بأكثر من 230 إعدامًا منذ بداية 2016.. إيران الرائدة إقليميًّا في عمليات الإعدام للسُّنَّة

الأربعاء 10/أغسطس/2016 - 05:45 م
طباعة بأكثر من 230 إعدامًا
 
أصبحت وتيرة إعدام العلماء والدعاة السُّنَّة متسارعة في إيران تحت ظل الحكم الديني الشيعي فيما يسمى بالجمهورية الإسلامية؛ حيث لا حقوق للسُّنَّة واستفزاز متواصل بتوالي أحكام الإعدام، والتي تعتمد بشكل جائر على تهمة التخابر والتجسس بلا براهين أو أدلة، وقد سلطت قضية الإعدام الجماعي ضد 25 ناشطاً سنيًّا في إيران بينهم الداعية الشاب، شهرام أحمدي، الضوءَ مرة أخرى على قضية مسلسل الإعدامات المستمر ضد الدعاة السنة بتهم واهية تلفقها ضدهم أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بهدف تصفية أي حراك من شأنه أن يؤدي إلى تلبية مطالب السُّنَّة في إيران، بحسب ما تقول منظمات حقوقية.
غير أن الإعدامات الأخيرة جعلت الرأي العام الإسلامي والعالمي يقارن بين الضجة الكبرى التي خلقتها بقضية إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في السعودية مع 46 إرهابيًّا آخر، بينما تستمر هي بإعدام الدعاة السُّنَّة الذين لم تثبت إدانتهم بأية أعمال عنف أو سلوك متطرف، ليتبين بأن نظام الملالي الحاكم لا يتوانى عن استغلال هذه المواقف سياسيًّا من أجل أهدافه التوسعية في المنطقة من خلال استخدام الإرهاب في الداخل والخارج وبث الفُرقة الطائفية والانقسام في العالم الإسلامي.
تلفيق التهم وتعذيب المعتقلين
وكانت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، أدانت الإعدام الجماعي ضد 25 من الدعاة وطلبة العلوم الدينية من الأكراد، فجر الثلاثاء الماضي، وانتقدت المحاكمات غير الشفافة والاستناد إلى اعترافات مأخوذة تحت التعذيب من المعتقلين وعدم منح المتهمين حق الدفاع عن أنفسهم.
وكان أغلب هؤلاء المعدومين نفوا في رسائل سربوها من السجن إلى المنظمات الحقوقية الدولية قيامهم بأية أعمال مسلحة، وأكدوا أن نشاطاتهم كانت تركز على تعاليم مذهب أهل السُّنَّة والجماعة بشكل سلمي وعلني وعدم مناصرتهم أية تيارات متطرفة من أي جهة كانت.
وكانت وزارة الاستخبارات الإيرانية أصدرت بيانا بشأن المجموعة التي قامت بإعدامها، وقالت: إن المعدومين (21 شخصًا) ينتمون إلى تنظيم يدعى "الجهاد والتوحيد"، واتهمتهم بـ"ارتكاب أعمال مسلحة واغتيالات ضد ضباط أمن وقضاة بمحكمة الثورة ورجال دين سُنة وشيعة موالين للنظام، وشن هجمات مسلحة على مراكز للاستخبارات والحرس الثوري".
يذكر أن أغلب هؤلاء المعدومين نفوا أي صلة لهم بتنظيم "التوحيد والجهاد"، وشكوا من "تلفيق التهم" ضدهم من قبل أجهزة الاستخبارات، كما أن أحدهم ويدعى برزان نصر الله زادة، اعتقل وحكم بالإعدام، وهو تحت السن القانونية، وكان عمره 17 عاما حينها.
وقال عدد من محامي الدفاع عن هؤلاء المعدومين في تصريحات هاتفية لوكالة "هرانا" الحقوقية الإيرانية: إن أغلب هؤلاء المتهمين لم يحملوا أي سلاح ولم يقوموا بأية أعمال عنف، وكان نشاطهم الوحيد إقامة صفوف دينية ونشر مذهب أهل السنة والجماعة بشكل سلمي وقانوني، لكن السلطات لفقت لهم التهم بالعضوية في تنظيم "التوحيد والجهاد" أو مناصرة جهات سلفية متطرفة".
