عودة التيار الصدري للتحالف الوطني.. هل يستعد "شيعة العراق" لما بعد معركة الموصل؟

السبت 01/أكتوبر/2016 - 12:33 م
طباعة عودة التيار الصدري
 
بعد سبعة أشهر من المقاطعة والمظاهرات، ومع اقتراب تحرير الموصل، وبداية ملامح مشروع جديد في العراق قد يكون التقسيم فيه أقرب إلى المشهد، وضغطًا قويًّا من قِبل قوى خارج التيار الإسلامي السياسي في العراق بجناحيه "الشيعي والسُّني"- عاد تيار مقتدي الصدر إلى التحالف الوطني الشيعي وقاد الحكيم التحالف الشيعي، لإنقاذ التحالف وقوي الإسلامي السياسي من مصير مجهول في ظل اقتراب الانتخابات التشريعية في العراق وتحرير الموصل.

عودة التيار الصدري:

عودة التيار الصدري:
أنهى رجل الدين العراقي مقتدى الصدر الجمعة مقاطعته لاجتماعات التحالف الوطني التي امتدت 7 أشهر، على خلفية تراجع دور أكبر كتلة بالبرلمان العراقي في تطبيق برنامج إصلاحي يحارب الفساد وينهي المحاصصة السياسية ويدعم حكومة تكنوقراط.
ولكن المطالب التي قال الصدريون: إنهم اتفقوا مع التحالف بشأنها، دون الإفصاح عن مضمون الاتفاق، تمثل نقاطًا إصلاحية كبرى تتصل بعمل الحكومة والبرلمان والتعيينات وإعادة تشكيل الجهاز الإداري.
وكان التيار الصدري قاطع اجتماعات «التحالف الوطني» منذ تظاهرات أبريل الماضي، واتهم الصدر «التحالف» بحماية الفساد ومعارضة الإصلاحات.
وكشفت «كتلة الأحرار» رسالة وجّهها الصدر إلى الحكيم، تضمنت شروطه في مقابل استئناف نواب الكتلة اجتماعاتهم مع «التحالف» الشيعي. 
وذكرت الكتلة في بيان، أن رسالة الصدر تتضمن 15 شرطاً «تتعلق بالإصلاح وتغيير الوزراء ومحاسبة المفسدين والكف عن ترشيح المتحزبين إلى المناصب الوزارية والدرجات الخاصة والهيئات المستقلة». وتابعت أن «الشروط تضمنت الإصلاح الوظيفي وكشف ملفات الفساد وإلغاء ترشيح وزراء من الكتل السياسية وإحالة الوزراء الحالين والسابقين على القضاء و(هيئة) النزاهة». 
وأشار البيان إلى أن من الشروط الأخرى، «إلغاء أو تغيير المفوضية العليا للانتخابات وقانون الانتخابات وتشكيل مفوضية جديدة مستقلة بعيدة عن الأحزاب السياسية، إضافة إلى إلغاء جميع الهيئات المستقلة وتشكيل هيئات أخرى مستقلة بعيدة عن الأحزاب السياسية وترشيح الأكفاء والمستقلين من رؤساء وأساتذة الجامعات لشغل الوزارات والهيئات المستقلة».
فيما أكد النائب بالبرمان العراقي عن «كتلة الأحرار» والقيادي بالتيار الصدري عبدالعزيز الظالمي، أن «الموافقة على الشروط تحتاج إلى ضمانات، خصوصاً في ما يتعلق بشرط تحويل التحالف إلى كتلة عابرة للطوائف وإبعاده عن الصبغة الطائفية». وعن احتمال عدم إيفاء «التحالف الوطني» بعهوده، قال الظالمي: «لكل حادث حديث، وسيكون احتمال الخروج النهائي من التحالف أمراً وارداً، لكن المفاوضات لا تزال مستمرة ونأمل بالوصول إلى اتفاق نهائي».

