أزمة ثقة بين الحوثيين والقبائل.. وجهود أممية لحل سياسي في اليمن
الخميس 29/سبتمبر/2016 - 06:16 م
طباعة
تصاعدت المعارك في معظم الجبهات اليمنية، بالتزامن مع مساعي أممية للهدنة لتوصل الي هدنة في اليمن، في وقت يعاني فيه الححوثيينو صالح من غضب القبائل اليمنية، مع تأكيد الكشف عن رسالة من رئيس البرلمان اليمني "الغير شرعي" موجهة الي نظيره الايراني لبحث دعم طهران للحوثيين وصالح.
الوضع الميداني:
واصلت مقاتلات التحالف استهداف عدة مواقع في محافظة صعدة الحدودية مع السعودية؛ حيث قتل خمسة مدنيين وفق ما صرح به المسؤولون التابعون لجماعة "أنصار الله".
كما استهدفت الغارات محيط العاصمة صنعاء ومنطقة نهم شرق المدينة؛ حيث تدور مواجهات عنيفة بين المسلحين الحوثيين المسنودين بقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقوات الموالية للحكومة المعترف بها دولي، وامتدت الغارات الى مواقع القوات التي تتولى حماية العاصمة، فيما أعلن الحوثيون عن إطلاق صاروخ محلي الصنع من طراز "صمود" على مواقع القوات الحكومية في نهم.
وأفاد "مراسل العربية" بأن الجيش الوطني اليمني اعتقل القيادي الحوثي هاشم المؤيد في جبهة صرواح غرب محافظة مأرب.
وكانت المناطق المحيطة بطريق مأرب - صنعاء في صرواح، قد شهدت معارك بين الحوثيين وقوات الجيش اليمني ما أدى إلى قطع طرق الإمداد عن الميليشيات المتمركزة في سلسلة جبال هيلان شمال صرواح.
ويشكل طريق مأرب صنعاء أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للجيش الوطني، خاصة أنه سيسهل عليهم استعادة مديرية بني حشيش، أحد أهم معاقل الحوثيين في صنعاء، إضافة إلى تأمين محافظة مأرب بشكل كامل ومقرات الحكومة اليمنية.
كما شنت المقاومة الشعبية وقوات الجيش الحكومي اليوم الخميس، عملية عسكرية واسعة، على مواقع مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق، في عدة محاور من مدينة تعز (وسط اليمن).
وقال مصدر عسكري ل"المصدر اونلاين"، ان العملية العسكرية الواسعة تهدف الى تحقيق مكاسب عسكرية للقوات الحكومية، بعد الهجمات اليومية للحوثيين، والتي حاولوا فيها اختراق دفاعات المقاومة، خلال الاسبوعين الماضيين.
وأشار الى ان القوات العسكرية تقدمت في الضباب وغراب بالجهة الغربية للمدينة، والزنوج في الجهة الشمالية الشرقية، في الوقت الذي ما تزال المعارك مستمرة بين الطرفين.
وبموازاة ذلك، قصفت مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية عدة مواقع للحوثيين، وبحسب القيادي الميداني فان الغارات استهدفت مواقع في الربيعي والسمن والصابون وتلة المنعم.
وفي مدينة عدن، التي أعلنتها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، أعلنت السلطات هناك عن ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات وأجهزة تفجير عن بعد في منطقة صيرة بكريتر، في منزل رضوان قنان القائد عسكري في تنظيم "داعش" باليمن.
وذكر البيان أن القوات الأمنية عثرت على مخزن متفجرات متنوعة، من بينها مادة "تي إن تي" وأحزمة ناسفة وأجهزة تفجير عن بعد وأسلحة متوسطة وكميات كبيرة من القذائف والصواعق بمختلف أنواعها.
فيما أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء أنها شنت غارتين بطائرتين من دون طيار الأسبوع الماضي ضد تنظيم القاعدة في اليمن، ما أسفر بحسب واشنطن عن مقتل أربعة عناصر من التنظيم المتطرف.
وقالت قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط "سنتكوم" إن الغارة الأولى نفذت في 20 سبتمبر في محافظة مأرب، وقتل فيها عنصران من القاعدة.
أما الغارة الثانية، فشنت في 22 سبتمبر في محافظة البيضاء (وسط)، وأسفرت أيضا عن مقتل عنصرين آخرين من التنظيم.
وسبق أن أفادت مصادر أمنية يمنية عن الغارتين، لكنها من دون أن تنسبهما صراحة إلى الولايات المتحدة مع أنها القوة الوحيدة التي تمتلك طائرات من دون طيار قادرة على ضرب أهداف هناك.
المشهد السياسي:
وعلي صعيد المشهد السياسي، يسود التوتر في في مناطق النقيل بمديرية الحدأ شرق مدينة ذمار (وسط اليمن)، بعد منع رجال القبائل في بني ضبيان، الحوثيين وقوات صالح من التمركز في تلك المناطق.
