(الشيخ الرابع والثلاثون للجامع الأزهر).. محمد الظواهري

الخميس 25/أغسطس/2016 - 01:10 م
طباعة (الشيخ الرابع والثلاثون
 
الشيخ الرابع والثلاثون للجامع الأزهر.
المشيخة: الرابعة والثلاثون. 
مدة ولايته : 4 سنوات ونصف 
من (7 من جمادى الأولى 1348 هـ / 10 من أكتوبر 1929م) إلى (23 من المحرم 1354 هـ 26 من أبريل 1935م). 
المذهب : الشافعي.
الوفاة : عام 1944م.
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
هو محمد الأحمدي ابن العلامة الشيخ إبراهيم بن إبراهيم الظواهري، الشافعي المولود عام 1878م وهو أول شيخ قبيلة عربية يلي مشيخة الأزهر، وتوفى في عام1944م عن عمر يناهز 65عام ، ولم يذكر شهرَ وفاته، ولا المكان الذي دُفن فيه، وغالبًا دُفن في بلدته كفر الظواهرى بالشرقية ليكون بذلك الشيخ الرابع والثلاثون للجامع الأزهر على المذهب الشافعي وعلى عقيدة أهل السنة. 
نشأته وتعليمه 
نشأ في قريته بقرية كفر الظواهرى بمحافظة الشرقية التي نُسِبَ إليها، وقرية الظواهرية أصلها من قبيلة النفيعات التي تسمى الآن النوافعة؛ نسبة إلى نافع بن ثوران من قبيلة طيِّئ، ونشأ الشيخ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، وكان والده من علماء الأزهر الشريف المتصوفين، وكان جده إبراهيم صوفيًّا معروفًا لدى جميع الطرق الصوفية في مصر والعالم الإسلامي، وحفظ القرآن تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، وعُنِيَ والداه بتعليم ابنه، وتعهده بنفسه، وكان يتردد على حلقات العلم بالجامع الأزهر، ولم يكن يلتزم بدراسة كتاب محدد، أو يتقيد بحضور درس شيخ معين، باستثناء حلقات الإمام محمد عبده الذي كان معجبًا بأسلوبه في الكتابة والبحث والتدريس، وكان دائم الحضور الرواق العباسي في جامع الأزهر الذي كان مكانا لحركة إصلاحية نشطة بزعامة جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وكان يُلقى فيه العديد من المحاضرات والمحاورات والمناظرات التي تدور حول الأصلاح. وكان الشيخ الأحمدي يحضر ذلك المنتدى، وكان يستمع إلى ما يُلقى فيه، وخاصة من الإمام محمد عبده، حتى تأثَّر به، وعندما حصّل من علوم الأزهر الشريف ما يؤهله للوقوف أمام لجنة الامتحان بالأزهر قرر التقدم للامتحان وكانت لجنة الممتحنين تتألف عادة من كبار علماء الأزهر، تقوم بامتحان الطالب بأسئلة تكشف عن حقيقة ما حصّل، وتنتقل من علم إلى آخر، وعلى الطالب أن يجيب على ذلك وكان من بين أعضاء اللجنة التي قامت باختباره الشيخ محمد عبده، الذي تقرر أن يرأس اللجنة بدلاً من الشيخ "سليم البشري" شيخ الجامع الأزهر، الذي أثنى عليه قائلًا: "والله إنك لأعلم من أبيك، ولو كان عندي أرقى من الدرجة الأولى لأعطيتك إياها". 
