الارهاب في سيناء بين قتل الأطفال ومحاولات السيطرة عليه

الثلاثاء 25/أكتوبر/2016 - 05:45 م
طباعة الارهاب في سيناء
 
لا يكاد يمر يوم الا وعنوان الحرب على الإرهاب يتصدر قائمة الأخبار أكثر انتشارا سواء كان في مصر أو غيرها من دول المنطقة، فمن داعش سوريا وليبيا والعراق واليمن إلى سيناء الجميع يؤرقه وجود تلك العناصر الإرهابية التي استبدلت الموت بالحياة.
ولقد تصاعدت في الأيام الأخيرة، وتيرة لجوء العناصر الإرهابية في سيناء إلى استهداف المدنيين، والتوحش في عمليات القتل والذبح والخطف والتنكيل، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان ذلك يمثل استراتيجية جديدة للتنظيمات الإرهابية، لتخفيف الضغط الكثيف عنها، نتيجة لتلاحق ضربات قوات الجيش المصري عليها مؤخرا، وإحرازها نجاحات ملحوظة.

الارهاب في سيناء
ويأتي مقتل العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعة بالجيش المصري، المعروفة باسم “حماة الأهرام”، أمام منزله بالقاهرة، نهاية الأسبوع الماضي، كمثال على تصعيد التنظيمات الجهادية.
وتمددت دائرة الاستهداف الإرهابية، من جانب التنظيمات التكفيرية (من بينها بولاية سيناء)، لتشمل رموز الصوفية في سيناء، بدعوى أنهم “كفار”، ومتبعون للبِدَع، بينما كان الأمر في السابق يقتصر على قوات الجيش والشرطة، والأهالي الذين يشك الإرهابيون في تعاملهم مع الأمن.
ولعل الحادث الأبرز في هذا السياق، اختطاف التكفيريين، في 15 أكتوبر الجاري، سليمان أبوحرّاز (يقترب عمره من مئة عام)، تحت تهديد السلاح، وهو أبرز رموز الصوفية في سيناء.
وقد أكّد مريدو الشيخ ومحبوه، أن الخاطفين ينتمون إلى تنظيم ولاية سيناء، مشيرين إلى أن الخاطفين ما كانوا أطلقوا سراحه لو لم يكن الشيخ تمتع بحظوة لدى أهالي سيناء، الذين مارسوا ضغوطا على عناصر التنظيم المتشدّد، لإطلاق سراحه.
وروى أحد أبناء سيناء، كيف هاجم متطرفون سلفيون، حلقة ذكر لأفراد من المتصوفة، بأحد مساجد مدينة الشيخ زويد، وهددوهم بالقتل، حال تكرارهم لعقد حلقاتهم وأورادهم الصوفية، ورموهم بالكفر وفساد العقيدة.
وأضاف المواطن السيناوي، الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للخطف والتصفية “اضطررنا للرضوخ لهم، فماذا عسانا أن نفعل أمام تهديد السلاح؟”.
لجوء الإرهابيين إلى توسيع الرقعة الجغرافية والاجتماعية لعملياتهم يعتبر محاولة لتخفيف الضغط على منطقة ارتكازهم الأساسي وتشتيت انتباه القوات وتخويف المدنيين
وقالت مصادر أمنية إن التكفيريين اختطفوا منذ منتصف سبتمبر وحتى 20 أكتوبر الجاري، 13 من أبناء القبائل، من قاطني العريش والشيخ زويد، معظمهم ممن يتهمهم المتشددون بالتعاون مع أجهزة الأمن وقوات الجيش، إلى جانب اثنين من المتصوفة.
وتم خلال الأسبوع الماضي ذبح أربعة من المخطوفين، بينهم رجل وزوجته، وألقى الخاطفون جثثهم في الطريق العام، ولاذوا بالفرار إلى الظهير الصحراوي.
