال ما حدث في قرية السنقوريّة في مركز بني مزار) أو في حالات مشاجرات عاديّة سرعان ما تتحوّل إلى عنف جماعي بين مسلمين ومسيحيّين (على سبيل المثال ما جرى في قرية دفش في مركز سمالوط، وقرية الإسماعيليّة في مركز المنيا، وقرية جرجاوي في مركز مطاي).
وكذلك حدث بعد أحداث فض اعتصامَي رابعة العدويّة والنهضة المؤيّديَن للرئيس المعزول محمد مرسي في 14 أغسطس 2013، حين تحوّلت شوارع مدن محافظة المنيا مسرحاً لأحداث دامية. فقد حاولت الجماعات الموالية لجماعة الإخوان المسلمين الانتقام من المسيحيّين الذين يعتقدون أنهم هم الذين ثاروا على مرسي. فتمّ حرق عدد كبير من الكنائس والمؤسسات والممتلكات المسيحيّة في مدينة المنيا في 14 أغسطس وفي الأيام القليلة التي تلته. حدث ذلك في معظم مراكز المحافظة، أما الوقائع الأكثر عنفاً فسجلت في مراكز ملوي ودير مواس أيضاً.
وبعد هذه الأحداث، صدر تقرير في 23 سبتمبر 2013 عن بعثة تقصّي الحقائق في المركز القومي للسياسات العامة، بعنوان "مضطهدون باختلاف الأنظمة الحاكمة - مسيحيّو مصر بين العنف الطائفي وإهمال الدولة".
وقد بيّن التقرير أن المنيا شهدت أكثر الأحداث عنفاً، بخاصة قرية دلجا التي شهدت تخريب 27 منزلاً وتشريد 62 أسرة.
ومنذ فض اعتصام رابعة العدويّة، تتوالى حوداث الفتنة الطائفيّة في المنيا. فعقب الأحداث المشار إليها سابقاً وما تبعها في قرية دلجا نتيجة الخلاف السياسي، تعدّدت الأسباب اللاحقة. فقد نشب خلاف بين قريتَي الحوارتة ونزلة عبيد التابعتَين لمركز المنيا، قتل فيه أربعة أشخاص اثنَين من المسيحيّين وآخرَين من المسلمين بسبب خلاف على قطعة أرض، في الأول من ديسمبر 2013.
وبعد أيام قليلة على ذلك، تمّ حرق جميع منازل المسيحيّين في قرية البدرمان بعد مقتل شاب مسلم من القرية نفسها بسبب قصة حب نشأت بين شاب مسيحي وجارته المسلمة.
إذاً، كان العام 2013 عام الفتنة الكبرى في المنيا وقد سجّل فيه أكبر عدد من الكنائس المحروقة وعدد كبير من قتلى الفتنة الطائفيّة.