ويروي الشيخ الظواهري عن هذه الواقعة بقوله: "ولهذا نرى أنَّ ظهوري في حلقات الدرس في الأزهر لم يكن كظهور باقي الطلبة؛ فلم أشترك مع الطلبة في الحي الأزهري هناك في المأكل والمشرب وباقي اجتماعاتهم؛ ولذا أشيع عنِّي الانصراف عن العلم والتعليم، لكني كنت منشغلاً بالدروس في المنزل، ويقول عندما دخلت امتحان العالمية، ورأس اللجنة الإمام "محمد عبده" وبدأت إجابة السؤال الذي أنا بصدده ودخلت في جوهر الموضوع مباشرةً، وانتهىت من تقرير البحث وانتظرت، ولكنَّ الإمام ظلَّ صامتًا، فخطر لي معاودة الكلام في نفس البحث بأسلوب آخَر، فقلت: والحاصل، فردَّ على الإمام: لماذا تعيد الكلام؟ لقد تكلمت كلامًا طيبًا وعالجت البحث علاجًا رائعًا، والأحسن أنْ تنتقل إلى بحثٍ آخَر، وأعضاء اللجنة بدءوا مناقشة، وفجأة قال الإمام محمد عبده: إنَّ ترتيبك في أبحاثك وطريقة عرضها طريقة جميلة، وسأتَّخذ معك طريقًا آخَر، وأخذ يقلب أوضاع المسائل، ويخرج من علمٍ إلى آخَر، وقد طالت المناورة بضع ساعات على خلاف المألوف، فطلبت نفسي شربة ماء لشدَّة ظمئي، فغالبت نفسي تأدُّبًا وحياء من اللجنة، لكنِّي أخيرًا طلبت الماء، فقال الشيخ محمد عبده: أنت تستحقُّ شربات لا ماء، فقد أحسنت أيما إحسان، وأرسل في طلب سطل من الخرُّوب، فشربت وشربوا، وبذلك قال الإمام: لقد فتح الله عليك يا أحمدي، والله إنَّك لأعلمُ من أبيك، ولو كان عندي أرقى من الدرجة الأولى لأعطيتُك إيَّاها".
 ثم درس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره، وما كاد الشيخ الأحمدي ينال العالمية من الدرجة الأولى حتى رشح للتدريس بالقسم العالي بمعهد طنطا الذي كان يُعد أقدم المعاهد الأزهرية بالأقاليم ويمنح شهادة العالمية لطلبته مثل الأزهر، وكان منتدب من شيخ الأزهر وكان سنُّه لم يتجاوز السابعة والعشرين، ونجح في التدريس واتسعت حلقته العلمية، وأقبل الطلاب عليه لغزارة علمه، وجمال عرضه، وقدرته على الإقناع والإفهام، ودرس لطلبته المصادر الكبرى التي لا تُدرس إلا لطلبة العالمية في الأزهر، فقرأ على طلبته مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، والعقائد النسفية في التوحيد ودلائل الإعجاز لعبد القاهر في البلاغة، وصحيح البخاري، وكان يقوم بتدريسها من مصادرها وأمهاتها الكبيرة وكان إلى جانب قيامه بالتدريس يُباشر دعوته الصوفيَّة على نهج الطريقة الشاذلية، وينتقل بين المدن الكبرى داعيًا إلى الله، لترك المنكرات وشرب الخمر والمخدرات ولعب الميسر، وكان يصلح بين الناس، وفي هذه الفترة ألَّف كتاب "العلم والعلماء"، وكان يدعو فيه إلى الإصلاح، وينتقد فيه عيوب التدريس وأساليب العلماء.
 ويقول عن ذلك: "كانت النفوس وقتها مستعدَّة لفكرة الإصلاح وقبولها؛ فقد كان الشيخ محمد عبده يُجاهد لأجله منذ بعض الزمن فنجح في لفت أنظار أولي الأمر إلى الأزهر، وكان العامل الحقيقي في عرقلة تنظيم الأزهر على برنامج شامل مرجعه سببان: أولهما بغض العلماء وعدم رضاهم عن فكرة الإصلاح، وثانيهما: نفور سياسي من الخديو عباس حاكم مصر وبين محمد عبده" وفي هذه الأجواء ألَّف الإمام الظواهري كتابه "العلم والعلماء" ووجه فيه انتقادات لأحوال الأزهر ومشايخه ورجاله وغضب الكثير على الكتاب ومنهم الخديوي عباس ما عدا رئيس النُّظَّار "الوزراء" وقتَها؛ فقد أُعجب بالكتاب، واستقبل الشيخ الظواهري في مكتبه قائلاً: "إني عشت حتى رأيت مَن يجهرُ بمثل هذه الآراء البنَّاءة، ولو كان في الأزهر كثيرون مثلك لما كنَّا في حاجة إلى إنشاء دار العلوم، وقال له: أنت شجاع في كتابك، فكن شجاعًا في عملك". 