وكان تنظيم ولاية سيناء، قد قتل قبل هذه الواقعة بأيام، 5 من شباب مدينة الشيخ زويد، وأحرق سيارتهم، متهما إياهم بالانضمام إلى ما يسمى “الكتيبة 103”، وهو مصطلح يطلق على العناصر المدنية التي تساند قوات الجيش والشرطة، في اقتفاء آثار الإرهابيين، وعمليات المداهمة لأوكارهم، كما أعدم الإرهابيون مواطناً آخر، والقوا بجثته مقيد اليدين، في بزة حمراء، تشبه ما يرتديه المحكوم عليهم بالإعدام، وذلك بعد نحو أسبوع من اختطافه من قبل مسلحين.
وبات الحذر الشديد يخيم على سكان شمال سيناء، بعد توسيع الإرهابيين رقعة استهدافاتهم اجتماعيا وجغرافيا.
وقال سالم، أحد أبناء شمال سيناء، “لم يسلم من جهل التنظيمات الإرهابية البشر ولا الحجر، فقد فجروا مقام الشيخ زويد، الذي قدم للمدينة من الحجاز منذ عقود وسميت باسمه، وكان هذا المقام مزارا لأهالي المدينة، بل إنهم يدمرون المقابر التي ترتفع عن الأرض، ويطالبون المواطنين بأن يكون الدفن في اللحود فقط”.
وقال الشيخ كامل مطر، رئيس المجلس القومي لشؤون القبائل إن هناك صعوبات الآن في المواجهة، تتمثل في أن الإرهابيين يختبئون في المناطق المهجورة، وليس في محيط القبائل، ومن ثم لا يمكن رصد الغرباء، بخلاف أن قاطني مدينة العريش ليسوا من البدو، بل من الحضر، وفي المدينة يكون صعبا رصد الوجه الغريب، لوجود سكان من الدلتا والصعيد، وأكد أن القبائل تتكاتف عبر تقديم خدمات تنموية وقوافل طبية وتثقيفية، يشارك فيها رجال دين، لمواجهة الفكر المتطرف.
وصنف مراقبون لجوء الإرهابيين إلى توسيع الرقعة الجغرافية والاجتماعية لعملياتهم باعتباره محاولة لتخفيف الضغط على منطقة ارتكازهم الأساسي وتشتيت انتباه القوات وتخويف المدنيين.

الارهاب في سيناء
ويرى اللواء صالح المصري، مدير أمن شمال سيناء الأسبق، أن توسعة الإرهابيين لمحيط استهدافهم الجغرافي والمجتمعي أمر خطير، يستوجب التعامل مع كافة الأحداث والمعلومات والتحذيرات بانتباه وجدية كبيرين، حتى وإن كانت مجرد تهديدات.
وأكد المصري أن قوات الجيش والشرطة حققت نجاحات في حربها ضد الإرهاب في سيناء، عبر استراتيجيات تضييق الخناق، والضربات الاستباقية المستندة لمعلومات دقيقة، لكن تظل المشكلة، هي تواصل تلك التنظيمات مع داعش بالخارج، ومع المصادر التي تمدها بالسلاح والأفراد.
وأشار خبراء عسكريون إلى أنه من الضروري، على قوات الجيش والأمن المصرية الآن، التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، للسيطرة على المساحة الشاسعة من الصحراء غير المأهولة، وكذلك الدروب التي يستخدمها الإرهابيون في دخول سيناء وتهريب السلاح.
وتلعب القوات الجوية دورا مهما في صد هجوم الإرهابيين على الشيخ زويد في الأول من يوليو 2015، فيما تقوم الآن بقصف البؤر الإرهابية شديدة الخطورة في سيناء.
وقال الفريق طيار يونس المصري، قائد القوات الجوية المصرية، في تصريحات إعلامية مؤخرا، إن سلاح الجو قادر على حماية وتأمين حدود مصر، حيث يقوم حاليا بتأمين 5 آلاف كيلو متر من الحدود، ويجرى استخدام الطائرات دون طيار لتأمين حدود الدولة، ضد أي محاولة للتسلل أو تهريب السلاح والمخدرات.
