الاخوان بين دعوات التظاهر والانضمام لداعش

الأربعاء 26/أكتوبر/2016 - 05:31 م
طباعة الاخوان بين دعوات
 
لا يخفي على أحد في الشارع المصري ان جماعة الاخوان وفصائلها المختلفة والمتعاونين معها وراء دعوات النزول في مظاهرات يوم 11 نوفمبر القادم، وهناك جدل واسع حول تلك المظاهرات خاصة مع اقترابه فقد توقع خبراء سياسيون فشل تظاهرات ١١/‏١١، التي دعت إليها جماعة الإخوان الإرهابية، وعدد من الكيانات المجهولة تحت شعار «ثورة الغلابة».
 وقال سامح عيد، الباحث في الحركات الإسلامية، إنه «من المعتاد أن أي دعوة يعلن الإخوان عن النزول والمشاركة فيها، يكون محكوماً عليها بالفشل مقدمًا»، مشيرًا إلى أن «هذه الدعوة سيتم إحباطها، لكونها أصبحت محسوبة عليهم»، مضيفاً أن الجماهير سوف تتخوف من النزول حتى لا تتهم بالانصياع، والسير في صف الجماعة الإرهابية. 
وقال أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إن «إعلان قيادي إخواني أو غيره نزول الجماعة للمشاركة يضيف سببًا لعزوف الناس عن هذه الدعوة»، مشيرا إلى أن «الشعب أصبح يخاف من الثورات، التي أصبحت مكاسبها أقل بكثير من خسائرها»، موضحا أن دعوة 11 نوفمبر أطلقها شاب مصري على صفحته بموقع «فيس بوك»، شأن أي دعوى، إلا أن جماعة الإخوان تلقفتها بهدف التلاعب بأعصاب النظام، متوقعا ألا يصل الأمر إلى حدوث ثورة.
وقال خليل الجبالي، المحسوب على الجماعة في مقال له حمل عنوان "هل سينزل الإخوان 11-11؟ :"من قال إن الإخوان تخلت عن الشارع يومًا؟ لقد تخلى الجميع عن المسيرات إلا الإخوان، ولم يبقى في الشارع إلا الإخوان" . وأضاف: "من أراد النزول في 11-11 أو غيره سيجد الإخوان في استقبالهم لينضم إليهم". وتابع: "يوم 11-11 هو يوم ثوري مثل أي يوم .. فمن لحق بالإخوان فيه .. فبها ونعمت، ومن لم يلحق اليوم سيلحق بهم غدًاً". واعتبر باحثون في شؤون الحركات الإسلامية، إعلان الناشط الإخواني، أن تواجد الجماعة في الشارع يوم 11 نوفمبر سيكون سببًا في إحباط التظاهرات، لكونها أعطت دافعًا قويًا لدى الشعب بعدم النزول تخوفًا من وضعهم مع الإخوان في خانة واحدة. 

الاخوان بين دعوات
فيما أبدى الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، تعجبه من تصديق الغرب ما أعلنته جماعة الإخوان بأن 11 نوفمبر المقبل يوم الفصل في مصر، قائلا: "هذه ليست المحاولة الأولى، ولكن كل مرة الإخوان لا يستطيعون الخروج من الأزقة للشوارع الجانبية، لأن الشعب يحجر عليها داخل الأزقة".
وأوضح أحمد، خلال حواره مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج "صالة التحرير" المذاع على فضائية "صدى البلد"، مساء أمس، أن جماعة الإخوان تحسب حسابات خاطئة، الآن، متصورة أن الأزمة الاقتصادية ستدفع المواطنين للخروج عن الرئيس، لكن الأزمة الاقتصادية جعلتهم فقط قلقين على مصير الدولة، ودفعتهم للتمسك أكثر برفض جماعة الإخوان، لكن الأخيرة تقرأ الأشياء طبقا لأمانيها.
وأكد نقيب الصحفيين الأسبق أن يوم 11/11 سيكون شأنه شأن الوعود السابقة، لأن الإخوان لا يخرجون إلا بمقدمة يتصدرون خلالها المشهد، مضيفا: "براهن بعمري على خروج الإخوان المسلمين هذا اليوم، لأني أعرفهم جيدا".

