(الشيخ الأربعون للجامع الأزهر).. عبد المجيد البشري

الخميس 13/أكتوبر/2016 - 11:10 ص
طباعة (الشيخ الأربعون للجامع
 
الشيخ الثامن والثلاثون والأربعون للجامع الأزهر
المشيخة: الثامنة والثلاثون والأربعون 
مدة ولايته: عام
الولاية الأولى 
من (26 ذي الحجة عام 1369 هـ 8 أكتوبر عام 1950 ) إلى (ذي القعدة 1370-سبتمبر 1951م) 
الولاية الثانية: 3 سنوات 
من(فبراير 1952) إلى (صفر 1374هـ أكتوبر عام 1954)
المذهب: الحنفي 
الوفاة: صباح يوم الخميس 10 صفر عام 1374هـ 7 أكتوبر عام 1954م
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
هو عبد المجيد سليم البشرى المولود في الأول من ذي الحجة عام 1299هـ، 13 أكتوبر سنة 1882م، في قرية (ميت شهالة)، التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية المتوفى ليكون بذلك الشيخ الثامن والثلاثون والأربعون للجامع الأزهر للجامع الأزهر على المذهب الحنفي وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة
نشأته وتعليمه 
نشأ في قريته ميت شهالة التي تربَّى فيها، وحفظ القُرآن الكريم وجوّده في سن مبكرة ودرس بعض العلوم الدينية كالتجويد والفقه قبل أن يسافر إلى، للالتحاق بالأزهر الشريف الذي درس به علومه المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي كبار علماء عصره مثل الشيخ الإمام محمد عبده، والشيخ حسن الطويل، والشيخ أحمد أبو خطوة وغيرهم من كبار الأئمة والمحدثين. 
ونال شهادة العالمية من الدرجة الأولى عام 1908م، ثم عين مدرسًا للفقه والأصول بالأزهر الشريف وكان يعتمد طريقة أستاذه الشيخ أحمد أبو خطوة في عرض تفاصيل الجزئيات الصغيرة في أحكام الفقه من الشروح والحواشى من شتى الأقوال ثم تم أختياره من قبل عاطف بركات باشا ناظر مدرسة القضاء الشرعي لتدريس الفقه والأصول بهذه المدرسة العالمية وتخرج على يديه العديد من رجال القضاء الشرعي في مصر ثم رشح لمنصب الإفتاء من قبل مصطفى النحاس باشا في وزارته الأولى عام1928م ووافق الملك فؤاد على تولى الشيخ عبد المجيد سليم لمنصب الإفتاء عام من اول مناقشة وعندما تولى منصب المفتي لم يكون تجاوز ال50من عمره1928م وقام بتأليف لجان فقهية لتعديل قانون الأحوال الشخصية وكان أبرز أعضاء لجنة الأحوال الشخصية بوزارة العدل وكانت تعرض عليه المذكرات المتضمنة للموضوعات والمسائل المطروحة على اللجنة بعد فحصها بواسطة الخبراء وكان يتولى شرح المسائل المعروضة عليه الواحدة تلو الأخرى مستعرضًا شتى الآراء في كل مذهب من المذاهب ومقررًا الحكم الدقيق ذاكرًا رأي الائمة والمجتهدين من الفقهاء. 
وكان يرى ضرورة التوسع الشامل للمذاهب المتعددة جميعها وامتداد هذا التوسع في بعض قضايا الميراث والطلاق وضم اراء فقهاء من غير الائمة الأربعة من أمثال ابن حزم والفقه الجعفرى وزيد بن علي وطاوس وشريح وداود وهو ماتجلى في صياغة قانون ١٩٢٩ للأحوال الشخصية، والقضاء، والإفتاء، ومشيخة الجامع الأزهر، ومكث في الإفتاء قرابة عشرين عامًا، وله من الفتاوى ما يقرب من 15 ألف فتوى، وتولى مشيخة الأزهر مرتين، أُقِيل في أولاهما؛ لأنَّه نقدَ الملك، ثم استقال من المنصب في المرة الثانية في 17 سبتمبر 1952م، وتوفي في صباح يوم الخميس (10 من صفر 1374- 7 أكتوبر 1954م). 
 شيوخه
درس على يد العديد من الشيوخ، وعلى رأسهم الإمام محمد عبده الذي درس له التفسير والبلاغة واعتبره مثله الأعلى وهو من لقبه بابن سينا لقدرته على التفلسف، والشيخ حسن الطويل، الذي درس له المنطق والفلسفة ومؤلفات ابن سينا والشيخ أحمد أبو خطوة الذي درس له الفقه الحنفي وغيرهم من كبار الأئمة والمحدثين.
الشيخ والمراغي 
كان الشيخ عبد المجيد البشري صديق للشيخ المراغي واشتركا معًا في لجان فقهية قامت بإنجاز بعض التشريعات المتطورة وفقًا للقواعد الفقهية الملزمة وقد رشحه لخلافته كشيخ للأزهر وقال الشيخ في تأبين الشيخ المراغي: 
 "رحم الله الشيخ المراغى وأحسن اليه لقد كان عظيمًا حقًّا وكانت له صفات كريمة وخلال شريفة هيأته لهذه العظمة وجعلته يحتل في التاريخ هذه المكانة الجليلة، ولقد كان رحمه الله ذا فطرة سليمة صافية يمدها ذكاء شديد واستعداد طيب وكان ما أفاده وخرجه تخرجًا قويًّا تلمذته على الرجلين العظيمين المغفور لهما الشيخ أحمد أبو خطوة والشيخ محمد عبده فمنهما اكتسب الاستقلال في التفكير والميل إلى الحرية والقصد في الاعتقاد بما يراه أهل التقليد..". 