لكن، تبقى الأنفاق التحدي الرئيسي، حيث يرى خبراء أنها الطريق الرئيسية لتزويد التنظيم المتشدّد بالمنتسبين الجدد، ما يعني أن الحرب مازالت طويلة.
الارهاب في سيناء
ومن بين عمليات الارهابيين قُتلت طفلة في شمال سيناء وجُرح رجل وشاب من جراء إطلاق نار في مناطق سكنهم لم يتسن تحديد مصدره، فيما شدد وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي على «ضرورة تضامن الشعب من الجيش لضمان اقتلاع جذور الإرهاب والتطرف».
ويشن الجيش عمليات عسكرية في شمال سيناء ووسطها منذ هجوم استهدف مكمن زغدان وأسفر عن مقتل 12 عسكرياً. وأعلن الناطق العسكري قتل «عشرات المسلحين» في تلك المعارك. وقتل مسلحون مجهولون قبل أيام قائد الفرقة التاسعة المدرعة في منطقة دهشور العميد عادل رجائي أمام منزله في ضاحية العبور المتاخمة للقاهرة.
وقالت مصادر طبية وشهود إن طفلة من مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء قتلت برصاصة مجهولة المصدر أمام منزلها. وجُرح رجل (65 سنة) في منطقة المزارع جنوب العريش بطلق ناري في قدمه. وجُرح شاب (20 سنة) بطلق ناري مجهول المصدر في جنوب مدينة الشيخ زويد.
وأفادت مصادر أمنية بأن «حملة دهم مدعومة بغطاء جوي استهدفت أول من أمس عدداً من المناطق جنوب العريش ورفح والشيخ زويد وأسفرت عن مقتل 6 مسلحين وإلقاء القبض على 96 مشتبهاً بهم احتجزوا في أحد المقرات الأمنية للتحقيق. وأبطلت قوات الأمن مفعول 8 عبوات ناسفة كانت مزروعة على طرق تسلكها».
وانقطع التيار الكهربائي عند مدينتي رفح والشيخ زويد في شكل كامل منذ فجر أمس. وأكد مسؤول في شركة كهرباء شمال سيناء أن عملية إصلاح خط الكهرباء متواصلة في محاولة لإعادة التيار إلى المدينتين خلال ساعات. وكثيراً ما يصاب خط الكهرباء المؤدي لرفح والشيخ زويد بالعطل نتيجة إطلاق النيران في المدينتين أو استهدافه من العناصر المسلحة.
فيما قال مصدر أمنى مصري إن قوات أمن شمال سيناء وعناصر إنفاذ القانون نجحت في تصفية 33 إرهابياً، خلال مداهمات مكثفة ضد معاقل وبؤر الإرهاب بشمال سيناء، في مناطق جنوب رفح، والشيخ زويد وخلال العمليات، حيث تم استهداف تجمع رئيسي للعناصر الإرهابية فجر أمس الاثنين. وأوضح المصدر أن قوات إنفاذ القانون نجحت في قصف أوكار الجماعات الإرهابية من خلال ضربات جويه، بالإضافة إلى إبطال مفعول 9 عبوات ناسفة زرعها المسلحون على طريق القوات، وتم إطلاق النار عليها من بعد وتفجيرها دون خسائر، وكذلك تم ضبط مخزن أسلحة، وهدم وتدمير عدد من البؤر الإرهابية.