الاخوان بين دعوات
ومؤخرا تداول عدد من نشطاء مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، مقطعًا صوتيًا للشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، يجيب خلاله على سؤال من أحد الحضور في أحد دروسه حول موقف الدعوة السلفية من دعوة تظاهرات 11 /11.
وقال "برهامي" في التسجيل الصوتي المنسوب له، "إنه يقدّر آلام الناس، والمصاعب التي يتعرضون لها والضغوط التي تتزايد يوما بعد يوم، لكنه يرفض في نفس الوقت علاج الأمر والأزمة والوضع الحالي بالفوضى وربما لا يقوم بعدها أحد".
وتابع: "هناك قوى عالمية تعمل على التأثير في الشعوب والدول، ولا نعلم إذا كان خيرا أو شرا، ونسأل الله أن يزيل الغمة".
تأتي هذه الدعوة لنزول الشارع من قبل الجماعة ومؤيديها في ظل انتشار الفكر التكفيري بشكل كبير وسط شباب جماعة الإخوان الإرهابية الذين لا يزالون في السجون، ما جعلهم هدفا سهلا للتكفيريين الموجودين معهم في السجون لضمهم إلى فكرهم، وتحويلهم إلى «دواعش» ينفجرون فور خروجهم من السجن، ليمثلوا قنابل موقوتة تهدد الأمن القومي المصري.
حيث تم رصد هذه الموجة العاتية من التكفير التي دبت في السجون، وانتشرت وسط سجناء جماعة الإخوان وسجناء باقي الجماعات الإسلامية، وكان أهم وأبرز الدلائل على انتشار تلك الموجة هو تكفير شباب الإخوان للمحامين الذين يدافعون عنهم، موجهين إليهم رسائل في جلسات المحاكمة بالتوقف عن الدفاع عنهم، بحجة أنهم لا يرغبون في أن تتم محاكمتهم وفقا للقوانين البشرية التي وصفها بـ«الطاغوتية المخالفة لشرع الله».

الاخوان بين دعوات
وكان أبرز المحامين الذين تم تكفيرهم مؤخرا المحامي خالد المصري، أشهر المحامين المتخصصين في الدفاع بالمجان عن قيادات التيار الإسلامي أو خلايا العنف والعمل المسلح كـ«أجناد مصر» وخلايا جماعة «أنصار بيت المقدس» الإرهابية، واعترف المصري بشكل رسمي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بانتشار الفكر التكفيري في سجون الإخوان وتكفيره أكثر من مرة من شباب الجماعة المكلف من أسرهم بالدفاع عنهم.
كما شهدت عدة سجون منتشر فيها شباب الإخوان وعلى رأسهم سجنا وادى النطرون والعقرب رفضا من شباب الإخوان حضور الزيارة المخصصة لأهلهم وذويهم، للاطمئنان عليهم، بحجة أن تلك الزيارة جاءت بموافقة من وزارة الداخلية التي يعتبرونها «كافرة» والتي لا يجوز أن يتم الاستسلام لقراراتها وموافقاتها حتى لو كانت في صالح السجين نفسه، موجهين رسالة إلى أسرهم وذويهم بعدم طلب زيارتهم مرة أخرى، لأنهم لن يخرجوا للزيارة تحت أي بند من البنود.