فترة ولايته 
 عين في المرة الأولى في عهد وزارة الوفد وعقب توليه المشيخة عقد مؤتمر صحفى عقده في أول نوفمبر 1950م شرح فيه الوسائل التي كان يراها ضرورية لإصلاح الأزهر، وتمثلت في الخطوات التالية:
1- مراجعة الكتب الدراسية وإبقاء الصالح منها واختيار لون جديد يوجه الطلاب توجيهًا حسنًا إلى العلم النافع من أقرب طريق وأيسره. 
2- تشجيع حركة التأليف والتجديد عن طريق الجوائز العلمية وغيرها حتى يتصل حبل العلم وتوجيه العلماء إلى وضع بحوث في الفقه والتشريع تساير الروح العلمي الحاضر. 
3- إعداد جيل قوي من أبناء الأزهر يستطيع أن يحمل الرسالة، فإن الأمة تريد من الأزهر أن يخرج لها علماء في الدين والشريعة واللغة وسائر العلوم العقلية والاجتماعية المتصلة بها.
4- تشجيع حركة البعوث العلمية التي يرسلها الأزهر إلى جامعات أوروبا للتزود من شتى الثقافات. 
5- تنظيم الجامعة الأزهرية تنظيمًا يتفق مع أهمية رسالتها ويساعدها على اداء رسالتها الإسلامية. 
6- أنشاء مكتبة كبرى للأزهر ودار كبيرة للطباعة وإكمال مباني جامعة الأزهر تمهيدًا للاحتفال بالعيد الألفي. 
7- أن يقوم الأزهر بدوره في العناية بإصلاح حال الأسرة وذلك بإصلاح شئؤونها ودعم كيانها عن طريق بحث التشريعات اللازمة لها من زواج وطلاق ونفقة وحضانة وولاية.
8- العمل على نشر الثقافة الإسلامية في جميع أرجاء العالم.
9- إرسال البعوث الأزهرية إلى شتى الشعوب الإسلامية لدراسة أحوالها. 
10- شجيع البعوث الإسلامية الوافدة على الأزهر وبناء دار كبرى لإقامتهم ورعاية أحوالهم العلمية والخلقية والدينية.
11- ربط الأزهر بالجامعات الشرقية وبخاصة الإسلامية منها.
12- إنشاء مراكز ثقافية للأزهر في الحواضر الإسلامية.
13- توجيه علماء الأزهر إلى وضع مؤلفات باللغات الأجنبية لنشر الإسلام وللرد على مزاعم المبشرين والمستشرقين.
14- إنشاء إدارة للدعوة الإسلامية تتولى الدعوة إلى الإسلام ومبادئه الخالدة بين شتى الدول والشعوب.
15- ترجمة تفسير القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية.
16- تأسيس الدراسات العليا في جامعة الأزهر القديمة التي ظهرت إلى الوجود مع ظهور الكليات في عام 1930م وخاصة في كليات الشريعة الإسلامية – واللغة العربية – وأصول الدين. 
تلاميذه 
كان للشيخ عبد المجيد البشري العديد من تلاميذه الذين تلقوا العلم على يديه وأصبحوا من كبار العلماء ومشايخ الأزهر، ومنهم الشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد المدني والشيخ علي الخفيف والشيخ عبدالعزيز عيسى والشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق. 
مواقفه 
كان للشيخ عبد المجيد البشري العديد من المواقف على المستوى الوطني والديني، ومنها: 
الترف الحكومي والملكي 
كان للشيخ موقف واضح وصريح من رفض الترف الحكومي والإسراف الملكي وهو صاحب العبارة البليغة: "تقصير وتقتير هنا وتبذير وإسراف هناك"، وذكر محمد كامل البنا في مذكرات مصطفى النحاس أن الشيخ لم يقصد بالقول "إسراف هنا وتقتير هناك" الملك، لكنه لم يشأ الاعتذار، وربما هذا هو سبب إعفائه من مشيخة الأزهر في عهد وزارة الوفد الأخيرة في سبتمبر١٩٥١م. 
الشيخ وثورة 23 يوليو 
كان للشيخ موقف حاسم من ثورة 23 يوليو وقد استقال من المشيخة للمرة الثانية في ١٧ سبتمبر ١٩٥٢ قبل أن ينقضي شهران على قيام الثورة؛ وذلك بسبب ما أعتبره تدخلًا في شئون الأزهر من رجال الثورة من خلال فرض أشخاص بعينهم على الشيخ كان لا يراهم أهلًا للقيادة، ورشحتهم حكومة الثورة للمناصب المرموقة ليكونوا حسب تصورها أداةً لتنفيذ ما تشاء بعيدًا عن منطق القانون، ولكن الشيخ عبدالمجيد سليم رفض كل تدخل في الأزهر وتقدم باستقالته. 
الشيخ والتقريب بين المذاهب
كان الشيخ عبدالمجيد سليم من أكثر من تبنوا فكرة التقريب بين المذاهب، وقد عبر عن في مقال نشر في العدد الأول من مجلة "رسالة الإسلام" التي كانت تصدر عن "دارالتقريب بين المذاهب الإسلامية" بالقاهرة، فقال: "إن هذه الأمة لا تصلح إلا إذا تخلصت من الفرقة واتحدت حول أصول الدين وحقائق الإيمان، ووسعت صدرها عما وراء ذلك للخلافات ما دام الحكم فيها للحجة والبرهان، وقد أدركنا في الأزهر على أيام طلبنا العلم عهد الانقسام والتعصب للمذاهب، ولكن الله أراد أن نحيا حتى نشاهد زوال هذا العهد، وتطهرالأزهر من أوبائه، فأصبحنا نرى الحنفي والشافعي والحنبلي إخوانًا متصافين وجهتهم الحق وشرعتهم الدليل، بل أصبحنا نرى بين العلماء من يخالف مذهبه الذي درج عليه في أحكامه لقيام الدليل عنده على خلافه". 