كما قال المحامون إنهم لم يمنحوا الحق في الاطلاع الكامل على الملفات ومجرى التحقيق، كما لم يكن لديهم الوقت الكافي في المحكمة للدفاع عن موكليهم، فضلا عن طعنهم بشرعية المحكمة، حيث قالوا إنها تفتقر لأدنى معايير المحاكمة القانونية العادلة، وكان واضحا تدخل الاستخبارات في مجرى التحقيق والمحاكمة، وأحكام الإعدام كانت صادرة سلفا".
وكان التلفزيون الإيراني قد بث مقطعا عن اعترافات مؤسسي التنظيم كاوة شريفي وخالد ويسي واثنين آخرين من زملائهم يدلون باعترافات ضد أنفسهم بارتكاب أعمال مسلحة واغتيالات ويكفرون السنة والشيعة، فيما قالت منظمات حقوقية "إن هذه الاعترافات أشبه بمسرحية حزينة حيث أخذت من المتهمين تحت العذيب الجسدي والنفسي الشديدين"، وأدانت الحملة الدعائية الإيرانية الرسمية التي تهدف إلى "شيطنة" نشطاء السنة بإيران وربطهم بالتكفير والإرهاب"، حسب ما جاء في بيانات منفصلة لمنظمات حقوقية أدانت هذه الإعدامات الجماعية.
والسجناء السياسيون من أهل السنة الذين تم إعدامهم شنقاً هم كل من: شهرام أحمدي (29 عاماً) والشقيقان كاوة وآرش شريفي (32 و26 عاماً)، وثلاثة أشقاء بأسماء محمد ياور ومختار وبهمن رحيمي (31 و33 و38 عاماً) وكاوة ويسي (32 عاماً) وبهروز شاه نظري (31 عاماً)، وطالب ملكي (31 عاماً) وأحمد نصيري (35 عاماً) وشاهو إبراهيمي (31 عاماً) وبوريا محمدي وعالم برماشتي ووريا قادري فرد وكيوان مؤمني فرد وإدريس نعمتي وفرزاد هنرجو ومحمد غريبي وكيوان كريمي وأمجد صالحي وأوميد بيوند وعلى مجاهدي الملقب (علي عراقي) وحكمت شريفي الملقب (حكمت عراقي) وعمر عبداللهي الملقب (حمزه عراقي) وأوميد محمودي.
وما زال 18 سجيناً آخرين في الزنزانات الانفرادية وسط مخاوف من تنفيذ الإعدام بهم سراً، رغم الإدانات الدولية ضد طهران ومطالبة الجهات الحقوقية لها بوقف تنفيذ الإعدامات العشوائية وإعادة محاكمة المعتقلين بتهم سياسية وتوفير حق الدفاع لهم.
تاريخ الإعدام
وتعرض الناشطون والدعاة وطلبة العلوم الدينية السنة إلى مسلسل من الإعدامات في ظل حكم نظام لولاية الفقه الطائفي، حيث نفذت السلطات. وفي ما يلي نبذة عن هذه الإعدامات:
- في نوفمبر 2014، أعدم الشقيقان وحيد شه بخش (22 عاما) ومحمود شه بخش (23 عاما) من الأقلية البلوشية السنية، بتهم "محاربة الله والرسول والعمل ضد الأمن القومي" في سجن زاهدان المركزي. وقالت منظمات حقوقية إيرانية إن الاستخبارات الإيرانية مارست ضد الشقيقين أنواعا من التعذيب النفسي والبدني لنزع اعترافات ملفقة، وليتم إعدامهما في وقت لاحق.
- وكانت السلطات أعدمت في يوليو 2014 الناشط البلوشي المعتقل في سجن زاهدان المركزي ياسين كرد بتهمة "محاربة الله ورسوله" بعد اعتقالٍ استمر خمسة أعوام. ياسين مجرد ناشط أراد الحديث عن معاناة إقليم بلوشستان السني من الاضطهاد الإيراني، لذلك اعتقل من قبل جهاز الاستخبارات الإيراني، هذا الجهاز المعني بتعقب النشطاء البلوش الذين يطالبون بحقوقهم المدنية والسياسية والدينية في بلوشستان.
- وأعدمت السلطات الإيرانية عام 2013 حبيب الله ريغي، شقيق عبدالمالك ريغي، زعيم جماعة "جند الله" السنية، الذي أعدمته السلطات في يونيو 2010.