وأشار المصدر إلى أن القوات تنفذ عمليات أمنية نوعية وتضيق الحصار على المجموعات المسلحة في منطقة جنوب رفح، وفرضت طوقاً أمنياً محكماً، ويجري تمشيط ما بداخله من منازل ومزارع، اتخذ مطلوبون أمنياً من بعضها أوكاراً لهم للاختباء بها. وأوضح المصدر أنه بالتزامن مع العملية الأمنية الموسعة جنوب رفح، تجرى عمليات موازية جنوب الشيخ زويد ومحيطها بالكامل، بالإضافة إلى عدد من المناطق جنوب العريش، ومناطق غرب العريش، من أجل ملاحقة المسلحين. وفي السياق ذاته شددت القوات إجراءات التفتيش والمراقبة على الطرق، وأغلقت كلياً محيط مناطق العمليات، والأماكن التي توجد بها ارتكازات أمنية وبنايات لمصالح حكومية مهمة داخل مدينة العريش، ومدن بئر العبد والحسنة ونخل، وأغلقت طريق جنوب بئر العبد والطريق الحدودي الشرقي.
وقال أهالي إن مناطق جنوب رفح تشهد عمليات أمنية مكثفة لم يسبق لهم أن عاشوا أجواءها، وقد شوهدت جثث لمسلحين في محيط مدينة الشيخ زويد وجنوب رفح، بعد استهداف طائرات لسيارات ومنازل كانوا يختبئون بها، وشهدت مناطق العمليات بحسب روايات أهالي موجة من الفرار للسكان بها، ووفرت القوات الأمنية ممرات آمنة لهم لمغادرتها إلى أماكن آمنة، كما فرّ أهالي من محيط جنوب الطريق الدائري العريش الشيخ زويد إلى جانب الطريق من الناحية الشمالية بعد أن شهدت مناطق إقامتهم توتراً أمنياً في غضون الأيام القليلة الماضية.
فيما أعلنت مصادر أمنية رفيعة المستوى، أن ٦ عناصر تكفيرية لقوا مصرعهم، وتم ضبط ٦٩ مشتبهاً بهم، وتدمير ٢٠ بؤرة إرهابية، بجانب تدمير سيارة دفع رباعى، وذلك في حملة أمنية موسعة بمحافظة شمال سيناء.
وقالت المصادر إن قوات إنفاذ القانون من الجيش والشرطة، قامت بحملة موسعة بمناطق جنوب العريش والشيخ زويد ورفح، لملاحقة فلول العناصر التكفيرية والقضاء على البؤر الإجرامية والخارجين عن القانون.
في السياق نفسه، تمكنت القوات من اكتشاف ٨ عبوات ناسفة تم زرعها في طريق القوات، دون أي خسائر.
الارهاب في سيناء
وتمكنت مديرية أمن شمال سيناء من ضبط ٣٥ هاربًا ومطلوبًا، بحملات موسعة نفذتها المديرية بمختلف مناطق المحافظة، لاستهداف العناصر الإجرامية من الهاربين من السجون ومرتكبي جرائم البلطجة وترويع المواطنين وجميع الأنشطة الإجرامية الأخرى.
وقالت مصادر أمنية، إن الحملة تمكنت من ضبط ٢٩ هاربًا ومطلوبًا لتنفيذ أحكام بالحبس في قضايا جنائية وجنح متنوعة، من بينهم عدد ٩ محكوم عليهم في جنح الحبس الجزئي، و٩ محكوم عليهم في جنح الحبس المستأنف، و٧ محكوم عليهم في جنح الغرامات الجزئية، و٤ محكوم عليهم في المخالفات، بجانب ضبط ٦ أشخاص محكوم عليهم بـ١١ حكمًا متنوعًا.
يأتي ذلك، في الوقت الذى أعادت مصر، أمس، إغلاق معبر رفح البرى مع قطاع غزة، بعد أن فتحته استثنائيا لمدة ٧ أيام في كلا الاتجاهين لعبور العالقين والحالات الإنسانية، وإدخال المساعدات الإنسانية المقدمة من مصر وعدد من الدول العربية إلى القطاع، دون تحديد موعد لفتحه مجددًا.
يذكر أن مصر فتحت معبر رفح لمدة ٧ أيام متقطعة، حيث فتحت المعبر يومي السبت والأحد من الأسبوع الماضي، وأوقفت العمل يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وأعادت فتحه منذ الأربعاء الماضي وحتى مساء أمس الأول.

شارك