وقال المتحدث الرسمي لمحافظة صنعاء عبداللطيف المرهبي، ان قبائل بني ضبيان تصدت للمرة الثانية، لمحاولة تحريك قوة كبيرة من الحوثيين، والتمركز في مناطق النقيل من اتجاة مناطق بني سبأ شرق قبيلة الحدأ.
واضاف "ان رجال القبائل تمركزوا في مناطقهم ومنعوا الحوثيين من التقدم، والمرور من تلك المناطق، بما يسمح لهم الالتفاف على عناصر المقاومة في قيفة رداع بمحافظة البيضاء". وأشار الى ان الوضع مرشح للانفجار، في ظل تمسك كل طرف بمطالبه.
وقال المرهبي إن رجال قبائل بني ضبيان يتداعون من كل المناطق إلى المنطقة تحسبا لمعارك ضد الحوثيين.
وأوضح "هذة المرة الثانية التي تقدم عليها المليشيا ويتم التصدي لها حيث نصب الحوثيون نقاط تفتيش، لكن رجال القبائل أرغموهم عدى نزعها ومغادرة المنطقة".
وتعد مديرية بني ضبيان احدى مديريات محافظة صنعاء، وذات حدود جغرافية واسعة تمتد من سد مارب إلى ذمار والبيضاء وصنعاء.
فيما أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن عاصفة الحزم التي أطلقتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد مسلحي الحوثي والقوات الموالية لهم قبل حوالي عام ونصف منعت كارثة أمنية إقليمية، كانت ستصيب العرب جميعاً.
ودعا بن دغر في كلمة له الأربعاء خلال احتفالية بمناسبة الذكرى الـ 54 لثورة 26 سبتمبر، أقيمت بمدينة عدن جنوبي البلاد، حسب وكالة سبأ اليمنية الرسمية، الانقلابيين إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 بدءًا بتسليم السلاح والانسحاب من المناطق والمدن التي احتلوها واستعادة السلطة الشرعية لمكانتها، تمهيدا للانتقال للحلول السياسية، استنادا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني.
وأوضح أن "ثورة 26 سبتمبر عام 1962 غيرت مجرى التاريخ في اليمن وصححت المسار الوطني، ووضعت البلاد على طريق الحرية والمساواة والتقدم، وأنهت عصوراً من التخلف والتمييز والخرافة الحاكمة"، حسب قوله.
المسار التفاوضي:
وعلي صعيد المسار التفاوضي، تشهد العاصمة العمانية مسقط منذ أيام نشاطا دبلوماسيا مكثفا لاستئناف محادثات السلام في اليمن استنادا إلى مقترحات وزير الخارجية الأمريكي لوقف إطلاق النار في اليمن.
ويصل المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ إلى مسقط، الخميس، لمناقشة تصور مبدئي لحل الأزمة اليمنية مع وفد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.
خلال الزيارة، سيعرض ولد الشيخ على وفد الحوثي والمخلوع علي صالح تصوراً مبدئياً لحل الأزمة اليمنية، وسيقترح المبعوث الأممي على وفد الانقلابيين، بحسب المصادر، الاتفاق على هدنة لمدة 72 ساعة لوقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة في اليمن.
وبحسب مصادر سياسية يمنية، فقد أفضت الضغوط الدبلوماسية، التي مارستها مجموعة الـ 18 الراعية للتسوية في اليمن، إلى قبول مبدئي من طرفي الصراع بمقترحات وزير الخارجية الأمريكي، التي كانت حصيلة لقاءات متعددة له مع وزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات، والتي تنص على هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام، يعقبها تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار قبل الذهاب الى طاولة المحادثات من جديد.
وأكد وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي قرب التوصل إلى اتفاق نهائي، وأن الرئيس عبد ربه منصور هادي وافق على هدنة مؤقتة؛ ولكنه اشترط رفع الحصار عن تعز. في حين التزم المفاوضون عن الحوثيين وحزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي يقوده الرئيس السابق الصمت تجاه هذه التصريحات في انتظار لقاءاتهم مع المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد في العاصمة العمانية اليوم الخميس 29 -9-2016.
ووفقا لمصادر سياسية ودبلوماسية، فإن الجولة المرتقبة للمحادثات لن تستغرق وقتا طويلا؛ لأن معظم تفاصيل المقترحات جرت مناقشتها خلال محادثات الكويت، التي استمرت ثلاثة أشهر، وستركز على أن يكون الاتفاق شاملا يضم الجانب السياسي إلى جانب الجانب العسكري والأمني، وبحيث يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوازي وانسحاب المسلحين من العاصمة وتسليم الأسلحة إلى طرف ثالث محايد.
من جهته، دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني الحوثيين إلى اغتنام فرصة الحل السياسي في إطار القرارات الدولية، ودعا إيران إلى "تغيير سلوكها في المنطقة"، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول؛ مشدداً على ضرورة أن تتوصل دول المنطقة إلى استقرار يؤمن ازدهار شعوبها.