ثم تولى موقع شيخ معهد طنطا في شهر صفر 1332 هـ / يناير 1914م)، وفي عهده افتتح المبنى الجديد للمعهد، وحضر الخديوي حفل الافتتاح، وحاول الشيخ أن يجري إصلاحات عديدة في المناهج الدراسية ووسائل التدريس، لكنه كان مقيدًا بالحصول على موافقة المجلس الأعلى للأزهر، ولم تلقى جهوده دعمًا من المجلس الأعلى للأزهر، واضطر الشيخ إلى الاعتماد على نفسه في تطوير الدراسة في حدود اختصاصاته، وقام بإنشاء جمعيَّات ولجانٍ كثيرة هدفها الإصلاح وخدمة المجتمع، منها: 
1- جمعية علم التوحيد: تبحث في شبهات الإلحاد والرد عليها.
2- إلقاء محاضرات من علماء خارج الأزهر.
3- جمعية الخطابة من طلبة المعهد ـ للوعظ.
4- جمعية متن اللغة والبلاغة.
5- جمعية الرياضة البدنية لتشجيع الطلاب على ذلك.
6- جمعية الرحلات لسفر الطلبة للأماكن التاريخية.
7- مجلة معهد طنطا - من ماله الخاص.
8- جمعية المراقبين والملاحظين؛ للإشراف على الطلاب داخل وخارج المعهد.
وعندما تولّى الملك فؤاد عرش البلاد توقفت صلته بالأحمدي الظواهري، وتغير الملك من ناحيته تجاه الشيخ بسبب الوشاية ، واستحكم العداء بينهما، فقام الملك فؤاد بإلغاء القسم العالي بمعهد طنطا؛ إنقاصًا لأهميته، هو وشيخه، ثم صدر قرار بنقل الظواهري شيخًا لمعهد أسيوط، وكان معهدًا ابتدائيًا صغيرًا، ليحولوا بينه وبين المناصب العليا.

فترة ولايته 
تولى الشيخ الظواهرى مشيخة الجامع الأزهر في 7 من جمادى الأولى 1348 هـ / 10 من أكتوبر 1929م ومنذ توليه أمور المشيخه تبنى منهجه الإصلاحي الذي تأثَّر فيه بالإمام محمد عبده وبأسلوبه الإصلاحي للأزهر وبكتابه "العلم والعلماء"، الذي وضعه وشرحه وقد قام بالعديد من الخطوات في مجال إصلاح الأزهر، وكان على رأسها "قانون إصلاح الأزهر" الذي صدر في فترة ولايته عام 1349 هـ / 1930م والذي تضمن: 
1- جعل الدراسة بالأزهر أربع سنوات للمرحلة الابتدائية، وخمس سنوات للمرحلة الثانوية.
2- ألغاء القسم العالي واستبدل به ثلاث كليات هي: كلية أصول الدين، وكلية الشريعة، وكلية اللغة العربية، ومدة الدراسة بها أربع سنوات، يمنح الطالب بعدها شهادة العالمية. 
3- أنشأ القانون نظامًا للتخصص بعد مرحلة الدراسة بالكليات الثلاثة، على نوعين:
تخصص في المهنة، ومدته عامان، ويشمل تخصص التدريس ويتبع كلية اللغة العربية، وتخصص للقضاء ويتبع كلية الشريعة، وتخصص الوعظ والإرشاد ويتبع كلية أصول الدين، ويمنح المتخرج شهادة العالمية مع إجازة التدريس أو القضاء أو الدعوة والإرشاد. وتخصص في المادة ومدته خمس سنوات، يتخصص الطالب في أي فرع من الفروع الآتية: الفقه والأصول، والتفسير والحديث، والتوحيد والمنطق، والتاريخ، والبلاغة والأدب، والنحو والصرف، ويمنح المتخرج في تخصص المادة شهادة العالمية من درجة أستاذ. 