الشيخ والمجتمع المدني 
وبعيدًا عن المناصب الرسمية وعن مؤسسات الدولة الرسمية فقد كان الشيخ عبدالمجيد سليم واحدًا من المؤسسين الأوائل؛ لما نعرفه الآن على أنه مؤسسات المجتمع المدني، وقد تولى تأسيس جماعة التقريب بين المذاهب لإيمانه بالفكرة ونتيجة وعي فقهي وعلمي وسياسي في المقام الأول، ولحرصه على التقريب بين المذاهب الفقهية بالرغم من أنه كان لفترة طويلة شيخ الأحناف في الأزهر، وكان بحكم القانون ملزمًا بالمذهب الحنفي الذي تلتزم به الدولة منذ عهد الخلافة العثمانية. 
وقال عن ذلك: "وقد جريت طوال مدة قيامي بالإفتاء في الحكومة والأزهر وهي أكثر من عشرين عامًا على تلقي المذاهب الإسلامية ولو من غير الأربعة المشهورة بالقبول ما دام دليلها واضحًا عندي وبرهانها لدى راجحًا مع أني حنفي المذهب، كما جريت وجرى غيري من العلماء على مثل ذلك فيما اشتركنا في وضعه أو الإفتاء فيه من قوانين الأحوال الشخصية في مصر، مع أن المذهب الرسمي فيها هو المذهب الحنفي وعلى هذه الطريقة نفسها تسير لجنة الفتوى بالأزهر التي أتشرف برئاستها، وهي تضم طائفة من علماء المذاهب الأربعة، فإذا كان الله قد برأ المسلمين من هذه النعرة المذهبية التي كانت تسيطر عليهم في عهد قريب في أمر الفقه الإسلامي فإنا لنرجو أن يزيل ما بقي بين طوائف المسلمين من فرقة ونزاع في الأمور التي لم يقم عليها برهان قاطع يفيد العلم، حتى يعودوا كما كانوا أمةً واحدةً، ويسلكوا سبيل سلفهم الصالح في التفرغ لما فيه عزتهم وبذل الوسع فيما يعلي شأنهم والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل".
وقد قام الشيخ أيضًا برعاية جماعة من الأزهريين الذين تبنوا ضرورة الإصلاح الأزهري للتعليم منهجًا وكتابًا وأستاذًا، ورغم تأسيسها في عهد الإمام المراغي إلا أنها نشطت في عهد الشيخ البشري، وكان من أعضائها الشيخ محمود شلتوت والدكتور محمد البهي ومحمد محمد المدني وعبد العزيز عيسى، وكان الشيخ يترأس الندوات الخاصة بها بنفسه ويتبنى ما يطرحونه من أفكار إصلاحية. 
الشيخ والملكية 
كان للشيخ عبدالمجيد سليم مواقف واضحة وتتميز بالجرأة والقوة وتكاد تقترب إلى الاندفاع، وكانت آراؤه ذات تأثير بالغ في الحياة السياسية، وكأنها آراء حزب سياسي، على الرغم من أنه كان يميل إلى البعد عن الحياة الحزبية، وكان دعوته محددةً لطلاب العلم أن ينصرفوا إلى رسالتهم الإسلامية الخاصة بالتعليم والإرشاد والبعد عن السياسة، ومنها: 
الملك ومال الوقف 
"إن مديرالخاصة الملكية حاول بإيعاز من الملك أن يستبدل ببعض ممتلكاته العقارية أرضًا خصيبة من أملاك الأوقاف وتلمس الفتوى الميسرة من المفتي الشيخ أن الاستبدال باطل "إذ لا يجوز شرعًا لغير مصلحة الواقف وهي هنا مفقودة" بل إن الخسارة محققة فعلًا".
الشيخ وحفلات الملك 
 تلقى الشيخ عبد المجيد البشري وهو في منصب الإفتاء سؤالا عن حكم الشرع في رجل يراقص النساء ويشرب الخمر! وذلك بعد حفلة صاخبة أقامتها إحدى الأميرات وحضرها الملك فاروق ونشرت بعض الجرائد صورًا لبعض ما كان، وقد أدرك عبدالمجيد سليم من هو المقصود بالفتوى فلم يؤثر السلامة، وإنما جابه المخطئ بانحرافه واضطرب القصر لجرأة هذا الإنكار الصارخ، وأشارت مجلة "المصور" إلى ضيق القصر بما تضمنته الفتوى من إيحاءات، واتصل القصر بالشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر حينئذ، منبهًا على خطورة الفتوى بالنسبة لأثرها الجريء، وكان الشيخ المراغي من الغيرة على الحق بحيث لم يخذل رأي المفتي، بل دعا إلى تصحيح الخطأ عند المخطئ لا إلى تخطئة المصيب!
