مصير الموصل بعد تحريرها.. بين مطامع تركيا ونفوذ إيران

الأربعاء 28/سبتمبر/2016 - 01:59 م
طباعة مصير الموصل بعد تحريرها..
 
مع اقتراب حسم معركة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، الواقعة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي "داعش"، كثف الأخير تفجيراته في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة العراقية هذا العام مع فقده السيطرة على عدد من المناطق أمام القوات الحكومية العراقية المدعومة من الولايات المتحدة وفصائل شيعية مدعومة من إيران.
مصير الموصل بعد تحريرها..
وتستعد القوات العراقية لشن هجوم كبير على مدينة الموصل، التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، وأبرز معاقل التنظيم في البلاد وآخرها بعد استعادة معظم المناطق التي استولى عليها قبل أكثر من عامين.
وتراجع نفوذ تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق بعد أن سيطر على ثلث مساحة البلاد قبل نحو عامين، نتيجة العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الحكومية بمشاركة ميليشيات مسلحة موالية لها، وتقول بغداد إنها ستهزم التنظيم في أرجاء العراق قبل نهاية العام الجاري.
ودأب تنظيم داعش على تنفيذ عمليات انتحارية في بغداد والمناطق ذات الأغلبية الشيعية، بالأخص بعد هزائمه في الأنبار وصلاح الدين وتراجعه إلى الموصل.
ويسعى التنظيم الإرهابي من خلال هجماته الأخيرة المتكررة، إلى توجيه رسائل إلى الحكومة العراقية وحلفائها في الحرب ضد التنظيم مفادها قدرته على الاحتفاظ بورقة الهجمات المفاجئة والدامية في الوقت والمكان اللذين يقررهما قادته ما من شأنه أن يفرغ تحرير المناطق المحتلة من قبله من أي معنى له، وفق ما يرى مراقبون.
في حين يرى محللون أن تكرار التفجيرات في عدد من شوارع العاصمة بغداد يؤشر على فشل أمني كبير في التعامل مع ظاهرة التطرف، ويردف هؤلاء أن الحكومة العراقية فشلت في تحويل وعودها بإحلال الأمن إلى واقع يومي بسبب تفشي الفساد داخل الأجهزة الأمنية.
ويرون أن الجهود الأمنية بين القوات الأمنية والعسكرية العراقية وقوات التحالف الدولي والميليشيات الطائفية المدعومة إيرانيًّا يمكن أن تنجح بغداد في تحقيق هدفها بتحرير الموصل قبل نهاية العام، غير أنهم يؤكدون أن تحرير الموصل لا يعني بالضرورة إنهاء التطرف في البلاد.
وتعتبر استعادة الموصل وغيرها من البلدان المحتلة من قبل تنظيم داعش ستكون بمثابة الإعلان عن نهاية "دولة الخلافة"، غير أنهم يحذرون من أن التنظيم لن يكتفي بإحصاء خسائره المادية والبشرية إذ سيعمد إلى حرب العصابات كرد انتقامي منه على ضربات الحكومة العراقية.
وجاءت تفجيرات لتكشف للتنظيم حجم الضعف التي تعاني منه الأجهزة الأمنية التي يفترض أنها تعمل على تأمين العاصمة والمدن العراقية الأخرى، استعدادًا لما يمكن أن يلجأ إليه التنظيم الإرهابي من إجراءات انتقامية ردًّا على هزيمته المتوقعة في الموصل.
مصير الموصل بعد تحريرها..
وفي سياق متصل، أكد العراق لتركيا رفضه القاطع لأي عمليَّة عسكريَّة تتم في أراضيه من دون علم وتنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، كما دعاها إلى سحب قواتها من مدينة بعشيقة العراقية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أشار الثلاثاء الماضي إلى نية بلاده تنفيذ عملية عسكرية في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها تنظيم "داعش" منذ يونيو عام 2014، مشابهة لعملية "درع الفرات" التركية القائمة في سوريا ضد التنظيم وحزب العمال، وهو ما أثار جدلًا واسعًا سواء في العراق أو خارجه.
وعبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس الثلاثاء 27 سبتمبر 2016، عن استغرابه إزاء تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش".
وأكد حيدر العبادي، خلال مؤتمر صحفي في بغداد، أن تركيا ليس لها أي دور في العمليات العسكرية ضد التنظيم، فيما أبدى عدم رغبته بحدوث تصادم مع القوات التركية المتواجدة في شمال العراق، مشددا على أن وجود القوات التركية غير مرحب به، مبرزًا أنها عرقلت الجهود العراقية في محاربة تنظيم "داعش".