الاخوان بين دعوات
أما الظاهرة الثالثة التي أكدت وبشكل كبير انتشار الفكر التكفيري في السجون المصرية، فهو المقال المسرب من أحد السجون الذي كتبه القيادي الإخوانى الشاب جعفر الزعفراني، نجل القيادي التاريخي بالجماعة إبراهيم الزعفراني، وأكد فيه تحول شباب التيار الإسلامي بمختلف انتماءاته إلى دواعش من تأثير السجن، وحدوث مشاجرات كبرى بصورة شبه يومية بين الشباب الإسلامي الرافض لفكر التكفير، والشباب الإسلامي الذي تأثر بأفكار داعش، وصلت إلى حد التشابك بالأيدي والسب والقذف، بل والقتل في بعض الأحيان.
وحصلت «البوابة نيوز» على نص المقال الذي جاء بعنوان «في سجوننا دواعش»، وقال الزعفراني فيه: «كنت في أول شهور سجنى، الذي تجاوز الثلاثين شهرا ولا يزال مستمرا، حين تمخضت تلك الحروب التي نشبت في أوطاننا فولدت داعشًا، وبدأت جحافل المنتمين لها في الوصول إلى السجون، وكنت أسمع أحدهم عبر فتحة الزنزانة يصرخ ويقول باقية وممتدة بإذن الله، فأتساءل حينها من هي الباقية التي تتمدد تلك؟ حتى مرت الشهور وعلمت أنها تتمدد على أشلاء العقل والمنطق ووحدة المسلمين وأخوتهم كما سأحكى لاحقا».
وأضاف: «منذ نحو أسبوعين نشبت معركة ضروس بين مجموعةٍ من أجناد داعش وباقي العنبر بكل ألوانه وأطيافه بلا استثناء، لم يكن الإخوان وحدهم كما صوروا، وكادت تلك المجموعة أن تذبح بالمعنى الحرفي للكلمة سجينا، بدعوى أنه تطاول على داعش، فتداعى باقى نزلاء العنبر لإنقاذ المسكين الذي كان فقده لرقبته على وشك».
وكشف «الزعفراني» يوميات الدواعش في السجن منذ اليوم الأول لهم بداخله، حيث يقول: «أول الاحتكاك بين المنتمين لداعش وباقي السجناء هو بيان تكفيرٍ لكل من في السجن، وبعد ما كفرونا عن بكرة أبينا انطلقوا في أوساط الشباب خاصة، بالدعوة للهداية واعتناق الفكرة تلك الفكرة التي اختصرت الإسلام في الجهاد، وحصرت الجهاد في إراقة الدماء، قاصدين الشباب الذي تسيطر عليهم رغبة الانتقام من أجل إقناعهم بالفكرة، وهو ما تم بالفعل مع كثير من الشباب».
وكان هناك كثير من الدلالات التي تؤكد دعشنة الشباب الإخوانى بشكل خاص والإسلامي بشكل عام في السجون، حيث تم تسريب أكثر من صورة لسجناء من الشباب وهم يشيرون بعلامة التوحيد المعروف رمزيتها وتبعيتها لتنظيم داعش الإرهابي.

الاخوان بين دعوات
وعما يحدث الآن داخل السجون، كشف محمد أبو سمرة، القيادي السابق في تنظيم الجهاد أن الأمن الوطني اجتمع أكثر من مرة بشباب الإخوان وشباب التيارات الإسلامية الأخرى لمنعهم من اعتناق الفكر التكفيري، واعدا إياهم بالإفراج عنهم في أقرب وقت، حال عدم تأثرهم بهذا الفكر المدمر للدولة.
وفجر «أبو سمرة» مفاجأة من العيار الثقيل، حين أكد أن الفكر الداعشى أصبح ينتشر في السجون المصرية كما تنتشر النار في الهشيم، مطالبا الأمن المصري بضرورة التدخل لإنقاذ الشباب الإسلامي السجين من هذه الأفكار التي قد تتسبب في كارثة لهم وللوطن في المستقبل القريب وبالتحديد وقت خروجهم من السجون، حيث سيكونون وقتها «دواعش» كالقنابل الموقوتة صبرت كثيرا من أجل الخروج لكى تنفجر في مصر.