التحالف الشيعي:

التحالف الشيعي:
والتحالف الوطني (شيعي) يضم كتل دولة القانون بزعامة نوري المالكي (105 مقاعد) والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر (34 مقعداً) والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم (29 مقعداً) وتيار الإصلاح الوطني بزعامة إبراهيم الجعفري (6 مقاعد) وحزب الفضيلة الإسلامي بزعامة هاشم الهاشمي (6 مقاعد) ويشكل التحالف الوطني غالبية أعضاء البرلمان العراقي بواقع 180 مقعداً من مجموع 328 مقعداً. ‎
وقد شهد التحالف الوطني الشيعي الذي يعد أكبر كتلة شيعية بالبرلمان العراقي ، عقب انتخابات أبريل 2014 واجهت أطراف التحالف الوطني وهي للعلم ثلاثة رئيسية (ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الذي يقوده عمار الحكيم) تتبعها خمسة فرعية هي منظمة بدر برئاسة هادي العامري، وحزب الدعوة/ تنظيم الداخل، برئاسة خضير الخزاعي، وجماعة حسين شهرستاني وتيار الجعفري وحزب الفضيلة، أزمة سياسية حادة تركزت على ضرورة إبعاد المالكي عن رئاسة الحكومة ومنعه من الولاية الثالثة، بعد أن تغوّل طائفيا وراح يطرح نفسه باعتباره الزعيم السياسي الأوحد للشيعة في العراق.
الخلافات داخل التحالف أثرت بشكل كبير على مسيرته وفاعليت السياسية،وذلك على أثر مساعي رئيس الوزراء العراقي السابق ورئيس "ائتلاف دولة القانون" نور المالكي، لرئاسة الائتلاف في وقت أو القيادي بحزب الدعوة الإسلامية النائب على الأديب عضو المكتب السياسي للحزب تعويضًا، فيما كان يسعي رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم لرئاسة الائتلاف وهو ما تم للحكيم في انتخابات 4 سبتمبر الماضي والتي انتخب عمار الحكيم رئيسًا للتحالف الوطني الشيعي.
كما شهد التحالف الشيعي خلافات كبيرة، فجناح رئيس الحكومة السابق نوري المالكي على خلاف مع التيار الصدري (بزعامة مقتدى الصدر) والمجلس الأعلى الإسلامي (بزعامة عمار الحكيم)، فضلاً عن وجود خلاف داخل ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي.
ولا يمتلك المالكي منصبًا سياسيًّا رسميًّا مؤثرًا، وهو الآن نائب رئيس الجمهورية بلا صلاحيات بعدما ألغيت منصب نواب رئيس الجمهورية، ولكنه ما زال يمتلك ثلاثة عناصر قوة يستخدمها للعودة إلى الحكم، كتلة برلمانية كبيرة، تأييد الفصائل الشيعية، وعلاقته الوثيقة مع إيران. وقد مارس الصدر والحكيم الاحتجاج الدائم على سياسات التعنت والتخبط التي اتسم بها رئيس وزراء التحالف الشيعي نوري المالكي ثم رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، كما صدرت مواقف وبيانات تعبر عن سخط المرجعية الشيعية العليا إزاء سوء إدارة الدولة وتعاظم السخط الشعبي وازدياد معدلات الفقر والبطالة وتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري وتردي الخدمات وغيرها من المفردات التي تجعل المرجعية في حرج شديد أمام مريديها. 

اجتماع الجمعة:

اجتماع الجمعة:
وعقد قادة التحالف الوطني مساء الجمعة اجتماعاً بحضور حيدر العبادي رئيس الحكومة (ينتمي لدولة القانون) وعمار الحكيم رئيس التحالف الوطني ورؤساء الكتل السياسية في البرلمان، الفضيلة والتيار الصدري وتيار الإصلاح ودولة القانون.
وقال الحكيم في مؤتمر صحفي مشترك عقب الاجتماع: إن "التيار الصدري قدم ورقة تتضمن عدة نقاط حيوية وتمت مناقشتها اليوم في الاجتماع وأجريت عليها تعديلات من قبل كامل قوى التحالف الوطني؛ لذا قرر التيار الصدري العودة إلى اجتماعات التحالف الوطني".
وأضاف الحكيم أن "التحالف الوطني عاد لتماسكه وبهذه الخطوة سيستمر التحالف بعقد اجتماعاته بصورة منتظمة وسيتداول جميع الملفات والقضايا السياسية في البلاد".
من جهته قال العبادي رئيس الوزراء العراقي خلال المؤتمر: إن "خطوة عودة التيار الصدري إلى اجتماعات التحالف الوطني هي خطوة نحو مزيد من التحشيد لتحقيق الانتصارات".
وقدم العبادي شكره لمقتدى الصدر وقال: "وجهنا دعوات للتلاحم الوطني وترك الخلافات السياسية وأشكر مقتدى الصدر على تعاونه في هذا الإطار".
من جانبه، قال جعفر الموسوي رئيس الوفد التفاوضي للتيار الصدري خلال المؤتمر الصحفي: "نحن تحركنا بورقة بتوجيه من مقتدى الصدر تضم 14 فقرة إصلاحية لمسيرة التحالف الوطني، وتم تداولها مع جميع كتل التحالف الوطني".
وأضاف الموسوي أن "رئاسة التحالف الوطني دعت اليوم إلى اجتماع طارئ ونوقشت خلاله الورقة وتم التوصل إلى اتفاق بشأنها" دون توضيح تفاصيل الاتفاق.

دور إيراني:

دور إيراني:
إيران تصدر عمار الحكيم قيادة التحالف الوطني الشيعي وعودة مقتدى الصدر، مع اقتراب تحرير الموصل، وبداية ملامح مشروع جديد في العراق قد يكون التقسيم أقرب إلى المشهد، مع ضغط من قبل قوي خارج التيار الإسلامي السياسي في العراق بجناحيه "الشيعي والسني"، قاد الحكيم التحالف الوطني وعاد تيار مقتدي الصدر اليه، لإنقاذ التحالف وقوي الإسلامي السياسي من مصير مجهول في ظل اقتراب الانتخابات التشريعية في العراق وتحرير الموصل.
قيادة الحكيم للتحالف وعودة الصدر له، لم يكن أمر سهلًا، ويرى مراقبون أن إيران الداعمة بشكل قوي لدولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي، لعبت دورًا مهمًّا في عودة ائتلام صفوف التحالف الشيعي تخوفًا ما بعد معركة الموصل وقبل الانتخابات البرلمانية، والتي تعتبر مهمةً في تاريخ أحزاب الإسلام السياسي في العراق وخاصة للقوى الإسلامية الشيعية.
ويرى مراقبون أن إيران تدعم انتخاب الكيم لتحالف لإنقاذ القوى الشيعية من السقوط في الانتخابات المقبلة، وفي نفس الوقت تُبقي علي نوري المالكي في اللعبة السياسية العراقية بشكل عام والشيعية بشكل خاص ليكون لديها أكثر من ورقة وبديل، وهو ما ظهر واضحًا خلال السنوات الماضية، فدعمت نوري المالكي لسنوات طويلة في رئاسة الحكومة العراقية، ومع أخطاء المالكي تراجعت إلى خطوة إلى الوراء ولم تعترض على قيادة حيدر العبادي رئاسة الحكومة، ثم دعمت عمار الحكيم ليقود التحالف وهو شخصية متوزانة في القوي الشيعية العراقية وقريب من إيران.

المشهد العراقي

المشهد العراقي
مما سبق يشير إلى أن عودة التيار الصدري إلى التحالف الشيعي، جاءت لتلاقي عدة أهداف بين مقتدى الصدر والقادة الشيعية، في مقدمتها اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، ومعركة تحرير الموصل وما قد يشهده العراق من تغير في الخريطة الجغرافية والسياسية، بالإضافة إلى مخاوف من تنامي مكاسب الأكراد والأقليات العراقية في العراق بما يهدد مكانة المكون الشيعي في الانتخابات، بشكل عام عودة التيار الصدري جاءت لأن الوقت لا يسمح بخلافات بين القوى الشيعية وإيران لا تريد خسائر حلفائها في العراق لأي مكاسب خلال السنوات الماضية.. يبقى في النهاية نتائج تحرير الموصل والتحرك التركي الأمريكي مهم لتحديد المشهد العراقي ما بعد الموصل والذي سيختلف عن المشهد الحالي.

شارك