4- إنشاء كلية الشريعة؛ لتخريج علماء الإفتاء.
5- إنشاء كلية أصول الدين؛ لتخريج مدرسي الدين بالأزهر والمدارس الأخرى.
6- إنشاء كلية اللغة العربية، وحددت فيها مدَّة سنوات الدراسة، والمواد التي تُدرس في كل مرحلة.
7- أنشأ المجلس الأعلى للأزهر.
8- أدخل علومًا جديدة لم يدرسها الأزهر مثل اللغات الأجنبية "شرقية وغربية" واقتصاد سياسي، وقانون دولي، وعلم نفس، وغير ذلك من العلوم.
 وتتمثل أهمية هذا القانون فيما يلي: 
1- أنه نقل الطلاب من الدراسة بالمساجد إلى مبان متخصصة للتعليم.
2- تحولت الدراسة به من نظام الحلقات الدراسية التي كانت تعقد بالأزهر إلى نظام الفصول والمحاضرات.
3- أصبحت كل كلية مسئولة عن التعليم، وتتولى الإشراف على البحوث التي تتصل بعلومها، وأطلق على القسمين الابتدائي والثانوي اسم "المعاهد الدينية".
4- كان هذا القانون خطوة حاسمة في سبيل القضاء على نظام الدراسة القديمة، وبداية ميلاد جامعة الأزهر.
ولم يكن إصلاح الإمام في عهد الشيخ مقصورًا على تنظيم الكليات وتعديل المناهج العلمية، بل سعى إلى إصدار مجلة ثقافية تتحدث باسم الأزهر، أطلق عليها في أول الأمر "نور الإسلام" ثم تغير اسمها إلى مجلة الأزهر، وصدرت في اول شهر المحرم 1349 هـ / 29 من مايو 1930م ، وأسند رئاسة تحريرها إلى الشيخ محمد الخضر حسين، الذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد بالإضافة إلى قيامه بأرسال بعثات من العلماء للدعوة إلى الإسلام ونشر مبادئه في الخارج، فبعث بوفد إلى الصين والحبشة واليابان والسودان للدعوة إلى الإسلام. 
 وعلى الرغم من خطواته الإصلاحية في الأزهر الشريف لم يستطع الإمام أن يحقق كل ما يطمح إليه من وجوه الإصلاح التي دعا إليها في كتابه "العلم والعلماء" فاشتدت معارضة العلماء والطلاب له، وجابهوه بالعداء، وزاد من معارضته الأزمة الاقتصادية عام 1930 التي كانت يمر بها العالم ومصر ، ولم يجد خريجو الأزهر عملاً لائقًا، وعمل بعضهم دون أجر حتى يحفظ لنفسه حق التعيين حينما تواتيه الظروف، وزاد الأمور سوءًا أن السلطات طلبت من الظواهري فصل مائتين من العلماء في ظل هذه الظروف، فاستجاب لهم وفصل بعضهم، وبلغت الأزمة مداها بفصل عدد من طلاب الأزهر الغاضبين من سياسته والثائرين عليه ، ولم يستطع الشيخ أن يعمل في ظل هذه الظروف العدائية، فقدم استقالته في 23 محرم 1354 هـ / 26 أبريل 1935م .
مواقفه 
كان للشيخ الظواهري العديد من المواقف المبكرة السابقة لتوليه المشيخة 
 إحراق كتابه "العلم والعلماء" 
وهو الكتاب الذي ألّفه الشيخ أثناء عمله في القسم العالي بمعهد طنطا ودعا فيه إلى الإصلاح، وانتقد طريقة التدريس بالأزهر، وأثار الكتاب ضجة كبيرة، وامتعض منه الخديوي عباس حلمي، وأصدر الشيخ الشربيني شيخ الجامع الأزهر أمرا بإحراق الكتاب.
