الإعدامات "وسيلة" طهران الدموية لتصفية السُّنَّة في إيران
الإثنين 08/أغسطس/2016 - 02:03 م
طباعة
لا تحاول حكومة العمائم في طهران إضاعة الوقت في محاكمات وإجراءات قانونية طويلة ضد خصومها السنة؛ ولذلك تلجأ إلى عقوبة الإعدام كوسيلة ناجعة للقاء عليهم وقد سلطت قضية الإعدام الجماعي ضد 25 ناشطاً سنياً في إيران بينهم الداعية الشاب، شهرام أحمدي، الضوء مرة أخرى على قضية مسلسل الإعدامات المستمر ضد الدعاة السنة بتهم واهية تلفقها ضدهم أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بهدف تصفية أي حراك من شأنه أن يؤدي إلى تلبية مطالب السُّنة في إيران.
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، أدانت الإعدام الجماعي ضد 25 من الدعاة وطلبة العلوم الدينية من الأكراد، فجر الثلاثاء 2-8-2016م وانتقدت المحاكمات غير الشفافة والاستناد على اعترافات مأخوذة تحت التعذيب من المعتقلين وعدم منح المتهمين حق الدفاع عن أنفسهم وكان أغلب هؤلاء المعدومين نفوا في رسائل سربوها من السجن إلى المنظمات الحقوقية الدولية قيامهم بأية أعمال مسلحة وأكدوا أن نشاطاتهم كانت تركز على تعاليم مذهب أهل السنة والجماعة بشكل سلمي وعلني وعدم مناصرتهم أية تيارات متطرفة من أي جهة كانت.
وكانت وزارة الاستخبارات الإيرانية أصدرت بيانًا بشأن المجموعة التي قامت بإعدامها، وقالت: إن المعدومين (21 شخصًا) ينتمون إلى تنظيم يدعى "الجهاد والتوحيد"، واتهمتهم بـ"ارتكاب أعمال مسلحة واغتيالات ضد ضباط أمن وقضاة بمحكمة الثورة ورجال دين سنة وشيعة موالين للنظام، وشن هجمات مسلحة على مراكز للاستخبارات والحرس الثوري، على الرغم من أن أغلب هؤلاء المعدومين نفوا أي صلة لهم بتنظيم "التوحيد والجهاد"، وشكوا من "تلفيق التهم" ضدهم من قبل أجهزة الاستخبارات، كما أن أحدهم ويدعى برزان نصر الله زادة، اعتقل وحكم بالإعدام، وهو تحت السن القانونية، وكان عمره 17 عامًا حينها.
وقال عدد من محامي الدفاع عن هؤلاء المعدومين في تصريحات هاتفية لوكالة "هرانا" الحقوقية الإيرانية: "إن أغلب هؤلاء المتهمين لم يحملوا أي سلاح ولم يقوموا بأية أعمال عنف، وكان نشاطهم الوحيد إقامة صفوف دينية ونشر مذهب أهل السنة والجماعة بشكل سلمي وقانوني، لكن السلطات لفقت لهم التهم بالعضوية في تنظيم "التوحيد والجهاد" أو مناصرة جهات سلفية متطرفة، وإنهم لم يمنحوا الحق في الاطلاع الكامل على الملفات ومجرى التحقيق، كما لم يكن لديهم الوقت الكافي في المحكمة للدفاع عن موكليهم، فضلا عن طعنهم بشرعية المحكمة؛ حيث قالوا إنها تفتقر لأدنى معايير المحاكمة القانونية العادلة، وكان واضحًا تدخل الاستخبارات في مجرى التحقيق والمحاكمة، وأحكام الإعدام كانت صادرة سلفًا".
وكان التليفزيون الإيراني قد بث مقطعًا عن اعترافات مؤسسي التنظيم كاوة شريفي وخالد ويسي واثنين آخرين من زملائهما يدلون باعترافات ضد أنفسهم بارتكاب أعمال مسلحة واغتيالات ويكفرون السنة والشيعة، فيما قالت منظمات حقوقية: "إن هذه الاعترافات أشبه بمسرحية حزينة؛ حيث أخذت من المتهمين تحت العذيب الجسدي والنفسي الشديدين"، وأدانت الحملة الدعائية الإيرانية الرسمية التي تهدف إلى "شيطنة" نشطاء السنة بإيران وربطهم بالتكفير والإرهاب"، حسب ما جاء في بيانات منفصلة لمنظمات حقوقية أدانت هذه الإعدامات الجماعية.
والسجناء السياسيون من أهل السنة الذين تم إعدامهم شنقاً هم كل من: شهرام أحمدي (29 عاماً) والشقيقان كاوة وآرش شريفي (32 و26 عاماً)، وثلاثة أشقاء بأسماء محمد ياور ومختار وبهمن رحيمي (31 و33 و38 عاماً) وكاوة ويسي (32 عاماً) وبهروز شاه نظري (31 عاماً)، وطالب ملكي (31 عاماً) وأحمد نصيري (35 عاماً) وشاهو إبراهيمي (31 عاماً) وبوريا محمدي وعالم برماشتي ووريا قادري فرد وكيوان مؤمني فرد وإدريس نعمتي وفرزاد هنرجو ومحمد غريبي وكيوان كريمي وأمجد صالحي وأوميد بيوند وعلى مجاهدي الملقب (علي عراقي) وحكمت شريفي الملقب (حكمت عراقي) وعمر عبداللهي الملقب (حمزه عراقي) وأوميد محمودي وما زال 18 سجيناً آخرين في الزنزانات الانفرادية وسط مخاوف من تنفيذ الإعدام بهم سراً، رغم الإدانات الدولية ضد طهران ومطالبة الجهات الحقوقية لها بوقف تنفيذ الإعدامات العشوائية وإعادة محاكمة المعتقلين بتهم سياسية وتوفير حق الدفاع لهم.