الشيخ والشيخ مصطفى عبد الرازق
 ظل الشيخ عبدالمجيد سليم متوليًا منصب الإفتاء لمدة طويلة، ثم ترك المنصب احتجاجًا على تعيين الشيخ مصطفى عبدالرازق شيخا للأزهر على الرغم من أنه لم يكن عضوًا في هيئة كبار العلماء، على الرغم من أنه صديقه وزميله واحتج الشيخ عبدالمجيد سليم بأن صديقه على جلالة علمه وسمو منزلته ليس عضوًا بجماعة كبار العلماء، وهو شرط أساسي للتعيين لأن الجماعة حينئذ تمثل القيادة العلمية في الأزهر وشيخ الأزهر رئيس هؤلاء القادة، فكيف يجيء من غيرهم! فضلًا على أنه كان يدرك أن القصر يناوئ الوفد بالشيخ مصطفى عبدالرازق وهو وزير حر دستوري، وبسبب ضغط الشيخ عبدالمجيد سليم ومعارضته اضطرت الحكومة إلى تعديل قانون هيئة كبار العلماء بما يسمح لها بتعيين الشيخ عبد الرازق في عضويتها، ويسمح بالتالي بتعيينه شيخًا للأزهر، ولم تستطع الحكومة أن تمضي هذا التعيين إلا بعد أن أتمت هاتين الخطوتين، وفي أثناء هذا استدعى النقراشي باشا رئيس الوزراء الشيخ عبدالمجيد سليم، وحاول أن يغريه بالمال ويروي أنه كانت للشيخ عدة آلاف من الجنيهات بوزارة الأوقاف مكافأة علمية، لقيامه على مشيخة الأحناف بالأزهر مدةً طويلةً، وقد تجمدت تلك المكافأة سنوات عدة لاعتراض المالية على أن يجمع الشيخ مرتبين في وقت واحد، فلوح له رئيس الوزراء بالإسراع في صرف المكافأة إذا وافق على تعيين الشيخ مصطفى عبدالرازق وفوجئ الإمام بالعرض الماكر، فغضب في وجه رئيس الوزراء غضبة أزعجته وآثر الانسحاب الفورى دون استئذان، فلما أتمت الحكومة خطوات تعيين الشيخ مصطفى عبدالرازق شيخا للأزهر صمم الشيخ عبدالمجيد سليم على الاستقالة، واستقال معه أيضًا الشيخان إبراهيم حمروش ومأمون الشناوي. 
الشيخ والقصر 
 لم يكن الشيخ على علاقة طيبة بالقصر الملكي بسبب معارضته له فقام القصر بإرسال بعض رجاله إلى الشيخ يهدده صراحة، ويعلن أن المعارضة ستكون مصدر خطر عليه، فقال الشيخ: سيحول هذا الخطر بيني وبين المسجد؟ فخجل رسول القصر ولم يجب! ثم رأى الشيخ أن يصدر بيانًا للناس في الصحف اليومية يعلن فيه أمر هذا التهديد الملكي؛ مما سبب حرجًا كبيرًا للقصر. 
الاحتكار 
حين اشتدت أزمة التموين في أثناء الحرب العالمية الثانية واحتكر التجار بعض السلع واضطرت الحكومة إلى تسعير البضائع كان هناك بعض من يرى أن التسعير لا يجوز شرعًا، لكن الشيخ عبدالمجيد سليم أصدر فتواه بضرورة التسعير في مثل هذه الأزمات، وذكر من كتب السلف نصوصًا كثيرة تحبذ رأيه فأسكت بعض من يتصدرون للفتوى بغير حق وصارت فتواه عملًا ملزمًا للجميع .
ومن آرائه 
كان للشيخ عبد المجيد البشرى العديد من الآراء والأحكام القاطعة في كافة المجالات، وهي ما أثارت العديد من الجدل حول الشيخ، ومنها: 
 الأحكام 
قال في مقال له بعنوان " القطعيات والظنيات" 
"من المعروف أن الشريعة الإسلامية جاءت بنوعين من الأحكام :نوع قطعي ليس موضع اجتهاد ولا محل خلاف، ولا يسوغ للمسلمين أن يتفرقوا فيه وذلك كالعقائد الواجبة وما ثبت من الاحكام العلمية بالتواتر وما دلت عليه النصوص دلالة ظاهرة بحيث لا يحتمل النص غيرها، فالعقائد مثل اتصاف الله بكل كمال وتنزهه عن كل نقص، وأنه تعالى أرسل رسلًا وأنزل كتبًا، وأن البعث حق، وأن الحساب يوم القيامة حق، والجنة حق، والنارحق، إلى غير ذلك، ومما يدخل في ذلك أداء الفرائض الواجبة الأداء، مثل الصلوات الخمس في اليوم والليلة وعدد الركعات فيها وصوم رمضان وحج البيت الحرام" .
"ونوع ظني هو موضع النظر والاجتهاد واختلاف الفقهاء أو المتكلمين من كل ما لم يرد فيه من الشرع دليل يفيد اليقين وليس للعقل فيه حكم واجب حتم، وذلك كاختلاف الصحابة وغيرهم في مثل عدة الحامل المتوفى عنها زوجها والاختلاف في المسح بالرأس المجزئ في الوضوء، وفي قراءة المؤتم وفي نوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد ثلاثا أو واحدة.. ونحو ذلك". ومما يتصل بالنوع الثاني من الأحكام اختلافهم في المسألة الأصولية المعروفة: هل كل مجتهد مصيب؟ فمن العلماء من يجيب عن هذا السؤال بنعم على معنى أن حكم الله في المسألة المجتهد فيها هو ما يصل اليه المجتهد بعد استفراغ الوسع في طلب معرفته.
الاجتهاد 
كان الشيخ عبدالمجيد سليم ينبه على أهمية تحري الإصابة هدفا للاجتهاد وعدم الاكتفاء بالاجتهاد؛ حيث يقول: "إن كل فريق من هذين الفريقين يرى المجتهد مأجورًا فضلًا على أن يكون معفوًّا عنه، فإذا علم أتباع المذاهب الفقهية أو الكلامية ذلك لم يكن لهم بد من احترام بعضهم بعضًا والترفع عن الاحتفاظ بالضغائن والأحقاد التي تكون عادةً بين المختلفين الذين لا يعذر بعضهم بعضًا، ولا يقدر بعضهم بعضًا ولا يقدر بعضهم إخلاص بعض ورغبته في الوصول إلى الحق وهذه السماحة هي الخلق الذي كان يتصف به الأئمة أنفسهم، فلم يعرف أحد منهم أنه طعن صاحبه أو إثمه أو نقصه حقه أو حاول أن يقطع ما بينه وبينه من صلة الأخوة في الدين والعلم". 