وأكد الزياني في تصريحات صحافية أن "أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن دول مجلس التعاون، وهو يؤثر أيضاً في الأمن والسلم الدوليي". وأنه "منذ بدء الأزمة فيه، وهي تنال اهتماماً كبيراً من دول المجلس، وأنها ترغب في معالجة هذه الأزمة بأسلوب سلمي سياسي يحقن دماء اليمنيين".
وشدد الزياني على أنه ليس أمام الأطراف سوى الحل السياسي؛ لأن مواصلة الدرب الحالي ستؤدي إلى دمار اليمن والشعب اليمني. وقال إن" دول المجلس حريصة على حل الأزمة سلميا وفي إطار قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني".
كما استقبل الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، اليوم الخميس، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن ماثيو تولر، وناقش معه جملة من القضايا والموضوعات الهامة المتصلة بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وعدداً من القضايا والمواضيع الهامة المتعلقة بالشأن اليمني في عدد من المجالات.
كما تناول اللقاء نتائج زيارة هادي لأميركا ولقاءاته بعدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية لما من شأنه تعزيز العلاقات وتفعيلها لخدمة البلدين، وأمن واستقرار اليمن.
وأشاد الرئيس اليمني بمجمل تلك الجهود، متطلعا إلى ترجمة تلك التفاهمات على الصعيد العملي التي تعزز السلام، وتهدف في المحصلة النهائية إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار الأممي 2216 .
ولفت هادي إلى الهدنة التي تطلبها الأمم المتحدة لفترة 72 ساعة، مؤكداً حرصه التام على السلام .
وقال الرئيس اليمني إن "جوهر الهدنة وهدفها هو إيصال الغذاء والدواء للمحاصرين في محافظة تعز وغيرها من المدن والمحافظات، وإلا ما قيمة الهدنة إن لم تكن من أجل تلبية الجوانب الإنسانية الملحة للمحتاجين لها".
اتصالات بايران :
وعلي صعيد اخر، كشفت مصادر إعلامية إيرانية عن تلقي طهران طلباً من الانقلابيين في صنعاء للحصول على دعمها في مواجهة التحالف العربي.
وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية إن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني تلقى رسالة من يحيى الراعي رئيس برلمان الانقلابيين "المختطف من قبل الحوثيين والفاقد للشرعية ".
وبحسب الرسالة فقد أكد الراعي أن" الشعب اليمني يتطلع إلى الذين وقفوا إلى جانبه دوماً"، وهو اعتراف ضمني بحصول الانقلابيين على دعم ومساندة من قبل طهران منذ فترة ليست بالقصيرة.
وتناولت رسالة الراعي الاتفاق الذي جرى بين الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح، والذي تمخض عنه تشكيل ما يسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى". كما تضمنت شكوى من أن "بعض الدول العربية ودول أخرى تسعى إلى إثارة الشكوك حول شرعية البرلمان اليمني رغم المواد الدستورية التي نصت على شرعيته"، على حد ما جاء في الرسالة.
وفي هذا السياق، يرى محللون أنه من الطبيعي ألا تكشف الوكالة الإيرانية عن فحوى الرسالة بالكامل، وأنه من المرجح أن يكون الانقلابيون قد طلبوا سلاحا دعماً مالياً طارئاً وعاجلاً ينقذهم من مأزق الأزمة النقدية التي يواجهونها، خصوصاً بعد إصدار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قراراً بنقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.
وتحدث المحلل السياسي، أحمد سعيد لـ"العربية.نت"، قائلاً: اللافت أن وكالة الأنباء الرسمية في صنعاء والتي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي لم تنشر خبرا بخصوص الرسالة ونفس الشيء بالنسبة للوسائل الإعلامية التابعة للحوثيين أو للمخلوع علي عبدالله صالح، وهذا يعني أنهم يتخوفون من رد فعل الشارع اليمني، وخصوصاً أتباعهم المغرر بهم، والذين لا يزالون يصدقون ما تقوله لهم قياداتهم وما تنفيه عن أي علاقة بإيران.
وأضاف "من المؤكد أن هناك اتصالات مستمرة بين طهران والانقلابيين بصورة غير معلنة، كما أن إيران تقدم كل أشكال الدعم لحلفائها بطريقة سرية، وكشف الوكالة الإيرانية لتلك الرسالة هو للإيحاء بأن الجانب الإيراني تلقى خطاباً من مؤسسة دستورية تمثل الشعب اليمني، وليس من كيان غير معترف به دولياً".
المشهد اليمني:
الصراع في اليمن وسط جهود أممية من أجل هدنة في اليمن، تشير الأوضاع على الأرض إلى أن السلاح صاحب الكلمة الأولى في رؤيته وقراره على الفرقاء اليمنيين، في وقت وضعت تواصل جهود المبعوث الدولي من اجل التصول الي حل سياسي في البلاد.
