ما بين الفتنة والإرهاب.. المنيا وبني سويف في صدارة المشهد

السبت 23/يوليو/2016 - 03:44 م
طباعة ما بين الفتنة والإرهاب..
 
ما يحدث في صعيد مصر ليس فتنة طائفية بل هو إرهاب، ويجب القضاء عليه، فالفتنة كما هو معلوم تكون بين طائفتين يقومان بتوجيه العنف لبعضهما البعض، سواء كان عنفً لفظيًّا أو ماديًّا، بينما الإرهاب هو توجيه العنف من طرف واحد بغرض إشاعة الرعب والتخويف، وبما أن ما يحدث في المنيا وبني سويف هو عنف من طرف واحد، طرف أقوى ويتميز بالكثرة العددية والسطوة، فهو إرهاب لا محالة، وبما أن الدولة منذ أكثر من عامين تشن حربًا على الإرهاب في سيناء فلماذا هي تترك أبناءها في الصعيد يواجهون ويلات الإرهاب وحدهم، وحينما تتدخل فإنها تتدخل بصورة الجلسات العرفية والتي يكون حكمها هو تهجير الجانب الأضعف. 
فقد شهدت قرية «صفط الخرسا»، بمركز الفشن في بني سويف، اشتباكات بين مسلمين وأقباط، أمس، عقب إلقاء نحو ٥٠ شابًّا الحجارة على منزل بالقرية بعد تردد شائعة عن إنشاء كنيسة بأحد طوابقه؛ ما أدى إلى تهشم واجهة المنزل وسيارة ملك صاحبه.
وأصيب المقدم محمد إبراهيم، رئيس مباحث الفشن، بطلق ناري أثناء تدخله لفض الاشتباكات، وتم نقله إلى مستشفى الفشن المركزي، وقال الدكتور عبدالناصر حميدة، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة: "إن رئيس المباحث أصيب بطلق ناري في ذراعه اليسرى". مشيراً إلى أنه يخضع للعلاج وحالته مستقرة.
وقال مصدر أمني مسئول إنه تمت السيطرة على الموقف وإلقاء القبض على ٥ متهمين في الأحداث، لعرضهم على النيابة.
وقال القمص «حنينيا»، راعي كنيسة عزبة بشرى، التابعة لمركز الفشن: إن عددًا من الشباب من المسلمين ألقوا الحجارة على منزل إسحاق فهيم، المكون من طابقين، وهو عبارة عن معرض موبيليا وطابق بالدور الثاني؛ ما أدى إلى تحطيم واجهته وسيارة مملوكة لصاحب المنزل، بعد تردد شائعة بإقامة «قداس» به، على عكس الحقيقة.
من جانبه، قال المهندس محمود المغربي، رئيس مركز ومدينة الفشن: إن المنزل الذي تم التعدي عليه جديد، وتتم مراجعة التراخيص الخاصة به من قبل الإدارة الهندسية. وأكد رجب جبريل، رئيس قرية تلت بمركز الفشن، أنه تم وقف قرار أعمال الإنشاء في منزل نادي يعقوب إسحاق، الموجود في وسط القرية، الذي ترددت شائعة تحويله إلى كنيسة بسبب مخالفة شروط الترخيص، مشيراً إلى أن صاحب المنزل وعد مأمور قسم شرطة الفشن بإزالة المخالفات في المبنى، وهو عبارة عن ورشة في الدور الأول ومكان للإقامة بالدور الثاني.
حدث هذا قبل أن تتم السيطرة بشكل كامل على الأعمال الإرهابية التي وقعت في محافظة المنيا، وقبل أن تعلن وزارة الداخلية المصرية أن صلحاً عرفياً أنهى مشكلة طائفية وقعت قبل أيام في إحدى قرى محافظة المنيا (جنوب القاهرة)، بعد تنازل المجني عليهم، على رغم تعهدات الدولة تطبيق القانون على خلفية انتقادات لاعتمادها الحلول العرفية في الأزمات بين المسلمين والأقباط.
ما بين الفتنة والإرهاب..
وكشفت الكنيسة القبطية أن الرئيس عبدالفتاح السيسي اجتمع مع بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني في حضور عدد من الوزراء أول من أمس، على هامش حضورهم تخريج دفعات جديدة من كليات عسكرية.
وأوضح الناطق باسم الكنيسة القس بولس حليم في بيان، أن السيسي «شدد على حرصه على الوحدة الوطنية وإنفاذ القانون بكل حسم على الجميع، في إطار حديثه عن الأحداث التي شهدتها محافظة المنيا».
لكن وزارة الداخلية أعلنت في بيان عقد «صلح» بين مسلمين وأقباط في قرية أبو يعقوب في المنيا التي كانت شهدت قبل أيام إحراق منازل أقباط وسقوط جرحى بعد إشاعات عن اعتزام ملاك منزل تحويله إلى كنسية.
وألقت قوات الأمن القبض على عدد من المتورطين في الأحداث عرضتهم على النيابة التي قررت حبسهم على ذمة التحقيقات. لكن «المجني عليهم توجهوا بصحبة محاميهم إلى نيابة جنوب المنيا الكلية وعدلوا عن اتهامهم الموجه إلى من اتهموهم كافة في تحقيقات النيابة، وأقروا بالتصالح معهم»، وفق بيان الداخلية.
