تنامي نفوذ الأكراد في شمال العراق "أزمة" ما بعد تحرير الموصل من "داعش"
الخميس 17/نوفمبر/2016 - 12:18 م
طباعة
سيشكل تنامي نفوذ الأكراد في شمال العراق الأزمة الأهم والأصعب في مرحلة ما بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش الدموي، وهو الأمر الذي بدا واضحًا من حديث رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني الذي أكد فيه على أن "البيشمركة لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها في شمال العراق".
رئ
وكان قد بحث خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، مسألة استقلال الإقليم وقال خلال اجتماعه مع قادة البيشمركة: "اتفقنا مع أمريكا على عدم انسحابنا من المناطق التي سيطرت عليها قوات البيشمركة وفي زيارتنا الأخيرة إلى بغداد، تحدثت بوضوح عن استقلال اقليم كردستان ونحن متفقون مع الولايات المتحدة على عدم الانسحاب من المناطق الكردستانية"؛ لأن هذه المناطق تحررت بدماء 11 ألفاً و500 شهيد وجريح من البيشمركة، ومن غير الممكن بعد كل هذه التضحيات أن نقبل بالتعامل المباشر للمركز مع المحافظات وأدعو المخلصين إلى الاجتماع والتحاور من أجل حل المشاكل الراهنة وتسوية الخلافات، ويجب أن تتوحد الأطراف السياسية لحماية كردستان ودعم البيشمركة.
وحول الحوار مع بغداد، قال البارزاني: "أكدنا على وجوب التفاهم وحسن الجوار وتجنب الصراعات وإذا لم نتوصل إلى حل مع بغداد، فالاستفتاء هو الحل ودخلنا إلى مرحلة جديدة فنحن نبعد الآن بضعة كيلومترات عن الموصل وإن شاء الله ستحرر المدينة قريباً وداعش يتجه إلى هزيمة كبرى"، ولكننا لا نعلم ما هو البلاء القادم بعد داعش، وعلينا أن نبقى على أتم الاستعداد لمواجهة التهديدات المتلاحقة، فإقليم كردستان سيبقى مهدداً طالما بقي داعش في الموصل وفتحنا قلوبنا بإيواء مليون ونصف مليون نازح، لكننا لن نتسامح مع من تورط مع داعش وقام بالاعتداء على بناتنا وسننتقم منهم أينما كانوا، وسياستنا واضحة بعدم المساومة على أمن كردستان، وإنه سيتم تحرير كل أراضي كردستان تقريباً والبيشمركة تقوم بحماية جميع المكونات".
يذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان قد كشفت عن أن القوات الكردية في العراق، البيشمركة، هدمت بشكل غير مشروع على مدى السنتين الماضيتين مساكن وقرى عربية في محافظتي كركوك ونينوي العراقيتين في مناطق طرد منها مسلحو داعش، فيما قد يرقى إلى جريمة حرب، وأن عمليات تدمير المنازل وقعت في مناطق متنازع عليها شملت 21 بلدة وقرية في الفترة بين سبتمبر 2014 ومايو 2016، وأن هذه الأعمال بأنها تتبع "نمطًا غير قانوني من عمليات الهدم".
وحذرت المنظمة من احتمال حدوث "تبعات وخيمة" للهجمات التي نفذتها قوات البيشمركة الكردية على العملية العسكرية الرامية لاستعادة الموصل من سيطرة تنظيم داعش.
وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "دمرت قوات الأمن الكردية منازل العرب، قرية تلو الأخرى في كركوك ونينوى - ولكن حافظت على منازل الأكراد - بدون أي هدف عسكري مشروع. الأهداف السياسية لمسئولي حكومة إقليم كردستان لا تبرر هدم المنازل بشكل غير قانوني كما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية أدلة على تعرض 62 منزلًا للهدم من طرف البيشمركة بعد استعادتها من داعش، وذهبت هذه الصور إلى أن المنازل المعنية هُدِّمت بعد وقت طويل من انتهاء العمليات الأمنية، وأن قلة الشهادات المتوافرة تجعل من الصعب تحديد الأسباب والمسئوليات عن هذه الحوادث.
وقال ديندار زيباري، رئيس لجنة التقييم والرد على التقارير الدولية في حكومة كردستان: "إن السلطات تجري تحقيقا شاملا يتضمن دراسة حالات منازل فردية تعرضت للهدم وكانت هناك نية استراتيجية لتدمير منازل في عدد من القرى وشكل وجود عبوات ناسفة بكثافة في هذه المناطق، وخصوصًا في ممتلكات المدنيين، سببًا كبيرًا للتدمير في أعقاب عملية التحرير في بعض الأحيان لا يكون أمامنا خيار.. ندمر أكبر عدد من المنازل للتأكد من أن الوضع آمن، وإن الكثير من مظاهر التدمير تعود إلى الضربات الجوية التي تنفذها مقاتلات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أو إلى تبادل إطلاق النار بواسطة القصف المدفعي، وإن بعض القوات المتحالفة مع البيشمركة عمدت إلى تدمير بعض المنازل من باب الانتقام كما يبدو". لكنه نفى مشاركة القوات الكردية في هذه الحالات.
وتخضع المناطق التي طالها الهدم ،اسميًّا، للحكومة المركزية في بغداد لكن حكومة إقليم كردستان العراق هي التي تسيطر عليها، وذلك بعد أن نجحت قوات البيشمركة في طرد مسلحي داعش من بعض المناطق في شمالي العراق، وعبر مسئولون أكراد عن نيتهم ضم أراضي مستعادة من سيطرة داعش لسيادة إقليم كردستان، ومنع السكان العرب من العودة إلى المناطق "المعربة" التي سمح لهم نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، بالاستقرار فيها، كما يقول الأكراد وخلص تحقيق أجرته وكالة رويترز، إلى أن الأكراد يستخدمون معركة استعادة الحكومة العراقية السيطرة على الموصل؛ من أجل تصفية حسابات وضم أراضي لمناطق تابعة لكردستان العراق، وأدت عقود من سوء معاملة الأكراد من قبل النخب العربية في بغداد- وخصوصًا عندما كان صدام حسين رئيسًا للعراق- إلى نشوء عداوة بين الطرفين.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن تنامي نفوذ الأكراد في شمال العراق سيشكل الأزمة الأهم والأصعب في مرحلة ما بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش الدموي، بعد أن أعلنت البيشمركة أنها لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها في شمال العراق.