وتعرض الناشطون والدعاة وطلبة العلوم الدينية السنة إلى مسلسل من الإعدامات في ظل حكم نظام لولاية الفقه الطائفي؛ حيث نفذت السلطات. وفي ما يلي نبذة عن هذه الإعدامات في نوفمبر 2014، أعدم الشقيقان وحيد شه بخش (22 عاما) ومحمود شه بخش (23 عاما) من الأقلية البلوشية السنية، بتهم "محاربة الله والرسول والعمل ضد الأمن القومي" في سجن زاهدان المركزي وقالت منظمات حقوقية إيرانية: إن الاستخبارات الإيرانية مارست ضد الشقيقين أنواعًا من التعذيب النفسي والبدني لنزع اعترافات ملفقة، وليتم إعدامهما في وقت لاحق وكانت السلطات أعدمت في يوليو 2014 الناشط البلوشي المعتقل في سجن زاهدان المركزي ياسين كرد بتهمة "محاربة الله ورسوله" بعد اعتقالٍ استمر خمسة أعوام.
ياسين مجرد ناشط أراد الحديث عن معاناة إقليم بلوشستان السني من الاضطهاد الإيراني؛ لذلك اعتقل من قبل جهاز الاستخبارات الإيراني، هذا الجهاز المعني بتعقب النشطاء البلوش الذين يطالبون بحقوقهم المدنية والسياسية والدينية في بلوشستان.
وأعدمت السلطات الإيرانية عام 2013 حبيب الله ريغي، شقيق عبدالمالك ريغي، زعيم جماعة "جند الله" السنية، الذي أعدمته السلطات في يونيو 2010م كما أعدم عبدالملك ريغي في 26 أكتوبر 2013 مع 15 آخرين من السنة كانوا يقبعون في سجن زاهدان. جاءت التهم التي لفقت للضحايا كما قالت الحكومة الإيرانية لمقتل حرس الحدود في سراوان، وقد فند الحقوقيون الإيرانيون حقيقة التهمة؛ إذ كان المعدومون في السجن وقت وقوع حادث القتل، كما وُجِّهت تهم "محاربة الله" و"الإفساد في الأرض" لثمانية من المعدومين، وقال عبدالملك في مذاكراته: "نزعوا أظافر قدمي، وصعقوني بالكهرباء، ضربوني بالكابلات وعذبوني نفسيًّا، كل مرة كانوا يأخذونني للاستجواب كانوا يضربونني ويركلونني"، كما أعدمت إيران خطيب أهل السنة والجماعة، أصغر رحيمي، في 27 ديسمبر 2012 في سجن غزل حصار، رحيمي الذي لاقى أشد أنواع التعذيب اتهم بالمحاربة والعمل ضد الأمن القومي، أعدم مع ستة من الرجال، بما في ذلك شقيقه بهنام، لم يسمح للمعدومين برؤية عائلاتهم قبل موتهم، ولم تسلم جثثهم إلى عائلاتهم. اعتقل الداعية رحيمي في الثامنة عشرة من عمره، اعتقلته السلطات الإيرانية، وبقي طيلة فترة اعتقاله يتعرض للتعذيب في سجن سنندج، ثم عذب أيضًا في سجن رجايي، وبقي كذلك حتى أعدم برفقة عدد من أصدقائه.
وفي مارس 2012 نفذت إيران الإعدام ضد 6 نشطاء سنة من الأكراد الإيرانيين وهم كل من حامد أحمدي وكمال ملائي وجمشید دهقاني وجهانغیر دهقاني وصديق محمدي وهادي حسيني بتهمة "محاربة الله" و"الإفساد في الأرض" وفي أبريل عام 2009 أعدمت السلطات الإيرانية الشيخ خليل الله زارعي والشيخ الحافظ صلاح الدين سيدي شنقًا بتهم حمل وحفظ السلاح بطريقة غير شرعية ومعارضة النظام وتهديد الأمن القومي كما أقدمت السلطات الإيرانية على تنفيذ حكم الإعدام بحق الناشط البلوشي السني المعتقل في سجن زاهدان المركزي، ياسين كرد، بتهمة "محاربة الله ورسوله" من قبل محكمة الثورة الإيرانية، ويبلغ ياسين كرد 30 عامًا من العمر؛ حيث اعتقل قبل خمسة أعوام من قبل جهاز الاستخبارات الإيراني المعروف بالاطلاعات مع مجموعة من النشطاء البلوش من أهل السنة الذين يطالبون بحقوقهم المدنية والسياسية والدينية العادلة في بلوشستان.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن حكومة العمائم في طهران قررت عدم إضاعة الوقت في محاكمات وإجراءات قانونية طويلة ضد خصومها السنة، وإنما عقوبة الإعدام كوسيلة ناجعة للقضاء عليهم بهدف تصفية أي حراك من شأنه أن يؤدي إلى تلبية مطالب السنة في إيران، وأن ما يتم الإعلان عنه هو غيض من فيض الإعدامات والتنكيل ضد العشرات من نشطاء ورجال الدين من أهل السنة في مختلف المحافظات.