المذاهب 
كان الشيخ عبدالمجيد يشدد دائمًا على ضرورة التفريق الدقيق بين ما يمكن وصفه بأنه خطأ وصواب وبين ما لا يمكن وصفه بذلك ويقول: "قد علمنا من استقراء أحكام المذاهب الفقهية وآراء الفرق الكلامية أن في كل منها خطأ وصوابا، ولم نعلم مذهبًا من المذاهب الإسلامية المعتبرة خطأ كله أو صوابًا كله، وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي أن تطغى العصبية المذهبية على المسلمين، بل الواجب أن يأخذوا بما ظهر بالبرهان صوابه، وأن يكون قصاراهم الرغبة الصادقة في الوصول إلى الحق، دون أن يثيروا وزنًا لما سوى الحق؛ وبذلك يصبحون فعلًا أمةً واحدةً، ويصبح الخلاف الفقهي والكلامي والنظري في محيطهم وسيلةً من وسائل القوة العلمية والسماحة الفكرية، ويتفرغون لما هو أولى بهم من التعاون على نصرة الدين وإصلاح حال المسلمين وتبليغ كلمة الله واضحةً قويةً إلى الناس أجمعين".
الشيخ والمذهب الحنفي 
على الرغم من حرصه على التقريب بين المذاهب إلا أنه التزم بمذهبه الحنفي في فتاواه، ويقول عن ذلك في مجلة "الرسالة" العدد ٤٤٩: "إن الفتاوى التي أصدرها على نوعين: نوع يتصل بالقضاء الشرعي والجهات الرسمية وهذا أفتي فيه بما هو الراجح من مذهب أبي حنيفة؛ لأن المستفتى يطلب ذلك في استفتائه ولأن هذا هو المذهب الرسمي في مصر ولو لم أتبع هذه الطريقة لاصطدم القضاء بالفتوى، أما النوع الثاني فهو الفتاوى التي أصدرها في استفتاءات غير رسمية أو واردة من البلاد الأخرى، وأنا فيها لا أتقيد برسم يرسم ولا بقول من الأقوال في المذهب الحنفي، وإنما أختار القول الذي أراه راجحًا، وأبين سبب رجحانه عندي، وأذكر إلى جانبه الأقوال الأخرى إذا طلب المستفتى ذلك أو كان الأمر يستدعي ذكرها".
الشيخ والتعصب 
كانت للشيخ رؤية واضحة وحازمة لمعنى التعصب والموقف الذي يجب أن يتخذه رجال الدعوة منه، ولم يكن من أنصار ذم التعصب على طول الخط ونسبه كل الخطايا إليه، بل إنه كان يجاهر بأنه يرى بعض التعصب محمودًا وهو التعصب للحق، بل إنه كان يجاهر بأنه يرى التعصب واجبًا: ويقول في ذلك: "أما إن كان المراد بالتعصب الغيرة على ما يراه المرء حقًّا وبذلًا لجهد في الدفاع عنه وعدم التسامح فيه فذلك محمود بل هو واجب بالشرع والعقل، فإنه لا بد للحق من مستمسك به مدافع عنه؛ ولهذا لا يصلح مجتمع يخلو من المستمسكين بالحق المدافعين عنه الذين لا يترخصون فيه ولا يتسامحون، فإن جميع الدعوات الصالحة الخيرة ما رسخت أصولها ولا سمقت فروعها إلا باستمساك أهلها بها وصدقهم في النضال عنها، ولولا هذا الإيمان الصادق القوي المتماسك لماتت- والعياذ بالله- دعوة الإسلام في مهدها ولفسد المجتمع الإسلامي من أول الأمر بما يسميه المتحللون مساهلة أو مياسرة، ونسميه نحن انحلالًا أو اضمحلالًا، وقد أمر الله المؤمنين أن يكونوا أقوياء في الحق {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} ومدح سبحانه "الذين يتمسكون بالكتاب". 
الفتاوى 
كان للشيخ عبد المجيد البشري العديد من الفتاوى التي تصدت للعديد من القضايا المجتمعية الشائكة منها عندما كان رئيسًا للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ومنها أثناء توليه المشيخة وقد تم جمعها ونشر بعضها في مجلدات مجلة الأزهر، بلغ عدد الفتاوى التي تصدى لها الشيخ "15792" فتوى مدونة بالسجلات الخاصة على مدار 17 عامًا، وكان يرسل بعض الفتاوى الخاصة لمن يطلبها من أصدقائه ومريديه بعيدًا عن عمله الرسمي، وقد أثارت العديد من الفتاوى الجدل داخل المجتمع، ومنها: 
فتوى تحريم فوائد البنوك
قال في حكم الفوائد على الأموال المودعة بالبنوك
"أخْذ فوائد على الأموال المودعة بالبنوك من قبيل أخذ الربا المحرم شرعًا، ولا يبيح أخذه قصد التصدق به؛ لإطلاق الآيات والأحاديث على تحريم الربا، ولا نعلم خلافًا بين علماء المسلمين في أن الربا محرمٌ شرعًا على أي وجه كان، هذا ولا يقبل الله- تعالى- هذه الصدقة؛ بل يأثم صاحبها كما تدل على ذلك أحاديث كثيرة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم".
نشرت في "فتاوى دار الإفتاء المصرية، فتوى (3252) بتاريخ (20 مايو 1943م)، نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف والمجامع الفقهية في ربا البنوك والمصارف".
وقال في حكم فوائد السندات
"الفوائد من الربا الذي حرمه الله- تعالى- في كتابه العزيز". 