الظواهري ورفض الوكالة 
في رجب 1325 هـ / أغسطس 1907م توفي والده الشيخ إبراهيم الظواهري الأحمدي، وكان يشغل مشيخة معهد طنطا، التي تلي من الناحية الرسمية مشيخة الأزهر، وطلب الشيخ الأحمدي أن يخلف والده في هذا المنصب، وأيده أعيان طنطا وكبراؤها، فكاتبوا الخديوي عباس حلمي يرجونه تنفيذ هذه الرغبة، لكن صغر سن الشيخ الذي لم يتجاوز الثلاثين وقف حائلاً دون تحقيق هذا الأمل، وحين عرض عليه منصب وكالة المعهد تمهيدًا للمشيخة في الوقت المناسب، رفض الأحمدي وقال لأحمد شفيق باشا الذي نقل إليه هذا العرض: "إنني أشكر جناب الخديويي وأشكر سعادتكم، ولكني لا أزال على موقفي، فإما شيخًا فأقوم بالإصلاح، وإلا فسأبقى مدرسًا كما أنا".
وبعد رفض طلبه عاد الشيخ إلى التدريس في القسم العالي بمعهد طنطا إلى أن خلا مكان شيخ معهد طنطا فتولاه الشيخ على الرغم من معارضة كثيرين من شيوخ الأزهر في صفر 1332 هـ /يناير 1914م 
 الظواهري وضم الأزهر لوزارة المعارف
 مع تجدد الدعوة إلى إصلاح الأزهر والنهوض به في عام 1344 هـ /1925م وتألَّفت لجنة برئاسة رئيس الوزراء وبعض النُّوَّاب والشيوخ، وكان من أعضائها أحمد لطفي السيد، وعبدالعزيز جاويش، والشيخ المراغي، والشيخ الظواهري، وانتهى الرأي إلى إلغاء مدرسة القضاء الشرعي كليَّة دار العلوم، بشرط أنْ يكون الأزهر تابعًا لوزارة المعارف، وتكون لها السيطرة عليه، على أنْ يبقى لشيخ الأزهر مظهره الديني. 
اعتبر الشيخ الظواهري هذا الأمر رأيًا خطيرًا وهدامًا، يراد منه إلغاء الأزهر وهدم مكانته التاريخية ومنزلته في العالم الإسلامي، فثار على هذا الرأي، ورأى فيه خطرًا داهمًا على الأزهر وقال " كيف نقر ضم الأزهر للمعارف.. في الوقت الذي ننادي فيه باستقلال الجامعة المصرية وبعدها عن نفوذ المعارف، اللهم إلا إذا كان وراء هذا الضم غرض خاف هو القضاء على الأزهر ونفوذ الأزهر، وبالتالي على النفوذ الديني في البلاد.؟!
وقال: إنكم بهذا تريدون القضاء على الأزهر والنفوذ الديني في البلاد، وهذا ما يريده الاستعمار، ثم قدَّم مذكرة باعتراضه هذا إلى الملك فؤاد، وبعد المناقشة والتداول والإقناع، رفض ضمَّ الأزهر للمعارف.
