أردوغان يواصل تحديه لخصومه وانتقادات غربية لسياساته القمعية

الأحد 07/أغسطس/2016 - 10:49 م
طباعة أردوغان يواصل تحديه
 
يواصل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تصفية حساباته مع خصومه بعد فشل الانقلاب العسكري الشهر الماضي، واحتشد اليوم أكثر من مليون تركي في مدينة اسطنبول استجابة لدعوة أطلقها اردوغان للتنديد بمحاولة الانقلاب واستعراض القوة في مواجهة انتقادات غربية لعمليات تطهير واعتقالات واسعة النطاق أعقبت المحاولة.

أردوغان يواصل تحديه
وقال محللون أن الغالبية العظمى من المحتشدين من أنصار أردوغان وحمل بعضهم لافتات كتب عليها "أنت نعمة من الله يا أردوغان" و"مرنا أن نموت وسنفعل". لكن هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها أحزاب معارضة في تجمع لمؤيدي الحزب الحاكم منذ عشرات السنين في الدولة التي يقترب عدد سكانها من 80 مليون نسمة.
وفي خطابه قال أردوغان أمام مناصرين كانوا يهتفون "إعدام"، "إذا أراد الشعب عقوبة الإعدام فعلى الأحزاب أن تنصاع لإرادته"، مضيفا أن "غالبية البلدان تطبق عقوبة الإعدام". وأضاف أنه يجب تدمير شبكة الداعية التركي فتح الله كولن في إطار القانون، وانتقد أردوغان ألمانيا بسبب منعه من التواصل عبر رابط فيديو مع مؤيدين له كانوا في مسيرة في وقت سابق هذا اشهر، وقال متسائلا "أين الديمقراطية؟" وأضاف إنهم " يغذون الإرهاب وسينقلب عليهم"، وقال إن ألمانيا سمحت لمتشددين أكراد بالبث عبر دائرة تلفزيونية.
من جانبه قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمام الحشود إن فتح الله جولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه الحكومة التركية بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية، "سيعود إلى تركيا ويدفع ثمن ما اقترفه." أما رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي آكار فتوعد أمام الحشد بأن "الخونة" الذين كانوا وراء المحاولة الانقلابية سيتلقون أشد العقوبات.
واعتبر زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كيليجدار أوغلو أن المحاولة الانقلابية الفاشلة فتحت "بابا جديدا لحلول الوسط" السياسية، مؤكدا أن "هناك تركيا جديدة بعد 15 يوليو".
ودعا أردوغان زعماء المعارضة العلمانية والقومية الذين دعموا الحكومة ونددوا بالانقلاب إلى إلقاء كلمة أمام الحشود في مشهد يأمل أن يصور أمة موحدة تتحدى الانتقادات الغربية. 

أردوغان يواصل تحديه
فى حين لم يشارك حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان، في التجمع بسبب عدم دعوته للمشاركة بزعم أنه يقيم صلات مع المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد.
وفى هذا الاطار تعهد أردوغان بتخليص تركيا من شبكة جولن أنصاره في صفوف قوات الأمن والقضاء والجهاز الإداري بتدبير محاولة الاستيلاء على السلطة الشهر الماضي والتخطيط لإسقاط الدولة. 
وتأتى هذه المحاولة الاستعراضية من اردوغان بعد تعرض عشرات الآلاف للإيقاف عن العمل أو الاعتقال أو الاحتجاز لحين التحقيق في أعقاب محاولة الانقلاب ومن بينهم جنود وأفراد في الشرطة والقضاء وصحفيون وعاملون في المجال الطبي وموظفون، مما أثار المخاوف بين حلفاء تركيا الغربيين من أن أردوغان يستغل الأحداث لإحكام قبضته على السلطة.
من ناحية اخري طالب زعيم حزب الخضر الألماني جيم أوزديمير حركة الداعية الإسلامي فتح الله جولن بتوضيح معلومات عن الأنشطة التي تقوم بها المنظمات والاتحادات التابعة لها في ألمانيا.
شدد أوزديمير في بقوله "إنه يتعين على حركة غولن أن تصدر بنفسها توضيحاً لهويتها بالتحديد، إذا ما كانت جماعة إسلامية-محافظة أو شبكة توظيف مهنية أو حركة إسلامية سياسية ومؤخرا راديكالية".
ودعا زعيم الخضر الألماني قائلاً: "إنه لأمر حاسم في البداية أن يلتزم أنصار جولن في ألمانيا بالقوانين الألمانية،  وهناك حاجة للمزيد من الشفافية أيضاً للمقاصد الفكرية".

