السلفيون والاحتفال بالمولد النبوي

الثلاثاء 06/ديسمبر/2016 - 06:10 م
طباعة السلفيون والاحتفال
 
كل عام من هذا التوقيت الهجري تخرج علينا الفتاوى السلفية لتحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ورغم ان المؤسسات الدينية الرسمية قد اقرت الاحتفال وقالت انه مستحب الا ان المجموعات السلفية ما زالت تصر على مواقفها في تحد لهذه المؤسسات، رغم اعترافهم في اكثر من مكان بان الأزهر الشريف هو المرجعية الدينية الا انهم يتحدون الازهر نفسه بمثل هذه الفتاوى ولا يعترفون انها مجرد رأي بل ينزلون فتاواهم هذه منزلة كلام الله. فقد شن الداعية السلفي، محمود لطفى عامر، هجومًا شرسًا على هذه الذكرى، معتبرًا أن هذه الاحتفالات، مضيعة للوقت والأموال، وسبب رئيسي من أسباب أزمة السكر في مصر. وقال «عامر»، لـ«البوابة نيوز»: «وهكذا نحن في مصر شعب فاضي، وعنده رفاهية الوقت والمال، لإحياء مظاهر دين غريب عن الإسلام، ويلاحظ أن الأعياد المصرية البدعية للأكل والاستهلاك والبطالة، فلم نرْ مناسبة بدعية واحدة، فيها عمل أو إنتاج، وإنما كلها إزعاج وسد للطرقات والتزاحم، فضلًا عن اللهو، وكأن المصريين في ترف ورفاهية بلا أزمات».

السلفيون والاحتفال
وزعم أنه «وفوق نكبة المعتقد، وسلوك الموالد، تتوالى النكبات التموينية، حينما يلتهم الرواد في المتوسط مليون كيلو حلوى في كل مولد، فلو جمعنا البدوي والدسوقي والمرسى والشبلي والقناوى والشاذلي، يكون المجموع حولي ٦ ملايين كيلو حلاوة مولد، أي في المتوسط أربعة ملايين كيلو سكر، ثم نتحدث عن أزمة».

السلفيون والاحتفال
وردًا على اتهامات الداعية السلفي، محمود لطفى عامر؛ يقول طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية: «الطرق الصوفية مستمرة في رسم البهجة على وجوه الشعب المصري، من خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في جميع محافظات الجمهورية، طوال شهر ربيع الأول من كل عام».
وقال «الرفاعي»، لـ«البوابة نيوز»، إن هذه الاتهامات التي يحاول السلفيون بثها في آذان الشعب المصري، غرضها التسخين، وأقوى رد تقوم به الصوفية، على هؤلاء الخبثاء، أن تستمر في إقامة المولد لإعادة الفرحة، ولعل ميلاد رسول الله هو أكبر فرحة يسعد بها المسلمون.
أما عن اتهامهم للاحتفالات بأنها تساهم في زيادة أزمة السكر؛ كذب الرفاعي، هذه الروايات التي أطلقها «عامر»، قائلًا: «إن جميع مصنعي الحلوى يعلمون جيدًا أنها مصنعة من عسل البطاطا، وليس من السكر، كما يروج البعض، بغرض الشو الإعلامي فقط».
من جانبه؛ يقول مصطفى زايد، منسق عام ائتلاف الطرق الصوفية، إن السلفية اعتادت، في هذا التوقيت من كل عام، ومع قرب احتفالات المسلمين بالمولد النبوي الشريف، إصدار فتاوى بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي، واتهام الصوفية بأنهم أصحاب هذه البدعة.
ويضيف «زايد»، لـ«البوابة نيوز»، قائلًا: «نرد عليهم قائلين إن كنا كما تدعون، بأننا من ابتدعنا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فذلك شرف عظيم وفخر لنا، لكن كي نعطى الحق لأهله فقد سبق الصوفية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، صحابةٌ رسول الله، عليهم رضوان الله».
واختتم رده بالقول: «لا نعير ما يدعيه السلفية في ذلك أدنى اهتمام، لأننا نعلم مصادر فتاواهم، التي أتوا بها، والتي توضح لنا مدى جهل أصحاب هذه الفتاوى، ونؤكد أننا سنحتفل بالمولد كل عام، وندعو لهم بالهداية».