نشرت في فتاوى دار الإفتاء المصرية، فتوى (617) بتاريخ 29 ربيع الأول 1362- 4 أبريل 1943م. نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف والمجامع الفقهية في ربا البنوك والمصارف".
وقال في حُكم العمل ككاتب بأحد البنوك الربوية
 "اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد أن الربا محرمٌ شرعًا بنص الكتاب والسنة وبإجماع المسلمين، ومباشرة الأعمال التي تتعلق بالربا من كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم، وكل ما كان كذلك فهو محرم شرعًا".
نشرت في فتاوى دار الإفتاء المصرية، (620) فتوى بتاريخ 28 رمضان 1363 - 16 سبتمبر 1944م. نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف والمجامع الفقهية في ربا البنوك والمصارف".
فتوى البهائيين والدروز
قال في حكم البهائيين
 "ومَن كان منهُم في الأصل مسلمًا أصبح باعتقاده لمزاعم هذه الطائفة (أي البهائية) مُرتدًّا عن دين الإسلام وخارجًا عنه، تجري عليه أحكام المُرتد المقررة في الدِّين الإسلامي القويم، وإذا كانت هذه الطائفة ليست من المسلمين فلا يجوز شرعًا دفن موتاهم في مقابر المسلمين سواء منهم مَن كان في الأصل مسلمًا ومَن لم يكن كذلك".
وجاء نص الفتوى كالتالى الفتوى (2522) بتاريخ 3/ 11 / 1939 :
السؤال :
كتبت وزارة العدل ما نصه: "أرسلت إلينا وزارة الداخلية مع كتابها رقم 59-539 المرسلة صورته مع هذا كراسة تشتمل على قانون الأحوال الشخصية لجماعة البهائيين، وصورة من كتابها رقم 32 إدارة السابق إرساله منها لهذه الوزارة بتاريخ 30 يونيو سنة 1931 طالبة فتوى فضيلتكم بشأن التماس هذه الجماعة تخصيص قطع من الأراضي لدفن موتاهم بها بمصر والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية فترسل الأوراق رجاء التفضل بموافاتنا بالفتوى اللازمة لهذا الموضوع لنبعث بها إلى وزارة الداخلية".
الجواب:
اطلعنا على كتاب سعادتكم رقم 647 المؤرخ 21 فبراير سنة 1939 وعلى الأوراق المرافقة له التي منها كتاب وزارة الداخلية رقم 59-539 المؤرخ 24 يناير سنة 1939 المتضمن طلب الإجابة عما إذا كان يجوز شرعا دفن موتى البهائيين في جبانات المسلمين أم لا. ونفيد أن هذه الطائفة ليست من المسلمين - كما يعلم هذا من عرف معتقداتهم، ويكفى في ذلك الاطلاع على ما سموه قانون الأحوال الشخصية على مقتضى الشريعة البهائية المرافق للأوراق. ومن كان منهم في الأصل مسلما أصبح باعتقاده لمزاعم هذه الطائفة مرتدا عن دين الإسلام وخارجا عنه، تجرى عليه أحكام المرتد المقررة في الدين الإسلامي القويم. وإذا كانت هذه الطائفة ليست من المسلمين لا يجوز شرعا دفن موتاهم في مقابر المسلمين سواء منهم من كان في الأصل مسلما ومن لم يكن كذلك.
ونحن ننشر جوابا على ذلك فتوى أصدرها في الشهر الماضي "جمادي الثانية 1359هـ" فضيلة العلامة المجتهد الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية قال: كتبت وزارة الأوقاف ما يأتي: يوجد بوسط مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما في الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما وقد طلب رئيس خدم هذا المسجد إلى محافظة مصر دفنه في أحد هذين القبرين لأن جده الذي جدَّد بناء المسجد مدفون بأحدهما فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعي في ذلك؟
الجواب: أنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يجوز أن يدفن في المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر. وقال في فتوى أخرى إنه لا يجوز دفن ميت في مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غُير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديداً ..إلخ أ.هـ.
 وذلك لأن الدفن في المسجد إخراج لجزء من المسجد عمَّا جُعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعاً ولأن اتخاذ قبر في المسجد على الوجه الوارد في السؤال يؤدي إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده وقد وردت أحاديث كثير دالة على حظر ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" ص158 ما نصه "إن النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تواترت بالنهي عن الصلاة عند القبور مطلقاً وعن اتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها"أ.هـ 
ومن الأحاديث ما رواه مسلم عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا". وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد": 
"نص الإمام أحمد وغيره على أنه إذا دفن الميت في المسجد نُبش وقال ابن القيم أيضاً : "لا يجتمع في دين الإسلام قبر ومسجد بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق"
 وقال الإمام النووي في شرح المهذب جـ5 ص316 ما نصه:"اتفقت نصوص الشافعية والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهوراً بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث" 
قال الشافعي والأصحاب "وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره" قال الحافظ أبو موسى قال الإمام الزعفراني رحمه الله "ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركاً به ولا إعظاماً له للأحاديث" أ.هـ 
وقد نص الحنفية على كراهة صلاة الجنازة في المسجد لقوله - صلى الله عليه وسلم - "من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له"
وعلل صاحب الهداية هذه الكراهة بعلتين إحداهما أن المسجد بني لأداء المكتوبات يعني وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم وإذا كانت صلاة الجنازة في المسجد مكروهة للعلة المذكورة كراهة تحريم - كما هو إحدى الروايتين وهي التي اختارها العلامة قاسم وغيره - كان الدفن في المسجد أولى بالحظر لأن الدفن في المسجد فيه إخراج الجزء المدفون فيه عمَّا جعل له المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها وهذا مما لا شك فيه عدم جوازه شرعا والله أعلم.