أردوغان يواصل تحديه
وفى هذا الاطار دعا فولكر كاودر رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتحجيم التأثير الذي يقوم به الاتحاد الإسلامي-التركي في ألمانيا "ديتيب". 
قال كاودر "أرى أنه لابد من عدم السماح لاتحاد مثل ديتيب، ويبدو أنه متحدث بلسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن يشكل حصة الدين الإسلامي في بعض المدارس".، وناشد السياسي الألماني البارز الاتحادات الإسلامية الألمانية دعم دمج المسلمين في ألمانيا، وشدد على ضرورة أن يوضحوا لأعضائهم أن الدستور والقانون في ألمانيا لهما الأسبقية على الدين.
يُشار إلى أن اتحاد "ديتيب" ينسق الأنشطة التي تقوم بها المساجد التابعة له في ألمانيا، ويقع تحت سيطرة الحكومة التركية. وهناك قلق داخل الاتحاد المسيحي من أن يتم نقل النزاعات السياسية الداخلية التي تشهدها تركيا إلى ألمانيا.
كما دعا رئيس حزب اليسار الألماني المعارض برند ريكسينجر لوقف عاجل لمفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وقال "إن الحكومة التي تتعقب الصحفيين وتلقي القبض على معارضين في السجون والقيام بحرب ضد المواطنين أنفسهم، لا يمكن استقبالها في الاتحاد الأوروبي".
وفى سياق اخر كشفت مجلة Open Democracy  الأمريكية تداعيات الصراع بين الإسلاميين فى تركيا وتأثيره على الديمقراطية التركية، وأبرزت مسارعة الحكومة التركية إلى اتهام الخدمة أو المنظمة السرية الإرهابية كما تصفها السلطات، واتهام زعيمها المقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية جولن بالتدبير لمحاولة الانقلاب. 

أردوغان يواصل تحديه
وتساءلت المجلة  عن سر هذا العداء، وقالت إن منظمة جولن بات لديها عدد كبير من المؤسسات الإعلامية والشركات والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال ولديها شبكة إسلامية كبيرة لديها ملايين من الأتباع فى العالم، وكانت الحركة تحالفت مع أردوغان لعشر سنوات جذبت له خلالها ثلاثة انتصارات انتخابية متوالية.
أضافت المجلة الأمريكية أنه مع زيادة نفوذ جولن فى تركيا بدأ أردوغان يقلق من ذلك، حتى تحول زعيم الخدمة إلى العدو الأول لـأردوغان، ولما بدا حزب الرئيس التركى العدالة والتنمية قوياً بعد انتخابات برلمان 2011، بدا أردوغان قوياً بما يكفى لكسر تحالفه مع جماعة جولن، حتى بدأت الآن حرب مفتوحة فى صراع السيطرة على الدولة بين الطرفين.
 وقالت المجلة إن الصراع بين أردوغان وجولن، هو صراع لإثبات أيهما أكثر قوة، وليس صراعاً بين تفسيرات مختلفة للإسلام، وانه من المفارقة أن الرئيس التركى استغل محاولة الانقلاب الفاشلة فى توسيع سلطاته المطلقة، وبالتأكيد سيستفيد من الشعبية التى وراءه بعد محاولة الانقلاب خلال أى استفتاء مقبل، لتحويل البلاد نحو نظام رئاسى يكتب به الرئيس صلاحيات تنفيذية فعلية، ومن ثم منحه سلطات مطلقة تحت غطاء الإسلام المحافظ.
قالت المجلة إن الصراع بين أردوغان وجولن يضر جداً بالشعب التركى الذى اختار الديمقراطية.  

شارك