السلفيون والاحتفال
وتتفق المدارس السلفية على اختلاف توجهاتها وقربها او بعدها عن المؤسسة الدينية على رفض الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومن هذه القيادات السلفية الرافضة للاحتفال، ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية، والذى يُفتى كل عام، على موقعه الرسمي، والمعروف باسم «أنا السلفي»، بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ولا شراء الحلوى فيه، معتبرًا إياها بدعة، ليست من الشرع في شيء.
كذلك الشيخ مصطفى العدوى، والذى يقول في فتواه، إن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لم يحتفل بيوم مولده، ولم يحتفل صحابتُه بعد وفاته بيوم مولده، ومن ثم فإنه «لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف»؛ معتبرًا أن «الاحتفال بالمولد بدعة ابتدعها الفاطميون، عندما حكموا مصر لما يقرب من ٣٠٠ عام».
وذهبت المدرسة السلفية التي يتزعمها أبو إسحاق الحوينى، الى الاتفاق مع المدرسة السلفية بالإسكندرية، والتي يقودها برهامي، وكذلك السلفية المدخلية التي يقودها محمد سعيد رسلان، بشأن تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وشراء الحلوى فيه. وكذلك باقي المدارس السلفية في مصر كما قلنا قد اتفقت على تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وتتضمن قائمة المحرمين للاحتفال بالمولد النبوي الشريف من السلفيين أيضًا، الداعية السلفي الشهير محمد حسان، الذى اعتبر أن هذا الاحتفال مجرد سهرة لا تمت للسُنة ولا الفضيلة بأي صلة. وأضاف «حسان» في فتواه عن المولد، «لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يدعى أو يزعم أنه يحب الرسول، حبًا يفوق حب أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، رضى الله عنهم أجمعين للرسول، فهل خصص هؤلاء الأفاضل يومًا في كل عام للاحتفال به؟، لا والله ما فعلوا هذا قط، وأقول يا مسلمون هل مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلوبنا أن نحتفل به يومًا فى عام؟، إن الصادق والمحب يحتفل بالرسول مع كل نفس من أنفاس حياته».

السلفيون والاحتفال
كما جدد ناصر رضوان، مؤسس ائتلاف «أحفاد الصحابة وآل البيت»، هجومه على الاحتفال بمولد النبي، قائلًا: «اختزال محبة النبي صلى الله عليه وسلم، في حلوى ومنكرات ومخالفات، لا أصل لها في دين الإسلام، بدعوى الاحتفال بمولده، تحريف للشريعة، وتحريف لمعنى محبة الله ومحبة رسوله، لأن محبة الله والرسول تكون باتباع سنته ظاهرًا وباطنًا».
وتابع «رضوان»، قائلًا: «العروسة والحصان ليس لهما علاقة بالمولد، بل هما تخليد للشيعي، أحد حكام الدولة العبيدية، المسماة زورًا بالدولة الفاطمية، المسمى بالحاكم بأمر الله وزوجته، التي تقوم عقيدتهم على سب ولعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين، لما خرج فى موكبه هو وزوجته، وأمر صناع الحلوى بعمل تماثيل له وزوجته من الحلوى».

السلفيون والاحتفال
وفي ظل هذا الهجوم المتواصل من الدعوة السلفية جاء رد سلفي آخر على موقع "اليوم السابع" حيث قال عوض الحطاب، القيادي بجبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، إنه لا يجوز تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، موضحا أن فتاوى التحريم السلفية ليست صحيحة. وأضاف القيادي بجبهة إصلاح الجماعة الإسلامية أن الاحتفال بالمولد النبوي، مظهر من مظاهر  حب المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم، موضحا أنه إذا كانت بالفعل حرام، لما مرت تلك الاحتفالات خلال 14 قرنا على المسلمين.
وتابع :"كيف يحرم السلفيون الاحتفال بالمولد النبوي وهناك بالفعل قيادات سلفية تمتلك مصانع بيع حلويات في مصر".
السلفيون والاحتفال
ولقد جدد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية تأكيده على أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآلة وسلم أمر مستحبٌّ مشروع وشاهد على حبه، و له أصل في الكتاب والسنة مضيفًا: وقد درج عليه المسلمون عبر العصور واتفق علماء الأمة على استحسانه ولم ينكره أحد يعتدُّ به.
وأضاف مفتي الجمهورية في بيان له اليوم على خلفية تحريم السلفيين للاحتفال بالمولد، أن  المولد النبوي تعظيمٌ واحتفاءٌ وفرح بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآلة وسلم، أمرٌ مقطوع بمشروعيته لأنَّه عنوان محبة الرسول  التي هي ركن من الإيمان.
وأوضحت الفتوى ، أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي يُقصد به تجمع الناس على الذكر والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآلة وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آلة، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآلة وسلم إلى الدنيا.
واستدل  المفتي في فتواه على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومِن أيام الله تعالى: أيامُ نصره لأنبيائه وأوليائه، وأيام مواليدهم، وأعظمُها قدرًا مولدُ الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآلة وسلم. وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]. والنبي صلى الله عليه وآلة وسلم هو الرحمةُ العظمى إلى الخلق كلهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وآلة وسلم".
كما استدل مفتي الجمهورية بالحديث الشريف على مشروعية الاحتفال، بأن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال: "ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه"، وهذا إيذانٌ بمشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وآلة وسلم بصوم يوم مولده.
أما عن إجماع العلماء على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ذكر المفتي في فتواه ما نقله عدد من أئمة الأمة الإسلامية، منه ما نقله الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، والحافظ السخاوي في "الأجوبة المرضية"، والحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه "جامع الآثار في السير ومولد المختار"، وغيرهم.
وأضافت الفتوى أن الأمة الإسلامية دَرَجَت منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام والصيام والقيام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم، كما نص على ذلك المؤرخون؛ كالحافظ ابن الجوزي وابن دِحية وابن كثير وابن حجر والسيوطي وغيرهم كثير، رحمهم الله تعالى.

شارك