لجنة الفتوى بالأزهر
نشرت في فتاوى دار الإفتاء، بــاب: من أحكام المقابر والجبانات والجنائز ونقل الموتى برقم (609). نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول البهائية والقاديانية، ط دار اليُسر - القاهرة".
قال في حكم الدروز 
سُئل عن رجل درزي أجرى عقد نكاحه على امرأة سنية من أشراف النساء، فهل صحَّ هذا العقد، وهل يَحِلّ لذلك الرجل الدرزي أن يدخل بتلك المرأة السنية؟
فأجاب قائلاً: "نفيد بأنَّه قد قال ابن عابدين في باب: "المرتد" من الجزء الثالث من "رد المحتار" بعد كلام ما نصه: "تنبيه: يعلم مما هنا حكم الدُّروز والنيامنة فإنَّهم في البلاد الشامية يظهرون الإسلام والصوم والصلاة مع أنهم يعتقدون تناسخ الأرواح، وحِل الخمر والزِّنا، وأنَّ الألوهية تظهر في شخص بعد شخص، ويجحدون الحشر والصوم والصلاة والحج، ويقولون: المسمى بها غير المعنى المراد، ويتكلمون في جناب نبينا- صلى الله عليه وسلم- كلمات فظيعة، وللعلامة المحقق عبد الرحمن العمادي فيهم فتوى مطولة، وذكر فيها أنهم ينتحلون عقائد النصيرية والإسماعيلية الذين يُلقبون بالقرامطة والباطنية الذين ذكرهم صاحب المواقف، ونَقل عن علماء المذاهب الأربعة أنَّه لا يَحل إقرارهم في ديار الإسلام بجزية ولا غيرها، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم".
وقال ابن عابدين- أيضًا- في "رد المحتار" في فصل المحرمات عند قول المصنف: "وحرم نكاح الوثنية بالإجماع" ما نصه: "قلتُ: وشمل ذلك الدُّروز والنصيرية والنيامنة فلا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبيحتهم؛ لأنهم ليس لهم كتاب سماوي ومن هذا يُعلم أنَّه إذا كان الرجل المذكور من طائفة "الدروز"- وكانت هذه الطائفة حالها كما ذكرناه عن ابن عابدين- كان كافرًا فلا يجوز له نكاح المسلمة، وإذا تزوجها كان الزواج باطلاً لا يترتب عليه ولا على الدخول فيه أثر من آثار النكاح الصحيح، فالوطء فيه زنا لا يثبت به النَّسب ولا تجب العِدة. 
نشر في فتاوى دار الإفتاء، باب: من أحكام الزواج وما يتعلق به برقم (82)، بتاريخ (8 رمضان 1353- 15 ديسمبر 1934م). نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول الشيعة، ط دار اليُسر - القاهرة".
فتوى المولد النبوي والموالد الشعبية 
قال في حكم إقامة المولد النبوي والموالد الشعبية 
"عمل الموالد بالصفة التي يعملها العامة الآن لم يفعله أحد من السلف الصالح ولو كان ذلك من القُرَب لفعلوه"
نشرت في فتاوى دار الإفتاء، فتوى (589)، بتاريخ (أول ربيع الثاني 1361 - 27 أبريل 1942م). نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول الأضرحة والقبور والنذور".
فتوى النذور لغير الله
قال في فتوى النذور لغير الله 
 "نذر العوام لأرباب الأضرحة أو التصدق لهم تقربًا إليهم وهو ما يقصده هؤلاء الجهلة مما ينذرونه حرامٌ بإجماع المسلمين، والمال المنذور أو المتصدَّق به يجب ردّه لصاحبه إن علم، فإن لم يعلم فهو من قبيل المال الضائع الذي لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء، ولا يتعين فقير لصرفه إليه، فليس لفقير معين، ولو كان خادمًا للضريح أو قريبًا لصاحبه حق فيه قبل القبض، ومن قبض منهما شيئًا وكان فقيرًا فإنما تملكه بالقبض، ولا يجوز لغني أن يتناول منه شيئًا، فإن تناول منه شيئًا لا يملكه وجب رده على مصارفه". 
نشرت في فتاوى دار الإفتاء المصرية، فتوى (387) بتاريخ 10 محرم 1364 - 25 ديسمبر 1944م. نقلاً عن كتاب فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول الأضرحة والقبور والنذور".
فتوى الآلات الموسيقية
قال في حكم النقر على الدفوف وضرب الطبول والمزمار
وسُئل: هل من الجائز شرعًا النقر على الدفوف وضرب الطبول والمزمار أثناء الصلوات في الجوامع؟
فأجاب قائلاً: "اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأنه لا يجوز شرعًا عند فقهاء الحنفية الضرب على الدف وسائر آلات اللهو، إلا ما استثنوه من الدف بلا جلاجل في ليلة العرس وطبل الغزاة والحجاج والقافلة على ما جاء بكتاب الطريقة المحمدية"، وقال الزيلعي عند قول المصنف: "ومن دعي إلى وليمة وثمة لعب وغناء يقعد ويأكل" ما نصه: "ودلت المسألة على أن الملاهي كلها حرام حتى التغني بضرب القضيب ومن هنا يعلم أن النقر على الدف وضرب الطبول والمزمار مما لا يجوز شرعًا عند فقهاء الحنفية، بل ذلك كله حرام عندهم، وهو أشد حرمة إذا كان في الحالة المذكورة بالسؤال. نشرت في فتاوى دار الإفتاء المصرية، فتوى بتاريخ ربيع الأول 1348- 12 أغسطس 1929م".