- أعدم عبدالملك ريغي في 26 أكتوبر 2013 مع 15 آخرين من السنة كانوا يقبعون في سجن زاهدان. جاءت التهم التي لفقت للضحايا كما قالت الحكومة الإيرانية لمقتل حرس الحدود في سرأوان، وقد فند الحقوقيون الإيرانيون حقيقة التهمة، إذ كان المعدومون في السجن وقت وقوع حادث القتل، كما وُجِّهت تهم "محاربة الله" و"الإفساد في الأرض" لثمانية من المعدومين.
وقال عبدالملك في مذاكراته: "نزعوا أظافر قدمي، وصعقوني بالكهرباء، ضربوني بالكابلات وعذبوني نفسيا، كل مرة كانوا يأخذونني للاستجواب كانوا يضربونني ويركلونني"، حسب ما نقلت عنه منظمة "نشطاء حقوق الإنسان والديمقراطية في إيران".
- كما أعدمت إيران خطيب أهل السنة والجماعة، أصغر رحيمي، في 27 ديسمبر 2012 في سجن غزل حصار، رحيمي الذي لاقى أشد أنواع التعذيب اتهم بالمحاربة والعمل ضد الأمن القومي، أعدم مع ستة من الرجال، بما في ذلك شقيقه بهنام، لم يسمح للمعدومين برؤية عائلاتهم قبل موتهم، ولم تسلم جثثهم إلى عائلاتهم. اعتقل الداعية رحيمي في الثامنة عشرة من عمره، اعتقلته السلطات الإيرانية، وبقي طيلة فترة اعتقاله يتعرض للتعذيب في سجن سنندج، ثم عذب أيضا في سجن رجايي، وبقي كذلك حتى أعدم برفقة عدد من أصدقائه.
- في مارس 2012 نفذت إيران الإعدام ضد 6 نشطاء سنة من الأكراد الإيرانيين وهم كل من حامد أحمدي وكمال ملائي وجمشید دهقاني وجهانغیر دهقاني وصديق محمدي وهادي حسيني بتهمة "محاربة الله" و"الإفساد في الأرض".
- في أبريل عام 2009 أعدمت السلطات الإيرانية الشيخ خليل الله زارعي والشيخ الحافظ صلاح الدين سيدي شنقا بتهم حمل وحفظ السلاح بطريقة غير شرعية ومعارضة النظام وتهديد الأمن القومي.
- أقدمت السلطات الإيرانية على تنفيذ حكم الإعدام بحق الناشط البلوشي السني المعتقل في سجن زاهدان المركزي، ياسين كرد، بتهمة "محاربة الله ورسوله" من قبل محكمة الثورة الإيرانية، ويبلغ ياسين كرد 30 عاما من العمر، حيث اعتقل قبل خمسة أعوام من قبل جهاز الاستخبارات الإيراني المعروف بالاطلاعات مع مجموعة من النشطاء البلوش من أهل السنة الذين يطالبون بحقوقهم المدنية والسياسية والدينية العادلة في بلوشستان.
وهذا غيض من فيض الإعدامات والتنكيل ضد العشرات من نشطاء ورجال الدين من أهل السنة في مختلف المحافظات، أهمها بلوشستان وكردستان والأهواز، وما زال المئات منهم يقبعون في السجون بسبب الدعوة لعقيدتهم، والعديد منهم مهدد بتنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة.
قامت السلطات الإيرانية في سجن رجائي شهر بمدينة كرج، جنوب غرب طهران، بتوزيع ممتلكات ومتعلقات النشطاء السنة الذين أعدمتهم في 2 أغسطس الجاري، على باقي السجناء "كغنائم حرب" حسب وصف مسئولي السجن، وفقا لتقرير نشرته وكالة "هرانا" الحقوقية بناء على معلومات من داخل السجن.
ووفقا للوكالة، فقد قام السجناء بسرقة الممتلكات والأشياء المتعلقة بالسجناء المعدومين السنة الأكراد حيث احتج باقي السجناء السياسيين من السنة على هذا التصرف، لكن مسئولي السجن قالوا لهم بأن "هذه غنائم حرب ولإدارة السجن الحق في التصرف بها".
هذا بينما تنص القوانين الإيرانية على أن كل ممتلكات ومتعلقات السجناء الذين يتم إعدامهم يجب أن تعود إلى ورثتهم وعائلاتهم.
وذكر تقرير وكالة "هرانا" التابعة لمجموعة ناشطي حقوق الإنسان في إيران، أن مدير القاطع الرابع في سجن رجائي شهر، قام قبل أيام بفتح باب الصالة العاشرة التي كانت مخصصة للسجناء السنة الذين أعدموا، وقام بكسر القفل الذي كان قد تم إغلاقه، وقال لباقي السجناء بأنه يحق لكم أن توزعوا هذه الغنائم بينكم.