وأشارت الوزارة إلى أن «محامي المتهمين تقدم بطلب للاستئناف في أمر حبسهم وطلب إخلاء سبيلهم، وتم قبول الاستئناف، وقررت محكمة جنوب المنيا إخلاء سبيل 13 متهماً بضمان مالي، وإخلاء سبيل ثلاثة آخرين بضمان محال إقامتهم».
القس رفعت فكري
القس رفعت فكري
وبعد هذه الأحداث الإرهابية والجلسات العرفية تلخصت مطالب الأقباط، كما أكد القس رفعت فكري، رئيس مجلس الإعلام والنشر الأسبق بالكنيسة الإنجيلية، أنها لا تعدو المطالب العادية والبسيطة الواجب توافرها، ولعل أبرزها تطبيق المواطنة.
وقال فكري: «إن أول المطالب ترسيخ المواطنة وتحقيقها، بجانب العدالة والقانون، ومعاقبة المعتدين والمخربين الذين طالت أيديهم أملاك الأقباط، وكـل جانٍ ومخطئ».
وأضاف: «الأقباط يتطلعون دائمًا إلى المساواة في تعاملات جهات الدولة معهم، سواء مؤسسات أو جهات حكومية، دون تمييز على أساس الدين، معتبرًا أن أي مخطئ لا بد وأن يعاقب بالقانون، لإعلاء دولة القانون».
وشدد على ضرورة وجود مفوضية عليا لمواجهة التمييز، ووضع قانون عادل ومنصف يعاقب كل من يمارس تمييزًا بين المواطنين بأشد العقاب، وتابع: «المعتدي أو من يحرق منزلًا أو منشآت عليه إصلاح ما أفسد، مع عقوبات رادعة»، موضحًا ضرورة الابتعاد عن إضاعة الحقوق بجلسات الصلح العرفي.
وقد كان الأزهر حاضرًا أيضًا؛ حيث أكد الدكتور عبد الفتاح العواري -عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة- أن بيت العائلة المصرية يتدخل في كل الأحداث.. لتقريب وجهات النظر بين الطرفين لعدم تفاقم المشكلة.
وأضاف العواري، أن بيت العائلة المصرية يضم حكماء الديانتين الإسلامية والمسيحية، ويسعى إلى قطع الطريق على أي شخص يروج لوجود فتن طائفية داخل المجتمع المصري، مشيرًا إلى أن إجراءات الخطبة المكتوبة ومنع عدد من أئمة الأوقاف من الخطبة كلها تصب في قطع الطريق على مؤججي الفتنة.
أما وزارة الدفاع فقد حملت على عاتقها ترميم كافة الكنائس التي تتعرض لأية أخطار خاصة وقت زمن جماعة الإخوان، وبحسب الإحصاءات فإن الجماعة تسببت في تخريب وإحراق ما يقرب من 72 كنيسة، تضرر معظمها بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، كما تعهد الرئيس بذلك من خلال الهيئة الهندسية.
وكانت أبرز الكنائس التي تم ترميمها هي «ماريو حنا بأسيوط - الأمير تادرس بإبشواي- العائلة المقدسة بملوي - الأمير تادرس بالمنيا - الكنيسة الإنجيلية في ملوي - العذراء برفح - كنيسة العريش»
وعلى الجانب الآخر أكدت حركة "من أجل مصر"، أمس الجمعة، أن الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وراء أحداث الفتنة الطائفية الدائرة في محافظة المنيا، مشددًا أن هناك بعض الشخصيات من الطرفين يحاولون زيادة الفتنة دون رادع.
وأضافت الحركة في بيانًا لها، أن هناك عدم تفهم من قبل بعض أعضاء مجلس النواب للظروف التي تمر بها الدولة، ويحاولون الضغط لتحقيق مصالح شخصية.
وأشارت الحركة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية يعمل على وأد الفتنة الطائفية، وتحرك سريعا العام الماضي، لضرب مواقع تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، الذي قام بقتل 32 من أبناء مصر من الأقباط، ثأرًا لهم ولدمائهم، مؤكدة أن زيارات الرئيس السيسي، المتكررة للكنيسة المصرية كانت من أولى الخطوات الجادة للتأكيد على وحدة الصف المصري، وإيصال رسالة للعالم أن الشعب المصري يد واحدة وصف واحد وأخوة.
أحمد حسونة، أمين
أحمد حسونة، أمين عام حركة من أجل مصر
فيما قال أحمد حسونة، أمين عام حركة من أجل مصر: "لا يمكن للإدارة المصرية أن تقف صامتة عن تلك الأحداث المؤسفة التي تضرب أبناء الوطن من الأقباط". مشيرًا إلى أنه منذ يناير 2011 والقوات المسلحة تقوم بترميم الكنائس التي تتعرض للهجمات الإرهابية على نفقاتها الخاصة وتعمل على تلبية. مطالبًا الأخوة الأقباط صرف التعويضات اللازمة في حدوث أي شيء.
وحذر حسونة، من أحداث الفتنة الطائفية التي يراد بها هدم الدولة المصرية والوقيعة بين أبناء الشعب المصري بمخططات التقسيم التي تضرب منطقة الشرق الأوسط والدول العربية على وجه التحديد.

شارك