الظواهري والدراويش 
كان الشيخ الظوارى دائم التردُّد على على زيارة الأضرحة، وقد كتب ابنه د. فخر الدين الأحمدي الظواهري طائفةً كبيرة من ذكريات والده في كتابه "السياسة والأزهر" أورد فيها طائفةً من حكايات الشيخ الإمام مع هؤلاء الدراويش، وكان يعتبر كل ما يفعله الدراويش وما يقع معهم من أحداث مرجعها الصدفة، وأنَّ الله - سبحانه وتعالى - هو العليم بما في الصدور، واهب الخير ومسهِّل الأمر، وملقي المعرفة، وملهم الصواب، ومن هنا يظهر لنا أنَّ الشيخ الظواهري كانت تتنازعه العقلانيَّة متأثرًا بالإمام محمد عبده، والعاطفة الوجدانية متأثرًا بأبيه وجدِّه ولكن كانت صوفيَّته مغايرة إلى حدٍّ كبير لصوفيَّة أبيه؛ فقد اتَّخذ من التصوُّف وسيلة ومنهجًا للدعوة إلى الله على بصيرة، ولمقاومة البدع والخرافات، والتَّواصي بالخير، يقول: لعلَّ قراءتي لكتاب "حكم ابن عطاء السكندري"، وهو من أهمِّ كتب التصوُّف، قد أذكت في نفسي نزعة، فسرت فيها منذ الطفولة؛ هي نزعة التعلُّق الروحي بالذات الصمدانية، ولكنَّ الصوفية التي رغبتها لنفسي في أيَّام شبابي كانت مغايرةً لما اعتاد عليه القوم وقتئذٍ أنْ يشوهوا بها هذه الناحية العظيمة من التديُّن، ويقول: لهذا قد وضعت في برنامج حياتي منذُ تخرجي أن أفتح في الصوفية فتحًا جديدًا، وأنقيها ممَّا علق بها من الخرافات والمشوهات، ولأرفعها إلى ما هي جديرة به من المستوى العالي في التقرُّب إلى ذات الله؛ فأتخذ من ذلك سلمًا لإرشاد الناس، كما يجب أنْ يكون الإرشاد مبنيًّا على الأصول الدينية الصحيحة، وحينئذٍ أكون قد أرجعت الصوفية إلى العلماء والفقهاء، وأرجعتهم للصوفية أيضًا.
الظواهري والإمام الأكبر
جمع الشيخ الظواهري ما بين الشدة والتواضع وكان صُلبًا فيما يعتقد أنه الحق، حريصًا على إقرار النظام وسيادة القانون، وأن الهدوء والسكينة والنظام سبيل الأزهر إلى التقدم وكان زهدًا في الدنيا، وعندما ناداه أحد العلماء بلقب الإمام الأكبر، فقال له: ما أنا إلا واحد من المشايخ، وما أنا إلا عبد الله محمد الظواهري، ولست أعتقد أن في مركزي هذا أكبر شيخ في الأزهر، بل أعتقد أن الأكبر هو من كان عند الله أكرم، مصداقًا لقوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولست أعد نفسي إلا خادمًا للأزهر وأبنائه، لا رئيسًا له كبيرًا عليه.
مؤلفاته 
 يعد إنتاج الشيخ الظواهرى قليل نسبيا نظرا للظروف التي أحاطت بمسيرته وحالت بينه وبين التأليف، ورغم ذلك له مؤلفات قيمة ، منها ما طُبع، ومنها ما يزال مخطوطًا وتمثلت فيما يلي: 
1- "العلم والعلماء" صودرت نسخه وقت صدوره وأحرقت وذلك لانه كان يرى في كتابه أنَّه يجب على المسلمين أنْ يأخذوا العلم من أيِّ مصدر كان، شرقًا أم غربًا، وأنَّ المواد التي يجبُ دراستها على الدعوة الإسلامية، ويجب عقد مؤتمرات سنويَّة لبناء فكرة الجامعة الإسلامية، ثم يعين وسائل الثقافة اللازمة لكبار العلماء، وإنَّه يجب تطهيرُ الإسلام من الخزعبلات والعوائق التي تُشوِّه معانيه وترهقه"
2- "براءة الإسلام من أوهام العوام" لا يزال مخطوطًا "الأعلام الشرقية 1/ 359".
3- رسالة الأخلاق الكبرى، وقد لخصها وطُبعت على نفقة الأزهر.
4- السياسة والأزهر، مجموعة مذكرات ومقالات.
5- كثير من المخطوطات تزيد على الثمانية، مخطوطات كتبها في شبابه في مكتبته.

شارك