يذكر بأنه ما زال هناك 18 سجينا من النشطاء السنة مهددون بالإعدام الوشيك، غير أن التقرير أفاد بأن 5 من هؤلاء السجناء تمت إعادتهم من الزنزانات الانفرادية لقاطعهم السابق لكنهم وجدوا بأن ممتلكاتهم قد سرقت أيضا، ولدى مراجعتهم إدارة السجن للمطالبة بإعادتها قال لهم مسئول في السجن يدعى "شجاني" بأن "هذه الأغراض والممتلكات عبارة عن "غنائم حرب" وأنا من يقرر ماذا يكون مصيرها".
هيومن رايتس ووتش تندد
من جهتها، أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية لمراقبة حقوق الإنسان، في بيان الإعدامات الجماعية التي نفذت شنقا ضد السجناء السنة ووصفتها بأنها "تراجع معيب في سجل طهران في مجال حقوق الإنسان".
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، إن "الإعدامات الجماعية للسجناء الإيرانيين، في 2 أغسطس/آب في سجن رجائي شهر، وصمة عار في سجلها الحقوقي".
وأضافت: "بأكثر من 230 إعداما منذ 1 يناير/كانون الثاني، تصبح إيران مجددا الرائدة إقليميا في عمليات الإعدام، إضافة إلى تقاعسها عن تنفيذ إصلاحات قانون العقوبات – وهي وهمية حتى الآن –الهادفة إلى سد الفجوة مع المعايير الدولية".
وقال محاميان مثّلا بعض الرجال لـ"هيومن رايتس ووتش" إن موكليهم لم يحصلوا على محاكمة عادلة وإن حقوقهم بإجراءات التقاضي السليمة انتُهكت".
وقالت ويتسن: "من العار أن تفتخر إيران بالإعدامات المتزايدة التي تنفذها بدلا من قدرتها على الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. من المهم إعطاء كل متهم الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة، لا سيما عندما تكون حياته على المحك.
العالم النووي شهرام أميري
سلطت قضية إعدام العالم النووي، شهرام أميري ، الضوء على مسلسل إعدام وسجن وملاحقة العلماء الذين لا ينصاعون لأجندة النظام الإيراني سواء في مجال البرنامج النووي أو التسلح، أو حتى بما يتعلق برؤية النظام حول العلوم الإنسانية والاجتماعية والرؤى الفكرية والأيديولوجية كذلك.
وبينما اتهمت طهران أميري بالتجسس لصالح واشنطن وبيع معلومات لها، على حد زعم المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أكدت مصادر "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" المعارض أن إعدام هذا العالم النووي جاء بأمر مباشر من المرشد الأعلى، علي خامنئي .
وبحسب مصادر المجلس الذي كان له دور بارز في فضح الأبعاد السرية التسلحية لبرنامج طهران النووي، فإن الهدف من تنفيذ الإعدام بحق أميري بعد أن كان محكوماً بالسجن لمدة 10 سنوات والنفي لمدة 5 سنوات، جاء بهدف خلق أجواء من الخوف والرعب بين المتخصصين والخبراء النوويين لكي لا يفكروا في مغادرة البلاد وبالتحديد بعد الاتفاق النووي.
وذكرت المصادر أنه يتم إعدام شهرام أميري أحد المتخصصين النوويين البارزين في وقت كان النظام يتهم في أوقات سابقة منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية والمقاومة الإيرانية زوراً باغتيال المتخصصين النوويين للنظام.
كما طالب المجلس في بيان، الاثنين، بضرورة إحالة ملف جرائم النظام الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي واشتراط العلاقات معه بوقف الإعدامات. وكان أميري، وهو كردي من مواليد كرمانشاه غرب إيران، يعمل كعالم محقق في مجال النووي في جامعة "مالك أشتر" الصناعية التابعة للقوات العسكرية الإيرانية واختفى في عام 2009 بعد أداء مناسك الحج، إلا أنه ظهر بعد عام في أمريكا مراجعاً مكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن، طالباً العودة إلى إيران.
