انتهاكات الحشد الشعبي مستمرة بالتوازي مع معركة تحرير الموصل

الخميس 27/أكتوبر/2016 - 12:30 م
طباعة انتهاكات الحشد الشعبي
 
على الرغم من التعهدات التي أكد عليها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعدم تكرار انتهاكات الميليشيات الشيعية في معركة الموصل، كما حدث في الفلوجة- إلا أن العديد من الممارسات يتم الكشف عنها مجددًا مع قرب انتهاء الأسبوع الثاني في معركة تحرير الموصل؛ حيث تعرض العشرات للقتل والتعذيب على أيدي الميليشيات الشيعية، وهو ما أظهرته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من صور ومقاطع فيديو كان آخرها تسجيل يوثق قيام ميليشيا الحشد بعمليات تعذيب وحشية ضد الأطفال.
انتهاكات الحشد الشعبي
وبث ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو مروع يوثق تنفيذ ميليشيات "الحشد" الشيعية عمليات تعذيب بحق أطفال العراق السنة، كما انتشر مؤخراً فيديو يظهر قيام الميليشيات الشيعية بـ"تكسير للعظام" بواسطة "مطرقة حديدية" بحق أبناء السُّنة الذين نزحوا من مدينة الموصل شمالي العراق، نتيجة العمليات العسكرية التي تشهدها المدينة لطرد تنظيم "داعش". 
وفي السياق ذاته كشفت تقارير إعلامية عن انتهاكات الحشد الشيعي في المدن العراقية المحررة من "داعش"، بحسب منظمات محلية ودولية واتهمت عدة أطراف سنية عراقية، ومنظمات حقوقية دولية، وحتى الأمم المتحدة، الحشد الشعبي بارتكاب عدة جرائم على خلفية طائفية ضد المدنيين السنة، في المدن المحررة، خلال الفترة ما بين 2014 و2016؛ حيث تزداد المخاوف لدى السياسيين العراقيين السنة من تكرار نفس هذه الجرائم، في مدينة الموصل (شمال)، التي تعد ثاني أكبر مدينة عراقية بعد العاصمة بغداد.
انتهاكات الحشد الشعبي
وتنوعت جرائم "الحشد الشعبي" في المناطق السُّنية بين التعذيب، والإخفاء القسري، وقتل مدنيين وأسرى تحت التعذيب، ونهب مدن وبلدات محررة قبل حرق ونسف آلاف المنازل والمحال بها، يضاف إلى ذلك تدمير قرى بالكامل، ومنع النازحين من العودة إلى مدنهم وقراهم بهدف تغيير التركيبة السكانية لهذه المدن، ولم تسلم مساجد السنة من التدمير والحرق، وكذلك المحاصيل الزراعية واستناداً إلى تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية غربية ولشيوخ عشائر سنية وتقارير إعلامية، واتهمت عدة منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش"، "الحشد الشعبي" بارتكاب عدة جرائم في مدينة الفلوجة في 2016، بعد انسحاب تنظيم داعش منها.
ومن بين هذه الجرائم التعذيب والاختطاف والقتل خارج القانون وتدمير المنازل، والغريب في الأمر أن حكومة حيدر العبادي تصر على أن "الحشد الشعبي" لم يشارك في تحرير الفلوجة، كما ذكر شهود عيان وأسرى محررين من قبضة "الحشد الشعبي" أن أكثر من 2500 مدني من نازحي الفلوجة سجنوا في معتقلات مجهولة (إخفاء قسري)، وتم قتل العشرات منهم تحت وطأة التعذيب وفي بلدة الصقلاوية التي تقع على بعد 10 كم شمال قضاء الفلوجة بمحافظة الأنبار، أصدر تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في العراق)، في 09 /06 /2016، بياناً أكد فيه تورط ميليشيا "الحشد الشعبي"، بارتكاب "مجزرة المحامدة" التي لقي فيها عشرات الأشخاص حتفهم، واختطاف أكثر من 600 شخص وإخفاءهم قسراً.
انتهاكات الحشد الشعبي
أما في قضاء الكرمة، بمحافظة الأنبار، اتهمت الأمم المتحدة "الحشد الشعبي" بالتعذيب وانتزاع اعترافات بالقوة، وتنفيذ إعداماتـ حيث شجبت "هيئة علماء المسلمين في العراق" إقدام ميليشيات "الحشد الشعبي" على إحراق مسجدين في الكرمة، وفي تكريت أكد "المركز الوطني للعدالة" أنه يملك دلائل موثقة على أن 8 آلاف منزل داخل تكريت التي تقع على بعد 160 كلم شمالي بغداد تعرضت للنهب والسلب ثم التدمير بالعبوات الناسفة كما اتهم الشيخ فلاح حسن الندى، أحد شيوخ قبيلة البوناصر في تكريت ميليشيات "الحشد الشعبي" بمنع أهالي تكريت من العودة إلى منازلهم.