وكان وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، قد أبدى لنظيره التركي مولود جاويش أوغلو في 18 سبتمبر الجاري، استغرابه من تصريحات تركية تتحدث عن القيام بعملية عسكرية تركية في العراق مماثلة للعملية التي حصلت في سوريا خلال الفترة الماضية، وأكد رفض العراق أي عملية عسكرية تتم على الحدود المشتركة من دون علم بغداد.
كما أن العبادي حينها، اعتبر أن الإصرار على إبقاء تلك القوات "غير مبرر"، مشيرًا إلى أن حكومته تعمل على إيجاد حوار سياسي وطني بالتوازي مع معركة تحرير الموصل.
وصرح العبادي أن تحرير الشرقاط والقيارة تم بوقت قياسي مع الحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم، مشيرًا إلى أن القوات العراقية اكتسبت خبرات من خلال معارك التحرير بالاشتراك مع الحشد الشعبي، موجهًا أصابع الاتهام لجهات، لم يسمها، بمعارضة تحرير المدينة؛ بسبب وجود الكثير من المشكلات.
ويرى مراقبون أن النوايا التركية لا زالت قائمة في الإبقاء على القوات التركية في شمال العراق وعدم الامتثال لأي طلبات سواء كانت من الحكومة العراقية أو من المحيط الإقليمي، بل وحتى عدم الاستجابة لطلبات المحيط الدولي، فضلًا عن وجود إصرار لدى الجانب التركي حول المشاركة المباشرة بعملية تحرير الموصل، ولم يقتصر وجود تلك القوات على المشورة والتدريب فقط وإنما المشاركة الفعلية في عملية التحرير.
ويقول مراقبون أيضًا: إن الرسائل التركية غير مطمئنة إلى الشعب العراقي، وإن أطماع تركيا واضحة لما بعد تحرير الموصل؛ لذا فإن العراق لن يقبل بأي تواجد تركي على الأرض العراقية، كما أن الولايات المتحدة سوف ترفض أي تواجد تركي في عملية تحرير الموصل؛ لأن ذلك سوف ينسف التوافق السياسي في العراق، كما أنه سوف يؤدي إلى طلب إيران التدخل البري العسكري، وبذلك سوف تتعقد الأمور.
مصير الموصل بعد تحريرها..
في سياق آخر، يستعد نوري المالكي رئيس وزراء العراق السابق، وبدعم من الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني- للعودة إلى رئاسة الحكومة العراقية، وقد بدأ بالفعل بتنفيذ الخطة الإيرانية للانقلاب على حكومة العبادي، وفق الصحيفة.
وبحسب تقارير عالمية، فإن المالكي يعمل على تأخير عملية تحرير الموصل كي لا تنجز في عهد العبادي، وأن المالكي يريد أن تحرر الموصل في عهده، لكي يظهر أنه الوحيد الذي يستطيع تحريرها، إضافة إلى أن العملية لو أنجزت في عهد المالكي فإنه سيفتح الطريق أمام الميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية لقيادة المعركة كي تصب في مصلحة إيران التي شددت ومن خلال قادة الميليشيات الشيعية التابعة لها أن قاسم سليماني هو الذي سيقود عملية الموصل، وبالتالي تهميش دور البيشمركة والجيش العراقي والعرب السنة والتحالف الدولي في العملية، والوصول إلى الحدود السورية لنقل السلاح والعتاد والجنود الإيرانيين إلى داخل الأراضي السورية برًّا وبسهولة.
وتعتبر الموصل الواقعة شمال بغداد ثاني أكبر مدينة عراقية بعد العاصمة، ووقعت في يد التنظيم المتطرف في صيف عام 2014، ومن المنتظر بدء حملة عسكرية لاستعادتها قريبًا.
ومدينة الموصل ذات أهمية استراتيجية للجيش العراقي في القضاء على تنظيم داعش؛ حيث تعد المدينة مركز محافظة نينوي، وتبعد عن بغداد مسافة تقارب حوالي 465 كلم، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد؛ حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة في أشبه ما يمكن وصفه بـ"المعتقل"، وهو ما يحاول سكان الموصل وصفه للحال الذي اعتادوا عليه منذ سيطرة داعش على مدينتهم في العاشر من يونيو 2014، ويحاول الأهالي إيصال رسائل بين الحين والآخر للجهات الحكومية المعنية بإنقاذهم مما هم عليه، وتشتهر المدينة بالتجارة مع الدول القريبة مثل سوريا وتركيا.
ووفق تصريحاته فإن الحكومة العراقية ستحدد موعد انطلاق معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم "داعش"، بعد التأكد من جاهزية القوات العراقية والدعم الدولي المتوفر.

شارك