كذلك استُقبل أميري بحفاوة الأبطال في إيران من قبل مسئولين في الخارجية، لكن سرعان ما تم اعتقاله وبقي 10 سنوات بسجن انفرادي حتى إعدامه. وتبين أن السلطات احتجزت زوجته وابنه وهددت بقتلهما إذا لم يعد طوعاً من أمريكا إلى إيران ويسلم نفسه، وفق ما ذكرت منظمات حقوقية إيرانية.
أميري ليس الوحيد
وبعد إعدام أميري، كشفت تقارير أن هذا العالم ليس الوحيد الذي لم يقبل بالتعاون مع النظام في برنامجه النووي المثير للجدل، بل هناك علماء وخبراء ومختصون آخرون هربوا من البلد لتفادي التورط في برنامج التسليح النووي الذي يعمل عليه نظام الملالي.
وفي هذا السياق، قال فيليب جرالدي، وهو عنصر سابق في وحدة مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إي" في تصريحات لموقع "بي بي سي"، إن "هناك العديد من العلماء والخبراء النوويين الإيرانيين الذين يتقدمون طوعاً بتقديم معلومات عن البرنامج النووي لطهران ولكنهم بعد ذلك يجبرون على تغيير رأيهم لأسباب عدة كما حدث في قضية شهرام أميري".
وأوضح: "أنا متأكد أن هذه القائمة طويلة وتشمل علماء ومهندسين وقادة عسكريين إيرانيين مطلعين على البرنامج النووي، ويعملون لصالح أمريكا والسعودية وتركيا.
هؤلاء الأشخاص يسافرون إلى الخارج وأجهزة الاستخبارات جاهزة دوماً للاستفادة".
وأضاف جرالدي أن "المخابرات المركزية الأمريكية سربت خبر منح 5 ملايين دولار إلى أميري مقابل معلومات قدمها عن برنامج إيران النووي، وهذا مبلغ كبير مقابل معلومات قليلة".
في المقابل، رأى أن "هدف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من منح هذا المبلغ الكبير لأميري والتعامل معه كان لتشجيع العلماء النوويين للهروب إلى أمريكا".
قضية عالم الفيزياء أوميد كوكبي
ومن بين الحالات الأخرى المماثلة التي تعامل معها النظام الإيراني، قضية عالم الفيزياء، أوميد كوكبي، الذي يصارع مرض السرطان في سجن "إيفين" سيئ الصيت، بطهران، بعد مرور 6 سنوات من اعتقاله، بسبب رفضه التعاون مع البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.
واعتقل كوكبي، الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، في مطار طهران الدولي في 30 كانون الثاني/يناير 2011 عندما كان ينوي العودة للولايات المتحدة الأمريكية بعد زيارة قصيره لأهله، حيث كان يكمل اختصاصه بجامعة تكساس، في مجال الطاقة النووية.
واحتجز كوكبي في المطار واقتيد إلى سجن إيفين، ومن ثم حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، بتهمة "التخابر مع الأجانب"، بعد أن رفض التعاون في برامج عسكرية ونووية للنظام الإيراني، وفق منظمات حقوق الإنسان الإيرانية.
ولم ترد إيران على عشرات المناشدات الدولية من قبل منظمات حقوق الإنسان والجمعيات العلمية، للإفراج عن كوكبي الذي كان منتخباً لمسابقات "الأولمبياد" العلمي من قبل جامعته.
وكان كوكبي، قد نال في العام 2014 جائزة "الحرية والمسئولية العلمية" المقدمة من المنظمة الأمريكية غير الحكومية "الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم" وهو في سجنه، لما قالت المؤسسة إنه "فاز بهذه الجائزة لموقفه الشجاع في عدم استخدام تخصصه العلمي لأغراض دنيئة، والتضحية بحريته بدلاً من تغيير مبادئه، وتحمل عقوبة السجن أمام هذه القرار".
تجنيد طلاب مبتعثين
يذكر أن النظام الإيراني كما يمارس الضغوط ضد العلماء في الداخل بهدف إقحامهم في مشاريعه الخطيرة، يقوم في الخارج أيضاً بتجنيد جواسيس له من بين الطلبة المبتعثين، بهدف نقل تكنولوجيا حول مختلف برامج التسلح النووية والعسكرية والبيولوجية والفيزيائية وغيرها.
وكان عدد من الجامعات العربية قد فصلت طلاباً إيرانيين مبتعثين بعد اكتشافهم نقل معلومات حساسة وتجارب علمية وبحثية إلى أجهزة مخابرات إيرانية.

شارك