كما أوضح شهود عيان في بعقوبة بمركز محافظة ديالى 2014أن ميليشيات محسوبة على "الحشد الشعبي" ارتكبت جرائم كبيرة بحرق منازل، وإتلاف الحقول الزراعية، ومنع أبناء الطائفة السنية من العودة إلى منازلهم، واتهم مؤتمر عشائر محافظة "ديالى" عناصر الحشد الشعبي بتدمير 100 مسجد في المحافظة في 2014م وفي آمرلي بمحافظة صلاح الدين قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، إن لديها ما يثبت أن ميليشيات "الحشد الشعبي" نهبت ممتلكات المدنيين السُنة الذين فروا بسبب القتال، وأحرقت منازلهم ومحالهم، ودمرت على الأقل قريتين اثنتين عن بكرة أبيهما، وأن الميليشيات، التي أمكن التعرف إليها عن طريق المركبات والشارات، تضم فيلق بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله العراقي، وسرايا طلائع الخراساني، وكلها منضوية تحت لواء "الحشد الشعبي."
انتهاكات الحشد الشعبي
واتهمت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان، الحشد الشعبي والقوات الحكومية العراقية ايضا بارتكاب ما وصفته بـ"جرائم حرب" و"هجمات انتقامية وحشية" في حق السنّة الفارين من تنظيم "داعش" في الموصل، خلال المعركة لتخليص المدينة من سيطرة "داعش" حيث قال مدير الأبحاث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، فيليب لوثر: إن "السنة العرب في العراق يواجهون، عقب نجاتهم من أهوال الحرب وطغيان الدولة الإسلامية، هجمات انتقامية وحشية على أيدي الميليشيات والقوات الحكومية، حيث يعاقبون على ما ارتكبه التنظيم من جرائم، وإن العراق يواجه تهديدات أمنية حقيقية ودموية فعلاً، في الوقت الراهن، على يد داعش، ولكن لا يمكن أن يكون هناك مبرر لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الاختفاء القسري أو التعذيب أو الاعتقال التعسفي وبما أنه قد بدأت معركة استعادة الموصل، فمن الأهمية بمكان، أن تتخذ السلطات العراقية الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات المروعة. وما زال يتعين على الدول، التي تدعم الجهود العسكرية لمكافحة تنظيم داعش في العراق، أن تبيِّن أنها لن تواصل غض الطرف عما يرتكب من انتهاكات."
انتهاكات الحشد الشعبي
وذكر التقرير ما وصفه بأنها "هجمات انتقامية وتمييز على نطاق واسع يواجههما العرب السنة ممن يُشتبه بتواطئهم مع جرائم داعش، أو بأنهم يدعمونه.. إذ نزح العديد منهم أثناء العمليات العسكرية الرئيسية التي شهدتها البلاد في 2016، بما في ذلك في الفلوجة والمناطق المحيطة (محافظة الأنبار)، وفي الشرقاط (محافظة صلاح الدين)، والحويجة (محافظة كركوك)، وفي محيط الموصل (محافظة نينوى). 
 وقالت الإعلامية العراقية نداء الكناني: إن تكرار انتهاكات الحشد الشعبي ضد المدنيين من العراقيين يعبر عن تقصير الحكومة العراقية وموافقتها على تلك الانتهاكات، وإن السلطات دائمًا ما تُسمعنا رفضها لممارسات الحشد دون اتخاذ إجراء جاد، لافتة إلى ضرورة البدء في وقف هذه الانتهاكات التي تعتبر خرقا لحقوق الإنسان، كما أنها تمثل خطر على وحدة العراق، وإن ما يقوم به الحشد لا يمثل الوطنية من قريب أو بعيد، وإنما هي ممارسات طائفية مدعومة من إيران وكيل أمريكا في الشرق الأوسط والتي تسببت في قتل وتشريد الملايين من العراقيين وتمزيق وحدة العراق من أجل عيون الصهيو أمريكية.
انتهاكات الحشد الشعبي
وأكد مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان، المحامي مهند العيساوي أن المواطنين من سكان قرى في أطراف الموصل يتعرضون للقتل وانتهاك حقوقهم من قبل تنظيم "الدولة" تارةً، وميليشيات الحشد الشعبي المرافقة للقوات العراقية تارةً أخرى وطالبنا الحكومة قبل انطلاق المعركة بعدم إشراك الحشد الشعبي بسبب جرائمه الطائفية ضد المدنيين السنة في الأنبار وصلاح الدين وديالى وحزام بغداد، إلا أن الحكومة (العراقية) أصرت على إشراكه، كما طالبنا بالتزام الأجهزة الحكومية بالقوانين الدولية والمحلية، بوجوب احترام أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وعدم أخذ الناس بجريرة التنظيم".
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن انتهاكات الميليشيات الشيعية في معركة الموصل سوف تستمر على غرار ما حدث في الفلوجة، وعلى الرغم من التعهدات التي أكد عليها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادى بعدم تكرار هذه الانتهاكات، ما دام الجميع يصور الأمر على أنه صراع سني شيعي ولا يسعى أحد إلى جمع العراق تحت راية الوطنية الواحدة .

شارك