الاخوان بين دعوات
أما شافعي مجد، أمير جماعة الشوقيين السابق، فأكد، أن هذه الموجة الكبرى من التكفير التي تشهدها السجون حاليا هي الموجة نفسها التي شهدتها السجون في ثمانينات القرن الماضي وحتى نهاية التسعينات، خصوصا بعد دخول عدد كبير من الجماعات التكفيرية البارزة للسجون، وأبرزها جماعته السابقة «الشوقيين».
وكشف أمير جماعة الشوقيين السابق النقاب عما كان يحدث في السابق من تكفير داخل السجون بين السجناء الإسلاميين المنتمين إلى جماعات مختلفة في فترة الثمانينات والتسعينات، حيث قال: «كانت هناك حرب بين السجناء المنتمين لجماعات إسلامية مختلفة، تبدأ تلك الحرب بتكفير كل جماعة للأخرى، ثم تمنع كل جماعة أعضاءها من التعامل مع الجماعات الأخرى، بحجة أنها جماعات كافرة».
وأضاف: «العديد من الجماعات في السجون كان تكفر المحامين وترفض حضور جلسات المحاكمة، بحجة أن المحاكم لا تحتكم بشرع الله وتتبع ما أطلقوا عليه الطاغوت، بل كانوا أيضا يرفضون الخروج لزيارة أسرهم، لأنهم حصلوا على إذن من كفرة وفقا لفكرهم الضحل».
وتابع: «لقد مررت بهذا الأمر، والحمد لله هداني الله للبعد عنه والتوقف عن تكفير الجميع، ولكن هذه العودة ليست بالأمر السهل، بل تعتبر من المستحيلات، بسبب انتشار المعلومات الخاطئة عن الإسلام بشكل مستمر في عقول الشباب، ما لا يعطى لهم ولو فرصة واحدة للتفكير ومراجعة أنفسهم».
وحذر أمير جماعة الشوقيين السابق من استمرار هذه الموجة التكفيرية داخل السجون المصرية، مطالبا الأزهر الشريف بضرورة اقتحام السجون بالفكر الإسلامي الوسطى المعتدل، والجلوس مع الشباب الإسلامي المتحمس لمراجعتهم فكريا، قبل أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة تنفجر في الوطن فور خروجهم من السجن.

الاخوان بين دعوات
أما شريف الصيرفي، المتهم بتأسيس جماعة «بلاك بلوك»، والسجين السابق في سجن العقرب على خلفية تخريب النصب التذكاري، فقال: «عاصرت بنفسي ما يحدث داخل السجن من محاولة شيطنة الشباب الإسلامي وتحويلهم إلى دواعش يكفرون بالدولة وبالمواطنين، ويهدفون للخروج من السجن فقط كى يموتوا أو يعودوا إليه مرة أخرى من خلال تنفيذ عمليات إرهابية باسم الإسلام، وبحجة الدفاع عنه من الحرب الضروس المشتعلة ضده الآن».
وأضاف «الصيرفي»: «ألفت كتابًا كاملا عن أحوال شباب الإخوان والنشطاء داخل السجون وما يدور بينهم وكيف ينتشر الفكر التكفيري في المعتقلات، ويحمل هذا الكتاب اسم (مشاغب في المعتقل)، وما خرجت به من هذا الكتاب هو رسالة مهمة جدا للمسئولين عن السجون في مصر بضرورة فصل الشباب الإسلامي المتحمس عن قيادات التكفير الموجودين في السجون، حرصا عليهم من التأثر بهم، وأطلقت مبادرة في هذا الصدد، ولكن للأسف لم تجد آذان مصغية».
وكشف «الصيرفي» عن مشاهدات شخصية له أثناء وجوده في السجن توضح ما وصل إليه بعض الشباب الإسلامي، حيث أكد أن بعض الشباب كانوا يتابعون نشرة الأخبار في الراديو الذي كان يتم تسريبه داخل العنبر أو من خلال التلفاز في فترة التريض، وكانوا يهللون عندما يسمعون عن استشهاد جنود مصريين من خلال استهدافهم من قبل تنظيم داعش الإرهابي، مشددا على أن هناك معارك تمت بينه وبينهم بسبب هذه الأمور.
وفي ظل هذا الوضع المتوتر سواء داخل السجون المصرية او خارجها لابد من تدخل الجهات المعنية بالدولة لمواجهة تلك الظواهر التكفيرية داخل السجون المصرية وخارجها، فعلى الدولة بمؤسساتها الدينية ان تسرع من تفعيل تجديد الخطاب الديني وان تحاول تفعيل توصيات تلك المؤتمرات العديدة التي دشنتها لعملية التجديد تلك، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان تقوم بالإسراع في عمليات التنمية حتى يشعر بها المواطن وحتى لا يكون عرضة للانتماء لأي جماعة تستغل فقره وبطالته ومرضه. كذلك الاهتمام بالعملية التعليمية ونشر ثقافة الحوار في مؤسسات الدولة المختلفة ومقرطة تلك المؤسسات.

شارك