تحريم إقامة الأضرحة وتشييد القبور
 قال في فتوى له بحرمة إقامة الأضرحة وتشييد القبور
"تلقت لجنة الفتوى بالأزهر السؤال التالي: دُفن المرحوم العارف بالله الشيخ منصور هيكل بطابق علوي ودُفن قبلاً والده المرحوم العلامة الشرقاوي بالطابق الأرضي من المقبرة ويُراد نقل الأول إلى مقام شُيد له وبالأرض رطوبة ضاربة بالجدران ظاهرة للعيان حتى أن الجدران لا تمسك مواد البناء فيها (الأسمنت) فهل من أئمة المسلمين من يُجيز نقل الميت بعد دفنه؟
رأي لجنة الفتوى
اطلعت اللجنة على هذا وتُفيد بأنه إذا كان الحال كما ذُكر به جاز نقل هذا الميت إلى مكان آخر ولكن لا يجوز شرعاً نقله إلى ضريح أو قبة كما يصنعه بعض الناس لمن يعتقدون فيه الولاية والصلاح فإن هذا نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روى مسلم وغيره عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ
قَالَ لِي علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ" وعَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ" رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه ولفظه (أي الترمذي): نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه" قال الشوكاني في شرحه للحديث الأول: ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أولياً القبب والمشاهد المعمورة على القبور ... إلى أن قال "وكم سرى على تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام منها: اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا وبالجملة فإنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون إلى آخر ما قال في صفحة 325 من الجزء الثالث.
وجملة القول: إن اللجنة ترى تحريم نقل هذا الميت إلى ضريح أو قبر زي قبة للأحاديث التي ذكرها الشوكاني وغيره وهي مفاسد تمس العقيدة وتخل بالإيمان الصحيح.
فتوى جواز نقل الدم 
 قال بجواز نقل الدم 
"يجوز نقل الدم للمسلم المريض المحتاج اليه من شخص غير مسلم وفي الانتفاع بجزء من عين شخص ميت لرد بصر شخص حي "مسائل قياسية من كتب التراث منتهيًا إلى ما إذا تحقق توقف حياة المريض أو الجريح على نقل الدم جاز ذلك أما إذا توقف تعجيل الشفاء فحسب فيجوز على أحد الوجهين عند الحنفية ويجوز على مذهب الشافعية، وذلك إذا لم يترتب على النقل ضرر فاحش ممن نقل عنه حرصًا على صحته وجواز معالجة غير المسلم من الاطباء حتى مع وجود الطبيب المسلم تيسيرًا وتسهيلًا ما دام أهلًا للثقة".
قالوا عنه 
 الشيخ محمود شلتوت: 
"إنه الرجل المؤمن القوى الضليع في مختلف علوم الإسلام المحيط بمذاهب الفقه أصولًا وفروعًا الذي كان يمثل الطود الشامخ في ثباته نجح الشيخ عبد المجيد سليم في أداء وظيفة الإفتاء نجاحًا منقطع النظير، وقد ساعده على هذا طول فترته وطبيعة زمنه وتفانيه في عمله، وقد بلغ إخلاصه لعمله وتفانيه فيه أنه كان يقضي أيامًا كثيرةً في مراجعة فتوى واحدة، وكان يقرأ كتب السابقين في كل مذهب كما كان يطيل المراجعة المستأنية في الآراء المتشابهة، محاولًا التوفيق بين ما يتعارض من النصوص ويشتبه من الأحكام، وكانت له مع نفسه جلسات صامته للتفكير المتئد كذلك كان يدرس آراء سابقيه من رجال الإفتاء، وأن يعارض وأن يحبذ وفق ما يرتئيه" .
 الدكتور رجب البيومي: 
"كان منصب الإفتاء في مدة توليه له طيلة سبعة عشر عامًا مجالًا للإبداع الفقهي؛ إذ أنه لم يتمسك في فتاواه بالمذهب الحنفي وكان هو نفسه قد أصبح حجته الأول في مصر بعد رحيل سلفه في منصب الإفتاء الشيخ محمد بخيت المطيعي، لكنه رأى ألا يقتصر على المذهب الحنفي ودراسته دراسة شاملة في كتب الفروع والأصول معا، وإنما آثر أن يعود إلى نهج الإمام محمدعبده في غير الفتاوى الرسمية التي تتطلبها الدولة".
المستشار محمد محمود رئيس محكمة الاستئناف الأسبق: 
"لقد كان المرحوم الشيخ عبدالمجيد سليم في هذه اللجنة النجم اللامع والحركة الدائبة الدائمة، كانت الموضوعات والمسائل تعرض على اللجنة بعد سبق بحثها وفحصها، وعند ذلك يأخذ الراحل الكريم الكلمة فيتولى شرح الموضوعات والمسائل الواحدة بعد الأخرى، مستفيضًا مستعرضًا شتى الآراء ومختلف الصور في كل مذهب من المذاهب، مقررًا حكم الشرع، ذاكرًا رأي الأئمة والمجتهدين والفقهاء المؤلفين، مسايرًا من جولته العلمية ومحاضرته الفقهية، وكان بارعًا في القياس الأصولي وقرن النظير بالنظير" .
مؤلفاته 
لم يكن الشيخ عبدالمجيد سليم من أنصار التأليف، وقد ألح الكثيرون عليه أن يأذن بطبع رسالته الفقهية التي تقدم بها لعضوية هيئة كبار العلماء فلم يسترح إلى هذا الاقتراح، ويذكر أنه لم يضع مذكرات لطلابه كما فعل زملاؤه بل آثر أن يدرس لهم الأصول العريقة من كتب التراث الفقهي، ولكن قام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمع ما صدر عنه من الفتوى مع زملائه السابقين واللاحقين في عدة مجلدات. 
وفاته
توفي الشيخ عبد المجيد سليم صباح يوم الخميس 10 صفر عام 1374هـ 7 أكتوبر عام 1954م.

شارك